محللون يؤكدون ان خطة الحزام الأمني شمال القطاع قديمة والصواريخ دفاعاً عن النفس
نشر بتاريخ: 24/12/2005 ( آخر تحديث: 24/12/2005 الساعة: 16:58 )
غزة -معاً- جباليا بيت لاهيا بيت حانون هي المناطق الثلاثة التي تشكل شمال غزة, تتعرض بشكل يومي لإطلاق أعداد هائلة من قذائف المدفعية الإسرائيلية بدعوى إطلاق الأحزاب والتنظيمات صواريخ بدائية الصنع على مناطق متفرقة من المستعمرات والمعسكرات الجاثمة على الأراضي الفلسطينية داخل حدود الـ 48 .
واليوم يقر رئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون إقامة حزام أمني شمال القطاع وجنوبه بناء على خطة بدأ بها وزير الجيش الإسرائيلي شاؤول موفاز, على غرار الحزام الأمني الذي أقامته قوات الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان لمنع إطلاق صواريخ المقاومة اللبنانية على معسكراتها ومناطقها, و لم تكن هذه المرة الأولى التي يريد موفاز بها خنق قطاع غزة بأكمله, فقد بدأت قوات الاحتلال باستكمال بناء الجدار الفاصل قبل قرابة 5 أشهر في غزة لسبب نفسه وهو منع إطلاق الصواريخ باتجاهها, إضافة إلى ضم أكبر قدر من الأراضي إلى حوزتها غير مهتمة بما تقترفه من العدوان المستمرعلى سكان تلك المناطق من تدمير لمصدر رزقهم الوحيد المتمثل فى زراعة الأراضي و ما يجنوه من حصادها.
لقدحددت إسرائيل حدود شرق غزة منذ عام 1967 بسلك شائك يبلغ ارتفاعه قرابة10 أمتار على امتداد 40 كيلو متراً هي طول قطاع غزة, ثم حول بعد فترة طويلة من بداية الانتفاضة الأولى إلى سلك الكتروني شديد الاستشعار يصعب اختراقه أو حتى الاقتراب منه ومن خلفه أبراج المراقبة والثكنات العسكرية, ومن ثم تعود قوات الاحتلال مجدداً لتسارع في بناء الجدار الفاصل والتي ضمت من خلاله قرابة 500 متر عرض من أراضي المواطنين ليمتد على طول قطاع غزة كاملة, لتزيد بذلك من معاناة أهالي قطاع غزة البالغ تعدادهم قرابة مليون ونصف منتشرين على رقعة من الأرض لا تتجاوز مساحة 365 كيلومتراً مربعة مقسمة إلى شمال ووسط وجنوب جراء ما يحيطهم من سلك حديدي يمنعهم من التنقل بحرية بينهم وبين كافة الأراضي الفلسطينية سواء في الضفة الغربية أو مناطق الـ48 , إضافة إلى ما يعانوه من نقص في الأماكن الترفيهية أو حتى الطبيعية لتعمل كبديلاً يعوضهم عن ما ينقصهم.
المواطن أبوعيد أبو صلاح عبر عن قلقه الشديد من التصعيد الاسرائيلي المتواصل على شرق بلدة بيت حانون و إطلاق قذائف المدفعية طوال ساعات الليل والصباح باتجاه أرضه, متخوفاً من أن تصل تلك القذائف إلى البيوت الآهلة بالسكان, معلقاً على تصريحات موفاز الأخيرة ببناء حزام أمني إلى جانب الجدار الفاصل قائلاً " إسرائيل بدأت تبحث لنفسها عن مبررارات من أجل تدمير المناطق الفلسطينية بشكل أكبر مما نشهده من اقتلاع الأشجار وتجريف الأراضي ", موضحاً أن ذلك لم يفقد الشعب الفلسطيني عزيمته واردته فى الرد على كل ما يتعرض له من اغتيالات وانتهاكات خرجت عن المألوف رغم إقرار التهدئة ومنع كافة أشكال العنف ضد المواطنين في الضفة وغزة.
ومن جانبه أوضح د.نعيم بارود أستاذ الجغرافيا في الجامعة الإسلامي لمعاً أن خطورة الحزام الأمني المزمع إنشاءه من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي تتمثل في اقتطاع مساحات واسعة من الأراضي الزراعية مما يعود بالضرر على المزارعين وعلى الاقتصاد الفلسطيني بشكل عام, إضافة إلى تدمير أبار المياه التي تضخ المياه للسكان في شمال وجنوب القطاع والواقعة في تلك المناطق, متابعاً " إن بناء الحزام سيؤثر سلباً على الكثافة السكانية في القطاع والتي ستبلغ 8000 نسمة للكيلومتر الواحد.
وأشار أ.عصام المصري أستاذ الجغرافيا إلى أن الحزام الأمني سيؤثر بالسلب على كافة المجالات من زراعية وسياسية واقتصادية, موضحاً أن الخطر سيشمل مجال الصيد البحري خاصة وأن المناطق الشمالية للقطاع بما فيها مستوطنة دوجيت سابقاً القريبة من البحر ستعمل على عرقلة عمليات الصيد لأنه من الممكن أن تقوم قوات الاحتلال الإسرائيلي ببناء الحزام الأمني على هذه المنطقة, متابعاً أن الامتداد السكاني سيأخذ منحى مدينة غزة والجنوب أكثر من الشمال, مضيفاً أن القطاع سيشهد توسع سكاني عمودي في السنوات الحالية والمقبلة.
من جانبه أفاد المحلل السياسي إبراهيم أبراش في اتصال هاتفي لمعاً أن التهديدات الإسرائيلية بإقامة حزام أمني في قطاع غزة ما هي إلا إضافة جديدة لجدار فصل أخر, موضحاً أن الحزام " ليس حلاً لإطلاق الصواريخ, وذلك لأن الصواريخ جاءت كردة فعل على الانتهاكات التي تمارس في الضفة الغربية, وبالتالي فانه على إسرائيل أن توقف اعتداءاتها بحق الشعب الفلسطيني", مؤكداً على أن إسرائيل تنوي من جراء إطلاقها لفكرة الحزام إشغال القوى والفصائل والسلطة الفلسطينية عن اعمار ما دمرته قبل الانسحاب أحادي الجانب من القطاع, مضيفاً " إن ذلك يترك أمامها فرصة كبيرة لإطلاق يدها في العدوان والتدمير في الضفة الغربية", منوهاً إلى أن إسرائيل تعمل وبشكل مستمر على اختراق كافة القوانين بما فيها الشرعة الدولية وقوانين الأمم المتحدة, مشيراً " أن انسحاب إسرائيل أحادي الجانب من غزة دون قرارات دولية أعطاها الفرصة في أن تنسحب بالطريقة التي تناسبها وأعطاها الحق في العودة وقت ما يحلو لها دون مرجعية وذلك وفق ما تتعامل به من نهج القوة.
من جانبها رفضت وزارة الداخلية والأمن الوطني تصريحات موفاز الموجهة لقوات الأمن الوطني والمواطنين المقيمين في المناطق الحدودية والقاضية بإخلائهم من تلك المناطق جملة وتفصيلاً, مؤكدة على أن الشعب الفلسطيني لن يخضع للاملاءات الإسرائيلية.
وأوضح البيان التي تلقت معاً نسخة منه أن الوزارة أصدرت تعليماتها المشددة لقوات الأمن الوطني بالبقاء في مواقعها وممارسة أشكال السيادة الممكنة حتى أخر بوصة من الأراضي الفلسطينية المحاذية لخط التحديد, داعية المواطنين والأهالي إلى التمسك بحقهم في البقاء في بيوتهم ومزارعهم وأراضيهم لمواجه هذا المخطط.
واشار البيان إلى أن إسرائيل تسعي منذ فترة طويلة لإقامة المنطقة الأمنية العازلة بالنار من خلال القصف المكثف للمناطق الحدودية بقذائف المدفعية وصواريخ الطائرات التي تستهدف البنية التحتية, موضحاً " إن مثل تلك الممارسات والإجراءات لن تساعد في توفير الأمن والاستقرار في المنطقة وثبت ذلك مسبقاً".