السبت: 16/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

في الذكرى الخمسين لسقوط شهداء حلف بغداد..بقلم :محافظ بيت لحم صلاح التعمري

نشر بتاريخ: 20/12/2005 ( آخر تحديث: 20/12/2005 الساعة: 11:28 )

حدث ذلك في صباح يوم التاسع عشر من شهر كانون أول عام 1955.

وقفنا في طابور الصباح وبدلاً من كلمة الصباح من مدير المدرسة الأستاذ هنري مطر في ذلك الوقت, علت الهتافات من بعض الطلبة في الصفوف الثانوية, ثم ما لبث ان امتدت الينا نحن طلاب الصفوف الابتدائية.

وبدلاً من التوجه الى غرفة الصف, اندفع طلاب الثانوية ونحن في اثرهم باتجاه البوابة الرئيسية التي تفصل المدرسة عن ساحة المهد وقفنا جميعاً في الساحة, قبالة مخفر الشرطة الذي تحترس فيه عشرات الجنود, استمر ترديد الهتافات المناوئة للنظام ولحلف بغداد والاستعمار, استمر لبعض الوقت ثم فجأة فتح الجنود المتمترسون على سطح مخفر الشرطة نيران بنادقهم نحونا.

عبد الله تايه الذي كنا نلقبه بالغزال لسرعته الفائقة وفوزه المستمر بسباق المائة متر أصيب برصاصة اخترقت صدره وخرّ صريعاً يتبعه عبد الكريم عقل زميلنا الآخر ثم تلاهما اسماعيل الخطيب من مدرسة تراسنطة المجاورة, والتي انضم طلابها الى المظاهرة, وتوالى سقوط الأجساد على أرض ساحة المهد التي تحولت الى ما يشبه ميدان معركة.

الكبار الذي روعهم ما يجري, وتقدموا باتجاه الساحة وحاولوا دفعنا بعيداً عن مرمى النيران, هؤلاء نالوا حظهم من الاصابات, اذ أصيب صاحب المطعم المقابل للجامع العمري, اصابة بليغة في ركبته, تلاه نيسان, وقد أصيب في بطنه وعشرات آخرون.

عندما توقف اطلاق النار وفرض منع التجول, كان الصمت يخيم على الساحة وعلى بيت لحم كلها....وكان ذلك المساء هو الأكثر كآبة في تلك الحقبة من الزمن...وفي ذلك اليوم تعمد جيلنا بالدم والنار.