الإثنين: 23/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

سكان غزة منشغلون بدفن الشهداء وشوارع القطاع تزدحم ببيوت العزاء

نشر بتاريخ: 29/12/2008 ( آخر تحديث: 29/12/2008 الساعة: 16:27 )
غزة- معا- انشغل مواطنو قطاع غزة من رفح جنوبا وحتى بيت حانون شمالا على مدار اليومين الماضيين بإخلاء مستشفيات قطاع غزة من جثث الشهداء المتكدسة لإتاحة الفرصة أمام النزلاء الجدد، ومواراة أحبائهم- الذين كانوا بالأمس القريب بين ظهرانيهم- الثرى ومن ثم نصب خيام العزاء في شوارع القطاع في انتظار وفود المعزيين الذين لم يأتي منهم إلا القليل جدا بعد أن لازم المواطنون منازلهم تخوفا من الصواريخ التي لا تفارق سماء غزة ولا تفرق بين أحد، حتى باتت خاوية على رؤوس ناصبيها.

ولأن المصائب لا تأتي فرادى فلا تكاد تخلو شوارع قطاع غزة عموما ومدينة غزة تحديدا التي أخذت نصيب الأسد من عدد شهداء عملية "الرصاص المصبوب" نظرا لاحتوائها على المرافق الحيوية من مقرات أمنية وجامعات ومؤسسات مدنية ورسمية على خيام العزاء المنصوبة لشهيدين وثلاثة من نفس العائلة، بشكل يعبر عن الخسائر الهائلة في الأرواح عدا عن الدمار المعنوي والمادي، ما أثر على حركة سير المواطنين والمركبات واضطر الجميع إلى تغيير خط سيره بعيدا عن تلك الخيام التي افترشت شوارع القطاع.

وإذا حاولت الاقتراب من خيام العزاء لا يلفت نظرك إلا عيون حائرة، وعقول شاردة، في بعض أجساد غيبتها الصدمة وحركتها أرواح مهددة بالصعود إلى خالقها في أي لحظة خاصة وأن قطاع غزة ببشره وحجره بات في مرمى الهدف الإسرائيلي، فلا أمان لك حتى لو التزمت بيتك وامتنعت عن النزول للشوارع فصواريخ الطائرات الإسرائيلية تعرف طريقها جيدا للشقق السكنية في الأبراج المكتظة في مدينة غزة.

ولدى حديثنا مع عدد من وفود المعزيين في مناطق متفرقة من مدينة غزة، أبدوا استغرابا شديدا مما يتعرض له قطاع غزة، مؤكدين أن ما هو آت أشد وأقسى في ظل ما وصفوه تخلي الدول العربية عنهم وعلى رأسهم جمهورية مصر العربية، مشيرين إلى أن إسرائيل لم تتجرأ على فعلتها تلك إلا بعد أن أطمعها الغياب العربي عن قضايا الأمة وهمومها وعدم مقدرة دولة بحجم مصر التي تتباهي دائما بأنها حاضنة وواجهة الدول العربية والتي تربطها علاقات دبلوماسية وسياسية بإسرائيل والولايات المتحدة بالمشاركة مع وزراء خارجية الدول العربية على اتخاذ قرار واحد بفتح معبر رفح البري وفك الحصار عن مليون ونصف المليون مواطن.

الحاج أبو محمد ولدى توجهه لتقديم واجب العزاء لإحدى العائلات في شارع الوحدة في مدينة غزة قال: "عندما يصل الأمر بإسرائيل إلى ضرب المساجد على رؤوس المصليين على مرأى ومسمع العالم وبصور تنقلونها عبر كاميراتكم دون تحريك أدنى رد فعل فلتصمت الأقلام ولتطفأ الكاميرات وننتظر رحمة الله فلا ناصر لنا إلا رب العالمين"، مؤكدا حالة الخوف التي باتت تعتري المواطنين وتمنعهم من مغادرة منازلهم، لافتا إلى أنه خرج من البيت وهو يحمل روحه على اكفه.

أما الشاب محمد رمضان فقد استوقفناه بينما كان متوجها لتعزية صديقا له ارتقي شهيدا مع أخيه الصغير في غارة استهدفت سيارة كانت تمر بالقرب منهم في شارع "الصناعة" وسط مدينة غزة بينما كانا يجلسان بالقرب من منزلهم عبر عن صدمته وعدم استيعابه لما يجري، معربا عن خيبة أمله من كل شيء فلا ناصر لأهالي قطاع غزة، متهما الأنظمة العربية بالتواطؤ مع إسرائيل في الجريمة ضد قطاع غزة، مؤكدا بأن الأمر بات لا يتعلق بحماس وفتح وإنما حرب مفتوحة ضد كافة شرائح الشعب الغزي

وعبّر رمضان عن تردده من مغادرة المنزل لتقديم واجب العزاء، مؤكدا بأنه كان لا ينوي الخروج من البيت تخوفا من الطائرات الإسرائيلية التي لا تغادر قطاع غزة وتستهدف المواطنين في الشوارع العامة، مضيفا "أصبحنا كلنا في عداد الأموات".

وداخل خيمة عزاء تعود لعائلة الترك بدت شبه خالية كغيرها من تلك الخيام المنتشرة قال لنا المعزيين كيف سيحضر المعزيين إذا كنا نحن خائفين أن تطالنا صواريخ الطائرات داخل تلك الخيام، معبرين عما يعتريهم من غضب إزاء ما آلت إليه الأوضاع في قطاع غزة.

وحول ما شهدته بعض العواصم العربية والأوروبية من اعتصامات ومظاهرات جماهيرية تطورت إلى مهاجمة مبني السفارة المصرية في القاهرة والعاصمة البريطانية لندن قالت عبلة قشطة 28 عاما من داخل احد بيوت العزاء " تلك التظاهرات غير كافية للجم العدوان الإسرائيلي، مطالبة باتخاذ خطوات أكثر جدية وقسوة مع إسرائيل ورد كرامة العرب التي بعثرتها إسرائيل، ودفع ثمنها الفلسطينيين وحدهم من أرواح أطفالهم وشبابهم ونسائهم"، محملة المجتمع الدولي ما سيتعرض له قطاع غزة من عدوان جديد في ظل التلويح الإسرائيلي باستمرار العملية.