كما وحدوا برلين، يمكن تقسيم القدس - بقلم دالية شحوري صحيفة هأرتس
نشر بتاريخ: 15/12/2005 ( آخر تحديث: 15/12/2005 الساعة: 19:38 )
ترجمة معا- ما الذي نستطيع تعلمه عن القدس من خلال تجربة برلين المقسمة ؟
للاسف لا نستطيع تعلم الكثير عن مدينة لمفهوم الوحدة والتقسيم التاريخي معنى مختلف تبعا لاختلاف موقف الباحث او المتكلم .
في مدينة برلين سكن الالمان على جانبي الجدار بعكس القدس حيث نعيش بجانب الفلسطينين الذين لا يجمعنا بهم شيئ فاللغة مختلفة وكذلك الدين والتاريخ .
ورغم هذا الاختلاف قررت ثلاثة طواقم بحثية اسرائيلية وفلسطينية والمانية ضمن منتدى القدس في برلين ان يدرسوا تجربة الوحدة الالمانية ويتباحثوا في المشاكل التي واجهتها في محاولة لطرح الحلول المناسبة لقضية القدس .
طواقم البحث نشرت تقاريرها ومقالاتها في كتاب باللغة الانجليزية حمل عنوان "المدن المقسمة والتحديات التي واجهت القدس وبرلين " .
الكتاب الذي صدر برعاية ثلاثية من صندوق فريدرك ابرط الذي رعى ومول المشروع والمركز الدولي للاسلام والتعاون برئاسة رامي نصرالله والواقع في مدينة القدس الشرقية بالاضافة الى مركز القدس للابحاث الاسرائيلة لخص اعمال الفرق البحثية الثلاث التي ضمت كلا منها مهندسي مدن وعلماء اقتصاد وعلماء اجتماع وعلماء مختصون بعلم الدولة .
كانت البداية عام 1996 كمشروع مشترك بين المركز الفلسطيني ومركز القدس للابحاث الاسرائيلية بهدف دراسة التجارب السابقة لمدن مقسمة او اعيد توحيدها .
رامي نصراللة مدير المركز الفلسطيني " والمركز الدولي للاسلام والتعاون" قال: " لقد نظم المركزان الاسرائيلي والفلسطيني قبل ثلاث سنوات مؤتمرا في مدينة موستار المقسمة بين المسلمين والكروات في جمهورية البوسنة والهرسك وذلك بمشاركة خبراء اوروبيين مختصين بالنزاعات داخل المدن المقسمة بهدف دراسة التجربة ومحاولة بناء نموذج واقعي يمكن تطبيقه ليس فقط في مدينة القدس ولكن في جميع المدن المقسمة الاخرى ونحن ندرك الفارق بين القدس وبرلين لكننا اردنا دراسة العوائق الاقتصادية والاجتماعية التي لا زالت موجودة حتى الان بين الشرق والغرب برغم توحيد المدينة ".
اللقاء الاول الذي جمع بين الطواقم الفلسطينية والاسرائيلية و الطواقم الالمانية كان في اوج الانتفاضة الثانية عام 2001 وحسب رامي نصرالله المشكلة التي واجهت الطواقم الفلسطينية والاسرائيلية هي موقف ووجهة نظر كل طاقم من قضية القدس لذلك جاءت اهمية اجتماعنا مع الطواقم الالمانية حتى نتمكن من النظر الى القضية من زاوية اخرى خارج اطار الصراع والمواقف المسبقة .
واضاف رامي تناقشنا كثيرا في موضوع القدس ولم يخل نقاشنا من الصراخ لكننا في نهاية الامر توصلنا الى نتيجة اننا فلسطينين واسرائيلين نخسر القدس تلك المدينة الفقيرة العاجزة عن التحول الى مركز لغياب الاتفاق بين سكانها الامر الذي يمنع الطرفين من استغلال اهميتها الدولية .
كهرباء وصرف صحي مشترك:
نصراللة ابن الثامنة والثلاثين رئيس الطاقم الصحفي ومستشار الشؤون الاسرائيلة في بيت الشرق في الفترة الواقعة بين 1993-1996 والذي اشرف قبل عامين من هذا التاريخ على وحدة المشاريع الخاصة المعنية بالتخطيط لمفاوضات الوضع النهائي لمدينة القدس والحاصل على شهادة الماجستيرفي العلاقات الدولية من الجامعة العبرية خلص نتيجة دراسته للوضع في برلين بأن الواقع يختلف تماما عن الطرح النظري مستطردا بانه ورغم التجانس الاثني واللغوي والثقافي بين سكان شطري برلين الا ان فجوة اجتماعية واقتصادية كبيرة لا زالت تفصل شطري المدينة بعد خمسة عشر عاما على توحيدها فما بالنا في القدس التي يسكنها شعبان مختلفان تماما من الناحية الاثنية والثقافية والتربوية تلك الفجوة التي تعمقت بعد احتلال عام 1967 واقامة جدار الفصل الذي من المفترض حسب وجهة النظر الاسرائيلية ان يحمي سكان المدينة اليهود من الارهاب الفلسطيني ويقدم حلا للمشكلة الديموغرافية .
رؤية منتدى برلين تختلف عن هذا الواقع حيث يتحدث نصرالله عن اتفاق لكيفية الحل مبني على وجود مدينة مفتوحة من الناحية المادية " الواقعية " ومقسمة من الناحية السياسية والسيادية الحل الذي سيحول القدس من مدينة هامشية الى مدينة مركزية تخدم جميع الاطراف بمعنى انه اذا ما كانت القدس وبرلين مدينتين موحدتين فأن الحل في حالة القدس يكمن في تقسيمها من الناحية السياسية بحيث يصبح غربي المدينة عاصمة لدولة اسرائيل وشرقها عاصمة لدولة فلسطين .
وفي مقاله المنشور في الكتاب سابق الذكر يقترح نصراللة اقامة مجلسين بلديين في القدس احدهما فلسطيني والاخر اسرائيلي يجلسان بجوار بعضهما البعض في مركز المدينة ويتعاونون في مواضيع مشتركة مثل المياه والكهرباء والصرف الصحي ويشكل الى جانب المجلسين هيئة فلسطينية اسرائيلية مشتركة تهتم بالتعاون الاقتصادي والتطور الصناعي والامور الادارية التي تخص المدينة .
وبخصوص الاماكن المقدسة يقترح نصراللة اقامة هيئة دينية تتشكل من الاديان السماوية الثلاث يعهد اليها ادارة هذه الاماكن الى جانب تشجيع الحوار الديني بين الاطراف الثلاث .
رئيس الطاقم الاسرائيلي شلومو حسون يرى في مدينة برلين كعاصمة للفقر حيث تتجاوز نسبة الفقر فيها المتوسط الوطني الالماني ليصل الى 12،8% في حين تتربع القدس على عرش الفقر في اسرائيل ليجتاز معدل الفقر فيها المعدل الوطني بنسبة 20% رغم ان المدينتين تشكلان عواصم ثقافية وتربوية وفنية الا انه يتوجب عليهما التنافس مع المدن الغنية .
ففي حين يتوجب على برلين منافسة مدينة فرانكفورت عاصمة المال الالمانية او مدينو مينخن عاصمة التكنولوجيا يتوجب على القدس منافسة تل ابيب .
واضاف رئيس الطاقم الاسرائيلي ان تجربة برلين والمدن المقسمة الاخرى لم تبق للقدس حلا سوى ان تكون مقسمة سياسيا وموحدة اقتصاديا وثقافيا وسياحيا .
واستطرد رئيس الطاقم الاسرائيليقائلا:" ان توحيد القدس بواسطة بنادق الجيش الاسرائيلي قد فشل ويوجد الكثير من الاسباب التي تجعل من الاسرائيلين مسرورين بتقسيم القدس خاصة اذا علموا بأن نسبة الفلسطينين في المدينة ستصل الى 40-41% خلال العشر او الخمسة عشر سنة القادمة واذا وافق العرب على الاشتراك في الانتخابات البلدية ستتحول عاصمتهم الى مدينة اسرائيلية السيادة ،فلسطينية الادارة .
ويقترح رئيس الطاقم الاسرائيلي اقامة ادارة مشتركة اسرائيلية فلسطينية دولية لادارة قلب المدينة المقدسة وربط شوارع القدس الغربية والشرقية على الطريقة البرلينية معتبرا انه ومع مرور الزمن على تقسيم المدينة سيزداد تفهم الجمهور اليهودي لهذه الخطوة اضافة الى ازدياد اهمية الوحدة الاقتصادية - الثقافية في نظر الاسرائيلين .