السبت: 21/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

عباس زكي في اليوم العالمي للتضامن مع الفلسطينيين يدعو الى إنهاء الاحتلال كشرط لإحلال السلام

نشر بتاريخ: 05/12/2008 ( آخر تحديث: 05/12/2008 الساعة: 21:12 )
لبنان- معا- أكد عباس زكي ممثل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، أن الشرط اللازم والضروري لإحلال السلام في المنطقة، يكمن في إنهاء الاحتلال بكل ممارساته التعسفية، ووقف كل أشكال العقاب الجماعي، وأولها حصار أبناء شعبنا في غزة.

وهذا نص الكلمة كاملة :

باسم شعبنا الفلسطيني اللاجىء قسراً إلى لبنان أحييكم وأشكركم على تنظيم هذا الاحتفال باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1977، تضامن يعني لنا الكثير، ويعبر عن شعور ومشاركة العالم بدوله وشعوبه، بالمعاناة الفلسطينية المستمرة منذ وقبل وبعد عام النكبة 1948، كما يعني تضامنكم هذا، تزويدنا بقوة متجددة لإيجاد حل عادل لقضيتنا، يستند إلى المبدأ الأهم الذي نشأت بموجبه هيئة الأمم المتحدة ألا وهو حق تقرير المصير، وإنهاء الاحتلال الاسرائيلي وصولاً إلى قيام دولة فلسطينة سيدة مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. وتطبيق قرار 194 الخاص بتأمين حق العودة للاجئين.

إن هذا اللقاء اليوم وهنا، هو دليل على مدى أهمية ومركزية قضية فلسطين ليس لشعبها المعذب في الأرض فقط بل لشعوب المنطقة بأسرها وللأمن والسلام الدوليين.

وإذ أشكر أيضاً المتحدثين من على هذا المنبر، إحياءً للمناسبة، يجب أن نتذكر جميعاً أن في مثل هذا اليوم من عام 1947 صدر القرار الأممي 181 الذي ينص على قيام دولتين على أرض فلسطين، وبينما قامت دولة اسرائيل معتمدة القوة المسلحة غير النظامية والنظامية، فإن شعب فلسطين في الوطن مازال يعاني الاحتلال وفي الشتات يعاني البؤس والحرمان، في مخيمات لا تصلح لحياة البشر ويواجه مستقبل سدت منافذه أمام الأجيال الجديدة.

فإذا أجمع العالم على محاربة الإرهاب ونبذ العنف، فإن الشرط اللازم والضروري يكمن في إنهاء الاحتلال بكل ممارساته التعسفية وهدم جدران الفصل العنصري، والاستيطان القائم على سلب الأراضي الفلسطينية بالقوة المنظمة، ووقف كل أشكال العقاب الجماعي، وأولها حصار أبناء شعبنا في غزة، حيث وصلت أحوالهم المعيشية إلى حد كارثي يشكل وصمة عار لجيش الاحتلال وحكومته وتحدّ ٍ كبير في وجه المجتمع الدولي وثقافة حقوق الإنسان. كما أن اطلاق العنان لشوائب المستوطنين بالقتل وحرق المنازل وتدمير المزروعات في الضفة الغربية وخاصة في مدينة الخليل له نذير شؤم ودق طبول حرب ستكون خارجة عن نطاق السيطرة.

إن بقاء شعبنا في القرن الواحد والعشرين تحت نير الاحتلال يعني العالم أجمع، لأن الانتصار على الإرهاب وتقديس حرية الشعوب والأفراد لا معنى لها طالما استمرت حياة عشرة ملايين فلسطيني في الوطن والشتات بدون حرية ووطن وحقوق إنسانية كاملة خاصة وان شهادة ميلاد الدولتين (قرار 181) شهادة واحدة لا يجوز لاسرائيل احراز ما يخصها ويبقى الفلسطينيون ارثاً موزعاً على طول وعرض الكرة الأرضية يقاسون العذاب، وهذه مسؤولية المجتمع الدولي أولاً.

السيدات والسادة
الحضور الكريم

لقد تبنىّ لشعبنا منذ عام 1988 وفي مجالسه الوطنية وهيئاته الشرعية مشروع السلام الفلسطيني القائم على دولتين تعيشان بسلام على أرض فلسطين، وبذلت القيادة الفلسطينية كل جهد ممكن من أجل نجاح عملية السلام كما تلاقى الموقف الفلسطيني هذا مع مبادرة السلام العربية ورؤيا الرئيس بوش. وعملنا ودعمنا مسيرة مؤتمر أنابوليس ومازلنا مع اللجنة الرباعية ومع الموفدين الدوليين لتأمين شروط نجاح عملية السلام. إلا أن حكومات اسرائيل المتعاقبة انتهجت سياسات تهويد القدس واستعمال المزيد من القوة، ومازالت الاعتداءات اليومية تتصاعد سواء بجدار الفصل أو مصادرة الأرض، كل ذلك لا يخدم السلام ولا يحقق الأمن طالما يتم التنكر الاسرائيلي للحق الفلسطيني الموثق في كل المحافل الدولية. إن سياسة الهرب إلى الأمام والمماطلة والتسويق لا تفيد شعب إسرائيل ولا حكوماتها ولن يتحقق السلام والأمن لاسرائيل حتى يتحرر الجسد الفلسطيني من الاحتلال وتتحرر الروح الاسرائيلية من العنصرية والتسلط.


السيدات والسادة

أنها لمناسبة عظيمة أن نلتقي هنا في بيروت، حاضنة الانفتاح والحضارة والثقافة، وكان بودي كشخص فلسطيني أو شعب أن لا نكون لاجئين قسراً هنا في كنف الشعب اللبناني المبدع والمحب للحياة والعيش المشترك، إلا أن النكبة فرضت علينا أوضاعاً لا نقبلها لأنفسنا ولا لغيرنا، تلك الأوضاع المأساوية انتجت العديد من المشكلات لنا وللشعب اللبناني الشقيق، وتراكمت عبر السنين قضايا شائكة تلف مختلف جوانب الحياة سواء للبنان أو للاجئين فيه. لكنني اليوم أقول بثقة لقد نجح التعاون المثمر بين الشرعية اللبنانية والشرعية الفلسطينية في شق طريق للعلاقات بين الشعبين على قاعدة طي صفحة الماضي، بعد مراجعة نقدية من جانبنا واعتذار للبنان.

كلكم يتذكر وثيقة "إعلان فلسطين في لبنان" التي عبرت عن سياستنا الفلسطينية القائمة على احترام الخيار الوطني اللبناني كما تعبر عنه الشرعية اللبنانية واحترام سيادة البلد على كل أراضيه بما فيها المخيمات الفلسطينية، وامتثال اللاجىء الضيف لكل مقتضيات القانون اللبناني، واستعدادنا الدائم للتعاون والاستجابة لكل متطلبات الأمن الوطني اللبناني كما تحدده المؤسسات المرجعية اللبنانية - هذا ما جعل تلاقي الجهد الفلسطيني مع الجهد اللبناني ينتج علاقات متطورة سليمة، كان أحد تجلياتها مؤخراً قرار مجلس الوزراء اللبناني برفع مستوى التمثيل الفلسطيني إلى مستوى سفارة من حيث المبدأ، وكان قراراً يعني لنا الكثير إذ لا يكفي أن نشكر دولة لبنان على هذا الموقف بل علينا واجبات كبيرة يجب أن نقوم بها خدمة لأهلنا اللاجئين وخدمة للمصلحة الوطنية اللبنانية.

هنا لابد أن أقول أن المصلحة الوطنية اللبنانية تقتضي أن تتغير أحوال اللاجئين الفلسطينيين على أرض لبنان، وتقتضي أيضاً السير قدماً في حل المشكلات المتعلقة بالقضايا الحياتية اليومية والحقوق المدنية والإنسانية الأساسية إن أهمية هذا للبنان لا تقل عن أهميته للفلسطيني وللمصلحة الوطنية الفلسطينية.


أيتها السيدات والسادة

جميعكم تابعتم مأساة أهلنا في مخيم نهر البارد وساهمتم مشكورين في انقاذ ضحايا الإرهاب الأسود، لكن مازال أمامنا مهام أساسية يجب العمل على انجازها وفي مقدمها إعادة إعمار المخيم وتوفير المال اللازم لذلك وتقديم المساعدات الطارئة وإغاثة المنكوبين بفقدان بيوتهم وعملهم ومصادر رزقهم. إن قسوة الشتاء على أهلنا في مخيم نهر البارد تضاهي عناء الصيف. إن حياتهم اليوم لا توصف إلا بالحياة الجحيمية، وبدون اطلاق صرخات الإغاثة وتأمين المتطلبات الدنيا لحياة البشر لا يمكن لنا التصدي لمن يستغل بؤس اللاجئين وشقائهم من أجل توظيفهم في مشاريع ظلامية واختطاف حياتهم كما اختطف مخيم نهر البارد بأسره. من هنا أصبح من الضروري في هذا اليوم التضامني مع الشعب الفلسطيني أن تعطى الأولوية لضحايا الإرهاب في نهر البارد ومحيطه لتأمين العيش المؤقت وتوفير كل مؤيدات الحياة الكريمة مع الاسراع في انجاز بناء المخيم لتحقيق العودة المؤقتة لمخيم يمثل نموذج التعايش الجديد للاجئين الفلسطينين في مخيمات لبنان ريثما يتاح لهم العودة الى أرضهم الطبيعية وفقا للقرار الدولي 194.

أيتها السيدات والسادة

إن التضامن مع الشعب الفلسطيني يعادل اليوم تأييد ودعم الخيار السلمي للقيادة الفلسطينية من أجل أن يظفر شعبنا بحريته واستقلاله وإقامة دولته الوطنية وعاصمته القدس الشرقية.
كما أن التضامن مع شعبنا هنا في لبنان يعادل انصافه أولاً وتوفير شروط الحياة الكريمة من أجل مواصلة نضاله لإنجاز حق العودة على أساس القرار 194.

وأخيراً أردد ما أنشده شاعرنا الراحل الكبير محمود درويش:
"على هذه الأرض ما يستحق الحياة".

وشكراً