في قلب الجحيم- جولة في شوارع غزة حيث الخراب يملأ المكان
نشر بتاريخ: 02/01/2009 ( آخر تحديث: 04/01/2009 الساعة: 13:14 )
غزة - تقرير معا- الغارات والضربات الجوية، على قطاع غزة، خلقت حالة من الخوفِ والإرباكِ في صفوف المدنيين ، بسبب ضراوتها وقوتها .. وما احدثته من خسائرِ بشرية فادحة ودمار كبير في الممتلكاتِ والمباني والمؤسسات المدنية.
هذا الأمر أدى إلى شللٍ كبير في حركة التنقل بين المحافظات والمدن والقرى المختلفة في القطاع، بحيث أصبحت عملية التنقل بين المحافظات أمراً في غاية الخطورة والمجازفة نتيجة لاستمرار قصف المواقع والأهداف.
حينما تخرجُ إلى عملك في الصباح الباكر تنتظر ساعات لكي تجد سيارة "أُجرة" تقلك إلى مكان عملك في مدينة غزة، وما أن تجد سيارة تبدأ رحلة المخاطرة والمجازفة حيث لا ناس في الشوارع ولا مركبات كعادتها النشطة ومعظم المحلات والمرافق مغلقة تماما ومن وجد من الناس في الطرقات فانك ترى بعيونهم حزناً وخوفاً منقطع النظير يترقبون بتوتر ما هو قادم. تسير وسط شارع صلاح الدين الواصل جنوب القطاع بشماله، فلا ترى سوى الدمار والخراب الكبير.
على طول الطريق أو بشكل أدق في- طريق الجحيم إلى غزة- ترى مراكز ومواقع للشرطة الفلسطينية التابعة للحكومة المقالة وللمؤسسات المدنية أزيلت من مكانها وسويت بالأرض، وأشجار مدمرة ومقطعة تخلو من كل شيء حي، حتى عصافيرها وطيورها لم تعد موجودة.
تغيرت ملامح الوجه الجميل:
لقد اختلفت المعالم كليا وتغير وجه وصورة غزة الجميلة ليحل محلها لوحة سوداء كتب عليها غزة في قلب الجحيم، وأصبحت بالكاد تتذكر هذا الموقع أو ذاك المقر فكل شيء أزيل من مكانة وأصبح أثراً بعد عين، وكأن زلزالاً مدمراً ضرب المنطقة ولم يبق من أثرها سوى الخراب والدمار والبؤس والشقاء.
هذه الحالة لا تختلف عند احد من المواطنين الذين يضطرون للتنقل والذهاب إلى أعمالهم كالأطباء والمسعفين والصحفيين وغيرهم ممن يتوجب عليهم للقيام بواجباتهم الأخلاقية والمهنية والإنسانية.
لكن دقات وخفقات قلبك تزيد بوتيرة متسارعة عندما تسمع صوت انفجار صادر من مكان ما أو عندما تنصت إلى تحذيرات المذياع عبر إحدى الإذاعات عن وجود طيران اف 16 أو مروحيات في أجواء المنطقة إلى تسير بها بالمركبة، خاصة وأن الطريق إلى العمل يتوجب أن تسلك من خلاله معظم الطرق والمنشأت التي تم استهدافها.
الموت يمشي في الشوارع:
وما أن تصل مدينة غزة فلا تري شيئا مطلقا -غير الموت - الذي يخيم على المدينة وإحيائها وسكانها وأطفالها، ومرافقها ومبانيها ، فحجم الخراب والدمار الذي لحق بالمدنية فاق حد تصور العقل والمنطق ، ولن تستطيع أن تسجل كاميرات الصحفيين و أقلامهم الصورة الحقيقية لهول ما حدث .. فلم تعد غزة كما عرفناها قبل خمسة أيام ... المؤسسات التعليمية والمقرات الأمنية و الشرطية والبنايات التاريخية والنوادي الرياضية والمساجد ودور العبادة وحتى رياض الأطفال ، لم تعد في مكانها كل شي تبخر كلياً ، وكأن زلزالا مدمراً ضرب القطاع ، فأخذ معه كل شيء ولم يبقي سوى أكوام من الركام والحطام، وأصوات الطائرات التي تنشر الفزع و الهلع والخوف، في القلوب الفلسطينيين الأبرياء الذين يواجهون بأجسادهم أطناناً من القنابل والصواريخ .
اثرا بعد عين:
فمبني السرايا الذي بني في عهد الاستعمار البريطاني والذي يعتبر أهم مبنى حكومي في القطاع لم يعد قائما فقد دمر جزاءا كبيرة منه ، وأصبح المرور من جانبه بمثابة اللعب بالنار ، وهذه مباني الجامعة الإسلامية احد اعرق الجامعات الفلسطينية دمرت أجزاءً كبيرة منها ويتهدد الخطر والتدمير المباني المتبقية، وهذا قصر قصر الحاكم أو قصر الضيافة لم يعد قائما اختفي كلياً ولن يستقبل بعد اليوم اى ضيفا كان .
أما المباني الحكومية كمجمع الوزارات ومنتدى الرئيس والمقرات الأمنية و النوادي فقد أصبحت ركاما فوق ركام وحطاماً فوق حطام. تصل إلى عملك وقد أتعبتك هول المشاهد وبشاعتها وأنهكتك ضياع أحلام الأطفال وزقزقة العصافير. تواصل عملك وأنت في حالة نفسية يرثى لها .