الأطفال والكبار بحاجة إلى تدخل نفسي بعد الحرب الدموية على غزة
نشر بتاريخ: 24/02/2009 ( آخر تحديث: 24/02/2009 الساعة: 17:16 )
الخليل - معا - الأحداث الدموية في غزة والحرب بمجملها على أبناء الشعب الفلسطيني كان لها تأثير سلبي خطير على الأطفال وعلى الكبار وتشير الإحصاءات العالمية بان أعداد القتلى في الحروب والجرحى ليست هي الخسائر البشرية فقط ، حيث أظهرت البحوث بأن 25% من إصابات الحروب هي حالات اضطراب نفسي بحاجة إلى تدخل من اجل إعادة التوازن النفسي الطبيعي للمصابين .
اللقاء التالي مع سميح أبو زاكية ، مدير مركز فنون الطفل الفلسطيني ومن الناشطين الفلسطينيين العاملين في هذا المجال وهو عضو العديد من المنظمات العالمية التي لها علاقة بحقوق الأطفال ، يتحدث فيه عن أهم آليات التدخل النفسي ودور الفنون في الحماية النفسية للأطفال.
الحرب على غزة
حول ما تعرض له الأطفال في غزة يقول سميح أبو زاكية مدير مركز فنون الطفل والناشط في مجال حقوق الطفل وأخصائي نفسي :" لقد تعرض الأطفال في قطاع غزة إلى أبشع الجرائم البربرية التي اقترفت ووجهت بدم بارد إلى المدنيين والنساء والأطفال والشيوخ، لقد تم قصفهم بالطائرات والدبابات وبالقنابل الفسفورية ولم يعد هناك أي مكان يوجد فيه مجال للحماية على الإطلاق ، تم قصف المدارس ، المساجد ، البيوت ، المستشفيات وسيارات الإسعاف.
وسائل الإعلام
وحول دور وسائل الإعلام ، يضيف أبو زاكية : كان دورا بطوليا حيث تم نقل الأحداث بالصورة والصوت من موقع الأحداث بشكل مباشر وبشكل فوري ، وهذا الدور أسهم مساهمة في نقل المأساة وما يحدث في غزة للعالم وهناك دور اخر وبنفس الوقت كان لهذه الصورة والمشاهد المرعبة التي تم بثها عبر الفضائيات تأثير سلبي على الجميع ، سواء الذين عاشوا الحرب في القطاع او نحن الذين كنا نجلس في البيوت ونتابع الحداث . وهذه حقيقة ، لقد تأثرنا جميعا بمشاهد الأطفال المأساوية التي تم بثها عبر الشاشة.
الصور المأساوية
ومضى ابو زاكية في القول : الصورة التي نقلت من غزة كانت لا تحتمل ، صور الأطفال المقتولين والمشوهين " كانت أقوى من فعل القتل واعنف من العنف نفسه " ، انظر إلى صورة وزعتها وسائل الإعلام لطفله استشهدت تحت أنقاض ولم يبق منها سوى رأسها المزروع في التراب... هذه ليست صورة بل هي مأساة المأساة التي لا يمكن ان يعبر عنها أي كلام... حتى الدموع لا تستطيع التعبير عن هذا المشهد ، صورة أطفال يلتصقون بجسد أمهم وقد استشهدوا جميعا ، ان الأطفال في لحظة الخوف يلجئون إلى جسد الأم ليموتوا في ظله ... وهم يتخيلون انه يحميهم ويؤيهم ويطعمهم .
وأضاف ، أصيب الكثير منا بحالة من الضغط النفسي ، البعض أصبح لديه حالة من التوتر والقلق والرعب... الفضائيات نقلت مشاهد قاسية لا يمكن ان تذهب من الذاكرة بسهولة ، قتل الأطفال ، جثث الأطفال ، ردود الفعل الهستيرية التي كانت من أقرباء الشهداء كانت تظهر ...وكل هذه الأشياء سببت نوع من الصدمة النفسية لدى الجميع فما بالكم عندما يتعلق الأمر بالأطفال وسأذكر هنا بعض المشاهد المأساوية التي نقلتها وسائل الإعلام ، وهنا يكون واجب الأخصائي النفسي والأب والأم والأسرة محاولة تخفيف كل مشاعر القلق والخوف التي أصابت الأطفال ، هناك مشاعر صعبة يعيشها الأطفال وتسبب لهم حالات مرضية ( اكتئاب + حالات التبول اللاإرادي ، فقدان الشهية للطل ، عدم النوم ، الكوابيس والأحلام المزعجة ...)
الفنون كآلية تدخل
إحدى الأشياء التي تسهم في إعادة الأطفال إلى حالتهم الطبيعية الفنون واقصد بالفنون هي الأنشطة الفنية ( الموسيقى، الرسم ، مسرح الدمى ، عرض الأفلام ، سرد القصص ، كتابة القصص ... ) كل هذه الأمور تعمل بشكل عام على تخفيف الضغط عن الأطفال ، وفي هذا السياق ، قال او زاكية : نحن نعتبر أن الفنون هي إحدى وسائل العلاج لمجابهة ما يتعرض له الأطفال من أزمات ...في حالات الحرب وفي حالات الصدمات النفسية نشعر أن الأطفال بحاجة للتعبير عن أنفسهم والرسم والغناء فكرة ووسيلة جيدة للتعبير... لان الأطفال حتى سن 15 قدرتهم على التعبير محدودة بالكلمات ( رسومات الأطفال تكتشف الوضع النفسي الصعب) . وضع الأطفال الصعب يظهر من خلال رسوماتهم فهي تظهر حجم المعاناة ، ألوان الدماء غلاء الرسومات ، البيوت المهدمة ، دبابات وطائرات الاحتلال ، صور الشهداء ، الجنازات ، بشكل عام تبدو رسومات الأطفال كئيبة وحزينة وهذا يعكس حجم المعاناة النفسية التي يعيشها الأطفال ، ولكن الفنون التعبيرية هي فرصة للأطفال للتفريغ وللتنفيس من الضغوطات التي يعيشونها .
الإحصاءات الاضافية
واضاف ، بالإضافة إلى إعداد الشهداء هناك 25 % من إصابات الحروب هي حالات اضطراب نفسي ، وهي أيضا بحاجة إلى التدخل وذلك لحماية التوازن النفسي للإنسان في زمن الحروب ... لان الضغوط النفسية في الحروب تزيد وتكون ضغوط انفعاليه هائلة وهي فوق طاقة الاحتمال ، وتزداد هذه الضغوط كلما كانت الفرصة اكبر للإصابة المباشرة ، ومن الإعراض: عصبية زائدة ، مشاعر خوف ورهبة ، غثيان ، خفقات القلب ، اضطراب النوم ، الصداع ، الهزل ، فقدان الشهية ،ضيق في التنفس ، حالات الذهول .
وهنا سأذكر مثل من الحرب الدموية على غزة وهو خبر نشر على معا ، "معلم يفقد زوجته وأطفاله في الحرب على غزة فهام على وجهه لهول الصدمة."
وأود ان اذكر ان الصدمات النفسية من جراء الحروب لا تظهر بشكل مباشر وربما يتأخر ظهورها شهور وسنوات ، ولذلك التدخل النفسي و العلاج يعمل على التغلب على التوتر النفسي من خلال الأنشطة التي تعمل على الاسترخاء وتأهيل المصابين للعودة إلى الحياة بشكل طبيعي.
تجربة مركز فنون الطفل الفلسطيني
دائما كان برنامج المركز كان خلال الأزمات يتضمن ما يلي: دعم أطفالنا على مواجهة الأزمات التي يمرون بها عن طريق الفنون ، التنوير الثقافي بمدى أهمية رعاية الأطفال خلال الأزمات ،فتح المجال إمام الأطفال للتنفيس والتفريغ عن أنفسهم نتيجة الضغوطات التي يواجهونها ... الاستماع للأطفال ... إتاحة الفرصة لهم للحديث ، الترفيه عن الأطفال ( استخدام الفنون في العلاج ) وإعادتهم إلى توازنهم الطبيعي وحياتهم الطبيعية ، تعويد الأطفال على مواجهة الظروف الصعبة ، التقليل من الآثار الناجمة عن الحالات الضاغطة بعد حالات القصف وإطلاق النار والعنف ، استخدام أساليب ( اللعب والرسم ) والفنون بشكل عام وذلك لتشخيص مشكلات الأطفال النفسية وطرق العلاج.
الفنون كعلاج
وحول فوائد الفنون و فائدة الفن العلاجي قال أبو زاكية : الفن لغة عالمية يمكن للجميع من فهمها وهي بديل جيد للاتصال مع الآخرين ، الفن يوجد فيه ( مشاركة ) وهذا يعزز من قدرة الفرد على اتخاذ القرار وتحمل المسؤولية وعلى المستوى الفردي ، العمل بالفنون بكامل أنواعه تعمل على تفريغ المشاعر السلبية وهذا ٍبحد ذاته وسيله لا لا عنفيه لتفريغ الانفعالات ،الفنون فرصة للتعبير عن المخاوف والتي يشكل الحديث عنها بصورة علنية ( خطر كبير ) و الفن العلاجي / يعزز القدرة على التركيز ، يقوي الثقة بالنفس وتقدير الذات، يزيد من القدرة على الإبداع ويقوي حسن الإبداع.