تصريحات نجاد و الخطاب السياسي الحضاري بقلم : ماجد عزام
نشر بتاريخ: 25/12/2005 ( آخر تحديث: 25/12/2005 الساعة: 14:39 )
وزير الخارجية البريطاني جاك سترو علق على التصريحات الاخيرة للرئيس الايراني
أحمدي نجاد حول اسرائيل و ظروق تاسيسها بالقول انها أي التصريحات خارج الخطاب
السياسي الحضاري .
تعليق سترو يكتسب بالتأكيد طابعا عنصريا و يتضمن اتهاما مبطنا للمسلمين
بانتهاج او تبني خطاب سياسي غير حضاري هذا من الناحية الثقافية و النفسية أما
من الناحية السياسية فان تصريح سترو يفتقد الى أسس منطقية وواقعية يمكن ان
تصمد امام اي نقد او مراجعة للتصريح .
و قبل الخوض في تصريحات الرئيس نجاد و مدى تطابقها مع ما يصفه السيد سترو
بالخطاب السياسي الحضاري يجب مساءلة هذا الاخير هل الخطاب البريطاني تجاه
الغزو الاميركي للعراق كان سياسيا و حضاريا ؟؟ و هل الانسياق مع عصابة
المحافظين الجدد المتعطشين للدماء في واشنطن يمت بصلة للخطاب السياسي الحضاري ؟؟
وهل يمكن اعتبار تلفيق الادلة و صوغ البراهين المصطنعة و الكاذبة حول
امتلاك العراق لاسلحة دمار شامل جزءا من الخطاب السياسي الحضاري الذي يتباهى
به السيد سترو ؟؟
و هل خداع الرأي العام البريطاني و الدولي و بث الاكاذيب حول علاقة العراق
المزعومة بتنظيم القاعدة تمت بالصلة للخطاب السياسي الحضاري الذي يتشدق سترو
بالحديث عنه ؟؟
بالعودة الى تصريحات السيد نجاد فانها تقدم قراءة لطبيعة انشاء الدولة العبرية
و كيف قام العالم الغربي بحل مشكلته اليهودية على حساب المسلمين و العرب عامة و
الشعب الفلسطيني تحديدا مع العلم ان عددا من كبار المثقفين و المؤرخين
الغربيين قدموا قراءة مشابهة و جوبهوا بالقمع الثقافي و الفكري و حتى القانوني
علما أن القوانين و حقوق الانسان الغربية تقف عند حدود الرواية اليهودية
الصهيونية لأحداث الحرب العالمية الثانية و ترفض السماح بأي قراءة مغايرة لما
نجحت الحركة الصهيونية في تكريسه طوال نصف قرن تقريبا .
أما بالنسبة لمكان انشاء الدولة العبرية فيجب عدم نسيان أو تجاهل حقيقة أن
العديد من القادة البريطانيين كما قادة الحركة الصهيوينة أنفسهم ناقشوا فكرة
انشاء الدولة اليهودية في أفريقيا و قبرص و حتى في أميركا اللاتينية قبل أن
ترجح العوامل الاستعمارية و الاستراتيجية فكرة اغتصاب فلسطين و انشاء الدولة
العبرية في هذا المكان الحساس و المهم من العالم الاسلامي و الى ذلك يمكن
اعتبار تصريحات الرئيس نجاد في سياق الدفاع عن النفس المشروع و المنطقي في وجه
التهديدات الاسرائيلية فأي دولة هذه التي تعطي لنفسها حق استخدام القوة لمنع
دولة اخرى من امتلاك سلاح هي نفسها تتفرد بامتلاكه و تستخدمه كسلاح ردع في
وجه دول المنطقة الاخرى ؟؟
و اذا كان سيلفان شالوم وزير الخارجية الاسرائيلية قد تبجح بدور بلاده الرئيس
و المركزي كما قال في اصدار مجلس الامن للقرار 1559 الخاص بسوريا و لبنان و
يستمر في تبني نفس السياسة في التحريض على ايران في سعيها لاستخدام الطاقة
النووية بشكل سلمي .ألا يمكن وفقا للتطورات الاخيرة في المنطقة رؤية الاصابع و
الاهداف الاسرائيلية خلف كل حملات الضغط و الابتزاز التي تتعرض لها ايران كما
الدول و الحركات الاخرى في المنطقة التي تحاول الوقوف في وجه السياسة
الاميركية التي تسعى لابقاء اسرائيل القوة الكبرى الوحيدة و المهيمنة في
الحوض العربي الاسلامي .
في الاخير يجب الانتباه الى الهدف الاساسي وراء الحملة الشرسة ضد تصريحات
الرئيس الايراني نجاد و هذا الهدف يتمثل في عدم تفاعل تلك التصريحات في
الشارعين العربي و الاسلامي ثم استخلاص العبر و الاستنتاجات منها و على رأسها
بالطبع أن النقاش يجب أن بعود الى جذوره و أصوله الطبيعية بمعنى أن السؤال لا
يجب أم يتمحور حول الدور الاسرائيلي في المنطقة و لا حتى على حدود الدولة
الفلسطينية في الضفة الغربية و قطاع غزة و القدس و الكتل الاستيطانية الكبرى
في الضفة و انما حول شرعية اسرائيل نفسها و شرعية وجودها في المنطقة و ضرورات
و حتميات التاريخ و الجغرافيا التي تؤكد أن الدولة العبرية حتما الى زوال .
مدير مركز شرق المتوسط للخدمات الصحفية و الاعلامية- بيروت