الأحد: 22/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

هل يعيد المجتمعون في شرم الشيخ ذاكرة ابني محمد التي فقدها بسبب الحرب؟

نشر بتاريخ: 02/03/2009 ( آخر تحديث: 02/03/2009 الساعة: 17:18 )
غزة-خاص معا- يكاد والده يفقد عقله، ففلذة كبده لا يستطيع الجلوس والبقاء مستيقظاً لوقت طويل ويلجأ كل لحظة إلى النوم في حالة اصابته منذ وضعت الحرب أوزارها في غزة، أما الطفل فهو لا يقوى على اللعب أو المكوث لفترة طويلة دون ان ينطق بكلماته القليلة المتلعثمة ثم يدخل في نوبة بكاء هستيرية.

محمد هاني قديح ( 11 عاماً) فقط كان يجب أن يعود مع أقرانه للمقاعد الدراسية عندما أوقف الاحتلال نيرانه عن غزة، ولكنه بدلا عن ذلك توجه به والده إلى مستشفى خان يونس للأطفال وبقي به أسبوعا ثم عاد بعد أيام ليواصل إجراءات فحص وتحليل وتصوير جسد طفله الصغير تحت الأجهزة الطبية علّه يعرف ما ألمّ به.

الوالد هاني قديح أب لطفلين منهما محمد وفتاتان يقول عن ابنه: "لا أعرف ما الذي أصابه فجأة لم نشعر به إلا نائماً لأسبوع كامل دون أن يستيقظ وفشلت كل محاولاتنا لإيقاظه وعندما استيقظ تلعثم ببعض الكلمات ثم بدأ بالبكاء الحاد ولم يتعرف علينا ثم عاد ليدخل في حالة النوم".

طالب الأطباء والده بإجراء فحوصات شاملة على ولده منها تخطيط الدماغ لمرتين وتخطيط القلب وفحص لكافة اعضاء جسده وتحاليل مخبرية للدم، "وكل ما من شأنه أن يوضح مصاب طفلي ولكن الأطباء عجزوا تماما عن تشخيص حالته وقالوا لي حاول أن تحصل له على تحويلة إلى مصر أو الأردن أو إسرائيل".

الرجل الذي قارب على البكاء عندما حادثته "معا" قال: "أكاد أصاب بمثل ما أصاب ابني فإنني أشعر أنني مشلول أمام حالته ولم أتوقف عن نقله إلى المشافي وإجراء تحاليل وتصويره ولا أعود لمنزلي وأتمنى لو أعرف ما الذي ألمّ به".

الطفل محمد كان في منزله الواقع بشارع آل النجار ببلدة خزاعة شرقي خان يونس عندما بدأ الاجتياح البري للقطاع، وحين استيقظ صباحا وجد دبابة إسرائيلية بجانب منزله ولم يستطع الخروج ومكث في غرفة تحت الأرض برفقة والدته وأشقائه الثلاث يسمع بكل حين صوت الغارات على قطاع غزة وقصف الدبابات المحيطة بالمنزل، وحين سأل عن والده علم أنه ذهب لإسعاف جيرانه الذين سقط منهم 17 شهيدا وقد دمرت منازل فوق بعض العائلات بمنطقة سكنى محمد.

أما والدته فهي لا تتوقف عن البكاء وتنظر إلى زاوية الشارع من شرفة منزلها لترى كيف يتجه أصدقاء محمد إلى مدرستهم في حين يقبع طفلها على فراش المرض على يقو على محادثتها أو النظر إليها.

وتساءلت والدته عن ذنبه كي تتوقف مسيرة حياته الطفولية وينتزع حقه بالتعليم متعجبة من أحاديث حول إعمار غزة وقالت: " فهل يعيد هؤلاء ذاكرة طفلي ويبقونه مستيقظاً لاهيا أمامي أم أن قدرنا أن نموت ونحن نراه يتخبط بنومه المتواصل؟".