الجمعة: 22/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

قدس واحدة لشعبين

نشر بتاريخ: 12/06/2005 ( آخر تحديث: 12/06/2005 الساعة: 14:52 )
يبدوا ان المشهد قد اخذ بالتغير خلال الاشهر القليلة الماضية ، فبعد اربع سنوات من الانتفاضة ، نستطيع الان ان نشاهد من جديد اعدادا من السياح الاجانب يتجولون في شوارع القدس ، وهؤلاء ليس فقط من المسيحيين الذين يحملون شارة الصليب ، ويرددون الترانيم خلال سيرهم في طريق الالام متجهين صوب كنيسة القيامة ، انهم سياح عاديين يجولون في شوارع القدس العتيقة واسواقها ، بين هؤلاء ، الكثير من الاسرائيليين ، ومن الصعب ان تجد مكانا لا يقاف سيارتك في ساحة ماميلا في اوقات الصباح من ايام السبت من جهة الدرج المؤدي الى الباب الجديد ، فحتى فترة قريبة ماضية ، كان الشارع خاليا من الماره وتستطيع ان تلاحظ ان المحلات تبدو اكثر اكتظاظا مما كانت عليه قبل فترة بسيطة ماضية ,, الحوادث اقل ، والسائحين يشعرون اكثر امانا ، هل سبب ذلك هي تلك الجدران والحواجز التي تم بناؤها حول القدس ؟؟ ربما ..
الشيخ تيسير التميمي قاض القضاة الفلسطيني ، قال بمناسبة يوم القدس ، لقد تحولت القدس الى قلعة عسكرية يتجول خلالها المئات من الجنود ورجال الشرطة ،، الكاميرات تراقب كل شاردة و واردة في ازقة القدس وكل زاوية من زواياها ، هذا عدا عن مناطيد المراقبة التي تطير في اجوائها ، وطبعا عشرات نقاط التفتيش الثابته والمتحركة ، على مداخل المدينة المقدسة ، لقد دعا التميمي عرب 1948 للتحرك والوقوف امام الهجمة اليهودية الهادفة الى تهويد القدس ،، وفي الحقيقة فان آلافا من الفلسطينيين من النقب والجليل والمثلث يتوجهون الى القدس من اجل الصلاة في المسجد الاقصى ، لقد قام صائب عريقات بالرد على تصريحات شارون بمناسبة يوم القدس والتي قال فيها ان القدس سوف تبقى موحدة والى الابد وتحت السيطرة الاسرائيلية ، عريقات رد قائلا : (( ان الفلسطينيين هم الذين سوف يحددون مصير القدس ومستقبلها ، لانهم هم الذين شكلوا تاريخها ، وهم الذين رسموا تقاليدها وثقافتها )) .
يجب ان لا نسمح لهذا الهدوء النسبي ان يضللنا ، فقّلما ما يمر دون اعلان او تحذير فلسطيني من محاولات اسرائيلية لمحو الطابع العربي عن المدينة ، او ابعاد سكانها العرب عنها ، الاعلام الفلسطيني متخم بالحوارات والنقاشات حول اوامر الهدم الصادرة ضّد عشرات المنازل في سلوان ، وكذلك استمرار الحفريات في الانفاق تحت المسجد الاقصى ، وهذا البناء الضخم للمعبر الدولي في قلنديا ، وعملية شراء أو استئجار املاك الكنيسة اليونانية في القدس من قبل جهة استيطانية اسرائيلية ، من وجهة نظر الفلسطينيين فان ما يجري من تغييرات على الارض هو عمليا تدمير لكل امكانية مستقبلية ان تكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، وبدون هذه الحقيقة فلن يكون هناك اي فرصة لمثل هكذا دولة ، وهذا ما لا يستطيع احد من الفلسطينيين ان يتنكر له فمعظم اعضاء القيادة الفلسطينيين موافقون على ان الدولة الفلسطينية يمكن ان تقوم بدون تطبيق حق العودة لللاجئين ، وانها يمكن ان تقوم كذلك باجراء تعديلات على حدود 1967، لكن هذه الدولة ، لايمكن قيامها بدون القدس ، وبدون الاقصى.
من خلال الاستطلاعات التي تجري بين ابناء الشعبين ، سواء الفلسطيني او الاسرائيلي ، يتبين ان الاغلبية من كلا الشعبين تفضل الفكرة القائلة بوجوب قيام دولتين لشعبين ،،، ان حرمان الشعب الفلسطيني من عاصمة لدولته في القدس يعني وبلا ادنى شك وضع حد لحل الدولتين ، واذا ما كان هنالك امكانية لا تزال موجودة لحل كهذا ، فان ما يتم اتخاذه من خطوات في القدس لاشك، يدمر هذا الخيار ، واذا لم يكن هناك امكانية لدولتين لشعبين فان الخيار البديل هو دولة واحدة لشعبين ولا خيار ثالث ابدا .


بقلم داني روبنشتاين
عن صحيفة هآرتس