مهمة البحث عن قبور للشهداء
نشر بتاريخ: 15/01/2009 ( آخر تحديث: 17/01/2009 الساعة: 09:27 )
غزة - معا - لم تشفع لشهداء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تقطيع أجسادهم إلى أشلاء وحرقها، بحيث بات من الصعب التعرف عليهم نظرا لشدة القصف المدفعي والصاروخي الذي تعرض له القطاع بمختلف أنواع الأسلحة خاصة الفسفورية منها والتي أحدثت حروقا وصلت إلى عظام الشهداء، في إيجاد قبور يكرمون بها، خاصة مع سقوط المئات من الشهداء ووقوع بعض المقابر في مرمى النيران الإسرائيلية لقربها من الحدود مع إسرائيل ومن المناطق التي تشهد عمليات عسكرية إسرائيلية، لتترك ذويهم أمام خيار لا مناص منه، اضطروا على أثره إلى فتح قبور أقاربهم ووضع العظام جانباً ليدفنوا إلى جانبها جثة جديدة وهو ما حدث مع عائلة الشهيد سامي الحلبي.
الحاجة أم رامي الحلبي 50 عاما من سكان مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة والتي استشهد نجلها سامي في قصف صاروخي على "المشتل" أحد المراكز الأمنية التابعة للحكومة المقالة عبرت عن مرارتها بعد فشلهم في إيجاد قبر يوارى فيه جثمان نجلها ما اضطر شباب العائلة إلى فتح قبر ابن عمه خالد في مقبرة الشيخ رضوان وسط مدينة غزة ليوضع بجانبه.
واضافت أم رامي "لقد حزنت لاستشهاد ابني كثيرا وخاصة عندما رأيت جثته حيث يعاني حروقا وإصابات بالغة في وجهه ومناطق متفرقة في جسده، ولكنني شعرت بألم ومرارة عندما علمت من رجال العائلة بأنهم لا يجدون قبرا له في مقبرة الشيخ رضوان وعدم مقدرتهم على الوصول لمقابر أخرى خوفا من القصف العشوائي في ذلك الوقت".
وتابعت ام رامي بغضب " لم يكتفوا بتعذيبنا وقتلنا في الدنيا ولكنهم يلاحقونا أثناء محاولتنا دفن ابناءنا، ولكننا مؤمنون وابني شهيد ويرقد بجوار ابن عمه الشهيد كي يكونوا مع بعضهم فهم جماعة لاملة لهم ولا دين".
أما رامي شقيق سامي 28 عاما فيقول "إكرام الميت الإسراع في دفنه وهو ما دفعنا إلى وضعه في قبر ابن عمه خالد، لاننا عندما توجهنا للمقبرة فوجئنا بأن عدد من الشهداء ما زالوا فوق القبور ولا مكان لهم ، فعدنا الى المسجد وتشاورنا وقررنا دفنه في قبر ابن عمه".
ويقول رامي "لقد رأيت عائلات يدفنون ثلاثة شهداء في قبر واحد، فعندها وتحت وطأة القصف المكثف والعشوائي للقطاع وعدم مقدرتنا الوصول لمقابر أخرى فتحنا قبر خالد الذي استشهد في الحسم العسكري ووضعناه جانبا ليرقد سامي إلى جانبه".
وعبر رامي عن ألمه قائلا "أصبحنا نعاني في حياتنا ومماتنا ففي كل الأعراف والأديان يدفن الميت ويتم إكرامه أما نحن فأصبحنا نضع العظام جانبا ليرقد أخوتنا وأبناءنا".
وروى لنا رامي قصة شاب أحزنته عندما احضره ذويه لدفنه في قبر احد أقاربه ليجدوا أن القبر احتوى على جثمان اثنين من العائلة ولا متسع له ما وضع ذويه في حيرة من أمرهم.
ولم يسلم قطاع غزة بأمواته كما هو حال الأحياء منه من القصف الإسرائيلي الذي اتسع ليطال مقبرة الشيخ رضوان وسط المدينة فجر اليوم ما أدى إلى تدمير أغلب القبور، مولدا في الوقت نفسه حالة من الغضب لدى المواطنين الذين تلاحقهم صواريخ الطائرات في كل وقت وحين.
ومنذ عامين وإسرائيل تمنع دخول مواد البناء والاسمنت للقطاع، ما خلق أزمة في بناء وتشييد القبور، لتأتي الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وتزيد الأمر سوءا.