قنابل الفوسفور تحرق الاجساد و احلام الطفولة
نشر بتاريخ: 14/01/2009 ( آخر تحديث: 15/01/2009 الساعة: 09:46 )
غزة - معا - تقرير ابراهيم قنن- لم يكن " محمد " يعلم أن إشراقه شمس صباح يوم جديد ، تحمل في ثناياها لحظات مؤلمة ومرعبة ، ولم يكن يعلم ان دفء الشمس في الشتاء القارس كان يقربه من موت محقق .
" محمد وهيثم " هما أبناء عم يقطنان في منطقة القرارة ، بالقرب من جامعة القدس المفتوحة بخان يونس، خرجا من بيتهما صباح الأحد في يوم مشمس ليقيضيان وقتهما باللعب بالقرب من بيتهما، وعلى مقربة منهما تجلس جدتهما وأبوهما تحت دفء اشعة الشمس المشرقة .
لعبة تحولت لجحيم :
لم يكن في خلد الصبين أن ممارسة لعبة " القلول" أو كما يطلق عليها أطفال غزة " البنانير " سوف يكون آخر شيء " يلعبونه" في هذا اليوم ، الهادئ ،الذي تحول للحظات جحيما في حياه هذين الصبيين . البريئين الذين لما يجدا غير تلك اللعبة ليتسليا بها خاصة مع انقطاع التيار الكهرباء ، وعدم وجود أماكن للعب الأطفال والصبية في قطاع غزة .
ويقول " هيثم " كان الوضع هادئا، والشمس جميلة ، ولم تسجل في ذلك اليوم ، اية أحداث ميدانية فلا أصوات للطائرات أو لقذائف المدفعية ، خاصة ونحن نقطن بالقرب من مستوطنة "جني طال" سابقا ، وهى تبعد مسافة 4 كيلو متر عن الحدود مع إسرائيل ، والمنطقة خالية لا توجد بها مواقع للشرطة او للمقاومة ، ولا يوجد بها مقاومون .
ويضيف هيثم : جلست وابن عمي "محمد " نلعب في الشارع وكنا نلعب " القلول " كنا نضحك وفرحين لأننا تذكرنا أنفسنا عندما كنا أطفالا صغارا .. لكن ؛ وقت الفرح واللعب كان قليلا وخجولا .. فقد باغتتنا إحدى القذائف وسقطت على جسم "محمد " وتحول جسده على كتلة لهب حمراء . تصاعد منها دخان ابيض كثيف ، لم ادري ما لذي يحدث حولي -بن عمي يحترق أمامي ولم اقدر أن افعل شيء- لم أكن اعلم إنني احترق أيضا وان وجهي ويدي إصابتهما حروقا شديدة.
ويشير هيثم : إلى أن حالة من الخوف والإرباك قد سيطرت عليه تماما ، وانه اخذ بالصراخ والعويل، من هول
ما يحدث قبل أن يشعر بـ الأم حادة في جسده وضيق كبير في التنفس وحرقان في الحلق وعدم مقدرته على الحديث والحركة .
" هيثم " الذي بدا حزينا ومتألما ، وغير قادر على النطق والحركة . عن الجرم الذي اقترفه هو وابن عمة ليعاقبا بهذا الشكل والطريقة ؟ وما الذي دفع جيش الاحتلال الإسرائيلي لضربنا "بقنابل الفسفور الأبيض"؟
فنحن غير مقاتلين ولم نكن بالقرب من أماكن الاجتياح ؟
الأم "نهال " تروى تفاصيل حرق ابنها :
"نهال أحمد"45 عاما ، والدة هيثم ،فقدت في عام 2004 ابنتها "أسماء" بعد عودتها من مدرستها ، بالقرب من مستوطنة "جنى طال " سابقا بفعل رصاصة من قبل احد الجنود ، إلى إنها تشعر بحالة من الحزن والأسى لما أصاب ابنها وابن عمة محمد ، وتقول متحسرة "الاحتلال قتل ابنتي أسماء قبل أربعة أعوام وهى عادة من المدرسة ، واليوم يريد قتل ابني بقنابل لم نعرفها ولم نسمع عنها من قبل" !
تقول ودموعها تنهمر على وجنتيها ، "ماذا يريدون منا و أين يريدون أن نذهب ؟ فلا مكان امن في غزة!ولا شارع او زقاق يخلو من القصف والاستهداف".
وأضافت : أن ابنها كان يلعب مع ابن عمة أمام البيت ، وكانت الحركة في الشارع طبيعية ، والأولاد يلعبون في كل مكان ، وفجاءة ،سمعت صوت صراخ كبير ، خرجت من البيت لاستطلع الأمر فوجدت ابني هيثم ، محروق وتخرج من دخان ، و"محمد " ابن عمة يحترق بشكل كامل كان الدخان يتصاعد منه وكانت النار تأكل ملابسة ، لم استطع افعل شيء ومن شدة خوفي عجزت عن النطق ، كانت صدمتي كبيرة بروية أبنائي ( هيثم ومحمد ) وهم يحترقان ..
أما " محمد " 17 عاما ، والذي اشتعلت في جسده النيران وأدت إلى حروق كبيرة في مختلف إنحاء جسده ، نتيجة اصابتة بشكل مباشر بـما وصف انه "الفسفور الأبيض " لم يكن قادراً على النطق ولو بحرف واحد وكان غائبا عن الوعي ،وكان الأطباء يبذلون جهودا في محاولة لإنقاذ حياته ، قبل أن ينقل إلى المستشفي العسكري المصري بالقاهرة لخطورة وضعة الصحي .وإجراء الفحوصات الطبية لمعرفة ما هو السلاح المستخدم وما هى القذائف التي سقطت علية .
قنابل مجهولة التركيب والمخاطر:
الأطباء الفلسطينيون وقفوا مذهولين ، أمام حجم الإصابات التي تصل إليهم ونوعيتها المختلفة ، وخاصة بعد أن استخدمت ما قيل انه " الفسفور الأبيض " وخلال مؤتمر صحفي عقده عدد من الأطباء المصرين المتواجدين في مستشفى ناصر بمدينة خان يونس ، جنوب القطاع ، أكدوا خلاله ان معظم الإصابات التي وصلت إلى قسم الاستقبال بالمشفى ، جميعها تحمل أعراض الغازات المنبعثة عن " القنابل الفسفورية " .
وان هذه القنابل تنقسم إلى نوعين وتحدث العديد من الأعراض الجانبية ، وبحسب الأطباء فان جزءا من هذه القنابل: تحدث حرقان في الحلق وضيق في التنفس ، وإغماء وارتفاع في درجات حرارة الجسم .
والحالات الأخرى : أصيبت بحروق بليغة ،في الوجه ، وكافة أنحاء الجسد ، وخاصة الأماكن المكشوفة والتي تصاب بشكل كبير.
وأوضح الأطباء إلى ضرورة اخذ الاحتياطات اللازمة والوقاية من تلك الغازات من خلال إخلاء المكان ، ووضع قطعة قماش على الوجه والمحافظة على الجهاز التنفسي ، وغسل الوجه والجسد ومن ثم تجفيفها .
ويعيش سكان قطاع غزة حالة من الهلع والخوف الشديدين جراء استخدام إسرائيل هذا النوع الجديد من السلاح ، وماهيته والمواد الداخلة في تركيبة والأضرار المستقبلية والآنية التي قد تنتج عن هذا السلاح الذي لم يعتد عليه المواطنون .
و اعتبر عدد كبير من المواطنين أن حكومة الاحتلال تستخدم يوميا أنواعا جديدة من الأسلحة ، وتقوم باختبارها عليهم ، داعين المؤسسات الدولية للتدخل لحمايتهم من الموت الذي يتعرضون له .