الأربعاء: 09/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

الحديث ذو شجون .. ديغول الخليل ! ***بقلم :فايز نصار

نشر بتاريخ: 15/02/2009 ( آخر تحديث: 15/02/2009 الساعة: 18:52 )
الخليل - معا - رحم الله صاحب العبقريات ، عباس محمود العقاد ، الذي أرسى للأمة قواعد لتقدير الرجال ، وتفعيل قدراتهم ، بكلمات ليست كالكلمات ، لخصها في عرضه لعبقرية الفاروق بقوله:ومن علامات العظمة ، التي تحيي فوات الأمم أن تصل بالبديهة الصائبة إلى مكامن الرجال ، وبأي المهام يطلعون ؟ ومتى يجب التريث في أمرهم الى حين ؟

تلك لعمري كانت علامة فارقة في الكاريزما العمرية ، وهي الروح نفسها ، التي جعلت سيف الله المسلول يتقبل أمر عمر ، بالعزل في ذروة اليرموك ، لأن الأمم المتحضرة لا تختلف على أهمية وضع الرجل المناسب في المكان الناسب ،مع إضافة فهمتها من العرض العقادي ، في الزمان المناسب !

بعد اندلاع الحرب الكونية الثانية ، سقطت كل فرنسا تحت حراب النازية ،وخاض الثوار الفرنسيون مقاومة مشروعة ضد الاحتلال النازي ، وضد حكومة فيشي العميلة ، وانتشت فرنسا بالتحرير الكامل ، بفضل كل أبناء فرنسا ـ الذي قادهم الزعيم الفرنسي ديغول ، الذي سجل اسمه في سجل خالدي فرنسا ، إلى جانب نابليون بونابرت .

ولم تشفع لديغول انتصاراته العسكرية، فأبعده الفرنسيون عن سدة القيادة بعد سنوات من النشوة بالنصر ، ولم يعترض ديغول على مطالب الطلبة الغاضبين ، وذهب الى بيته ، متفرغا لكتابة مذكراته !

وبعد تورط الجيش الفرنسي في الأوحال الجزائرية منتصف الخمسينات ،استعانت فرنسا بديغولها ، لإنقاذ الجيش الفرنسي من الأوحال الجزائرية ، فكان الكر والفر ، الذي أعطى الجزائر استقلالها ، وحفظ لفرنسا كرامتها !

حالة مشابهة حصلت في بلادنا ، عندما كانت انتفاضتنا الأولى تضع أوزارها ، حين نادى محبو الشباب الخليلي المهندس الرياضي ، خضر القواسمي لقيادة مركب العميد في ظروف صعبة ،تزامنت مع الاحتفال باليوبيل الذهبي لولادة شيخ الأندية .. كانت الظروف صعبة ، وكان الرجال متعبين من الفعاليات الانتفاضية ، وكانت الجيوب فارغة ،بسبب الركود الاقتصادي .. ورغم ذلك عرف الخضر كيف يحشد الرجال ، المتوقدين طموحا لخدمة العميد ، فتحول العرس الكرنفالي ، إلى حلقات من الفعاليات ، التي مست كل مظاهر رسالة العميد .

كانت المباريات تجمع أندية من كل محافظات الضفة ، وفي مختلف الرياضات ، وكانت اللوحات تنصب في معارض تسابق على إبداعها عتاولة الفنانين الفلسطينيين ، وكانت الأمسيات الثقافية تنصب في كل مكان ، ويمهرها بقريضه سميح القاسم ،ويعزز رسالتها الإبداعية بحروفه سليم حمدان ،، وقبل هذا وذاك كانت خلاطات الباطون تصطف في بير بلد النصارى ، لإرساء قواعد النادي ، على أرض وهبتها للشباب بلدية المدينة الكبرى ، بقرار ما زال عشاق العميد ، يتساءلون عن سبب لحسه في مرحلة لاحقة !

بعد النجاح الكبير لحقبة أبو النور منتصف السبعينات ، فضل الرجل ترك المؤسسة التي ساهم في تشييدها ، وتفرغ للمشاركة بفعالية في تأسيس ملتقى رجال الأعمال ، وأثمرت جهوده انجازات لا تعد ولا تحصى ، لمسها الزملاء من الإعلاميين ، في الليلة الكبيرة ، عندما لعب فرسان القلم ، مباراة حبية مع فرسان المال والأعمال !

ومنذ شهر أيار من السنة ، التي ولت دبرها اختار ربابنة الأندية ديغولا فلسطينيا لقيادة دفة كرة القدم ، وعلى الطرقة الديغولية أنجز الجبريل وعده ، ونجح في تصنيف الأندية إلى مراتب تنسجم مع عطائها ، فابتهج الشارع الرياضي ، وهلل الرياضيون للواء أبو رامي وصحبه الكريم ، متمنين أن يقود رجل مثل أبي رامي كل مؤسسة رياضية في هذه الفلسطين !

بصعوبة نجح العميد الخليلي في اللحاق بالممتازة العليا ، ولن ندخل هنا في الجدل الذي لا يكاد ينتهي حول الأسباب والمسببات ، لأن المهم أن الشيخ الفلسطيني حافظ على وقاره ... ولكن أبناء النادي المخلصين ، ممن لا يريدون إضاعة الوقت في البحث عن الأسباب والمسببات ، حتى لا تضيع الطاسة في تبادل الاتهامات ، والبحث عن الأعذار العرجاء ، وتعليق الأخطاء على الشماعات الواهية ، هؤلاء الرجال توافقت جهودهم في البحث عن رجل قادر على قيادة النادي العتيق في المرحلة القادمة .

وكما فعلت فرنسا عندما وضعت الثقة بديغولها من جديد منتصف الخمسينات ، تلاقت اجتهادات المخلصين عند بوابة خضر القواسمي ، الذي وجد الجميع أنه الرجل القادر على إعادة ترتيب البيت الشبابي في المرحلة القادمة ، التي تتطلب حشد مختلف القوى ، وتفعيل كافة المكامين المادية والبشرية ، في مدينة يقولون : إنها تملك العشرات من أصحاب الملايين حتى وصفها الراحل الكبير أبو عمار ، بقلعة الاقتصاد الفلسطيني .

في البداية تردد المهندس في قبول المهمة ، ولكن إلحاح مختلف أبناء أسرة شباب الخليل ، ودخول المؤسسات الوطنية والرياضية على الخط ، يبدو أنه أقنع خضر القواسمي بقبول المهمة ، التي قال لي منذ أيام : إنه متردد ليس لصعوبة المرحلة ، لأنه يحب العمل في الظروف الصعبة ، ولكن لأنه يؤثر أن يتقدم جيل جديد من القادة الشباب لحمل المشعل في النادي الكبير .

ومن هذا المنبر المتواضع أضم صوتي لأصوات كل المخلصين ، ممن ألحوا على المهندس خضر القواسمي للتفاعل المطالبين بعودته ، وأمل أن يوفقه الله بالبصيرة الصائبة لاختيار فريق عمل يضم توليفة من ممثلي قطاع المال والأعمال ، ومن ممثلي التكنقراط الرياضي .. تماما كما أدعو مختلف الأندية إلى التوجه لرجال من أمثال خضر القواسمي ، وإقناعهم بالمساهمة في حمل المشعل ، ولتكن البداية بإبعاد المفسدين ممن لا تتناسب مناخات أفكارهم ، مع مناخات أفكار المخلصين ، القادرين على النهوض بمؤسساتنا ، كما فعل اللواء الرجوب في المؤسسة الكروية الأكبر .

والحديث ذو شجون