"الرصاص المصبوب" على "اللحم الحي"
نشر بتاريخ: 02/01/2009 ( آخر تحديث: 02/01/2009 الساعة: 12:57 )
غزة - تقرير معا - مدينة غزة لا تنام ولا تغرق بالسبات برغم الظلام الدامس الذي يلفها فالطائرات الإسرائيلية على مختلف أنواعها تصاحبها الزوارق الحربية تلقي بحممها على المدينة ذات البيوت المتلاصقة والمتعددة الأدوار، هذه المدينة التي يجهل طبيعتها الصحفيين الأجانب وصناع القرار في العالم والتي توصف بجورة الاسمنت أو كتلة اللحم البشري.
إسرائيل اسم عمليتها يدينها ويجرمها، فـ"الرصاص المصبوب" هو مئات القنابل التي تنهمر وتصهر اللحم البشري في غزة، فإسرائيل تعتمد في حربها علي مدينة كتلة اللحم أو كتلة الاسمنت علي الحرب النفسية فهي تدرك ماذا يحدث عندما تتصل قيادة جيشها على المنازل في غزة وتحذرهم بضرورة إخلاء منازلهم لان الجيش سيقوم بقصفها.
وقيادة الحرب في إسرائيل قد اختارت من كل حي، منزلا هددته بالقصف عدا عن المواقع الحكومية العسكرية والمدنية التي تستهدفها، والمراقب في وسائل الإعلام يدرك ماذا يحدث فالإصابات والشهداء غالبا ما يكونوا في البيوت المجاورة بالمنزل المهدد.
مشاهدات من اثر التهديد:
رجل من مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة جاء اتصال لمنزل جاره من جيش الاحتلال بضرورة المغادرة لان الجيش سيقصف المنزل، فغادر الى منزل شقيقه في الساعة التاسعة ليلا، والساعة الثانية عشر اي بعد 3 ساعات اتصل الجيش على منزل شقيقه فغادرا المنزل الى عنوان آخر.
مواطنون غادروا منازلهم من يوم السبت الماضي ولكنهم عادوا إليها من كثرة الترحال ومن كثرة الأهداف المهددة من قبل الجيش الاسرائيلي.
أما الأبراج السكنية فهي حكاية اخرى للمأساة، الأدوار العلوية مع كل قنبلة تقذف بها الطائرات يصيبها الزلزال فالأطفال في الليل يصرخون في كل مكان... البنايات تهتز وتتحرك يسارا ويمينا وصوت الانفجار يصاحب المباني، وداخل الأبراج تبدأ الحركة والترحال الليلي من هو في الأدوار العلوية يغادر للأدوار السفلية.
وفي ساعات الصباح الأولى، سيارات تقل القليل من الفراش والأغطية والأطفال من مكان الى اخر أكثر أمنا ،ومع ساعات الليل يتقاسم الجيران المباني قسم للنساء وقسم للرجال ووفق المثل الشعبي "الموت مع الجماعة رحمة".