الأربعاء: 08/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

انفض السامر ..... وبقي المتسولون بقلم :" عبد المطلب الشريف

نشر بتاريخ: 21/02/2009 ( آخر تحديث: 21/02/2009 الساعة: 15:25 )
الخليل - معا - في اجتماعه الأول مع رؤساء أندية الدرجة الممتازة ، طرح رئيس الإتحاد اللواء جبريل الرجوب أفكاراً عديدة ، من شأنها أن تؤدي في حال تطبيقها الى إحداث نقلة نوعية تدريجية نحو الأفضل في مسار كرة القدم الفلسطينية ، لتصل مع مرور الزمن الى حال لا يقل عن حال أخواتها العربيات في اسوأ الأحوال ، بعد هذا التأخر الواضح والمؤلم عن ركب الرياضة العربية والآسيوية والدولية بكافة أشكالها وألوانها ، لأسباب منها الحقيقي والمقنع ، ومنها ما يندرج تحت بند الحجج والذرائع التي لا تمت الى الواقع بصلة ، والتي تعبر عن عجز واضح في جزء لا يستهان به من قيادة حركتنا الرياضية بشكل عام ، مما وضعنا في ذيل القائمة الدولية بعدما كنّا أحد عناوينها العربية على الأقل في الثلث الأول من القرن الماضي ، وحمل حديثه في طياته بشرى سارة انفرجت لها اسارير هؤلاء المسؤولين عن الأندية التي بات جزء منها مجرد عناوين براقة بلا مضمون عملي ، ونقشت أثراً قد يصعب مسحه أو إزالته من نفوسهم ، إذ رفعت عن كواهلهم عبأً طالما ضاقوا ذرعاً به ، ووجدوا بما قيل بوابة فرج فُتحت في السماء في غير موعد ليلة القدر ، وأعني بذلك قوله ( لن أقبل أن يبقى رؤساء الأندية مجموعة من المتسولين ) ، وهذا بدوره سيعيد بالتأكيد لهذه المجموعة من الإداريين - في حال تطبيقه والحرص على تنفيذه كوعد غير قابل للشطب من الأجندة - كرامتها وقيمتها الإعتبارية بين أبناء عشيرتهم اللذين بات جزء كبير منهم ينزعج بل يكره زياراتهم النهارية منها والمسائية ، لدرجة أن تجرأ البعض على زجرهم أو على أحسن الأحوال طردهم بطريقة لا تخلو من الأدب والرأفة بحالهم .

تسارعت الأمور وكان الدوري وجاءت الخطوة الأولى متمثلة بقرار دعم مجموعة من الشركات والمؤسسات الوطنية لأندية الدرجة الممتازة بمبلغ خمسة عشر الف دولار لتغطية النفقات المطلوبة لخوض غمار المرحلة الجديدة .

ورغم أن هذه المبادرة المشكورة من رئيس الإتحاد ، هي الأولى من نوعها في تاريخ الرياضة الفلسطينية ، ورغم أنها ساعدت جزئياً في عبور الأندية - التي اوفت الشركات لها بوعدها - لمضيق الدوري بتغطيتها جزأً من نفقاته ، إلاّ أن أحلام هؤلاء الرؤساء والإداريين ما لبثت أن تبخرت بفعل حرارة اشعة شمس شهر آب ، وما رافقها من ارتفاع غير متوقع في درجة حرارة المنافسة ، واشتداد وطيس المعركة لدرجة ألزمهتم قسراً الى الإستعانة بلاعبي التعزيز من الداخل والخارج ولاعبي الإعارة من الأندية الشقيقة والرفيقة والبحث عن المدربين الأكفاء على قلتهم – مع احترامنا للجميع - والرضوخ لرغباتهم والصبرعلى تمنّع وتدلل اللاعبين الذين تفتحت أعينهم وباتوا يقارنوا انفسهم بالقادمين الجدد ، فكثرت طلباتهم وتعددت أشكال إصاباتهم التي لم تعد تشفى الاّ بعد المسّ عليها ببعض الدنانير أو الدولارات على الأقل وباتت الشواقل لا تغني ولا تسمن من جوع ، وإذا ما أضفنا الى ذلك الملابس والأحذية والكرات والمواصلات وغيرها من المصاريف النثرية العلنية منها والسرية ، نجد أن متوسط ما صرفته الأندية خلال خمسة أشهر هي عمر الدوري قد وصل في حده الأدنى الى ربع مليون شيكل ، في ظل غياب الدعم الحكومي ، ووضع إقتصادي متردّي شكّل إضافة لعدم إعتبار معظم أصحاب رؤوس الأموال ( الرياضة ) من أولى إهتماماتهم حججاً وذرائع لعدم دعمها أو النظر ولو بعين واحدة بإتجاهها .

وبعد ... نعم لقد نجح الدوري نجاحاً باهراً وغير متوقع حتى من أكثر الناس تفاؤلاً ، وأُعيد وضع عربة الكرة الفلسطينية على السكة ، وبدأت عجلاتها بالدوران بالإتجاه الصحيح ، وكان بالأمس تتويج هذا النجاح في عرس رياضي لا يقل روعة وأهمية عن نجاح الدوري ، ولأن لكل بداية نهاية آنفضّ السامر وأُطفأت الأنوار وذهب العريس فرحاً بعروسه ، وعاد الوالد المثقل بالدين أو على الأصح بالديون متسولاً في عتمة الليل يطرق الأبواب المقفلة .