السبت: 21/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

د. فياض يطالب المجتمع الدولي إلزام إسرائيل بوقف أنشطتها الاستيطانية والتقيد بقواعد القانون الدولي

نشر بتاريخ: 20/12/2008 ( آخر تحديث: 20/12/2008 الساعة: 13:35 )
بيت لحم- معا- طالب رئيس الوزراء د. سلام فياض المجتمع الدولي إلزام اسرائيل بوقف انشطتها الاستيطانية والتقيد الكامل بقواعد القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان.

وقال د. فياض في كلمته الافتتاحية للمؤتمر الدائم للمدن التاريخية للبحر الأبيض المتوسط تحت عنوان "نجمة بيت لحم": "إن ما تتعرض له مسيرة السلام ومستقبل الحل من مخاطر حقيقية تحت وطأة 170 مستوطنة، وحوالي نصف مليون مستوطن، إنما يستدعي من المجتمع الدولي المزيد من التمسك بمسؤولياته السياسية والقانونية والأخلاقية".

واعتبر أن إعلان المجلس الوزراي للإتحاد الأوروبي في الثامن من الشهر الجاري الذي دفع في اتجاه رفع مستوى علاقات إسرائيل مع الإتحاد الأوروبي، انما ينطوي على رسالة سلبية ومقلقة.

وأعرب عن أمله أن تُكلل أعمال مؤتمر المدن التاريخية للبحر الابيض المتوسط بالنجاح وإغناء التراث الإنساني، وقيم السلام والعدالة وحقوق الانسان، التي تمثل مدينة بيت لحم رمزاً لها.

وقال: "إن انعقاد المؤتمر يشكل رسالة لدول العالم والمجتمع الدولي برمته، بأنه آن الآوان لشعبنا الفلسطيني أن يستعيد حريته، ويستأنف مسيرة الإسهام الفعال في بناء الحضارة الإنسانية وصيانة إنجازاتها، وما يستدعيه ذلك من تفعيل الإرادة الدولية لإلزام إسرائيل بقواعد الشرعية والقانون الدوليين، بما يضمن انسحابها الكامل من الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 5 حزيران 1967، ويمكن شعبنا من تقرير مصيره في دولته المستقلة وعاصمتها القدس".

وفيما يلي نص كلمة د. سلام فياض أمام المؤتمر:

المؤتمر الدائم للمدن التاريخية للبحر الأبيض المتوسط
المؤتمـر الثاني " نجمـة بيـت لحـم "

الأخ د. فيكتور بطارسة رئيس بلدية بيت لحم
السيد جيوفاني لوبرانو السكرتير التنفيذي للمؤتمر الدائم للمدن التاريخية حول البحر الأبيض المتوسط
السيدات والسادة ضيوف فلسطين ومدينة بيت لحم
الأخوات والأخوة جميعاً مع حفظ الألقاب،

تشرفني مشاركتم افتتاح المؤتمر الدائم للمدن التاريخية للبحر الأبيض المتوسط، وتغمرني سعادة فائقة وأنا أرحب بضيوف فلسطين من مختلف المدن التي تشارك في أعمال المؤتمر الثاني " نجمة بيت لحم " والذي يعقد هذا العام تحت عنوان " بيت لحم والدور العالمي للمدن التي تسعى للسلام". وآمل أن تُكلل أعمال هذا المؤتمر بالنجاح وإغناء التراث الإنساني، وقيم السلام والعدالة وحقوق الانسان، التي تمثل مدينة بيت لحم رمزاً لها والتي كرسها شعبنا الفلسطيني بمسيحييه ومسلميه منذ قرون عديدة، بالاضافة الى رحلة كفاحه المتواصلة من أجل الحرية والإستقلال والعدالة والسلام.

السـيدات والسـادة،
ينعقد هذا المؤتمر في مدينة السلام مهد سيدنا المسيح، وبجوار مدينة القدس التي تحتضنُ المسجد الأقصى، وكنيسة القيامة، وهما يتطلعان إلى فجر الحرية واستعادة مكانتهما في صنع وحماية الحضارة الإنسانية وقيم التعايش بين البشر...

كما ينعقد هذا المؤتمر عشية إحتفالات شعبنا والبشرية جمعاء بأعياد الميلاد ورأس السنة، وفي وقت ما زالت فيه بيت لحم، والقدس، وكل المدن والقرى والبلدات والمخيمات الفلسطينية تتطلع إلى الخلاص من نير الإحتلال وجدران العزل والفصل التي تحاصرها. وهو يأتي بعد أيام من عيد الأضحى وما رافقه من حزن خيّم على مختلف مناطق وطننا من جراء الحصار الخانق على شعبنا في قطاع غزة، واعتداءات المستوطنين الهمجية على المدنيين الآمنين في مدينتي الخليل ونابلس، وغيرهما من المناطق الفلسطينية.

ومع ذلك فإن شعبنا ما زال يحذوه الأمل بأن يكون العام القادم عام إعادة الوحدة لشطري الوطن.. عام النهوض الوطني من أجل الخلاص التام من الاحتلال.. عام البناء لفلسطين، ومؤسسات الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967.. عام السلام وإعادة الاعتبار لقيم الحرية والكرامة الإنسانية.

نعـم أيتهـا الأخـوات والأخـوة،
إن انعقاد مؤتمركم هذا في مدينة بيت لحم إنما يشكل رسالة دعم وتضامن ليس فقط مع هذه المدينة ومكانتها في التاريخ الإنساني، بل هي أيضاً رسالة دعم وتضامن مع شعبنا الفلسطيني وحضارته الإنسانية التي احتضنتها بيت لحم والقدس وسائر المدن والبلدات الفلسطينية. وهي رسالة لدول العالم والمجتمع الدولي برمته، بأنه آن الآوان لشعبنا الفلسطيني أن يستعيد حريته، ويستأنف مسيرة الإسهام الفعال في بناء الحضارة الإنسانية وصيانة إنجازاتها، وما يستدعيه ذلك من تفعيل الإرادة الدولية لإلزام إسرائيل بقواعد الشرعية والقانون الدوليين، بما يضمن إنسحابها الكامل من الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 5 حزيران 1967، ويمكن شعبنا من تقرير مصيره في دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
إن شعبنا يتطلع إليكم وإلى كل الشعوب والقوى المحبة للسلام والعدل من أجل الوقوف معه لضمان تحقيق ذلك، وبما يضمن له في نفس الوقت السيطرة على موارده، وقدرته على بناء مستقبله، وتحقيق الخير والإزدهار والأمن والإستقرار لكل شعوب المنطقة.

السـيدات والسـادة،
في آيار الماضي احتضنت مدينة بيت لحم "مؤتمر فلسطين للإستثمار" بمشاركة عربية ودولية مميزة ، أظهر شعبنا من خلاله اصراره على الأمل والبقاء، رغم الإحتلال وإجراءاته التعسفية والقمعية. كما احتضنت المدينة في تشرين أول الماضي "مؤتمر التنمية المحلية المستدامة"، وما تضمنه ذلك من تصميم على البناء والاستثمار الأفضل للموارد. وها هي اليوم تحتضن مرة أخرى المؤتمر الدائم للمدن التاريخية للبحر المتوسط، بعد أن كانت قد إستضافت برعاية الرئيس الراحل ياسر عرفات في آذار من عام 2000، المؤتمر الدولي الرابع حول طرق الحفاظ على التراث الثقافي والحضري للمدن التاريخية في المتوسط واعتبار مدينة بيت لحم نموذجاً. وإن ذلك كله يؤكد مكانة المدينة، وكذلك إصرار شعبنا على الحياة والحرية والإستقلال والبناء. وإذ تشهد هذه المدينة كل تلك الفعاليات فإن شعبنا ومعه كل الأحرار في العالم يستعد لإطلاق فعاليات "القدس عاصمة الثقافة العربية لعام 2009". وفي هذه المناسبة فإنني أتوجه إليكم، ولكافة الدول الأعضاء في مؤتمركم، وكذلك لكل دول وشعوب العالم، ومثقفيه وفنانيه، لمشاركة شعبنا هذا الحدث الهام، وتأكيد مكانة القدس الثقافية والإنسانية، ورسالتها من أجل الحرية وخلاص شعبنا من الإحتلال. فشعبنا الفلسطيني بمسلميه ومسيحييه نسج عبر تاريخه الطويل في هذه البلاد أسس التعايش الخلاق، والإبداع الثقافي والإنساني المميز، وهو قادر بتضامنكم ووقوفكم معه على استعادة مكانته ومكانة القدس في كافة المجالات.

الأخـوات والأخـوة،
السـيدات والسـادة،
إن ما تتعرض له مسيرة السلام ومستقبل الحل من مخاطر حقيقية تحت وطأة "170" مستوطنة، وحوالي نصف مليون مستوطن، إنما يستدعي من المجتمع الدولي المزيد من التمسك بمسؤولياته السياسية والقانونية والأخلاقية، والعمل على إلزام إسرائيل بوقف أنشطتها الإستيطانية، والتقيد الكامل بقواعد القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان.

وفي هذا السياق، وفي الوقت الذي نثمن فيه مواقف دول الإتحاد الأوروبي المعلنة، والتي تعتبر الإستيطان إنتهاكاً للقانون الدولي، فإننا نعتقد أن هذا الموقف يحتاج إلى خطوات عملية وملموسة على الأرض، تمكن من وضع حدٍ لتلك الانتهاكات. وهنا فإنني أؤكد مجدداً أن إعلان المجلس الوزراي للإتحاد الأوروبي في الثامن من الشهر الجاري الذي دفع في اتجاه رفع مستوى علاقات إسرائيل مع الإتحاد الأوروبي، متخليا بذلك عن اشتراطه فى حزيران من العام الحالى ربط هذا الاجراء بالتطور الايجابى ازاء استحقاقات عملية السلام، انما ينطوي على رسالة سلبية ومقلقة.

فسياسة "الاحتضان والاحتواء بغية التأثير" لم تفض لإلزام اسرائيل بالتقيد بقرارات الشرعية الدولية، لا بل وبالعكس من ذلك تماماً، فإنها أفضت إلى إمعان اسرائيل في إدارة الظهر لإرادة المجتمع الدولي. ولذلك وعوضاً عن أن يؤدي المزيد من الاحتضان والاحتواء الى التأثير الايجابي، كما يعتقد البعض في اوروبا، فإن التجربة المكتسبة تدل على أنه لن يؤدي إلا للمزيد من التعنت والصلف، وإلى المزيد من إهمال، أو على الأقل إرجاء، الاصرار على إلزام اسرائيل بالاستجابة لمتطلبات القانون الدولي، بما في ذلك متطلبات حماية حقوق الإنسان. وهذه نتيجة لا يمكن أن تكون مقبولة على شعوب وحكومات أوروبا لتعارضها التام مع المبادئ والقيم السامية التي يقوم على أساسها الاتحاد الأوروبي، والتي نتطلع، نحن الفلسطينيين، لبناء دولتنا على اسس مماثلة لها.

وهنا فلا بد من الإشارة إلى أن ما نسعى له ليس الوقوف معنا ومعاداة الآخرين بقدر ما نتطلع إلى ضرورة الإنتصار لقيم العدالة والشرعية الدولية، والعمل من أجل حماية مستقبل السلام في هذه المنطقة.

السـيدات السـادة،
لقد أظهرت إعتداءات المستوطنين الهمجية في موسم قطف الزيتون والذي يمثل لشعبنا رمز الحياة والسلام، وكذلك إعتداءاتهم الهمجية على المدنيين الآمنين وممتلكاتهم في الخليل، وغيرها من المناطق، مدى خطورة الإستيطان على حياة شعبنا، وكذلك ما يمثله من خطر على مستقبل الأمن والسلام في المنطقة.

لقد آن الآوان لأن ينتصر العالم لمبادئه ومسؤولياته في حفظ الأمن والسلام الدوليين، وأن يتخذ الإجراءات العملية والملموسة والكفيلة بإلزام إسرائيل بوقف كافة أنشطتها الإستيطانية، تمهيداً لإنسحابها من الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967. وإن الشعب الفلسطيني الذي أعلن عام 1988 مبادرته التاريخية للسلام، والتي قدم بموجبها تنازلاً تاريخياً من أجل السلام، سيظل متمسكاً باستراتيجية السلام التي تضمن له إنهاء الإحتلال عن كافة الأراضي المحتلة منذ عام 1967، وإقامة دولته المستقلة عليها. وإن مسؤوليتنا الأساسية تتمثل في توفير مقومات الصمود والبقاء، وبناء المؤسسات القوية والقادرة على رعاية مصالح شعبنا وتوفير الخدمات اللازمة له حتى تتحقق أهدافه في الحرية والاستقلال.

السـيدات والسـادة،
إن ما أنجزه مؤتمركم من فعاليات منذ قرار تأسيسه عام 1996، في الندوة التي عقدت في مدينة "ألغيرو" من أجل التعاون بين المدن التاريخية في حوض المتوسط وحتى الآن، يؤكد الأهمية الفائقة لهذا الإطار. وإن الشعب الفلسطيني ومن خلال المدن الفلسطينية المنضوية في إطاره ( بيت لحم، وبيت جالا، وبيت ساحور، وأريحا، والخليل) ينظر لهذا الانجاز بكل الإهتمام والأمل في تحقيق أهدافه.

وفي ختام كلمتي أجدد لكم الشكر العميق، وأتمنى لأعمال مؤتمركم النجاح في تحقيق أهدافه، وتعزيز دور المدن التاريخية في المتوسط في تحقيق وترسيخ السلام وأسس العدالة لكل شعوب العالم، مؤكداً لكم جاهزية السلطة الوطنية ومؤسساتها في دعم ومساندة قراراته وتوجهاته.

وشكـراً لكـم