الإثنين: 20/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

الحديث ذو شجون كلنا غزّة ! ***بقلم : فايز نصار

نشر بتاريخ: 28/12/2008 ( آخر تحديث: 28/12/2008 الساعة: 17:34 )
بيت لحم - معا - تحركت آلة الدمار الاحتلالية ، مستغلة مخلفات الانقسام الفلسطيني ، وضربت بكل قسوة في قلب القطاع العزيز ، محدثة حصيلة غير مسبوقة من الشهداء ، الذين ارتقوا للعليين .

وبعيدا عن الجدل ، ستدفع الحركة الرياضية الفلسطينية ، من رصيدها البشري والمادي ، شيئا من تبعات المجزرة المؤلمة ، بما يقتضي من كل أبناء الأسرة الرياضية الفلسطينية ، الحرص على صيانة المقدرات الرياضية ، كردّ أولي على المجزرة الاحتلالية ، لأن العدو يدرك أن ضرباته الأكثر إيجاعا ، تلك التي تمس القطاع الشباب والرياضة ، لان الشباب يمثلون رأسمال هذا الشعب ، وطاقته الأكثر حيوية

ولكن الجدل كان حاضرا ، في المنتديات الرياضية الفلسطينية ، حول كيفية التعبير عن التضامن مع شهداء غزة ، على الجبهة الرياضية ، وخاصة في بطولة الدوري في الضفة الغربية ، التي تشكل استحقاقا ، اثبت مصداقية رياضيينا أمام المؤسسات الرياضية الدولية ، ذات الصلة .

اتحاد كرة القدم ، المسئول عن تنظيم اللعبة الأكثر شعبية رأى أن الوفاء لشهداء غزة ، يقتضي مواصلة النضال الكروي ، الذي اسمع العالم صوت المشروع الرياضي ، الذي حقق لفلسطين هالة دولية ، أكثر من الخطب الرنانة ، التي ألقيت منذ بداية المأساة الفلسطينية .

ورأى الاتحاد أن التزام اللاعبين بالمثل الرياضية ، والعطاء الفعال فوق الميدان ، مثل أبلغ رسالة تضامن مع الشهداء وذويهم ، ويمثل رسالة أكثر فصاحة للاحتلال ، بأن شعبنا تعوّد على الضربات ، وتعوّد أن يخرج كالفينيق ، متألقا من تحت الرماد ، وتعوّد أن يدفن شهداءه بسرعه ، قبل العودة إلى المواقع .

واكتفى اتحاد الكرة بمطالبة الجماهير بالإعلان عن التضامن في المدرجات ، ومطالبة جميع اللاعبين بالوقوف دقيقة صمت ، مع وضع شارات الحزن السوداء على الأقمصة ، في رسالة تصل إلى العالم عبر الفضائيات ، ومضمونها ، أن المجازر ، لن تفت من عضد هذا الشعب ، الذي يستعصي على المجازر .

وللحقيقة أن الشارع الرياضي لم يكن برمته مع هذا التوجه ، فعلت الأصوات التي تطالب بتأجيل المباريات ، ودخلت مجالس إدارات الأندية في سجالات مع بعضها ، ومع الأنصار الذين كانوا محكومين بحرقة مفهومة من آثار العدوان .

وللحق أن كثيرا من الأندية كانت تفضل عدم اللعب في هذه الظروف ، ولكن الاتصالات أقنعت هذه الأندية بالمشاركة ، والمساهمة في في إنجاح مسيرة الدوري ، فالتحقت الأندية - ما عدا صور باهر - بمواقع النزال الكروي ، رغم أن بعضها كان يفضل أن يؤجل الدوري ، ولو ليوم واحد ، حتى تتم عملية التعرف على الشهداء ، ومواراتهم الثرى .

ولأن المعركة مع العدو طويلة الأمد ، كما تقول حركة فتح ، رائدة النضال الوطني الفلسطيني ، فان استحقاق هذه المعركة يتطلب من الجميع ، التزود بطول النفس ، وتعلم دروس المواءمة بين النضال ذودا عن حياض الوطن ، والنضال الإنساني في بناء لبنات هذا الوطن .

والأمر - يا جماعة الخير - يقتضي مواصلة التفاعل مع البرامج الحضارية ، التي تقنع العالم بان الشعب الفلسطيني شعب يحب الحياة ، ويتوق إلى المشاركة في مسيرة الخير البشرية ، في مواجهة آلة الدعاية الصهيونية ، التي تشوه صورة الإنسان الفلسطيني ، وتختصره في صورة محارب يطلق الصواريخ البدائية .

من حق بعض المنخرطين في المنظومة الرياضية الفلسطينية ، العتب على الاتحاد ، لأنه أصر على عدم إيقاف مسيرة الدوري ، مهما كان الثمن ... ولكن من حق الاتحاد أيضا أن يسمع هؤلاء وجهة نظره الواقعية ، التي تؤسس لواقع رياضي جديد ، يضمن تواصل العملية الرياضية ، حتى لو كانت السماء تمطر قذائف على رؤوس الرياضيين ، حتى لا تعود حليمة إلى عادتها القديمة ، وتتوقف فعاليات الدوري ، كلما أطلقت رصاصة هنا ، أو هناك .

والأمل في أن يرفع شعار " كلنا غزة " على أقمصة كل اللاعبين ، في مختلف الرياضات ، وبذلك نكون قد واصلنا الحراك الرياضي ، وعبرنا عن تضامننا مع ضحايا الإرهاب ، الذي تنفذه الدولة العبرية .

والحديث ذو شجون