هزات سياسية في إسرائيل... ماذا عن الارتدادات الفلسطينية!؟ بقلم: ماجد عزام
نشر بتاريخ: 11/12/2005 ( آخر تحديث: 11/12/2005 الساعة: 09:53 )
معا- لا يمكن إنكار أو تجاهل حجم الهزات السياسية التي عصفت باسرائيل خلال شهر نوفمبر الماضي فمن وصول اليهودي الشرقي الزعيم الزعيم النقابي العمالي عمير بيريتس الى زعامة حزب العمل حتى انشقاق ارئيل شارون عن حزب الليكود و تأسيسه لحزب جديد "الى الامام"تغيرت معالم الخريطة الحزبية و السياسية الاسرائيلية وبدت كأنها تنظيم على هيئة ثلاث تيارات رئيسية كما في العديد من دول العالم هي اليمين والوسط واليسار ،ففي اليمين يتموضع الليكود محاطا بالاحزاب القومية و الدينية وهذا التيار سيكون غالبا بزعامة بنيامين نتنياهو ولن تزيد قوته البرلمانية عن ربع مقاعده البرلمان-ثلاثين مقعدا- تقريبا.
اما في اليسار فيتموضع حزب ياحور بيريتس محاطا بالاحزاب العربية و حسب استطلاعات الرأي فان هذا التيار لا تتعدى قوته السدس اي عشرين مقعدا في معظم الاحوال و هي النتيجة التي تظهر اضمحلال اليسار الاسرائيلي-في بعده السياسي- وربما حتى تلاشيه تماما من الحياة السياسية الاسرائيلية.
التيار الثالث هو الوسط بالمعنى الاسرائيلي ويضم حزبي العمل و الى الامام و شينوي وحسب الاستطلاعات سيفوز هذا التيار بأكثر من نصف المقاعد بقليل و الاجابة ليست صعبة على التساؤل المنطقي لماذا يتم احتساب حزب العمل ضمن الوسط وليس اليسار، الامر عائد بالطبع الى تراجع زعيم الحزب عامير بيريتس عن معظم تصريحاته الحمائمية التي اطلقها بعيد انتصاره وذهابه باتجاه المركز الوسط الاسرائيلي عبر اصراره على ضم الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية و بقاء القدس الموحدة عاصمة لاسرائيل و الرفض المطلق لعودة اللاجئين الفلسطينينن الى ديارهم التي شردوا منها في العام 1948 هذه التصريحات و الشروط و الخطوط الحمر اذا ما اضيفت اليها الموافقة على دولة "دويلة" فلسطينية تجعل حزب العمل شديد الشبه سياسيا بحزب شارون الجديد و بينما يظل الاختلاف مقتصرا على المنحى او البعد الاقتصادي الاجتماعي و هو الامر الذي يركز عليه عامير بيريتس و يركز عليه كل جهده كأحد نقاط التميز عن شارون و معظم الاحزاب السياسية الاخرى.
في ضوء ما سبق يمكن تحديد التداعيات او التاثيرات الفلسطينية جراء التطورات و التغيرات الاسرائيلية و يمكن حصرها في أمرين لا ثالث لهما:
أولا: ليس ثمة فرصة لاستثناف تسوية جادة و حقيقية لا في المدى المنظور و لا بعد ذلك.
ثانيا: الوقت المستقطع قبل الانتخابات الاسرائيلية مارس"اذار" القادم يمثل فرصة للحزب الحاكم اي شارون و عصابته لارتكاب مزيد من الجرائم و الفظائع بحق الشعب الفلسطيني.
بالنسبة للامر الاول تمثل الانتخابات المبكرة فرصة للحكومة الاسرائيلية للتنصل من اي حوار او مفاوضات جادة مع السلطة الفلسطينية و التهرب من اي استحقاقات والتهرب من اي تفاهمات او اتفاقات حتى لو كانت خجولة وتطال القضايا المرحلية فقط مثل الاسرى وحرية الحركة و المطار والحواجز في الضفة الغربية وحسب تصريح مسؤول اميركي رفيع فليس من فرصة لاستئناف عملية التسوية قبل الصيف القادم وتشكيل الحكومة الاسرائيلية الجديدة والامر مقتصر الان على المسائل الفنية لمتباعة الاتفاقات التي تم توقيعها و المقصود متابعة تنفيذ اتفاقية رفح (المعبر) التي لم تتحقق على تواضعها وجزئيتها الا بتدخل مباشر و ضغط مكثف من قبل وزيرة الخارجية الاميركية كونداليزا رايس.
اما الامر الثاني فيتعلق بطبيعة و طريقة تصرف الحكومات الاسرائيلية تجاه الصراع العربي الاسرائيلي في الفترات او الاوقات التي تسبق الانتخابات حيث تتجه الحكومات الاسرائيلية نحو المزيد التشدد و العنف و المزيد من ارتكاب الجرائم بحق الشعبين الفلسطيني و اللبناني لتحسين الفرص الانتخابية و نيل المزيد من الشعبية في الشارع الاسرائيلي الذي ما زال ينتشي بالدم العربي المسفوك في اوقات الهدوء و التسوية وللعلم فلا فرق بين الاحزاب الاسرائيلية المختلفة في هذا الخصوص فقد حصل هذا في العام 1996 عندما بادر شيمون بيريز الى شن العدوان على لبنان لتحسين فرصه الانتخابية و ليثبت انه يستطيع استخدام الحد الاقصى من القوة ضد العرب بغض النظر عن توجهاته السلمية و حصل كذلك مع باراك في الحملة الانتخابية عام 2001 عندما نفذ عددا من جرائم الاغتيال بحق مناضلي الانتفاضة و حصل نفس الشيئ بالطبع مع مجرم الحرب شارون في العام 2003 على أن شارون خاض حملته الانتخابية انذاك تحت شعار شارون وحده يجلب السلام بعد ما خاض حملته التي اوصلته الى سدة الحكم عبر الشعار الشهير دعوا الجيش ينتصر و جلي طبعا المعنى الكامن في الشارع الذي يعني ارتكاب الجيش للمزيد من الجرائم بحق الشعب الفلسطيني.
اذن تبدو الساحة الفلسطينية امام تجميد تام لعملية التسوية و بانتظار المزيد من الممارسات الاسرائيلية التعسفية و التي تعني المزيد من القتل و التدمير و المزيد من الاستيطان و مصادرة الاراضي.
وامام هذا الواقع تبدو الساحة السياسية الفلسطينية مطالبة بالمزيد من الهدوء و التروي والحذز و المزيد من العصف الفكري واستخلاص العبر من الرامج السياسية الاسرائيلية التي تجمع -في معظمها- على الخطوات الاحادية و رفض الاعتراف الفعلي و الجاد بالسلطة الفلسطينية كشريك تفاوض و بالتالي فلا حاجة للانقسام الداخلي الفلسطيني و لا لاعطاء اسرائيل الذرائع لارتكاب الجرائم والايغال في الدم الفلسطيني.
و في هذا الوقت بالذات نحتاج الى هدوء و ضبط النفس و الثبات على خيار المقاومة والصمود واستغلال الوقت او الفترة المتبقية على الانتخابات الإسرائيلية لتبريد الأجواء وعقد جولات الحوار الجادة والمعمقة للوصول الى برنامج الحد الادنى الذي يوفر قناعة فلسطينية موحدة لكيفية الرد على المتغيرات الاسرائيلية و الاهم كيفية الحفاظ على المصالح و الحقوق الفلسطينية دون تفريط ودون اعطاء اسرائيل الفرصة للمزيد من النهب والقضم لها.
* مدير مركز شرق المتوسط للخدمات الصحفية و الإعلامية -بيروت