كلمـة د.سـلام فيـاض رئيـس مجلس الـوزراء في افتتاح مهرجان الصناعات الوطنية بجنيـن
نشر بتاريخ: 27/11/2008 ( آخر تحديث: 27/11/2008 الساعة: 18:40 )
السيد: تونـي بليـر ممثل اللجنة الرباعية.
الأخ: محافظ جنين قدورة موسى.
الأخوات والأخوة الوزارء، وأعضاء المجلس التشريعي، وممثلو المؤسسات الحكومية.
الأخوات والأخوة رؤساء البلديات، وممثلو قطاع الأعمال والغرف التجارية ومؤسسات المجتمع المدني.
السيدات والسادة ممثلو البعثات الدبلوماسية العربية والأجنبية.
الأخوة الحضور جميعاً.
تغمرني سعادة حقيقية، وأنا اشارككم فرحة هذه المدينة المعطاءة وهي تفتتح مهرجان الصناعات الوطنية لعام 2008. فمحافظة جنين ومن خلال هذا الحدث تؤكد إصرارها على ترسيخ حالة الأمن والاستقرار، ومواصلة إرادة البناء والانتاج.
إن تمكن أهلنا في جنين من تنظيم هذا المهرجان يؤكد مرة أخرى إصرار شعبنا على الحياة، ومواصلة الطريق نحو الحرية والاستقلال نحو فلسطين المستقبل، الواعدة بالخير والازدهار.
فهذا الحدث الهام يشكل حلقة متصلة في سلسلة حلقات الصمود الوطني... فبالأمس أيها الأخوات والأخوة إحتضنت محافظة نابلس مؤتمر فلسطين للاستثمار.. و منذ أشهر قليلة كان مؤتمر بيت لحم، وكلاهما يبرز إرادة البقاء في مواجهة الحصار والعزل، كما يبرز الوجه الآخر لفلسطين.
نعم إن إرداة الحرية والبناء لشعبنا كانت وستظل أقوى من جبروت الاحتلال والتدمير والحصار.. وان تلك الفعاليات، والمؤتمرات إنما هي رسالة للعالم بأسره بأنه قد آن الآوان لتمكين شعبنا من تقرير مصيره، وتمكينه من السيطرة على موارده والاستفاده منها، وبما يجعله كذلك قادراً على إطلاق العنان لمبادرات أبنائه في بناء مستقبل أفضل بدون إحتلال أو استيطان، وبدون حروب وضحايا ومعاناة... مستقبل تؤكد فيه فلسطين رغبتها وقدرتها على النهوض بأجيالها نحو العلم والمعرفة والازدهار والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
الأخـوات والأخـوة،
ان مجرد إنعقاد هذا المهرجان، وبهذا الحشد المميز من الأصدقاء ورجال الأعمال بما في ذلك الذين إستضافهم مؤتمر الاستثمار في نابلس، وكذلك إخواننا القادمون من الجليل والمثلث، إنما يبرز حالة الاستقرار والأمن التي نجحت جنين في إستردادها، والتي لم تكن ليتحقق ذلك لولا التفاف شعبنا في هذه المحافظة كما في غيرها حول سلطته الوطنية، وبرنامج حكومته وخطتها الأمنية، والتي تلبي تطلعات وحاجة أهلنا للأمن والاستقرار كركيزة أساسية للصمود بل والنهوض لمتابعة مسيرة الحرية والاستقلال، والتغلب على الصعوبات الهائلة، والعقبات الجدية المفروضة من قبل الاحتلال وممارساته التي باتت محل رفض وإدانة على الصعيد الدولي.
ان ما تقوم به السلطة الوطنية ومؤسساتها، ومن خلال الشراكة والتعاون مع مؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني، بهدف تعزيز قدرة شعبنا على الصمود وتنمية قدرته على البقاء، بات محل إجماع وطني، وكذلك موضع إهتمام وترحيب دوليين، عبرت عنهما كافة الزيارات الرسمية لمسؤلين رفيعي المستوى من دول العالم، والذين أشادوا بقدرة شعبنا في هذه المحافظة وغيرها، ليس فقط على إستعادة الأمن والاستقرار، بل وبقدرتها على النهوض لتلبية إحتياجات مواطنيها، وتقديم الخدمات الأساسية لهم، ووضعهم على الطريق السليم لبناء مستقبلهم في دولة مستقلة يستحقونها وبجدارة.
إن حق شعبنا في نيل حريته وإستقلاله، هو حق طبيعي كفلته كافة المواثيق وقرارات الشرعية الدولية، ومع ذلك فإن ما لحق من أذى وتشويه بمكانة وجدارة شعبنا في نيل هذا الحق، طوته هذه المحافظة وغيرها من المناطق، ولم يعد هذا الأمر محل إلتباس بل بات موضع إجماع دولي، بفضل صمود شعبنا، وارادته والتفافه حول منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، إضافة لإرداة الحياة التي يصنعها شعبنا يومياً وفي مختلف المجالات، والتي تشكل مصدر ثقة للسلطة الوطنية لمواصلة ترسيخ رؤيتها وبرنامجها الذي عبرت عنه خطة الاصلاح والتنمية للأعوام (2008-2010)، وجوهرها بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية القوية والقادرة على استنهاض طاقات أبنائها، وفي إطار حكم المؤسسات وسيادة القانون، والفصل بين السلطات... دولة عصرية يفاخر بها كل الفلسطينين، ويعتزون بالإنتماء إليها.
الأخـوات والأخـوة،
إن هذا المهرجان والعرس الوطني، يشكل فرصة لعرض المنتجات الفلسطينية وإظهار قدرتها على المنافسة، في مختلف مجالات الإنتاج، كالصناعات الغذائية، والجلدية والمعدنية وماكنات التعبئة والتغليف والآلات الزراعية والمنسوجات والملابس، والمنتجات الحرفية التقليدية الفلسطينية، التي ترسخ التراث والعمق الوطنيين لفلسطين وشعبها.. ان ذلك كله يبرز قدرة البناء والإصرار على الحياة لهذا الشعب، وحقه في العيش بحرية وكرامة، وهو في نفس الوقت يهدف الى إطلاع المواطنين، وتعريفهم بالمنتجات الفلسطينية الوطنية لأكثر من خمسين شركة وخمسة وثلاثين جمعية خيرية ومركز نسوي من مختلف المحافظات، ويبرز جودتها العالية وقدرتها على المنافسة مع المنتجات الأجنبية بما فيها الاسرائيلية.
كما انه سيمكّن من إطلاع قطاع الأعمال والمستثمرين الذين يزورون هذا المهرجان على تلك المنتجات بكافة أنواعها، ومحاولة بناء شراكات بين الشركات المحلية والمستثمرين، خاصة وأن محافظة جنين ستشهد قريباً إنطلاقة المنطقة الصناعية، التي ستقام بدعم وشراكة مع الحكومة الألمانية وشركة الشمال الاستثمارية.
ان الهدف الأكبر من هذا المهرجان يكمن في إنعاش الوضع الاقتصادي والحركة التجارية للمدينة، وتجديد هذه الحركة مع اخواننا من فلسطينيي الداخل، الأمر الذي سيكون له الأثر الهام في دعم الحركة التجارية وتحريك العجلة الاقتصادية في المدينة، وإعادة جنين الى ما كانت تتمتع به من مزايا تجارية، كانت قد تعطلت للأسف الشديد قبل ثماني سنوات، وهذا ما نحن مصممون على تحقيقة، بل وزيادة معدلاته عما كانت عليه في ذلك الوقت.
السيـدات والسـادة :
إن إصرار السلطة الوطنية الفلسطينية على ترسيخ الأمن والنظام وسيادة القانون ومنع أي شكل من أشكال التعددية الأمنية، هو الذي مكّنَ، وبفضل وعي شعبنا وحسه الوطني، من إعادة الاستقرار في مختلف المحافظات، الأمر الذي يتطلب من المجتمع الدولي تكثيف جهوده، وممارسة الضغط على اسرائيل، لتغيير سلوكها الأمني، والتوقف عن الاجتياحات والاعتقالات، وما يلحقه من أذى بمكانة السلطة الوطنية، وخططها في هذا المجال.
إن رفع الحصار وازالة الحواجز، وكل اشكال الإعاقة أمام حركة المواطنين والحركة التجارية والاقتصادية، بات أمراً حيوياً لا يقبل المراوغة من أجل تمكين السلطة الوطنية ومؤسسات القطاع الخاص من الوفاء بالتزاماتها في تنفيذ المشاريع الحيوية، القادرة على النهوض بالأوضاع الاقتصادية في بلادنا، والتي تشكل عنصراً حاسماً في المزيد من ترسيخ الاستقرار، وجذب الاستثمارات الواعدة في فلسطين.
وهنا اسمحوا لي أن أتوجه بالتحية الى ابناء شعبنا في قطاع غزة، مؤكداً لهم أن السلطة الوطنية، ستواصل بذل كل جهد ممكن لضمان رفع الحصار والمعاناة عنهم، ووضع حد للانقسام والانفصال. وكما أكد المجلس المركزي فإن منظمة التحرير الفلسطينية ستعمل مع الأشقاء العرب لضمان ترجمة المبادرة المصرية الى واقع يعيد للوطن وحدته، وللمشروع الوطني وقضيتنا العادلة مكانتها... هذا عهدنا لشعبنا.
ونحن على ثقة بأن التفاف شعبنا في كل مكان حول خيار وحدة الوطن، وحول منظمة التحرير الفلسطينية، وبرنامجها ووحدانية تمثيلها سيمكننا من تحقيق ذلك.
الأخـوات والأخـوة،
السيـدات والسـادة،
إن مواصلة سياسة الاستيطان، وعدم إمتثال اسرائيل لإرداة المجتمع الدولي ومرجعيات عملية السلام، بات يمثل خطراً حقيقياً على مستقبل السلام والأمن، وعلى حق شعبنا في تقرير مصيره. إن هذا الأمر يتطلب من أطراف المجتمع الدولي العمل الجاد بتحويل المواقف المعلنة بهذا الشأن الى إجراءات ملموسة على الأرض، تضمن وقف كافة الأنشطة الاستيطانية الاسرائيلية. وهنا فإننا نحيي الجهود والخطوات التي أعلنت عنها الحكومة البريطانية في هذا المجال، وندعو الجميع الى الانضمام الى هذا الجهد، وبما يضمن في النهاية وقف كافة الأنشطة الاستيطانية، وحماية مستقبل عملية السلام وحل الدولتين، الذي يمثل في الواقع مصلحة لكل الأطراف. فالسلام القائم على انهاء الاحتلال وتمكين شعبنا من بناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس على حدود عام 1967، يشكل جوهر المشروع الوطني، ومفتاح الأمن والاستقرار في المنطقة.
الأخـوات والأخـوة،
قبل أن أختم حديثي، أؤكد لكم أن السلطة الوطنية ستواصل بذل كل جهد ممكن لترسيخ الاستقرار والأمن وفق متطلبات العدالة وسيادة القانون، وتوفير البيئة التنافسية القادرة على تقديم الأفضل دائماً.
وفي الختام اسمحوا لي أن أحيّي كافة القائمين على هذا الحدث، وكلي أمل في ان يتحول الى تقليد وحدث سنوي في هذه المحافظة وغيرها من المحافظات، وبما يحقق رفعة شعبنا وتقدمه وازدهاره.
وشكـراً لكـم