السبت: 21/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

ندوة حديث الرابعة في رابطة الأكاديميين بيت لحم تناقش مأزق استحقاق التاسع من كانون الثاني

نشر بتاريخ: 05/12/2008 ( آخر تحديث: 05/12/2008 الساعة: 23:07 )
بيت لحم- معا- في ندوة حديث الرابعة المنعقدة في رابطة الأكاديميين في بيت لحم، حاول مجموعة من الأكاديميين والمثقفين والسياسيين الإجابة عن سؤال ماذا بعد التاسع من كانون الثاني، وقد افتتح الدكتور نائل عبد الرحمن رئيس رابطة الأكاديميين الندوة بالإشارة إلى المخاوف التي تتبعها مخاوف في دائرة حال التيه السياسي التي تلف قضيتنا الفلسطينية وكأنه ينقصنا تناقض آخر، وشرخ آخر، وقسمة أخرى، وشرعية لا شرعية أخرى، وكأننا نبيع ما لا يباع , ونشتري ما لا يشترى،وتساءل هل نحن على أبواب قسمة أخرى تقسم المقسوم؟ وفتنة أخرى، وحروب أشقاء وإخوة أخرى،أم أن التاسع من الشهر القادم ، سيمر مثل غيره من الأيام، يوما عاديا من أيام شعبنا المعلقمة بالمرارة والبؤس ,أم سيفاجئنا بما يشرح الصدر ويبلسم الجراح ؟

الدكتور جمال حسين رئيس المجلس الأكاديمي الفلسطيني، توقع أن يمر التاسع من كانون الثاني القادم كغيره من الأيام، على اعتبار أن المخاوف المرتبطة بشرعية مؤسسة الرئاسة قد حسمها المجلس المركزي الفلسطيني بانتخابه الرئيس عباس رئيسا لدولة فلسطين، فإضافة إلى حسم هذه القضية أصلا من قبل القانون الفلسطيني، إلا أن الحسم في م.ت.ف ومؤسساتها أنهى هذا الجدل , على اعتبار أن السلطة الوطنية لفلسطينية هي بالأساس ذراع تنفيذي من أذرع م.ت.ف.

كما أن المسألة حسمت أيضا على صعيد الشرعية العربية عبر الإجماع الذي أظهره وزراء الخارجية العرب، وتأكيد الاعتراف الدولي الذي تؤكده مواقف دول العالم المختلفة.

أما عضو المجلس الوطني الفلسطيني الأستاذ جورج حزبون، عالج قضية الشرعية من منظور آخر، حيث أشار إلى أن الشرعية الفلسطينية تاريخيا لم تكن شرعية دستورية أو قانونية رغم المحاولات المعقولة للرئيس المرحوم عرفات في هذا الشأن، إذ أن الشرعية كانت دائما نضالية ولا تقاس بعدد المعارضين أو المؤيدين، فهكذا اكتسبها الرئيس المرحوم ياسر عرفات وهكذا تم التعامل معه بعد انتهاء مدة الأربع سنوات في العام2000 ولأننا مقبلون على حالات اصطفاف دولية جديدة، استجابة للمتغيرات السياسية والأمنية في العالم، ولأن فلسطين ذات وزن نوعي على المستوى الكوني، فإن أي تغيرات ذات مغزى لن يتم إحداثها على الوضع لفلسطيني، وبالتالي فإنه من المعقول توقع يوما عاديا في التاسع من كانون الثاني القادم.

وأشار الأستاذ عزيز العصا إلى الأخطاء الإستراتيجية التي وقع فيها قادة العمل الوطني الفلسطيني مستذكرا ما كان تحدث عنه ممدوح نوفل المستشار السابق للرئيس الفلسطيني، حول قيام كل فصيل فلسطيني بالتعاطي مع العمل الوطني وكأنه دولة مستقلة، وبالتالي فإن ما نواجهه اليوم تم التأسيس له منذ مرحلة مبكرة من تاريخ عملنا السياسي، السؤال الأهم الذي يجب أن نطرحه ليس سؤال من هو الرئيس! إنما من هي الجهة التي يمكنها حفظ كرامة الإنسان وقيمة الإنسان الفلسطيني وحقوقه، إضافة إلى أن سؤال هل نحن ثورة أم دولة ما زال قائما، فهل ستتغير الإجابة عنه بعد التاسع من كانون الثاني؟ وعبر عن اعتقاده بأن على فصائل العمل الوطني أن تصارح الجمهور الفلسطيني، بأننا كقادة سياسيين قد ضللنا لطريق .

بينما توقف الدكتور سعيد عياد المحاضر في جامعتي بيت لحم والخليل عند الخلاف ما بين القانوني والثوري، وأن فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية تحاول اليوم العودة إلى الشرعية الثورية، ورأى أن المشكلة أصبحت مشكلة حماس التي تزداد عزلتها محليا وعربيا ودوليا، وتزداد سياستها تخبطا , وليس أدل على ذلك من قضية الحجاج التي فجرتها حماس، وعليه فسواء قامت بتعيين رئيس أم لم تقم بذلك فهي ستغرق شيئا فشيئا في عزلتها الشاملة.

وعلى العكس من ذلك فإن الرئيس أبا مازن يتمتع اليوم بجماهيرية أكبر، ففتح الخارجة من انتخابات الأقاليم ملتفة من حوله، وفصائل العمل الوطني أكدت دعمها له في المجلس المركزي، ووزراء الخارجية العرب كانوا حريصين على إظهار كل الدعم له كرئيس شرعي للفلسطينية.

أما الدكتور فؤاد بنورة رئيس دائرة الكيمياء في جامعة بيت لحم فقد تحدث عن غياب التخطيط عن عملنا الوطني الفلسطيني، فالتخبط وعدم الوضوح هما العنصران اللذان يميزان هذا العمل، وسمة أخرى هي استثناء المواطن الفلسطيني من المعادلة، واستخدامه كشماعة، فاليوم المطلوب هو إعادة الاعتبار للمواطن، فإن كانت الفصائل الفلسطينية مختلفة، ولا يوجد في القانون ما يحل هذا الخلاف , فيجب عليها أن تعود للمواطن سواء بالانتخاب أو الاستفتاء، أما أن تنام على نتيجة انتخابات جرت لمرة واحدة , والتأسيس على ذلك مدى الحياة فهذا أمر مرفوض، وبالتالي يجب تحضير الجماهير لتكون هي الحكم في حسم الخلاف.

بينما أكد الدكتور محمد فرحات أستاذ علم الاجتماع في جامعة القدس المفتوحة أن يوم التاسع من كانون الثاني سيكون يوما مثل اليوم الذي قبله , يوما بائسا وسيكون ما بعده خطرا بمقدار ما سيدفع اللاعبون الأساسيون شعبنا نحو الانقسام، وأن خطورته ستتبدى في المديات التي ستتاح أمام هذا البؤس لإعادة إنتاج نفسه، فنحن اليوم لسنا بصدد انقلاب في التفكير بحيث نتمكن من حل المأزق بين حركتي فتح وحماس، بل إن الملاحظ أن هناك حركة تفريخ نشطة للعديد من الفقهاء القانونيين والأطر القانونية التي باتت تعتاش على الاجتهادات القانونية المتناقضة، مما سيؤدي إلى تفاقم المشكلات المتفاقمة أصلا، أما إقليميا فإن تعاظم التأثير الإقليمي سيجعل من الدور الإقليمي جزء من الإشكالية، لأنه للمرة الأولى الإشكالية تتعلق في شرعية التمثيل، وهي القضية التي بذاتها يمكن أن تسيل لعاب دول الإقليم لتزيد من تأثيرها.

بينما اعتبر الدكتور عدوان عدوان أستاذ اللغة العربية في جامعة بيت لحم أن الأمر لا يتعلق بالشرعية إنما بقوة الشرعية وشرعية القوة اللتان تتصارعان على الساحة الفلسطينية، هذا دون أن نتجاهل ارتباط القضية الفلسطينية بالأجندة العالمية التي رسخ المحافظون الأمريكيون فيها وضعية الظلم والجور، وتغييب إرادة الشعوب في حل قضاياها، لذا فأنا أعتقد أن ما بعد التاسع من كانون الثاني سيقرره الغرباء الدوليون لا الفرقاء المحليون.

بينما أكد الدكتور أسامة مناصرة أستاذ التاريخ في جامعة القدس المفتوحة أن انتخاب الرئيس من قبل المجلس المركزي الفلسطيني في الوقت الحاضر هو تعبير عن أزمة، وأنها بالنسبة للرئيس خطوة حكيمة ولا مفر منها فهذا رئيس يواجه انقلابا عسكريا حقيقيا وانقساما غير مسبوق، وأن هؤلاء الذين انقلبوا عليه واقعيا، يعدون الأيام علنا لإيجاد الذرائع للانقلاب على رمزيته، وبعد فشل مصر في عقد مؤتمر الحوار في القاهرة، فإن القادم أخطر، ويجب حشد كل الطاقات لمواجهته، وهذا ما بدأ الرئيس يعمل لأجله على الصعيد الداخلي والعربي والدولي.

أما رجل الأعمال سمير عثمان فقد وضع اللوم على الأجندات الخارجية التي أسست للإشكالية الراهنة على الساحة الفلسطينية، وما لجأ إليه الرئيس من إجراءات بما في ذلك العودة إلى مؤسسات م.ت.ف هو إجراء سليم بمواجهة ما يتم التخطيط له داخليا وخارجيا، وهذا سيترك الأزمة في المرمى الحمساوي وفي غزة حيث تواصل حماس الانغماس في تأزيم الساحة الفلسطينية غير آبهة بالأضرار التي يمكن أن تسببها حالة الانقسام المستمرة، وأكد أن اللاعب الأساسي الذي يمكنه وقف هذا التدهور الحاصل هي الأجندات الخارجية أصحابها.

أما الشيخ بلال زرينة فأشار في بداية حديثه إلى الحكمة القائلة بأن الفتنة إذا أقبلت من بعيد لا يدركها إلا الحكماء، ولكن إذا وقعت أدركها العامة، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: الرائد لا يكذب أهله، فأنا أعتقد أن الموجود هو أزمة وأن القادم هو أزمة أكبر، كما عبر عن اعتقاده بأن حماس لا تدور في حلقة الشرعية الفلسطينية وفق الأسس التي تقوم عليها والتي يعلنون في كل خطاباتهم عدم أيمانهم بها، وبالتالي فإن حماس بعد التاسع من كانون الثاني لا تبحث عن الشرعية ، إنما تريد أن تتساوى في اللاشرعية، وحماس في كل الحالات ستعمل على تولية رئيس جديد لتحقيق هذا الهدف.

بينما أكد الدكتور عيسى قديمات رئيس نقابة الأطباء في بيت لحم على انه أصبح واضحا لكل ذي بصيرة أن حماس تحمل فكرا إقصائيا لا يقبل بأي شراكة مع أي مشروع أو برنامج آخر ولهذا فسيزداد الشرخ بين جناحي الوطن بعد التاسع من كانون الثاني , والمشكلة إضافة إلى عدم رغبة حماس بالاتفاق , تتمثل في أن القانون الأساسي مليء بالثغرات والنصوص الفضفاضة وغير المحكمة , والتي تتيح للجميع استخدامها وفق أهوائه، ورأى أن المعضلة الكبرى تتمثل في إشكالية أن الحل بالحوار غير ممكن , وأن الحل بغير الحوار غير ممكن، وعليه فإن الحال سيبقى على ما هو عليه بعد التاسع من كانون الثاني القادم.