إصدار جديد لـ"الزيتونة" يسلّط الضوء على العلاقة بين مصر وحماس
نشر بتاريخ: 02/03/2009 ( آخر تحديث: 02/03/2009 الساعة: 18:59 )
بيروت-معا-أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت كتاباً جديداً يسلّط الضوء على علاقة مصر الرسمية بحركة المقاومة الإسلامية حماس، وتطوراتها، وخصوصاً في الفترة التي تلت الحوار الفلسطيني الذي عُقد في القاهرة في آذار/ مارس 2005، وحتى بداية العام الجاري.
والكتاب الواقع في 88 صفحة من القطع المتوسط هو تقرير من إعداد قسم الأرشيف والمعلومات في مركز الزيتونة. وهو يُبرز الدور المصري في ملفات الحوار الوطني الفلسطيني، والتهدئة، وصفقة تبادل الأسرى، ويعرض موقف مصر من فوز حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، وسيطرتها على قطاع غزة، وما تبعه من حصار خانق وعدوان عسكري إسرائيلي على القطاع وأهله.
ويذكر الكتاب في مقدمته أن العلاقة المصرية مع حركة حماس تشكّل امتداداً للعلاقة التي جمعتها بالفلسطينيين، بوصفها لاعباً رئيسياً في المعادلة الفلسطينية؛ إذ كانت مصر حاضرة على مسرح القضية الفلسطينية من أول يوم احتُلت فيه فلسطين، وحملت عبء قيادة الدول العربية في مواجهة المشروع الصهيوني والسعي لتحرير فلسطين لفترة طويلة، ودعمت إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية والاعتراف بها ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني.
ويضيف أن دور مصر تَراجَع لبضع سنوات بعد عقدها اتفاقية التسوية مع "إسرائيل" سنة 1978، ثم ما لبثت أن استعادت مكانتها المتقدمة، ولكن في إطار دعم مشاريع التسوية السلمية للصراع، وظلت إلى الآن تمارس دور "الراعي" و"الحكم" و"الأخ الأكبر" عندما يتعلق الأمر بالشأن الفلسطيني، وبالخلافات الداخلية الفلسطينية.
ويتناول الكتاب محددات العلاقة التي تربط مصر بحماس، من كلا الجهتين، وخلفيات تلك العلاقة، مشيراً إلى أن الحوار الوطني الفلسطينية شكّل مفصلاً مهماً في العلاقة بين مصر والفصائل الفلسطينية بشكل عام، وحركة حماس بشكل خاص. ويرى أن مصر أولت لهذا الملف اهتماماً كبيراً منذ البداية، بسبب ما له من تأثير كبير على مستقبل القضية الفلسطينية، محاولةً أن تكون وسيطاً نزيهاً، إلا أن ذلك لم يحُل دون أن توضع نزاهتها في خانة الشك من قبل هذا الفصيل أو ذاك.
ثم يستعرض تطورات العلاقة المصرية مع حماس بعد الانتخابات التشريعية وتشكيل الحكومة العاشرة، مشيراً إلى أن مصر لم تشعر بالارتياح لفوز حماس، خصوصاً أنه جاء عقب فوز جماعة الإخوان المسلمين بـ88 مقعداً في انتخابات مجلس الشعب المصري أواخر سنة 2005؛ غير أنها استمرت في لعب دورها "الأبوي" والتوفيقي بين الفصائل، وخصوصاً فتح وحماس. واستعرض الكتاب تطورات العلاقة إثر عملية أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط وتداعياتها، حيث أخذت عملية التفاوض حول إطلاق سراح شاليط مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين حيزاً كبيراً من اهتمامها؛ ثم تابع مسار العلاقة بعد توقيع اتفاق مكة بين حركتي فتح وحماس وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية.
ويستعرض الكتاب تطورات الموقف المصري من الاقتتال الداخلي الفلسطيني وانعكاسه على العلاقة مع حماس، خصوصاً بعد سيطرتها على قطاع غزة في منتصف سنة 2007، مشيراً إلى أن مصر عارضت تلك السيطرة، وعبّرت عن ذلك بسحب الوفد الأمني المصري وإغلاق مقره في غزة، ثم تشديد حالة الطوارئ على الحدود مع القطاع، والترحيب بحكومة سلام فياض البديلة لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة إسماعيل هنية.
ويتطرّق إلى عدم اعتراف مصر بشرعية حكومة هنية، ونقل السفير المصري لدى السلطة الفلسطينية من غزة إلى رام الله، ثمّ إلى الحصار المشدد الذي فُرض على القطاع، دارساً خلفيات السلوك المصري في إغلاق معبر رفح معظم الوقت، مما جعل الكثيرين يعتبرونه مشاركة في عملية الحصار، بينما كانت مصر ترى أن ذلك مردّه اتفاقية المعابر والتنازع الداخلي الفلسطيني. وترى الدراسة أن تحمل مصر لمسؤولياتها القومية، وطبيعة المواثيق الدولية كانت تدفع باتجاه فتح مصر لمعبر رفح، خاصة وأنها ليست طرفاً في اتفاقية المعابر الموقعة سنة 2005.
كما يتحدّث التقرير عن المبادرات التي تقدمت بها مصر من أجل الوصول إلى تهدئة شاملة بين الفصائل الفلسطينية و"إسرائيل"، ودورها في اتفاق التهدئة الذي بدأ في 19/6/2008 واستمر ستة أشهر، وعن حوار الفصائل الذي كان مقرراً عقده في القاهرة في 9/11/2008، وانعكاس تأجيله على العلاقة بين حماس والقيادة المصرية.
ويستعرض الكتاب في القسم الأخير منه عن تطورات العلاقة إثر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة خلال الفتر 27/12/2008-18/1/2009، مشيراً إلى أن هذا العدوان أضاف حلقة جديدة إلى مسلسل العلاقة الحساسة بين مصر وحماس، حيث لم يغفل الموقف المصري الرسمي توجيه النقد إلى الحركة، محملاً إياها مسؤولية انهيار التهدئة بإطلاقها الصواريخ باتجاه البلدات الإسرائيلية المحيطة بغزة، على الرغم من إدانته للعدوان وتحميل "إسرائيل" مسؤولية ما أسفر عنه من شهداء وجرحى.
ويختم الكتاب بالقول إن مصر لا تستطيع إلا أن تتعامل مع القوى الفاعلة على الساحة الفلسطينية انطلاقاً من حرصها على أمنها القومي ومصالحها الاستراتيجية، فضلاً عن أن مكانتها ودورها العربي والإقليمي يفرضان عليها دوراً استيعابياً "أبوياً" في تعاملها مع القوى الفلسطينية المختلفة.
ويضيف أنه اتضح في المقابل أن أي قوة فلسطينية لا تستطيع أن تتجاوز مصر لمكانتها ودورها وعلاقاتها وتأثيرها عربياً وإقليمياً، لافتاً الانتباه إلى أن حماس تدرك أن مصر تمثل البوابة الرسمية للوصول إلى الشرعية العربية، وانها مدخل مهم لاكتساب الشرعية في العالم الإسلامي ودول العالم الثالث، كما تدرك أن مصر تظل مظلة مقبولة، ولا يمكن الاستغناء عنها في ضبط نسق العلاقات الفلسطينية، خصوصاً مع قيادة السلطة وحركة فتح، وفي ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني.
ويُشار إلى أن هذا هو الإصدار السابع من سلسلة تقارير المعلومات التي يرأس تحريرها د. محسن صالح، ويدير تحريرها ربيع الدنان، والتي يقوم المركز بإعدادها. وتهدف هذه التقارير التي تصدر بشكل دوري إلى تسليط الضوء في كل إصدار على إحدى القضايا المهمة التي تشغل المهتمين والمتابعين لقضايا المنطقة العربية والإسلامية، وخصوصاً فيما يتعلق بالشأن الفلسطيني، وتزوّد القرّاء بمعلومات محدثة وموثقة ومكثفة في عدد محدود من الصفحات.