شبان اسرائيليون يتحدثون في بيت لحم عن تجربتهم برفض الخدمة بالجيش
نشر بتاريخ: 10/02/2009 ( آخر تحديث: 11/02/2009 الساعة: 12:22 )
بيت لحم - معا - خمسة شبان إسرائيليين ممن رفضوا الخدمة العسكرية تحدوا الحواجز التي تفصل بين الإسرائيليين والفلسطينيين مساء السبت ليتحدثوا كيف تعرضوا للسجن، والعزل وصارعوا في سبيل تجنب الخدمة العسكرية أمام جمهور في ضواحي بيت لحم.
أربع فتيات ورجل واحد جميعهم تعرضوا للسجن إلاّ واحد منهم وذلك بسبب رفضهم الخدمة في جيش الاحتلال. وقد تسللوا إلى بيت لحم كي ينقلوا رسالة الحركة الرافضة للخدمة إلى الفلسطينيين الذي يتعرضون كل يوم لخطر البنادق الإسرائيلية التي يحملها أقران هؤلاء الشبان.
تقول ساهر فيردي إبنة 18 سنة من القدس: "هؤلاء الجنود ليسوا مضطرين لأن يكونوا أشرارا. فهم أناس عاديون، لكنهم يقترفون هذه الأعمال، وهم المسؤولون عنها."
تجمع حوالي مائة من الفلسطينيين ومن الأجانب في قاعة صغيرة تابعة للمركز الفلسطيني للمعلومات البديلة وهو منظمة أسرائيلية-فلسطينية في مدينة بيت ساحور. تجمعوا ليستمعوا إلى الشبان الإسرائيليين الذين رفضوا الخدمة العسكرية.
من المتوقع أن ينتخب الإسرائيليون اليوم الثلاثاء أكثر الحكومات ميلا نحو اليمين تصل إليها الذاكرة الحديثة، لكن هؤلاء الشبان الخمسة يمثلون رغم قلة عددهم قوة مناهضة في مجتمع إسرائيلي يبدو أنه وقع في قبضة اليمين أكثر من اي وقت مضى.
اليوم الثلاثاء توجه الإسرائيليون إلى صناديق الاقتراع التي ستذهب معظم اصواتها إلى حزب الليكود اليميني، أما المركز الثالث فمن المتوقع أن يحظى به حزب "إسرائيل بيتنا" بزعامة أفغدور ليبرمان والذي من أبرز شعاراته "لا ولاء ولا مواطنة" ويقصد به المواطنون العرب في إسرائيل وكذلك أحزاب اليسار لأنهم لا يوافقون مفاهيمه العنصرية حول القومية اليهودية.
"يقول أليكس كوهين ابن الثانية والعشرين الذي أمضى خمسة أشهر في سجن عسكري في العام 2005 بسبب رفضه الخدمة العسكرية: "الرفض يمثل خرقا للقاعدة التي يجمع عليها معظم اليهود في إسرائيل."
ويتابع: "إنها بداية المشوار وليست النهاية."
رسالة "رافضي الخدمة العسكرية" بدواع أخلاقية لاقت استحسانا بين بعض الفلسطينيين الذي حضروا جلسة النقاش. فقال طالب جامعي من مدينة بيت لحم: "في طريقي إلى جامعة القدس في بلدة أبو ديس بالقرب من القدس، أمر كل يوم بحاجز عسكري إسرائيلي ذهابا وإيابا. فمن ناحية إحصائية أنا أقف هنا أمام خمسة شبان إسرائيليين ربما كانوا ليصوبون بنادقهم نحوي في ظروف أخرى، لكني أقف الآن وأمتدحكم."
عزا الشبان الخمسة رفضهم الخدمة العسكرية لأسباب مختلفة تتعلق بتجربتهم في الحياة. فبعضهم كان قد زار المناطق الفلسطينية المحتلة وشاهد بأم عينيه وحشية الجيش الإسرائيلي.
تمار كاتس إبنة التاسعة عشرة زارت مدينة الخليل برفقة مجموعة "كسر الصمت" ووجدت السوق القديم الذي كان يضج بالناس قد أصبح "مدينة أشباح".
وكانت كاتس قد سجنت ثلاث مرات تتراوح كل منها بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع. وفي إحدى مرات الاعتقال رفضت أن ترتدي الزي الموحد للسجناء الذي تبرعت به حكومة الولايات المتحدة وكانت النتيجة أنها وضعت في العزل الانفرادي.
أما ساهار فيردي في الثامنة عشرة من العمر فقالت إنها كانت ناشطة في الشأن الفلسطيني منذ كانت في الثانية عشرة لكنها لم تدرك قبل أن تشارك في المظاهرات في الضفة الغربية "من المسئول عن الاحتلال" وهم بالتحديد -حسب قولها- جنود الاحتلال الذين يمارسون عنف الاحتلال يوميا. وتقول ساهار إنها قبل أن تواجه الرصاص الإسرائيلي والغاز المسيل للدموع في مظاهرة ضد الجدار في قرية بلعين، كانت تلقي باللوم على الحكومة الاسرائيلية بشأن الاحتلال.
نيتا ميشي في الثامنة عشرة من العمر تستذكر مشاركتها في المظاهرة الأسبوعية ضد الجدار في بلعين حين كان عمرها 16 سنة. تقول نيتا: "شاهدت من يواجههم الجيش. إنهم ليسوا جيشا مثلهم بل أناس عاديون يحاولون أن يعيشوا حياتهم." وتنتظر نيتا عقوبة بالسجن في شهر نيسان القادم.
وتستطرد قائلة: "كان من المفروض أن نصبح مثل هؤلاء الجنود، كما هو حال أصدقائنا وآبائنا."
كما تحدث الشبان الإسرائيليون عن "وصمة العار التي تلحق برافضي الخدمة" كما سمتها ميا تامارين ابنة التاسعة عشرة. تلك الوصمة هي عبارة عن العزلة الاجتماعية التي يواجهونها في مجتمع كل أفراده جنود. تامارين هي ناشطة ملتزمة في مجال نبذ العنف أمضت سنتين في برنامج تعليمي التقت خلاله بنساء من كل بلدان الشرق الأوسط. وهي أيضا تؤكد أن رفضها للخدمة العسكرية أدى بها إلى مغادرة منزلها.
أليكس كوهين كذلك أكد أنه تعرض لضغوط في محيط عائلته حين قرر رفض الخدمة العسكرية. يقول: "حين سمع أخي بذلك ناداني وقال غاضبا: سوف تتعفن في السجن." ثم غير شقيقه من لهجته محاولا الضرب على وتر الوطنية فقال: "سوف تقبع في السجن وتقرأ الكتب بينما أنا أحاطر بحياتي."
ويصف كوهين التحول الإسرائيلي نحو اليمين والذي ستفصح عنه انتخابات اليوم الثلاثاء بأنه "أشبه بسقوط من على حافة صخرة شاهقة، وهو كابوس، وكل ما نستطيع فعله هو أن نأمل بأن يستيقظ الناس من ذلك الكابوس." وأضاف: "غير أنه ربما ينزع القناع عن الديمقراطية الاسرائيلية ويتسبب بمزيد من الضغط الخارجي على إسرائيل."