والدة الشهيد محمد احمد جحا ..تصف اللحظات التي سبقت استشهاد فلذة كبدها
نشر بتاريخ: 17/12/2005 ( آخر تحديث: 17/12/2005 الساعة: 17:39 )
غزة -معا- لم تكن أم علاء تعلم أن ولدها محمد سيغادرها بعد سويعات قليلة على الأبد، ولن تراه أو ترعاه ثانية كما تفعل منذ أن أنجبته قبل 19 عاما،لم يفارقها خلالها يوم واحد ، عندما أيقظها في منتصف الليلة التي سبقت استشهاده مع ثلاثة شبان من زملائه إثر قيام الطائرات الإسرائيلية بقصف السيارة التي كانوا يستقلونها مساء يوم الأربعاء الماضي بعدة صواريخ وأدت إلى تحويلهم إلى أشلاء متناثرة وتدمير السيارة تدميراً كاملا ، وقال لها : صفي لي الحور العين يا أماه.
وتضيف الأم الثكلى أم علاء وهي تكفكف دموعها والمعزيات أو المهنئات كما يحلو لهن أن يطلقن على أنفسهن حولها يحاولن التخفيف من مصابها وآلامها أنها قالت لمحمد والنوم يغالبها : آلا تستطيع أن تصبر إلى الصباح لطرح هذا السؤال ! وتتابع : تركني محمد وسمعت باب البيت يفتح فناديته إلى أين في هذه الساعة فقال : إلى المسجد لأصلي وأقرأ ما تيسر من القرآن، وتوجه إلى المسجد الذي يبعد خطوات من منزلنا وعاد بعد صلاة الفجر وجهز حقيبته المدرسية وتوجه إلى المدرسة طالباً مني الرضا حيث يدرس في التوجيهي بمدرسة عبد الفتاح حمود.
تواصل الأم المكلومة حديثها للمعزيات: عاد محمد من المدرسة قبل صلاة الظهر واغتسل وتوضأ ولبس أفضل ما لديه من ملابس وقال لي : سأصلي الظهر وسأبقى في المسجد حتى العصر وبعدها سأعود إلى المنزل فسألته عن الغذاء ، فأخبرني أنه صائم ، وبعد صلاة العصر عاد إلى المنزل ، وبدأ ينظر إلى المنزل ومحتوياته وإخوته بشغف ملحوظ وكأنه يودعهم ، وما إن سمع صوت صافرة سيارة ونداء من أحد أصدقائه حتى توجه لي طالبا مني السماح والرضا فلم أتمالك نفسي وتشبثت به وقلت له : ما الأمر يا محمد ، فحاول تهدئتي وقال حضري لي الفطور وسأعود عند آذان المغرب وحاول أن يتهرب من النظر إلى عيني ، وقبل يدي وغادر وأنا أشعر بانقباض شديد وقلبي يكاد يخرج من بين ضلوعي وبعد ساعة تقريباً سمعت أولادي يقولون أن الطائرات الإسرائيلية أطلقت صواريخها على سيارة يستقلها بعض الشبان ، سارعت كالمجنونة إلى المذياع وإلى التلفاز أحاول أن أفتحهما لأسمع تفاصيل هذا الخبر المشؤوم ومن سكرة الاضطراب لم تستطع يدي فعل ذلك فجاءت ابنتي وفتحت المذياع وكان الخبر العاجل يورد عدم القدرة على التعرف على الشهداء من شدة القصف الصاروخي على السيارة التي تفحمت تماماً ، تضيف أم محمد : اتصلت بزوجي الذي يعمل سائق إسعاف في جمعية الهلال الأحمر وطلبت منه أن يتوجه إلى المستشفى ليتأكد من الخبر وألححت عليه أن يتصل بي ليطمئنني ، وبعد أن تأخر وسمعت هيجاناً وزخات من الرصاص يطلقها شبان على باب المنزل تأكدت أن محمد استشهد وارتقى إلى ربه .
تؤكد أم علاء أن محمد كان متعلقاً منذ طفولته بالمسجد وبالصلاة وكان يتمنى الشهادة ويتمنى أن يلحق بإخوانه ممن استشهدوا من أبناء مدرسته وحيه.
من جانبه يقول والده الذي لبس البذلة العسكرية التي كان يرتديها ابنه وهو يشارك الشباب في الرباط تحسباً من اجتياح القوات الإسرائيلية لمدينة غزة ، وهو رابط الجأش بصورة لافتة أنه عرف منذ أكثر من سنتين بنشاط ولده وحرصه وسعيه إلى الشهادة وحاول أن يثنيه وأن يلتفت إلى دروسه لكنه لم يفلح خصوصاً بعد أن استشهد قبل عام تقريباً ابن عمه سمير محمد جحا قائد ومنفذ عملية زلزلة الحصون ، في معبر كارني المنطار والتي أسفرت عن مقتل وجرح أكثر من عشرة جنود إسرائيليين .
يضيف والده : قال لي محمد خلال إحدى محاولاتي لإقناعه بالعدول عن نهجه يا ابني تريدني أن أحصل على شهادة أعدك أن أحصل على أفضل شهادة ... لم أفهم ساعتها ماذا يقصد ولكن بعد استشهاده عرفت ما قصده محمد وله الحق كل الحق يقول زملاؤه في المدرسة أنه كان لطيفاً مؤدباً وربما لا يفعل ما يؤذي غيره شديد الوطنية وحبه للوطن ولفلسطين لا يفتأ يذكر القدس والصلاة في المسجد الأقصى المبارك.