مواطنو غزة: صمود أسطوري.. وبحث عن لقمة خبز تحت القصف وبين الركام
نشر بتاريخ: 08/01/2009 ( آخر تحديث: 08/01/2009 الساعة: 19:43 )
غزة -معا- بعد أن اتضحت معالم عملية الرصاص المصوب، وهدفها، بدأت أثارها تتضح رويداً وجلية على ما بقي من أجساد الأطفال والنساء والشيوخ ، الذين اخرجوا من تحت ركام منازلهم التي دمرت فوق رؤوسها. وبدأ يدرك الناس أن الاستهداف سيطال كل متحرك أو سكان في غزة، فلا شيء مستثنى القذائف وحمم القنابل تنهمر على المواطنين بغزارة، والدبدبات تتقدم ببطء تنشر مع كل خطوة من خطواتها حالات رعب وخوف مجنونة لدى الأطفال والنساء والأسر الفلسطينية التي أصبحت محاصرة من الاتجاهات غربا وشرقا وبحر وجوا . الرصاص المصوب في كل مكان يأخذ معه أجساد عضة من الأطفال والنساء ورجال وشيوخ .
وعلى وقع العمليات العسكرية البرية والغارات الجوية والبحرية المتواصلة أصبحت حياة المواطنين في غزة مهددة بشكل كامل، فالموت في كل مكان وتحت كل سقف بيت، والخوف والرعب يحاصر السكان وشبح الجوع ونقص المواد التموينية فحدث ولا حرج .
رجيم إجباري :
أم بلال مواطنة فلسطينية خرجت من تحت القصف وعلى وقع الغارات الإسرائيلية ودوي الانفجارات تبحث عن إحدى المخابز لعلها تجد ما يسد رمق أطفالها بعد أن نفذ مخزون الدقيق من بيتها، مشيرة إلى أنها بدأت هي وأطفالها وزوجها عملية رجيم إجباري بسبب النقص الحاد في الدقيق والانقطاع الدائم للتيار الكهربائي .
وقالت أم بلال لقد تمكنت بعد جهد كبير من الحصول على نصف ربطة خبز وهي لا تكفي لأطفالي، موضحة أنها تقوم بعملية ترشيد الأكل للأبناء، حيث تقسم أرغفة الخبز على الوجبات القليلة بحيث يحصل كل فرد من أفراد الأسرة على رغيف واحد، ولا يمكنه من الحصول على الأخر حتى لو كان منهاكا من الجوع .
هذه السيدة لا تختلف كثيرا عن المواطن عبد القادر أبو هولي والذي جاء قادما من مدينة دير البلح، إلى مدينة خان يونس للبحث عن ربطة خبز لعائلته بعد ان فقد الأمل في الحصول على مراده في مدينته.
ويقول :"جئت إلى خان يونس بالرغم من القصف العشوائي وقذائف المدفعية التي تتساقط بالقرب من منازل للبحث عن ربطة خبزا لأطفالي ليس من المعقول ان يبقى الأطفال بدون خبزا بعد انعدام الدقيق من البيوت" .
مقومات الحياه مفقودة :
أما المواطن ماهر عليان (48 عاما)، والذي يسكن بالقرب من مجمع السرابا الحكومي، والذي دمر جزء من بيته نتيجة للعمليات القصف التي استهدفت مبنى السرايا، فعلامات الحزن والبؤس ظاهرة على ملامحه ويؤكد أنه وأطفاله العشرة أصبحوا يعيشون ظروفا مأساوية غاية في التعقيد والشقاء، نتيجة لحالة الحصار والعدوان المستمر على الشعب الفلسطيني .
واكد ان بيته يخلو من كل مقومات الحياة فلا يوجد لدية دقيق أو مواد أساسية بسبب نفاذها من السوق، والتيار الكهربائي لا يراه بالمطلق بسبب تدمير شبكة الكهرباء ولا يوجد لدية محروقات او غيرها، مضيفا انه يعاني من أمراض عدة، موضحا ان لا يعلم ماذا ستكون عليه الأوضاع في حال استمرت العمليات العسكرية وتوغلت الدبابات أكثر وأكثر في عمق القطاع والسكان .
وحال المواطن عليان لا يختلف عن معظم عائلات قطاع غزة والتي بدأت تدريجيا في فقدان مقومات الحياه لديها خاصة بعد ان نفذت المواد الاسياسة من الأسواق كالسكر والدقيق والارز وغيرها من المواد التي لا يستطيع المواطن الاستغناء عنها.
دعوات للمقاومة :
أما في جنوب قطاع غزة فالأمر لا يختلف كثيرا فعمليات القصف بكافة أنواع الأسلحة مازال مستمر وقذائف الطائرات والمدفعية تنهال على المواطنين في كل مكان فتقتل أطفالا صغارا وتدمر مباني ومساجد ومراكز خيرية .
مع بدء العمليات العسكرية البرية في مدينة غزة وشمالها عمد المواطنون في جنوب القطاع إلى التزود بما يجدونه من مواد تموينية أساسية تحسبا من عمليات برية واسعة وشاملة في مناطقهم، تجعلهم غير قادرين على الصمود في وجه الحصار والعدوان.
ابو سفيان احد خطباء المساجد بخان يونس يقول "أوضاعنا المعيشية صعبة وحياة الناس تزداد سوءا لكننا لن نركع ولن نرفع الراية البيضاء".
ويضيف قائلاً "بالرغم من عمليات القصف والاستهداف للمساجد الا إننا نذهب إليها ونصلي الصلوات الخمس وندعو في كل صلاة للمقاومة والمقاومين ان يحفظهم الله ويسدد رمياهم وان يحميهم من الطائرات، وندعو الله بعد تخلي عنا كل العالم " .
وعلى الرغم من انقطاع التيار الكهربائي وعمليات القصف الا انك تجد مجموعة من الشبان يجلسون وبيدهم مذياع يستمعون بشوق لكل خبر يأتي إليهم من جبهة القتال لعلهم يستمعون إلى إخبار سارة تشفي صدورهم وتقر قلوبهم خاصة مع اشتداد المعارك واستبسال المقاومين .
ساعة الفراق :
السيدة "أم ماهر" وجدناها في احد أسواق مخيم خان يوس تشتري ما استطاعت من مواد تموينية في اغلبها عبارة عن معلبات جاهزة، قالت لنا أنها تقوم منذ أيام بالتزود بالمواد التموينية تحسبا من القيام بعمليات برية في مدينة خان يونس خاصة وإنها مرشحة بقوة للقيام بعمليات برية في هذه المدينة. لكن ام ماهر لا ستوقف خوفها عند هذا الحد فتزيد قائلة "اليهود يرتكبون الآن أبشع المجازر بحق المدنيين في غزة وبيت حانون وجباليا والشجاعية، وهم يقصفون المنازل والمساجد ولا يستثنون شيئا، ونحن لا نعرف متى دورنا ربما اليوم أو غدا أو في المساء أو في ساعات الفجر لا احد يعلم منا متى ستنهال علية القذيفة لتقتل الأطفال والعائلات ".
المواطنين في غزة يخشون من ازدياد حجم المجازر إلاسرائيلية بحق المدنين الغزل من خلال عمليات القصف ، بعد سقوط قتلى وجرحى بين الجنود الاسرائيليين على يد رجال المقاومة، مع سرعة سماعهم للمجازر التي وقعت في مدينة غزة وحي الزيتون والتفاح بحق عائلة السموني وبعلوشة وابو شعبان وغيرها من العائلات .