الجمعة: 20/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

دراستان حديثتان تؤكدان ان الانقسام أوجد شرخا مجتمعيا خطيراً

نشر بتاريخ: 01/12/2008 ( آخر تحديث: 01/12/2008 الساعة: 10:22 )
غزة- معا- أكدت دراستان حديثتان أن حالة الانقسام لم تترك آثاره على الناحية السياسية فقط، وإنما اثر على المجتمع ككل وعلى الأسرة الغزية بالخصوص لأول مرة في تاريخ الشعب الفلسطيني.

وأظهرت الدراستان أن الانقسام ترك آثارا في كل بيت من البيوت ليؤثر على العلاقات الزوجية وعلاقات الأشقاء والعلاقة بين الآباء والأبناء، كما اثر على العلاقات الاجتماعية فاحدث فجوات وشروخ في علاقات الجيران والأقارب وعلاقات زملاء العمل لينشر أجواء من التوتر في كل مكان وللمرة الأولى في تاريخ الشعب الفلسطيني يكون الصمت هو أنجع علاج لتفادي المشاكل ويصبح للكلام ضريبة دفع كثيرون فاتورتها.

جاء ذلك خلال ورشة العمل لعرض نتائج دراسات حول قضايا المرأة الفلسطينية والتي عقدها مركز شؤون المرأة في قاعة البتراء برفح اليوم.

وقد عبرت منسقة برنامج الأبحاث في مركز شؤون المرأة هداية شمعون عن أملها بان تكون الدراستان قد القيتا الضوء على جزء من معاناة نساء القطاع التي لا حصر ولانهاية لها على ما يبدو.

وقالت شمعون في تقديمها للباحثات لقد تم تدريب أربعين باحثة، وتم اختيار ستة باحثات للقيام بإجراء دراسات متنوعة عن المرأة نعرض لدراساتهن القيمة.

وقد جاءت الدراسة الأولى بعنوان " أثر الحصار والانقسام السياسي على العلاقات الأسرية والاجتماعية في قطاع غزة" أعدتها الباحثتان سهاد عبيد وماجدة البلبيسي وقامت بمتابعتها مسئولة برنامج الأبحاث والتوثيق في مركز شؤون المرأة هداية شمعون، فيما كانت د.هديل قزاز المستشار لفريق العمل على الدراسة.

وأكدت الدراسة أن الانقسام أحدث تغيرا جذريا في حياة الكثير من العائلات حيث أغلقت المؤسسات أبوابها ووجد غالبية الموظفين أنفسهم بدون عمل فاختلفوا في كيفية تأقلمهم مع الوضع الجديدة مما اثر سلبا على غالبية الأسر بصفة عامة والنساء بصفة خاصة، فالنساء دائما من يقع عليهن العبء الأكبر في التأقلم مع الفقر من جهة وبطالة الزوج من جهة والعمل في مهنة من شأنها توفير ولو جزء بسيط من الدخل في اغلب الأحوال لا تجد المرأة أي تقديرا لجهودها بالعكس فهي تتحمل مزيدا من الضغوطات والعنف من قبل الزوج بحجة انه يعاني من ضغوط نفسية بسبب الفقر والبطالة.

وأوضحت الدارسة أن العنف الأسري قد زاد بصورة كبيرة بعد الانقسام بسبب الخلافات على الانتماءات السياسية أو بسبب الفقر والبطالة وامتد ليشمل الأبناء أيضا وتجد نساء غزة أنفسهن عاجزات عن مواجهة العنف الموجه إليهن فهن لا يجدن الدعم من قبل الأهل وخيار الطلاق بالنسبة لهن مرعب ومخيف لذا فتتحمل غالبيتهم العنف على انه واقع لا تستطيع تغييره.

وذكرت الدراسة أن الانقسام مزق أواصر الكثير من الأسر ليهاجر الزوج ويترك أسرته في مهب الريح تعاني من فقدان الأمان وفقدان الأمل والخوف من المستقبل حيث لا توجد بارقة أمل لحلول قريبة، ولم تجد النساء التي هاجر أزواجهن على خلفية الانقسام أي اهتمام بمشاكلهن مما ولد لديهن شعور بالتطرف والإحباط وانعدام الثقة

وخلصت الدراسة إلى أن مجتمع قطاع غزة يعاني الآن من فقدان الترابط الاجتماعي والأسري، مشددة على ضرورة عقد ندوات وورشات عمل تستهدف النساء لمحاولة تخفيف من حدة التوتر، ودعت إلى الوحدة والى حرمة الدم الفلسطيني وحث المرأة التي هي أساس المجتمع على التمسك بخيار الوحدة وان توجه أسلحة الفلسطينيين للاحتلال.

وطالبت بضرورة إيجاد بدائل للموظفين الذين تركوا أعمالهم بتكليفهم بأعمال أخرى أو إلحاقهم بدورات تدريبية والتركيز على النساء في ورشات العمل والتدريب، داعية الحكومة بدراسة أوضاع النساء المهجورات ومحاولة مساعدتهن للحاق بأزواجهم خارج الوطن، مساندة تلك العائلات وتوفير الاستقرار لهن بأي طريقة حتى لا تتفاقم ازمتهن أكثر من ذلك، وشددت على ضرورة إيجاد سبل وطرق لحماية النساء وتوفير مقومات الصمود لهن من خلال القيام بمشاريع إنتاجية وإشراكهن في عجلة الاقتصاد الوطني بعد دراسة أوضاعهن المعيشية التي تردت إلى درجة غير مسبوقة وبالتالي الحد من نسبة تردد النساء على المؤسسات الخيرية لطلب الإعانة عبر نظام الكابونة التي أصبحت ثقافة سائدة في المجتمع.

وطالبت الدراسة بإنشاء صندوق ضمان اجتماعي للحالات الأكثر تأثرا من الحصار بالشراكة مع منظمات المجتمع المدني لحماية النساء من الفقر باعتباره السبب الرئيس لزيادة العنف حيالهن، وتوفير الدعم النفسي للحالات التي تعرضت للعنف وكذلك لحالات الهجر حتى يستعدن صحتهن سلامتهن من الناحية النفسية التي تأثرت كثيرا بالأحداث ويتمكن من النظر بايجابية تجاه الاخرين في مجتمعهم.

وشددت على ضرورة إدماج النساء في برامج التوعية والتثقيف المتعلقة بتعزيز الحوار والتسامح وتحقيق السلم الأهلي والمجتمعي لتخفيف نقمتهن ونظرتهن السوداوية للأمور وصولا لتحقيق السلم المجتمعي للأجيال القادمة، ودعم وزيادة اللقاءات التي تدعو للمصالحة الوطنية على نطاق الأندية والتجمعات الأسرية, والمستوى الشعبي للتواصل مع فئة الشباب والنساء.

بينما جاءت الدراسة الثانية بعنوان "المشاكل النفسية والاجتماعية لدى النساء الفاقدات، دراسة مقارنة بين فترات الاجتياح الإسرائيلي وفترة الاقتتال الداخلي"، أعدتها الباحثتان ميرفت مقبل ووفاء يونس، تحت إشراف مسؤولة برنامج الأبحاث والتوثيق في مركز شؤون المرأة هداية شمعون، فيما كانت د.هديل قزاز المستشار لفريق العمل على الدراسة.

ودعت الدراسة إلى وضع خطط وبرامج لكيفية تقديم المساعدة للتخفيف عن هذه المرأة الفاقدة أو الثكلى، وعمل دراسة لإيجاد وسائل وبرامج للتخلص من التفكك الاجتماعي ومشاعر الحقد وإعادة وحدة الصف الفلسطيني، وتوفير الدعم الطبي والنفسي والتعليمي والمادي لتلك الأسر، وزيادة اهتمام المراكز النسوية بالسيدات الفاقدات.