الأربعاء: 27/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

خلال ندوة:تنفيذ قرار توقيف البشير سابقة خطيرة وأبعادها ستتجاوز السودان

نشر بتاريخ: 16/03/2009 ( آخر تحديث: 16/03/2009 الساعة: 13:50 )
رام الله - معا - حذر متحدثون فلسطينيون من المخاطر وعدم الاستقرار التي قد يجلبها تنفيذ مذكرة قرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس أوكامبو باعتقال الرئيس السوداني عمر البشير على دولة السودان والمنطقة عموماً.

وأشار المتحدثون في ندوة بعنوان "مذكرة توقيف البشير بين القضاء والسياسة"، نظمها نادي شباب رام الله أمس في مقره بالمدينة إلى أن القضية لها أبعاد قانونية وأغراض سياسية ودوافع اقتصادية، وربما مخططات جيو ـ إستراتيجية لمحاولة التفرد بأكبر بلد عربي وإفريقي، أو تقسيم السودان كمدخل لإحكام سيطرة القوى الكبرى على التنافس فيما بينها في شرق إفريقيا.

وقال الصحافي والباحث في العلاقات الدولية محمود الفطافطة" أن هذه المحكمة ظاهرها قانوني وباطنها سياسي"،مدللاً على ذلك بمؤشرات أهمها أن هذه المحكمة أنشئت عقب أحداث الحادي عشر من أيلول 2001 بستة أشهر. كما أن تشكيل هذه المحكمة جاء متزامناً مع احتلال أفغانستان والتحضير لاحتلال العراق،وفي غمرة احتدام ما عرف بـ"الحرب على الإرهاب"،مضيفاً:"أن الهدف من وراء إصدار مذكرة التوقيف السعي التدريجي لاستكمال مشروع تفتيت المنطقة الذي بدأ بمحاصرة العراق واحتلاله لاحقا وخلق بؤر توتر في عدد من البلدان العربية والإسلامية :في لبنان وفلسطين والصومال والجزائر والسودان انسجاما مع السياسة الأميركية المعلنة التي تبنتها إدارة بوش المنصرفة بعد أحداث أيلول .

وأوضح الفطافطة أنه لا يمكن إغفال أن القرار صدر في وقت تلعق غزة جراحها من جراء أعمال الإبادة الإسرائيلية، ورفض المدعي العام للمحكمة أن يحرك الدعوى ضد مجرمي الحرب الإسرائيليين ، رغم مئات الشكاوى المقدمة له في هذا الخصوص،فضلاً عن ما تقدم به لبنان إلى تلك المحكمة عقب جرائم إسرائيل بحقه في 2006 دون أن يتحرك اوكامبوا في ذلك.

وأكد أنه في حال قبول السودان بالشروط والمطالب الأمريكية والأوروبية فإن مثل هذه المذكرة ستلغى،ويتحول السودان إلى "مرضي" عنها أميركياً،منوهاً إلى أن هذه الشروط تتلخص في:السيطرة على الموارد الطبيعية للسودان، خاصة النفط، وقف دعم الخرطوم لحركات المقاومة العربية والإسلامية، بموازاة التطبيع مع إسرائيل، وعدم التضييق من جانب الخرطوم على النفوذ الفرنسي في غرب إفريقيا،إلى جانب إضعاف الدور الصيني في السودان الذي بسببه تراجع التأثير والتدخل الأميركي والأوروبي.

وبخصوص السيناريوهات المحتملة للقضية ذكر الفطافطة أن مثل هذه المذكرة قد لا تنفذ ويظل الوضع في السودان مستقراً إلى حدٍ ما، خصوصا أنه سبق وصدر عن مجلس الأمن بشأن النزاع في دارفور 20 قرارا منذ عام 2005 كلها لم تنفذ وذهبت أدراج الريح وظل السودان صامدا،مشيراً إلى أن المؤكد أن قرار توقيف البشير ستكون له تداعيات عاجلة وآجلة في السودان وفي إفريقيا والعالم ككل،وأن هذه التداعيات قد تصل لمرحلة الفوضى وتصاعد مخططات الانفصال ومن ثم تفتيت السودان، خصوصا لو ارتبط صدور الحكم برغبة غربية شرسة في تنفيذه واللجوء لمجلس الأمن والفقرة السابعة من الميثاق لتنفيذه بالقوة بدلا من بعض المطالب الإفريقية والعربية باللجوء للمادة 16 من النظام الأساسي لتجميد القرار.

من جانبه تطرق الباحث القانوني المحامي محمد إسماعيل إلى الحديث عن القضاء الجنائي الدولي،مع التركيز على المحكمة الجنائية الدولية،وطبيعة عملها واختصاصاتها والدول الموقفة أو المصدقة على نظامها الأساسي،والمدعي العام وكيفية تنفيذ الأحكام وعلاقة المحكمة مع هيئات الأمم المتحدة،خاصة مجلس الأمن.وبين أن فكرة المحكمة الجنائية الدولية برزت تحديدا بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية ، ففي أعقاب الحرب الأولى توصل أطراف الحرب إلى اتفاق سلام فرساي لسنة 1919 ، وقد تم الاتفاق فيه على محاكمة مجرمي الحرب من ألمان وحلفاء لهم ،حيث جعل للإجراءات والخطوات التي تتخذ بحقهم تتقدم وتعلوا على الإجراءات التي تتخذها المحاكم الألمانية ومحاكم حلفائها ، وهذا يدل ولا ريب على اتجاه الجماعة الدولية على تكريس مبدأ عالمية الاختصاص القضائي لمثل تلك الجرائم الخطيرة لمنع إفلات مرتكبيها والمسئولين والمشتركين فيها من العقاب والمثول أمام العدالة.

وأوضح المحامي إسماعيل أن طبيعة عمل المحكمة الجنائية الدولية تقوم على مبدأين أساسيين: مبدأ التكاملية و يعني أن دور هذه المحكمة تكميلي واحتياطي في مواجهة اختصاص وعمل القضاء الوطني للدول،وأما الثاني فهو يتعلق بتوفير وتحقيق ضمانات العدالة أمام تلك المحاكم الدولية،منوهاً إلى أنه وفقاً لنظام المحكمة فإن اختصاصها يقتصر على اشد الجرائم خطورة والمتمثلة في: جريمة الإبادة الجماعية ، الجرائم ضد الإنسانية ، جرائم الحرب ، وجريمة الاستيطان.

جدير ذكره أن الندوة تخللها العديد من التساؤلات والطروحات المقدمة من الحضور،والتي أكدت في غالبيتها على ضرورة مواجهة مذكرة أمر توقيف البشير،لأن تنفيذها سيهدد شعب بأكمله،وسيفتح باب عدم الاستقرار ليس في السودان فحسب؟،بل وفي المنطقة عموماً.