صاروخ احرق عائلته وافقده عينه: محمد يحتسب عائلته شهداء عند الله
نشر بتاريخ: 27/01/2009 ( آخر تحديث: 27/01/2009 الساعة: 12:36 )
غزة-معا- مرحباً هل محمد الحداد في هذه الغرفة" يأتي الرد ": نعم انتظري قليلا " في الطابق الرابع من مشفى الشفاء بغزة حيث قسم جراحة رجال لا يمكن لأحد أن يتصور بشاعة الجراح التي تؤلم الشباب والأطفال والرجال في هذا القسم، إنها جراح اصابتهم بمقتل وافقدتهم اعز ما يملكون اجزاء من اجسادهم، الحروق تكاد تكبل ايديهم وارجلهم عن الحركة وتخرس الكلمات على افواههم.
ان تسالهم عن جراحهم وكيف يشعرون وما الذي مروا به وكيف كانوا شهودا عيان على موت احبائهم فهذا من المهمات الصعبة وعليك فورا ان توقف الدموع في عينيك وترفع عن وجهك ملامح الأسى والعطف وتبدو جلدا صامدا فهم يشعرون بكل نبضة قلب حولهم.
محمد عدي الحداد 25 عاما بدا كذلك صامدا رغم جراحه الغائرة ورغم عينه التي فقدها للتو وطحاله الذي استأصله الأطباء وفكه الذي تكسر وحاول اصلاحه فريق طبي مصري.
اطباء اتراك ومصريون ونرويجيون وغيرهم هو عرف جنسياتهم وعلم انهم حاولوا انقاذ حياته بعد ان فشل هو في انقاذ حياة ابيه عدي الحداد " 55" عاما وامه احسان " 44" عاما وشقيقه حاتم 24 عاما وشقيقته الوحيدة آلاء عاما.
بعد ان سمح ابن عمه الذي ساعده على اداء مهمة فسيولوجية لنا بدخول غرفته قال محمد محاولا الابتسام اهلا بكم.
هلا حدثتنا يا محمد عما رأيته ؟ كان سؤال "معا"، هو اجاب نعم سأروي القصة من البداية:" انا اقطن في حي الرمال الجنوبي بقلب غزة حيث هناك مقار الوزارات والجامعة الاسلامية التي جميعها تعرضت للقصف، لم يكن والدي راغبا بترك المنزل إلا ان شقيقي الاصغر سلامة الذي يدرس الثانوية العامة كان خائفا وترك البيت وهاتف والدي قائلاً انه بمكان آمن ".
تابع :" حينها قال له والدي انتظر سنأتي اليك لم يعد هذا المكان آمنا" وحينها اخبر الاب الزوجة والابناء بأنه ينوي مغادرة المكان وعليهم انتظار نصف ساعة لحين دخول التهدئة التي مدتها ثلاث ساعات موعدها المحدد، حمل الأب أمانة عن والده الذي باع ارضه في مصر كان خائفا، واستقل الجميع سيارتهم من طراز غولف 96 رمادية اللون، وبعد عدة امتار فقط من المسير باغتهم صاروخ اسرائيلي ثم صاروخ آخر".
ويستدرك المصاب محمد قائلا:" الصاروخ الأول القاني على مسافة امتار من السيارة ولكنني عدت وحاولت انتشال والدي ثم والدتي وفشلت حاولت انتشال اختي آلاء وشقيقي وكنت أراهم يحترقون وهنا جاء احد الجيران وامسك بي ثم فاجأنا الصاروخ الآخر الذي احرقني وذهبت في غيبوبة".
شقيقه الأصغر سلامة 18 عاما لم يستيقظ بعد من هول الصدمة بفقدانه عائلته وبقاء شقيق واحد نصفه مفقود وهو في مكان ما لدى اعمامه، هو ذات الامر الذي يمر به آلاف الفتيان والأطفال من ابناء الشهداء، منهم من لا يجد مأوى بعد.
وقال محمد انه بات واثقا انه لا يمكن له استرجاع احبائه قائلا: "احتسبهم شهداء عند الله ".
في الخامس عشر من يناير الجاري انهى الاحتلال حياة هانئة لاسرة عدي الحداد الذي يعمل مديرا في بنك فلسطين المحدود وقضى على آمال ابنه الجريح محمد بانهاء تعليمه الجامعي بالمحاسبة، كما أودع في قلب سلامة ابنهم آلاف الذكريات عن ابيه وامه واشقائه وما كان يحب.