شتاء غزة .. غارات تسلب الاطفال دفء أغطيتهم وتتركهم تحت البرد القارس
نشر بتاريخ: 30/12/2008 ( آخر تحديث: 30/12/2008 الساعة: 17:50 )
غزة - معا - رحمة ثابت - فصل الشتاء لدى شعوب وأمم الأرض يعني الخير والبركة، كما يعني الدفء الأسري بالتفاف أفرادها حول بعضهم البعض في بيت يقيهم برده ويراقبون من خلال نوافذه الزجاجية ما تجود به السماء عليهم من نعم، إلا أن المشهد في قطاع غزة مختلف وبعيد بعد السماء عن الأرض، لأنك ستراقب عبر نافذتك الأجواء الممطرة ولكن بحثا عن طائرة هنا أو هناك بين الغيوم تتربص بك غدرا كي تسلبك بيتك الجميل ودفء حياتك وأغطيتك، وتتركك وحيد تفكيرك أين ستذهب بأطفالك في الأجواء الماطرة والبرد القارس .
وما إن أطلقت طائرات الاحتلال الإسرائيلي عمليتها العسكرية "الرصاص المصبوب" في قطاع غزة يوم السبت الماضي تجاه المقرات الأمنية ومنازل المواطنين والمساجد حتى بات المواطنون بين خيارين لا ثالث لهما إما أن تترك بيتك وتخليه باختيارك ليس هروبا أو جبناً وإنما خوفا على حياة أطفالك الأبرياء قبل أن تقتحم صواريخ الطائرات عليك نوافذ منزلك، أو تدمره الطائرات عليكم وأنتم نيام وتسلبكم دفء أغطيتكم التي ستتلطخ بالدماء .
نعيق الغربان :
ولعل أكثر من يعاني في مدينة غزة من نعيق غربان الليل هم سكان الأبراج المحيطة بمجمع الوزارات والمقرات الأمنية والمؤسسات الرسمية فما أن تخرج الطائرات وتلقي بصواريخها حتى تتعالي أصوات النساء وبكاء الأطفال على أثير الإذاعات المحلية طالبين النجدة .
منصورة أبو عمرة "18" عاما والتي سقط بيتها القريب من مجمع الوزارات في مدينة غزة والتي استهدفته إسرائيل أمس بأكثر من ثلاثة عشر صاروخ سقط عليها وأسرتها بينما كانوا نيام ما أدى إلى احتجازهم تحت الركام إلى حين وصل رجال الإسعاف وانتشلوها مع أمها وأبيها وأخيها الصغير ذو الثلاثة أعوام وتركوا أخيها يحي 17 عاما لعد تمكنهم من رؤيته إلا أن فقدته أمها وأخذت تصرخ وتؤكد نسيانهم فلذة كبدها تحت الركام ليعود رجال الإسعاف وينبشون بأيديهم الحجارة ويجدونه متيبسا في البرد القارس لا يحرك ساكنا
أبوعمرة قالت من على أحد أسرة مجمع الشفاء الطبي تعاني كسورا في قدميها ويديها قالت "رفضنا إخلاء البيت لأننا لا نملك مكان آخر نذهب إليه فنحن اثنا عشر فردا أين سنذهب والآن وقد دمروا منزلنا لا نعرف أين سنذهب في هذا البرد بعد خروجي أنا وأسرتي من المشفى، سنتخذ المشفى مأوى إلى حين أن يفرجها الله ويلهمنا ماذا نفعل"
هلع بين اطفال الابراج:
ولدى توجهنا إلى سكان الأبراج السكنية الملاصقة لمجمع الوزارات بالسؤال عما سيفعلونه من إجراءات وقائية تجنبا لحدوث خسائر في الأرواح قالت لنا أم محمود تصبيح 47 عاما بينما كانت تنظف بيتها من حطام الزجاج وتلملم ما ستأخذه من البيت تمهيدا لتركه مؤقتا "والله ما تركناه خوفا، ولكن رحمة بهؤلاء الأطفال، الذين أصابهم الهلع ليلة أمس ومكثنا الليل البارد في العراء وتحت زخات المطر"، مؤكدة بأنهم صامدون وسيبنون ما تهدمه إسرائيل
أما الفتاة ورود والتي كانت تجمع بعض كتبها الدراسية من بين حطام الحجارة المتناثرة في شقتهم السكنية في برج النور فقالت لنا "لن ينتصروا علينا، وإنا صامدون في أرضنا، سندرس ونتعلم ونبني وطننا الحبيب، وسأعود إلى غرفتي وسريري ومكتبتي، مهما قصفوا ودمروا لن يخيفونا"
الطفلة لما أحمد نصر 10 أعوام والتي كانت تساعد أمها في إخلاء منزلهم فعبرت لنا عن خوفها من صوت الانفجارات التي تعالت في سماء غزة، قائلة "لما سمعت صوت الصاروخ خفت كتير، ونزلنا تحت البرج في المطر والبرد"، ولدى سؤالنا لها عن وجهتها قالت "حنروح بيت خالتي بعيد عن القصف"