الطفلة "أمل".. انتزعت الصواريخ أمها من بين يديها ليلا لتتركها وحيدة
نشر بتاريخ: 05/01/2009 ( آخر تحديث: 05/01/2009 الساعة: 19:37 )
غزة- معا- في الطابق الثالث من مستشفى كمال عدوان، المخصص للنساء، شمال قطاع غزة، ترقد الطفلة "أمل صلاح" ذات العشرة أعوام بجسمها الغض ذي الجروح الغائرة بفعل شظايا أحد الصواريخ، الذي استهدف منزلهم في مخيم جباليا وهم نيام، فانتزعها من حضن والدتها بالتبني قسرا ليحرمها حنان أمها "فاطمة" التي ربتها كابنة لها من رحمها.
الأم "فاطمة" لفظت الشهادتين بعد أن اخترقت جسدها إحدى شظايا الصواريخ لتستقر في قدم الطفلة أمل ويدها، وتصيب بعضاً من وجهها الجميل ذي العينين الخضراوين بعض الشظايا.
تقول "أمل" من على سريرها "لقد تعودت أن أنام في حضن عمتي فاطمة التي أناديها "ماما" فقد ربتني منذ صغري، فكانت تحيطني بذراعيها وفي ليلة رأس السنة كانت الطائرات تحلق بكثافة في سماء معسكر جباليا حيث أسكن، وأثناء نومنا أطلقت الطائرات صاروخا على منزلنا، ثقب سقف المنزل واخترقت إحدى شظاياه جسد أمي ثم استقرت في قدمي ويدي اليسرى".
وتضيف أمل بكلمات يشوبها التوتر وهي تستذكر ما حدث "استيقظت على صوت الصاروخ وأمي تلفظ الشهادتين ولم أر إلا أكوام الحجارة فوقي وبعض المعادن الحارقة استقرت في قدمي ويدي وغطت وجهي وعيني اليسرى، وعندما حاولت الالتفات إلى أمي وناديتها، وجدتها مبتسمة وعيناها معلقة صوب السماء، إلا أنني ظننتها تمازحني فأخذت انفضها وأناديها لكنها لم تجبني فعرفت أنها نالت ما كانت تتمناه، لقد كان وجهها أجمل ما كان على الدنيا، ولم أع بعدها شيئا إلا هذا السرير".
وهنا تدخل والد أمل إسماعيل صلاح ( 33 عاما) الذي كان يجلس بقربها في الحديث ليعطي ابنته قسطا من الراحة "أختي فاطمة- رحمها الله- تعمل مدرسة ومات زوجها عام 95 في عملية فدائية داخل إسرائيل لم تنجب منه أطفالاً فأعطيتها أمل كي تربيها كابنتها".
ويضيف إسماعيل "أختي فاطمة كانت تتمنى الشهادة لتلحق بزوجها، وعندما اتصل عليهم الجيش الإسرائيلي لإخلاء المنزل تمهيدا لقصفه طلبت من ابتني عدم إخبار احد".
وهنا سارعت أمل لتأكيد ما قاله والدها بعد أن استجمعت قواها "كلام بابا صحيح، المخابرات اتصلوا علينا عشان يقصفوا البيت وماما فاطمة طلبت مني كتم السر وانا ما حكيت لحد لحتى ما تزعل مني لأنها بدها تستشهد".
وتتابع أمل "اشتقت لها كثيرا، ولكنها الآن تنظر لنا من السماء وتضحك لأنها في الجنة ولكن علينا بالصبر والصلاة لأننا مؤمنين وأصحاب حق".
وحول استقباله نبأ قصف بيت شقيقته قال إسماعيل "عندما تلقيت نبأ استهداف المنزل تيقنت أن ابنتي وكل من في المنزل قد استشهدوا خاصة وأن أفراد الأسرة الثمانية كانوا في غرفة واحدة بينهم خمسة أطفال، ابنتي من ضمنهم إلا أن العناية الإلهية أحاطت بالأطفال".
وفند إسماعيل الادعاءات الإسرائيلية بعدم استهداف منازل المواطنين قائلا "إسرائيل تعمد إلى قصف منازل المواطنين على رؤوس أصحابها فإسرائيل تقول إنها تستخدم صواريخ تحذيرية لإخراج الأسرة من المنزل قبل قصفه إلا أن الصاروخ التحذيري هو من قتل أختي وأصاب ابنتي".
والدة "أمل" سميرة ( 27 عاماً) والتي وقفت وعيناها صوب ابنتها التي تعاني كسورا في القدم واليد اليسرى وبعض الجروح التي غطت وجهها بفعل شظايا الصاروخ قالت "رحمة الله أحاطت بابنتي والأطفال الموجودين في المنزل"، متهمة إسرائيل باستهداف منازل المواطنين الآمنين بما فيها من أطفال ونساء ولكن الله اكبر منهم وسينصرنا عليهم".