الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

قيس عبد الكريم مسؤول الجبهة الديمقراطية ورئيس قائمة البديل:الحاجة الماسة للتغيير تصطدم بتكلس النظام السياسي

نشر بتاريخ: 20/12/2005 ( آخر تحديث: 20/12/2005 الساعة: 17:38 )
رام الله- معا- أكد مسؤول الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين قيس عبد الكريم أن الجبهة أبدت في سياق حواراتها مع القوى الديمقراطية التي هدفت تشكيل ائتلاف موحد لخوض انتخابات المجلس التشريعي القادمة، أقصى درجات المرونة سواء فيما يخص ترتيب مقاعد القائمة أو رئاستها، والاستعداد لقبول الحدود الدنيا مما تعتقد انه منصف وعادل، ولكن عددا من القوى التي تنتمي إلى هذا التيار رفضت الآلية الديمقراطية التي اقترحتها الجبهة للخروج من هذا المأزق.

وأبدى قيس عبد الكريم "أبو ليلى" عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، ورئيس "قائمة البديل" لانتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني القادمة والتي تتشكل من ائتلاف يضم كلا من الجبهة الديمقراطية، وحزب الشعب، والاتحاد الديمقراطي الفلسطيني (فدا)، ومستقلين، التخوف من ان ينتقل الاستقطاب الثنائي الحاد السائد في حياتنا السياسية إلى المجلس التشريعي القادم فيؤدي إلى حالة من الشلل التي لن تساعد على فتح الأبواب لتجاوز الأزمة التي نعيشها وإنما ربما تؤدي إلى تعميقها.

وكشف "أبو ليلى" ان الجبهة تعكف حاليا على إعداد خطط واقعية سوف يتبناها ممثلو الائتلاف في المجلس التشريعي القادم للتخفيف من وطأة معضلات الفقر والبطالة، وإعادة النظر في أولويات الموازنة العامة لإنهاء حالة الهدر وسوء الاستغلال للمال، وتحسين الخدمات الأساسية التي يحتاجها المواطن.

واكد"ابو ليلى" ان هناك حاجة ماسة للتغيير تطمح إليه الأغلبية الواسعة من أبناء الشعب، لان النظام السياسي الحالي لا يلبي طموحاتها ولا يلبي إمكانيات وضرورات الصمود في مواجهة العدوان الإسرائيلي ،هذه الحاجة للتغيير تصطدم بتكلس النظام السياسي الحالي وتستدعي بالضرورة إجراء الانتخابات الديمقراطية وفقا للنظام الانتخابي الجديد، كي تكون مدخلا لتغيير هذا النظام السياسي الفلسطيني وفتح السبل لتطوره بما ينسجم مع تطلعات الشعب وأغلبيته الواسعة.

واضاف قائلا :" في الوضع الراهن،فان حالة الاستقطاب الثنائي الحاد السائدة في حياتنا السياسية وفي مجتمعنا، يمكن أن تنتقل إلى المجلس التشريعي القادم فتؤدي إلى حالة من الشلل التي لا تساعد على فتح الأبواب لتجاوز الأزمة وإنما ربما تؤدي إلى تعميقها، ولذلك لا بد من أن تكون هناك قوة توازن - قوة ثالثة - قادرة على أن تملي على كلا القطبين المتنافسين حالة من المشاركة بدلا من التناحر والإقصاء المتبادل.. المشاركة التي تعني أن يكون الجميع شريكا في صنع القرار من خلال حكومة ائتلاف وطني تتسع للجميع وفقا لمبدأ "شركاء في الدم، شركاء في القرار".

واشار الى ان هذه "القوة الثالثة" التي ستشكل عامل توازن في نظامنا السياسي المقبل يجب أن تكون تيارا ذا توجهات ديمقراطية، وتمثل تحالفا واسعا للأطياف المختلفة للاتجاه الديمقراطي، وتشمل القوى السياسية والتجمعات والشخصيات التي تقف على أرضية مشتركة من الخط السياسي القائم على التمسك بالثوابت الوطنية والسعي للخلاص من الاحتلال وتنفيذ البرنامج الوطني الفلسطيني - برنامج الدولة المستقلة وحق العودة للاجئين - وأيضا على أرضية تغيير شامل في السياسات الاقتصادية والتربوية والاجتماعية، بما ينهي حالة الفوضى والفلتان السائدة في شارعنا وفي حياتنا السياسية ويساعد على استئصال الفساد والمحسوبية، وضمان حقوق ومطالب الفئات المحرومة والمهمشة في المجتمع بمعالجة معضلات الفقر والبطالة وغيرها من المعضلات التي تشكل جوهر المعاناة لأغلبية أبناء شعبنا المشتركة.


وقال ابو ليلى نحن في الجبهة الديمقراطية كنا نتوقع مثل هذه التباينات والخلافات، ولذلك بادرنا منذ فترة الإعداد للانتخابات الرئاسية إلى اقتراح آلية ديمقراطية لتجاوزها، وهذه الآلية هي الانتخابات التمهيدية التي يشارك فيها جميع أنصار ومؤيدي هذا التيار الديمقراطي، وتقوم على قاعدة التمثيل النسبي، ولكن عددا من القوى التي تنتمي إلى هذا التيار رفضت هذه الآلية الديمقراطية، وبذلك كان الخيار الوحيد المتبقي هو التوافق ما بين القوى على عملية التشكيل هذه، وككل عملية توافق اصطدمت هذه العملية بخلافات حادة في تقدير نسبة القوى وفي تقدير أوزانها. كذلك كان هناك خلافات حول رئاسة القائمة .

نحن من جانبنا أبدينا أقصى درجات المرونة سواء فيما يخص ترتيب مقاعد القائمة أو رئاستها، وقد كنا على استعداد لقبول الحدود الدنيا مما نعتقد انه منصف وعادل ومعبر عن الاوزان الحقيقية للقوى كما أشرت عليها الانتخابات الرئاسية، والمحلية، والطلابية، واستطلاعات الرأي. كنا أمام خيارات صعبة لأننا اصطدمنا ب"الفيتوات" المتبادلة من بعض القوى على قوى أخرى وشخصيات.

واضاف ومع ذلك حاولنا تجاوز هذه العقبات بالحوارات الثنائية والثلاثية، وأخيرا قبلنا بالصيغ التي اقترحتها بعض لجان الوساطة والتوفيق من المستقلين المحايدين والحريصين على وحدة التيار الديمقراطي، رغم أن بعض هذه الصيغ كان مجحفا بحقنا، ولكن هذا للأسف لم يكن مجديا، فالرفاق في الجبهة الشعبية كان لديهم الميل للنزول في قائمة منفردة، ربما لاختبار قوتهم التي لم توضع على المحك في انتخابات الرئاسة، وكان هناك استحالة في الوصول إلى اتفاق شامل يضم الجميع، لذلك اقتصر هذا الائتلاف في النهاية على قوى ثلاث (الجبهة الديمقراطية، وحزب الشعب، وفدا) وعدد من الشخصيات المستقلة، مع ذلك نحن أعلنّا عند تشكيل الائتلاف ونواصل التمسك بهذا الموقف إننا لازلنا على استعداد للوصول إلى اتفاق مع سائر القوائم التي تنتمي إلى هذا التيار الديمقراطي على الأقل في الدوائر، وإذا تعذر ذلك فنحن أيضا مستعدون لإيجاد صيغة للائتلاف ما بين هذه القوائم في المجلس التشريعي القادم بما يمكن هذه القوى جميعا من أن تعمل بشكل موحد لبلورة "القوة الثالثة" التي يحتاجها نظامنا السياسي الفلسطيني بشكل ملح كي يتخلص من نهج الاستفراد الذي كان السبب الرئيسي في شيوع حالة الفساد والفوضى وكي يتخلص أيضا من مخاطر الاستقطاب الثنائي الحاد، وما يمكن أن يقود إليه من حالة شلل تعرقل إمكانية مشاركة واسعة في صنع القرار الوطني.

وبين ان المجال الرئيسي للتعاون هو النضال الذي تخوضه هذه القوى في الشارع وفي إطار الحركة الجماهيرية في مختلف محاور نضالها، تحديدا النضال ضد المشروع التوسعي الاستيطاني الإسرائيلي المتمثل في بناء الجدار وتوسيع المستوطنات وما يتصل بمواجهة عملية تهويد القدس وعزلها عن محيطها الفلسطيني، وفيما يتعلق أيضا بالنضال دفاعا عن الفئات المحرومة والمهمشة وتأمين حقوقها الأساسية في الخبز والعمل والعلاج باعتبارها حقا لكل مواطن، وأيضا في الدفاع عن حقوق ومكانة المرأة والشباب سواء فيما يخص مطالبهم الحياتية والأكاديمية والتعليمية وغيرها، أو فيما يخص دورهم ومكانتهم في عملية صنع القرار وفي دوائره. هذا كله هو الميدان الرئيسي للتعاون في النضال الجماهيري جنبا إلى جنب مع العمل الذي سيجري في المجلس التشريعي القادم من اجل اتخاذ الإجراءات التشريعية والرقابية الضرورية لتنفيذ هذا البرنامج.

واشار ان الاتفاقات التي جرى إبرامها مؤخرا حول معبر رفح وغيره من المعابر تؤكد مرة أخرى أن قطاع غزة رغم انه تخلص من الوجود المباشر للمحتلين والمستوطنين داخله، إلا انه لا زال يخضع للاحتلال، لان إسرائيل ما زالت تتحكم به من خلال تطويقه من كل الجوانب، ومن خلال وسائل غير مباشرة في فرض إرادتها سواء على الجوانب المتعلقة بالاقتصاد أو في الجوانب المتعلقة بالحركة من والى القطاع، وغير ذلك من الوسائل بما في ذلك العدوان العسكري المباشر الذي تشنه من حين إلى أخر جوا أو برا.

هذا يؤكد مرة أخرى أن المسالة المطروحة في قطاع غزة هي ليست بالدرجة الأولى مسالة سلاح المقاومة، وينبغي هنا أن يتشكل إجماع على أن لا مساس بسلاح المقاومة طالما أن الاحتلال مستمر سواء في غزة أو في الضفة الغربية.. المطلوب هو تنظيم سلاح المقاومة من جهة، ومن جهة أخرى ردع سلاح المليشيات وسلاح العصابات التي تشكل السبب الرئيسي في عملية الفوضى، والفلتان الأمني.

لا شك أن هذا الأمر ليس مسالة أمنية محضة، وإنما هو بالدرجة الرئيسية مسالة سياسية، أي انه يتوقف على قدرة السلطة على تجديد شرعيتها من خلال العملية الانتخابية القادمة التي نأمل أن تنتج مجلسا تشريعيا يشكل قاعدة لحكومة اتحاد وطني تسمح بمشاركة الجميع في صنع القرار، وبالتالي تضمن توحيد مركز القرار الوطني في مختلف المجالات وتعزز شرعيته وبالتالي سيطرته على حالة الفوضى والفلتان المني السائدة.

واكد ابو ليلى على ان الأولوية الأولى ستكون لمعالجة المعضلات التي تئن منها الأغلبية الساحقة من الشعب، وبشكل خاص الفقر والبطالة، ونحن الآن نعكف على إعداد خطط واقعية للتخفيف من وطأة هذه المعضلات ومن المعاناة التي تسببها لأغلبية المجتمع، بما في ذلك خطط ودراسات تمكن من إعادة النظر في أولويات الموازنة العامة لإنهاء حالة الهدر وسوء الاستغلال للمال العام، وتوجيه الموارد المتاحة نحو التخفيف من وطأة الفقر والبطالة، ونحو تحسين الخدمات الأساسية التي يحتاجها المواطن، سواء في المجالات الصحية والتربوية والبنى التحتية وغيرها.

والأولوية الثانية: هي وضع حد للفساد المستشري في مؤسساتنا الوطنية ووضع حد للمحسوبية والمحاباة، وتأكيد تكافؤ الفرص أمام جميع المواطنين في مختلف المجالات بما في ذلك في مجال الوظيفة العامة بصرف النظر عن انتماءاتهم السياسية أو غيرها من الاعتبارات، عدا معيار الكفاءة والنزاهة والأهلية لتولي الوظيفة العامة.

أما الأولوية الثالثة: فستكون بلا شك تطوير النظام السياسي الفلسطيني نحو نظام ديمقراطي برلماني تعددي، تكون السلطة التنفيذية فيه مسؤولة مسؤولية كاملة أمام السلطة التشريعية، وإيجاد صيغة تمكن من مشاركة الجميع في صنع القرار من خلال حكومة اتحاد وطني.