الأحد: 17/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

تحالف السلام الفلسطيني يعقد مؤتمرا شبابيا في رام الله

نشر بتاريخ: 07/03/2009 ( آخر تحديث: 07/03/2009 الساعة: 22:45 )
رام الله-معا- عقد تحالف السلام الفلسطيني في رام الله مؤتمرا شبابيا قياديا ضمن مشروع الشباب يصنعون التغيير، وحضر المؤتمر الذي عقد بالشراكة مع مكتب التعاون الأسباني(Cooperation Office The Spanish ) العشرات من القيادات الشابة وممثلي مؤسسات المجتمع المدني ، حيث ناقش من خلاله المشاركون مجموعة من المحاور المتعلقة بمفهوم المواطنة والانتماء عند الشباب, ودور وسائل الإعلام أثناء الصراعات الداخلية, وخطوات تحقيق المصالحة والمشاركة على الصعيدين الرسمي والشعبي .

وفي الجلسة الأولى قدم حذيفة جلامنة مدرب القيادات الشابة ورقة عمل عن مفهوم المواطنة والانتماء عند الشباب حيث أكد من خلالها أن المواطنة هي من أكبر التحديات التي تواجهها تجربة الدولة الحديثة والمواطنين فيها ، فإما بناء المواطن الفاعل والمسؤول والواعي لواجباته وحقوقه المدنية والوطنية وإما الغرق في أشكال مختلفة من التشتت، والفساد، والولاءات الضيقة التي باتت تحتل الأولوية أحياناً على حساب المواطنة والانتماء.

وأشار جلامنة إلى إن الدولة الحديثة ليست مجرد مؤسسات الحكم ودستور مكتوب، وجيش، وقانون، بل أنها مشروع مجتمعي متكامل. والدولة الديمقراطية الحديثة هي ظاهرة للتعاون والتفاعل الوثيق بين مواطنين واعين وناشطين. هم مصدر السلطات، وكما يقول الفارابي؛ لا دولة فاضلة، دون مواطن فاضل.

وأضاف جلامنة " إن المواطنة كلمة عربية استحدثت للتعبير بها عند تحديد الوضع الحقوقي والسياسي للفرد في المجتمع، وهي تعني بمفهومها الواسع الصلة أو الرابطة القانونية بين الفرد والدولة التي يقيم فيها بشكل ثابت، وتحدد هذه العلاقة عادة حقوق الفرد في الدولة وواجباته تجاهها، أي يعني المواطن الإنسان الفرد العضو الكامل في الدولة، والمواطنة على أنها الوضعية القانونية الأساسية في الدولة المعاصرة، ويقف الفرد أمام الدولة كمواطن قبل كونه أي شيء آخر، وعضويته في الدولة لا في الطائفة ولا في العائلة ولا غيرها في الانتماءات الأخرى. إن جوهر المواطنة يكمن في قضيتين أساسيتين تكمن الأولى في مشاركة المواطنين في الحكم، على قاعدة أن الشعب مصدر السلطات، وتترجم هذه المشاركة من خلال العملية الديمقراطية، التي لا تحرم المواطنين من التعبير عن إرادتهم الحرة في التفكير، والاختيار، والمشاركة، تحقيقا لرغباتهم، وطموحاتهم، وعليه من حق المواطنين التي يحددها الدستور الترشح للمناصب، والتصويت، كذلك انتخاب ممثليهم لكافة الهيئات ، والقضية الثانية هي المساواة بين جميع المواطنين وهذه إحدى القضايا الجوهرية في المواطنة، فلا يجوز التمييز بين المواطنين على أساس الدين، العرق، الجنس، اللون، الانتماء السياسي، ويجب أن ينال المواطنون حقوقا وواجبات متساوية دون أية اعتبارات كما سبق ذكره".

وقال جلامنة " إن عملية بناء الدولة كمشروع مجتمعي متكامل تتطلب تفاعل وتعاون المواطنيين الفاعلين الناشطين، الذين يتحلون بجملة من المعارف، مسلحين بالمهارات التي تمكنهم من النقد والتحليل، والتقييم، وممارسة الرقابة، والإبداع، مهارات تمكنهم من المشاركة الواعية والهادفة، تحركهم توجهاتهم الايجابية وروح المسؤولية العالية، وقبولهم باختلافات المواطنيين الذين يشاركونهم المواطنة والعيش في هذا المجتمع على قدم المساواة في الحقوق والواجبات، إن هذا الاختلاف لا يلغي أو يقلل من شأن الآخرين بأفكارهم، ومعتقداتهم، وحريتهم على الفعل، والاختيار.
وفيما يتعلق بموضوع الانتماء أشار جلامنة إلى تعدد الآراء في هذا المصطلح ، وتنوعت أبعاده ما بين فلسفي ونفسي واجتماعي ، ففي حين تناوله البعض من خلال الدافعية، اعتبره آخرون حاجة ضرورية على الإنسان إشباعها ليقهر عزلته وغربته ووحدته وهناك من اعتبره ميلاً يحركه دافع قوي لدى الإنسان لإشباع حاجته الأساسية في الحياة .
واختتم جلامنة مداخلته بالقول إن شكل التربية الأسرية، والمدرسية، والحزبية التي يتعرض لها الأطفال الفلسطيين لن تقود لمواطن يمتلك ثلث هذه الصفات، لذلك من الطبيعي أن لا يدرك الشباب أن تمثيلهم – حتى داخل أحزابهم – ليس على المستوى المطلوب، كذلك في النظام السياسي، ومؤسساته! ، ومن الطبيعي أن يكون هذا الانقسام لأن شكل التربية المطلوب الحالم بقبول الاختلاف والتعددية في إطار المواطنة؛ لم يتحقق بعد، والسؤال هل أدركنا خطورته لنربي بطريقة مختلفة ؟!. هل أدركنا خطورته لنحاول وقفه، وأن نمارس دورنا كمواطنيين مسؤولين؟.
وفي الجلسة الثانية قال الصحفي والإعلامي البارز عماد الأصفر من خلال ورقة عمل قدمها بعنوان" دور وسائل الإعلام أثناء الصراعات الداخلية ،" إن الجمهور الفلسطيني يعلق أكثر من غيره بكثير – آمالا عريضة على الإعلام ويبني طموحات وسقف توقعات عال جدا من وسائل الإعلام متناسيا أن الإعلام إنما هو انعكاس للواقع القائم ومجرد سلطة رابعة لا تستطيع العمل بكفاءة إن لم تعمل السلطات الثلاثة التي تسبقها بفاعلية وكفاءة.
وأضاف الأصفر أن القوي لديه إعلام قوي منوها إلى أن : القوة الاقتصادية والتقدم في شتى الميادين الاجتماعية وعلى رأسها التقدم الديمقراطي يصنع إعلاما قويا وصاحب مصداقية , وأما الضعيف فان إعلامه يبقى ضعيفا مهما بلغت عدالة رسالته وقديما وحديثا قيل عن القضية الفلسطينية بأنها اعدل قضية في أيدي افشل محامين ، وربما يكون للضعيف حظه في الإعلام ولكن بشرط أن تكون لديه رسالة موحدة وموقف واضح وأما حين تتعدد الرؤى وتختلط الأهداف والرسائل فان الإعلام سيعكس هذا التشتت وهذا ما نراه في واقعنا اليوم.
وقال الأصفر انه لا يجد أسبابا مقنعة لتعاظم حجم الآمال التي يعلقها الفلسطينيون على الإعلام ولكن قد يكون من بينها عدم ثقته بقواه السياسية وهو ما اتضح في استطلاع رأي أجرته مؤخرا مؤسسة الشرق الادني وجاء فيه أن أكثر من نصف الفلسطينيين لا يثقون بالتنظيمات وقد يكون من بين هذه الأسباب أيضا حاجة الفلسطيني إلى من يعبر عن همومه وطموحاته العامة بعد أن انشغل السياسيون في سجالات مخزية .
وشدد الأصفر على أن الفلسطينيين يلومون وسائل الإعلام لأنها لا تتحدث بالقدر الكافي عن الفساد أكثر مما يلومون الفاسد نفسه وتجدهم يلومون وسائل الإعلام إذا قامت بتغطية اقتتال مسلح داخلي أو مشكلة بين قوتين ويتناسون انتقاد من قام بهذا السجال أو أمر به أو لم يتدخل لمحاسبة أطرافه بحيث يمنع تكراره وإذا ما خسرت أية فئة في الانتخابات فان السبب جاهز وملقى على وسائل الإعلام لا على مواقف وسمعة وأداء المرشح أو الفئة التي رسبت .
وتطرق الأصفر إلى أن نقل تلفزيون فلسطين لمشاهد قاسية ومؤلمة لاعتداءات قام بها أفراد حماس ضد كوادر وأعضاء من فتح بينها التمثيل في جثة سميح المدهون ومداهمة الأعراس والاعتداء على المصلين في الساحات أو مهاجمة عائلتي دغمش وحلس كانت المشاهد ورغم أن أقسى منها جرى بعيدا عن الكاميرات كانت قاسية ومؤلمة ومخزية وتدفع للكراهية وتحرض على الانتقام ولكنها كانت حقيقية هل كان علينا شطب الحقيقة ؟
وفي ذلك الوقت قال الأصفر : إن تلفزيون الأقصى نقل ومعه قنوات أخرى مشاهد لإحراق مقر المجلس التشريعي ومجلس الوزراء ووزارة التربية والاعتداء على مسيرات حماس وأجرى مقابلات مع ذوي معتقلين من حماس لدى الأجهزة الأمنية الفلسطينية ومقابلات مع ذوي سجين فارق الحياة في احد سجون السلطة , هذه المشاهد وتلك المقابلات كانت قاسية ومؤلمة ومخزية أيضا وتدفع لمزيد من الانقسام ولكنها كانت حقيقية فهل كان يجب شطبها ؟
ولفت الأصفر: إلى أن المشكلة ليست في الإعلام وليست فيما بثه أو نقله أنها في السياسيين الذين أعطوا قرارا و أوامر بتنفيذ هذه الاعتداءات وجرائم الإحراق وإطلاق النار على الأرجل وتعذيب المعتقلين , ولكن المجتمع لا يميل لمحاسبة هؤلاء المسئولين بقدر ما يميل إلى محاسبة الصحافة ربما لان حيطها واطي ولأنها لا تملك سجونا ولا تمنح رواتب يمكن قطعها بمجرد الاشتباه .

وشدد الأصفر على أن الإعلام ينقل ما يقوله السياسيون حيث قال "اعتقد أنهم - السياسيون - مسؤولون عن أقوالهم وبالتالي فهم من يتحمل مسؤولية ما ينتج عن أقوالهم من سوء سمعة أو تشويه أو تحريض أو رصاص ويتحمل المسؤولية ثانيا قوى الرقابة المجتمعية من برلمانيين ومنظمات حقوقية وثالثا جمهورهم سواء في التنظيم أو في الشارع لأنه يسمح لهم بالاستمرار في هذه اللعبة القذرة يوم تخوين ويوم شراكة يوم رصاص ويوم حوار يوم شتائم ويوم تبادل قبل، مشيرا إلى أن الإعلام انخرط في النزاع لصالح هذا الطرف أو ذاك ولكن ليس بقرار منه ولو ترك له الخيار لاختار أن يكون مهنيا وان يراعي الدقة والمصداقية والنزاهة والحياد ولكن هذه المواصفات لا يجب أن تكون مطلوبة من الإعلام فقط بل يجب أن تكون مطلوبة من رجل الأمن ومن البرلماني ومن القاضي ومن الوزير ومن الناشط الحقوقي، الوضع الفلسطيني غريب من نوعه بل ربما الأغرب في العالم .

وذكر الأصفر أن هناك صفات مثالية عديدة يجب أن يتحلى بها الصحفي كالاستقلالية والجرأة والحياد والموضوعية وهناك مهام كثيرة مطلوبة من الصحفي مثل الالتزام بقضايا المواطنين وخدمة المجتمع والحرص على السلم والالتزام بالقوانين وتعميم كل ما ينفع من معلومات ونقل مختلف الآراء بكل صدق وإتاحة أوسع مجال للنقاش بهدف الحصول على مقترحات مثمرة يجري تشكيل رأي عام حولها إلا أننا نستطيع الاقتصار على صفة واحدة تجمع كل المواصفات والمهام المطلوبة ألا وهي صفة المهنية .

واختتم الأصفر مداخلته بالتركيز على أن الإعلام يقوم بمهمات مجتمعية وقائية وعلاجية تهدف إلى توافق المجتمع ووحدته وتجانسه في كتلة واحدة تواجه الأخطار المتربصة بأمن المجتمع واستقراره وعلى رجل الإعلام أن يدمج هذه السياسة في خطط تنموية هادفة إلى تعميق الشعور بالانتماء وبالمواطنة .
وفي الجلسة الثالثة للمؤتمر ذكر ربيع حنتولي الناشط في العمل الشبابي من خلال ورقة العمل التي قدمها تحت عنوان" خطوات تحقيق المصالحة والمشاركة على الصعيدين الرسمي والشعبي" انه إذا أردنا إنهاء الانقسام يجب أولا تحديد أسبابه ودرس تداعياته ومدى عمقه مما يساعد على وضع بعض الأفكار التي تهدف لإنهائه أو على الأقل حصره مشيرا إلى أن المسؤولية الأولى تقع على عاتق أطراف الانقسام، ولكن من هم أطراف الانقسام؟ أدوات الانقسام معروفة وهي الفصائل و بالأخص حركتا فتح وحماس وتحديدا حماس التي أقدمت على نقل الانقسام من دائرة القول إلى دائرة الفعل باستخدام السلاح ، إذا من هم أطراف الانقسام، م.ت.ف و جماعة الإخوان المسلمين، التيار العربي المعتدل وتيار الممانعة، أم حلفاء أمريكا وحلفاء إيران.
وطرح حنتولي مجموعة من التساؤلات قائلا "..، نريد حياة كريمة داخل دولة مستقلة ذات سيادة على حدود 1967 و عاصمتها القدس؟ أم نريد فلسطين التاريخية؟ ما هي شكل هذه الدولة؟ ديمقراطية علمانية أم إسلامية تحكمها الشريعة؟ كيف سنصل إليها؟ بالكفاح المسلح أو المقاومة السلمية أو المفاوضات أم كل هذه الأساليب معا؟ من يقرر هذا؟

وأضاف "يوجد العديد من التساؤلات التي كانت قد حسمت في الماضي، إلا أن إفشال إسرائيل لمشروع السلام وانقلاب حماس في غزة أعادنا إلى المربع الأول ، مشددا على أن المطلوب الآن هو بلورة رؤية فلسطينية موحدة للتعامل مع الواقع الإقليمي والدولي في مواجهة الاحتلال والاتفاق على آليات وأدوات تنفيذ هذه الرؤية. لتحقيق ذلك يجب البدء بإنهاء الانقسام وهنا توزع المسؤوليات

وأشار حنتولي إلى أن إنهاء الانقسام يستوجب أن تحرر جميع الأطراف نفسها من تبعيتها الخارجية وبلورة قرار فلسطيني مستقل مع الاتفاق على آلية للتعامل مع الخلافات الداخلية وحلها بعيدا عن التدخلات الخارجية ودون المساس برمزية القضية الفلسطينية على الصعيد الدولي اعتماد الحوار والقانون كأداة وحيدة لحل الخلافات الاعتراف بالخطأ والقبول بمبداء المحاسبة, و تحمل المسؤولية والقبول بمبداء التضحية بالمصلحة الحزبية والشخصية لصالح المصلحة الوطنية.
وشدد حنتولي على أن هذه الخطوات تشكل أساسا أوليا للحد من هذا الانقسام ولكن هناك مسؤولية إضافية تقع على عاتق مكونات المجتمع الفلسطيني للمساهمة في الحل ، حيث يجب أن تشكل قطاعات المجتمع بوصلة لتوجيه الفصائل لا أن تنساق هذه القطاعات خلف المصلحة الفصائلية، لكن من الواضح أن مجتمعنا غير ناضج بعد للقيام بهذا الدور والدليل على ذلك انسياقه خلف الشعارات والعاطفة والإشاعات وردات الفعل بجميع أنواعها. كل القطاعات تتحمل المسؤولية ولكن المسؤولية الأكبر يتحملها قطاع من هم محسوبين على فئة المثقفين والمتعلمين والمناضلين والذين(أو من المفترض أن) يشكلوا مرجعيات أدبية وقدوة أخلاقية لشرائح عدة من المجتمع.

وأشار حنتولي إلى أن غالبية عظمى من الشعب الفلسطيني هم من الشباب، الشباب المتعلم، لكن ما فائدة العلم الذي لا يميز صاحبه عن الجاهل؟ فالشاب الغير متعلم والجاهل معذور، ولكن هناك متعلم جاهل، وهو الذي لا يستخدم علمه في التفكير قبل أن يبلور رأي أو يتخذ قرار ، داعيا إلى إعادة تفعيل دور قطاعات المجتمع على قاعدة بث ثقافة الانتماء للوطن أولا، وتكريس مبدأ الحوار والشراكة كنهج للتعامل مع جميع قضايانا وبناء مؤسسات مجتمع مدني حقيقية غير ربحية يكون همها الأول هو النهوض بالمجتمع الفلسطيني من خلال تعزيز القييم والتثقيف و إعادة بناء الأطر الشبابية داخل الفصائل وخارجها على أسس جديدة أولها الانتماء للوطن وتحمل المسؤولية ونبذ المصالح الفردية والفئوية التي تتعارض مع المصلحة الوطنية.
واختتم حنتولي مداخلته مبينا أنه لا بد من العمل للوصول إلى إنهاء للانقسام، وليس مصالحات شكلية هدفها الخروج من مأزق آني لأحد الأطراف، أو تأتي إرضاء لبعض القوى الإقليمية، ما ينتج عنه تجميل صورة تقسيم الوطن إلى حصص، وتقاسم غنائم وهمية على حساب مشروع وطني للجميع.