الثلاثاء: 24/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

مشعل: هذا عصر المقاومة والصمود وليس عصر أمريكا واسرائيل

نشر بتاريخ: 20/12/2005 ( آخر تحديث: 20/12/2005 الساعة: 22:33 )
معا-أكّد رئيس المكتب السياسيّ لحركة المقاومة الإسلاميّة "حماس"؛ خالد مشعل، خلال حوارٍ مع مراسل جريدة المجد الأردنيّة، أنّ هذا العصر هو عصر المقاومة والصمود وليس عصراً أمريكياً كما يروّج دعاة الاستسلام والاستخذاء، مشيراً إلى امتداد جبهة المقاومة والممانعة من فلسطين إلى لبنان، وسوريا، والعراق، وإيران.

وأوضح خلال الحوار، الذي وصفته جريدة المجد بالساخن، أنّ أمريكا والكيان الصهيونيّ وعلى امتداد جبهة الصمود والممانعة، لم تعودا مطلقتي اليدين، بل ضاقت خياراتهما وهوامشهما رغم قوتهما العسكرية الباطشة، كما أنّ السياسة الأمريكية-الصهيونية تجد نفسها أكثر من أيّ وقتٍ مضى في مأزق شديد في كل مواقع هذه الجبهة.

ورداً عن سؤالٍ حول كيفية رؤيته للمشهد الفلسطيني وحالة الصراع مع العدو الصهيوني مع اقتراب العام الجديد، قال مشعل: إنّ المشهد الفلسطيني وحالة الصراع مع اسرائيل والمشهد العربي والإسلامي أصبحا مع طيّ الصفحات الأخيرة من عام 2005، والاقتراب من الدخول في عام 2006، أكثر وضوحاً وتبلوراً، وباتت معالمه واستحقاقاته تفرض نفسها على الجميع، مضيفاً أن التهدئة تقترب من أجلها المحدّد حسب ما هو مقرر، واسرائيل بعد أنْ تجاهلت شروطها الفلسطينية ما زالت تواصل التصعيد والعدوان على أرضنا وشعبنا، وحتى غزة التي انسحب منها لم تسلم من عدوانه، والأسرى والمعتقلون بدل أنْ يُفرَج عنهم زاد عددهم إلى ما يربو عن تسعة آلاف، وشارون يدير ظهره للسلطة الفلسطينية ويجعل من الجمود السياسي سيد الموقف، فلا تفاوض ولا حراك سياسيّ.

ورداً عن سؤالٍ حول إعلان شارون عن استعداده للتفاوض مع السلطة على أساس خارطة الطريق، أكد مشعل أن شارون حين يبدي استعداده للتفاوض مع السلطة على أساس خارطة الطريق، فهو يعني خارطة الطريق التي عدّلها هو بنفسه، مع إلزام السلطة بالدخول في مواجهة مع شعبها ومع فصائل المقاومة، أيْ الدخول في مشروع حربٍ أهلية، كشرطٍ للبدء في التفاوض، ومع قرب موعد الانتخابات الاسرائيلية وازدياد حمى المنافسات الحزبية يزداد الجمود السياسي تعمّقاً، مع ترجيح ازدياد وتيرة التصعيد والعدوان في أجواء هذه الانتخابات، باعتبار أنّ التصعيد ضد الشعب الفلسطيني هو المدخل المعتاد للقوى الصهيونية لكسب المزيد من أصوات الناخبين، وفي ظلّ هكذا مشهد فليس أمام شعبنا الفلسطيني إلا أنْ يدافع عن نفسه ويواجه التصعيد الصهيوني بشجاعة، فالمقاومة الفلسطينية هي الرد الطبيعي على الاحتلال والعدوان، وليس من حقّ أحدٍ أنْ يفرض علينا لغة التهدئة في مواجهة لغة التصعيد الصهيوني.

وأشار مشعل إلى أنّ من ظن أنّه قادر على تحويل التهدئة إلى برنامجٍ دائم في الساحة الفلسطينية ليصرف شعبنا عن المقاومة ويجرّم من يمارسها وكأنّه ارتكب محرّماً وخرج عن الأصل، فهو واهم، فالمقاومة هي الأصل وهي البرنامج الأصيل والطبيعي لشعبنا ما دام هناك احتلال وعدوان.

ورداً عن سؤال حول الضغوط والتهديدات الأمريكية التي تتعرض لها سوريا، أكّد أنّ السياسة الأمريكية-الصهيونية تجد نفسها في وضعٍ حرجٍ وخيارات صعبة، فسوريا على لسان قائدها الرئيس بشار الأسد اختارت بكلّ شجاعة مواقف الصمود والمقاومة لمواجهة تلك الضغوط والتهديدات، مع هامش محسوبٍ من المناورة السياسية.

وأضاف أن الإدارة الأمريكية تتوهم أنّ سورية هي الحلقة الأسهل كسراً في المنطقة وفي الجوار العراقي، وباعتبارها يمكن أنْ تشكّل مخرجاً لها من مأزقها الكبير في العراق، إلا أنّ خيارات الإدارة الأمريكية مع سورية كذلك ليست سهلة، بل أحلاها مر وعلقم، خاصة في ضوء تجربتها المرة والقاسية في العراق بعد إسقاط النظام السابق.

وقال: "سورية وإنْ خذلها الكثيرون في المنطقة في ظلّ الوضع العربي والإسلامي الرديء وحالة الانقسام والضعف السائدة، لكنها تملك حلفاء أقوياء، فشعوب الأمة معها خاصةً في ظلّ حالة الوعي لديها -في ضوء تجربة العراق- بالنوايا الحقيقية التي تريدها الإدارة الأمريكية من استهداف سورية، وإدراكها أنّ الدافع الحقيقيّ هو معاقبة سورية على مواقفها القومية المناهضة للسياسة الأمريكية والصهيونية في فلسطين ولبنان والعراق، وبالتالي الرغبة في تطويع الموقف السوري ليسير في الفلك الأمريكي والخضوع لبرنامجه وأولوياته في المنطقة، مشيراً إلى أن قوى المقاومة في المنطقة، في فلسطين ولبنان والعراق، فهي مع سورية، تقف إلى جانبها في خندق المقاومة والصمود والممانعة

وعلّق مشعل على التهديدات الأمريكية بضرب إيران، فقال: إنّ السياسة الأمريكية الصهيونية في مواجهة الخيار النووي الإيراني باتت اليوم أمام معضلة حقيقية، فالمبادرة إلى ضرب إيران ضربة استباقية هو مشكلة ومغامرة غير مأمونة العواقب في ظل قدرة إيران على إيذاء أمريكا واسرائيل وترك إيران أمام احتمالات الوصول إلى الخيار النووي مشكلة أخرى كذلك، خاصة بالنسبة لاسرائيل التي لا تتصور نفسها أمام ميزان قوى إقليمي جديد يفقد فيه موقع التفرد والتفوق.

وقال: إنّ هذا الموقف الإيراني "الواضح والقويّ لمسناه عن كثب في لقاءاتنا الأخيرة مع مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران ومع رئيسها الشاب الشجاع، ومع كلّ المسؤولين فيها، سواء تجاه حق إيران في امتلاك الطاقة النووية السلمية، أمْ تجاه قضية فلسطين وحق شعبنا في مقاومة الاحتلال، أم تلك اللغة الجريئة في الحديث عن عدم شرعية الكيان الصهيوني وضرورة زواله ورحيله عن أرض فلسطين".

وختم مشعل اللقاء بالتأكيد على أنّ هذا العصر هو عصر المقاومة والممانعة، وقال: "نعم نحن في عصر المقاومة بفضل الله تعالى ثم بفضل التضحيات الجسيمة والإرادة الحديدية لقوى المقاومة، ونحن في عصر بدأنا نضع خطواتنا على طريق التقدم والتحرير والنصر بإذن الله، في ذات الوقت الذي بدأ فيه الكيان الصهيوني مسيرة التراجع والانحدار والانسحاب ولو بخطوات بطيئة، وفي ذات الوقت الذي بدأت فيه السياسة الأمريكية تعاني من الأزمات والمآزق والفشل والتراجع، مع اتساع حالة الانتقاد والتجرؤ عليها على الصعيدين الإقليمي والدولي".

وتابع قائلا: "إنها سنة الله تعالى في الشعوب والأمم، وهو قانون الصراع والتدافع الذي لا يتخلّف، والذي يجد فيه كلّ صاحب حقّ متسعاً فيه لنيل حقه طالما تسلح بالإيمان والعزم والإرادة والصبر والتضحية، والنفس الطويل في إدارة الصراع، والصمود في ميدان الجهاد والمقاومة".