وسائل بدائية في حياة عصرية- فتيات القطاع يعدن انتاج حياة الجدات من خلال الحطب والصاج وبوابير الكاز
نشر بتاريخ: 22/12/2008 ( آخر تحديث: 22/12/2008 الساعة: 07:48 )
غزة- تقرير معا- حطب.. فتيل.. بوابير.. تحويل السولار إلى كاز بخلطه بقليل من الملح.. في الألفين وثمانية وبينما العالم ينعم بالتطور العلمي في كافة مناحي الحياة، يعود سكان قطاع غزة للعيش حياة بدائية عاشها أجدادهم في ظل الحصار المفروض عليهم.
ومع ازدياد مدة انقطاع التيار الكهربائي عن مناطق قطاع غزة ما يزيد عن 16 ساعة يومياً خاصة في الليل يقرر أهالي قطاع غزة مواصلة حياتهم بشكل طبيعي.
الحاج أبو احمد -احد الذين عاصروا أيام النكبة حيث كانت حياتهم في اغلبها بدون كهرباء -أوضح أن ما تعيشه غزة من انقطاع للتيار الكهربائي ونفاذ المواد الأساسية كالغاز عاد به خمسين سنة إلى الوراء ليستذكر كيف كان يوقد الحطب ويستعمل البوابير.
وأوضح أبو احمد انه لا يستغرب أن يعود سكان غزة إلى تلك البدائل في ظل الحصار الإسرائيلي المشدد ويقول:"فيما مضى لم يكن لدينا كهرباء ولا غاز وكانت حياتنا تعتمد على الحطب والبوابير وكنا عايشين لكن اليوم الناس لا تتحمل ما تحملناه نحن."
وأوضح أبو احمد انه كان يعمل كموزع للغاز لكنه اليوم يستعمل الحطب في بيته قائلا :""لا أجد غاز والكهرباء مقطوعة معظم الوقت فوجدت أن ارخص وانسب طريقة هي الحطب"، موضحا انه يلجأ إلى جمع أكياس النايلون والكارتون واذا لزم الأمر بعض الخرق البالية حتى يستمر الحطب في الاشتعال أطول مدة ممكنة.
لجأ الغزيون في ظل انقطاع الغاز إلى استخدام "البوابير" وأقراص الكهرباء والفتلة للتغلب على الحصار المفروض عليهم منذ ما يقارب السنتين دون أدنى تذمر من قبلهم وكأنهم أمام اختبار صعب ،عليهم اجتيازه وهو إما الموت أو الحياة في ظل الحصار الإسرائيلي المشدد الذي بات يهدد كافة مناحي حياتهم.
بدورها أوضحت الحاجة أم سالم أنها تفضل العمل على البوابير بدل الحطب لأنها تعاني من مشاكل في عينيها وتخشى على أحفادها من النار ، وتقول:"البابور أيضا مضر ورائحته تخنقني فانا لا أتحملها ولكن لا يوجد بديل لأنه نفذ لدينا الغاز والكهرباء مقطوعة معظم اليوم وعندما تأتي نكون نائمين ."
وتروي أم سالم حكايتها مع الكهرباء فتقول:"مرة عجنت وبدي اخبز وفجأة انقطعت الكهربا فاضطررت أن اخبز على الصاج بإشعال الكراتين وأكياس النايلون وأغصان شجر الزيتون التي نقصها من شجرة الجيران."مشيرة ال أنهم حاولوا عدة مرات تعبئة أنبوبة الغاز ولكن دون فائدة.
برغم البدائل التي توصل إليها سكان القطاع وإصرارهم على مواصلة الحياة لا بد أن يعترض طريقهم بعض العراقيل حيث تتطلب منهم هذه البدائل تكاليف باهظة قد لا تستطيع بعض الأسر تحملها أو قد تكون هذه البدائل مضرة بالصحة كالفتلة التي يجب بعد الانتهاء من استعمالها إطفائها بعيدا عن الأطفال.
أم سامي أوضحت انه الغاز في بيتها نفذ منذ قرابة الشهر وهي حاليا تستخدم الفتلة ، مشيرة إلى أنها تعاني من رائحتها الخانقة وتخشى على ابنها -الذي لم يتجاوز العشرة أشهر من العمر - من مضاره.
وتقول أم سامي:"الطهي على الفتلة يحتاج إلى وقت طويل جدا لذلك فانا استيقظ من الفجر لأجهز الأكل لأطفالي الخمسة،لأنه أبسط طبخة تحتاج إلى ما لا يقل عن ست ساعات حتى تنضج"،منوهة إلى انه لا يمكن طهي كل الأكلات على الفتلة كالسمك الذي يحتاج إلى نار عالية حتى ينضج.
وتضيف:"الحصار أصبح يتحكم في نوعية طعامنا وأصبحنا محرومين من بعض الأكلات لأنه لا يمكن طبخها إلا على الغاز."
أما الطالبة سعاد الحلو فلجأت إلى استخدام طريقة جديدة كبديل عن الشمع الذي وصفته بالردئ ولا تكفي إنارته لمدة ساعة وتقول سعاد:"سمعت الناس يتكلمون عن اختراع جديد للشمع فأردت أن أجرب الطريقة وهي عبارة عن زجاجة دواء فارغة يتم خرقها من أعلى ثم يضاف إليها سولار أو كاز حسب المتوفر ونضيف إليه بعض الملح ومن خلال الفتحة التي تم خرقها نضع بعض القطن بحيث ينغمر نصفه ونشعل الطرف الظاهر ويصبح لدينا شمعة ندوم أطول فترة ممكنة."
وأشارت الحلو إلى أن هذه الفكرة تدلل على عظمة الشعب الفلسطيني الذي يتحمل الحصار ويصبر ، موضحة أن الحصار دفع بالغزيين إلى التفكير أكثر وابتكار أساليب جديدة يتغلبون بها عليه .
وعلى ما يبدو فان الفتيات الفلسطينيات اللواتي سجلن نسبة عالية في استخدام الوسائل التكنولوجية بات لزاما عليهن العودة لاستخدام وسائل الاجداد التي انقرضت فاستبدل الكهرباء الغاز الانترنت بالفتلة والحطب -والبابور ليتعرفن عليها عن كثب ويستخدمها بشكل يومي وتصبح هي البدائل لديه في عصر التكنولوجيا والتطور العلمي.