أم إسكندر تكحّل عينيها برؤية نجلها عقب 19 عاماً من الإعتقال
نشر بتاريخ: 12/03/2009 ( آخر تحديث: 13/03/2009 الساعة: 15:02 )
طولكرم- تقرير معا- تكحلت عيون أم إسكندر "في العقد الثمانين من عمرها" برؤية نجلها الأسير المحرر غسان محمود عبد اللطيف مهداوي ( 36 عاماً) بعد تسعة عشر عاماً من الغياب في سجون ومعتقلات وزنازين الاحتلال الاسرائيلي، قضاها متنقلاً بين "سجن جنيد في نابلس، ونفحة، وعسقلان، وكفار يونا، وجلبوع، وختاماً سجن بئر السبع الذي خرج منه يوم أمس الأربعاء.
وعند وصوله الى طولكرم من مدخلها الشرقي عبر حاجز عناب العسكري الاسرائيلي، قبّل مهداوي ولأول مرة منذ (19 عاماً) تراب المدينة، وإحتضن والدته "أم إسكندر" التي أطلقت الزغاريد وذرفت دموع الفرحة، تلاها قبلات أخواته اللواتي حرمن من رؤيته طيلة فترة إعتقاله بحجة المنع الأمني.
كما كان في إستقباله نائب المحافظ جمال سعيد، ورئيس بلدية طولكرم أحمد عبد الرازق، والناطق بإسم حركة فتح إقليم طولكرم سلامة سالم، وأعضاء اللجنة التنظيمية للحركة، وحشد من أقاربه والمواطنين، الذين توجهوا به الى مكتب منظمى التحرير الفلسطينية بالمدينة.
مهداوي سعيد بلقاء الأحبة.. وحزين لتركه آلاف الأسرى
---------------------------------------------------------
يقول الأسير المحرر مهداوي لحظة وصوله لطولكرم: "اليوم أشعر بفرحة عارمة، إلا أنها مزجت بألم كبير لأنني تركت خلفي أخوة أحببتهم وأحبوني، عشت وإياهم الفرح والألم والمعاناة، مورست علي وعليهم أبشع الممارسات الوحشية من قبل السجان"، مضيفاً "إن فرحتي لن تكتمل إلا بإطلاق آخر أسير عربي فلسطيني من السجون الإسرائيلية، ويعود كل منهم الى أهله ومحبيه وارضة".
وأضاف "قناعاتي لم ولن تتغير، وسأبقى جندياً مخلصاً للمشروع الوطني نحو تحقيق أهدافنا في الحرية والإستقلال، فشعبنا اليوم يعاني أكثر من أي وقت مضى، الإستيطان في إزدياد، تهويد القدس مستمر، إجراءات تعسفية قمعية بحق فلسطينيي (48)، فلقد آن الأوان ان نسترد حريتنا وكرامتنا بوحدتنا ووقوفنا صفاً واحداً ضد ما يمارس بحقنا سواء في غزة او الضفة".
وشدد الأسير المحرر غسان مهداوي "على الرغم من ممارسات السجان بحق الأسرى، إلا ان معنوياتهم مرتفعة جداً، وبشكل خاص في هذه الأيام التي تشهد جلسات الحوار الفلسطيني الفلسطيني في القاهرة، آملين بأن ينتهي الإنقسام، وتعود الوحدة والألفة بين كافة الفصائل كما كانت في السابق، مؤكداً في الوقت ذاته، ان هنالك حالات مرضية صعبة في صفوف الأسرى، وهي لا تتلقى العلاج اللازم، عدا عن حملات التنقلات المستمرة بحقهم، مما يسبب عبئاً كبيراً على ذويهم من خلال الزيارات".
وتفاجأ مهداوي عندما التقى اولاد إخوانه وأخواته، والذين أصبحوا شبانا في 18 و 19 عاماً، فهو لم يلتق بهم طيلة فترة إعتقاله، معبراً عن سعادة كبيرة غمرته اليوم بلقائهم ووالدته أم إسكندر.
مهداوي في عيون من عاش واياه في السجن
------------------------------------------------
ويقول الأسير المحرر علي خولي من مخيم طولكرم، والذي عاش مع المهداوي في سجون الاحتلال، انه كان كثير القراءة، قليل الكلام، يحب الخير للجميع، صلب عنيد لا يلين، على الرغم من حكمة القاسي، إلا ان معنوياته كانت دوماً مرتفعة، بل انه كان يصدّر تلك المعنويات الى كافة الاسرى من حوله، كان شاب متلزم دينياً وأخلاقياً، يستغل اوقات الفراغ بكل ما هو مفيد.
ويضيف، تأثر مهداوي كثيراً عند سماعه نبأ وفاة والده (80 عاماً) وهو في السجن، لأنه لم يتمكن من رؤيته طيلة فترة إعتقاله، حيث توفي في العام (1997)، تاركاً ورائه الوالدة وخمسة من الأخوات، وثلاثة إخوة.
قصة الإعتقال
-------------
عمل الأسير المحرر غسان مهداوي مع مجموعة تابعة لحركة فتح في العام (1989) كان عمره في حينه (17 عاماً)، وكان يحضّر للثانوية العامة، أعتقل من قبل الاحتلال الاسرائيلي بتهمة طعن مستوطن، وحرق حافلة إسرائيلية في العام (1990) وزج به في السجون الاسرائيلية، تمكن مهداوي من الهرب عن طريق نفق حفره هو والأسير توفيق زبن من أريحا من داخل سجن كفار يومنا القريب من طولكرم.
خلال فترة هروبه، كانت السلطة الوطنية الفلسطينية في بداية دخولها الى الضفة الغربية وقطاع غزة، والتي عملت على حماية مهداوي، وتوفير منام له داخل مقر المقاطعة بطولكرم، خوفاً من إعتقاله او إغتياله.
عملت المخابرات الاسرائيلية على إعتقال مهداوي وتمكنت من الوصول اليه عن طريق مجموعة من العملاء الذين إستدرجوه الى منتزه بلدية طولكرم في الحي الجنوبي من المدينة، حيث إقتحمت مجموعة من الوحدات الخاصة "المستعربين" المكان وإختطفوه ونقلوه الى داخل إسرائيل، كما تمكنوا من إختطاف الزبن هو الآخر.
فتح تستقبله إستقبال الأبطال
-------------------------------
ومنذ أسبوع، وحركة فتح إقليم طولكرم تجري الإستعدادات والترتيبات لإستقبال الأسير المحرر غسان مهداوي، حيث الإعلانات والدعوات للإستقبال عبر شاشات التلفزة المحلية بطولكرم، ورفع الرايات الفتحاوية والاعلام الفلسطينية فوق منزل الأسير، ولقاء ذويه واقاربه في ضاحية شويكة شمال طولكرم حيث يسكن مهداوي، ختاماً بإستقباله عند حاجز عناب العسكري الاسرائيلي وصولاً الى منزله.
ومنذ أن وصل مهداوي الى مكان سكنه، وهو يستقبل المهنئين والوفود الرسمية والشعبية، التي تتواصل حتى اللحظة.