عائلة السموني تنفي توكيل محام من الداخل لرفع قضية باسمها على الاحتلال
نشر بتاريخ: 17/03/2009 ( آخر تحديث: 18/03/2009 الساعة: 10:05 )
بيت لحم- غزة- خاص معا- إحدى العائلات الفلسطينية في قطاع غزة والتي فقدت 29 من أفرادها إبان العدوان الإسرائيلي على القطاع في كانون الثاني يجري استغلالها من قبل محام يدعي أنه رفع قضية على الحكومة الإسرائيلية نيابة عن العائلة يطالبها بمبلغ 200 مليون دولار.
بتاريخ 10 آذار 2009، أعلن المحامي محمد فقرا، وهو محام فلسطيني يعيش داخل مناطق 1948، أنه قد رفع قضية ضد الحكومة الإسرائيلية في محكمة الناصرة نيابة عن عائلة السموني الغزية.
وفي محاولة من وكالة "معا" أن تستطلع حيثيات ما جرى، تبين أن عائلة السموني لم تكلف المحامي المذكور أن ينوب عنها، وعلمت "معا" أيضا أنه لم يتم رفع أية قضية. كما أن عدداً من المحامين الإسرائيليين ذكروا أن فقرا صاحب سوابق في استغلال العمال الأجانب المهاجرين إلى إسرائيل. وكان قد خضع للتحقيق من قبل الشرطة الإسرائيلية ومن قبل نقابة المحامين في إسرائيل.
وبعد يومين من إعلان فقرا عن رفع القضية، نقلت صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن أفراد من عائلة السموني أن أحداً من العائلة لم يفوض المحامي فقرا وأنهم يسعون إلى سحب القضية.
أما المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في غزة، والذي يمثل العائلة من الناحية القانونية حالياً، فقد قال لـ"معا" إن محامين تابعين له قد قاموا بمراجعة محكمة الناصرة وتبين لهم أنه لم ترفع أية قضايا باسم عائلة السموني في تلك المحكمة.
وقال المحامي إبراهيم الصوراني من المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان تعقيبا على ادعاءات فقرا بأنه قد رفع قضية باسم عائلة السموني: "لم ترفع أية قضايا. بل كانت مجرد ضجة إعلامية".
أما مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان جابر وشاح فقال: "تفاجأنا بالتقارير الإخبارية التي تطرقت إلى مسألة رفع قضية عن طريق المحامي فقرا،" معربا عن قلقه بأن هذه القضية سيكون لها آثار سلبية على موضوع تحميل الحكومة الإسرائيلية مسؤولية عن أرواح الشهداء الذين سقطوا في غزة.
يذكر أنه بتاريخ 4 كانون الثاني 2009 أقدم الجنود الإسرائيليون على تجميع ما بين 90 إلى 100 من أفراد عائلة السموني داخل منزل واحد في حي الزيتون الواقع في مدينة غزة ثم قاموا بقصف المنزل على رؤوس من فيه في اليوم التالي، ما أدى إلى استشهاد 29 من أفراد العائلة بما في ذلك عدد من النساء والأطفال فيما يعتبر من أكثر المجازر وحشية أثناء الحرب الأخيرة على غزة.
ويرى المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن على الحكومة الإسرائيلية أن تعترف بمسؤوليتها الجنائية عما حدث لا أن تكتفي بدفع تعويض مالي لمن بقي على قيد الحياة من أفراد العائلة.
وقد أعرب المركز في بيان يتعلق بمذبحة عائلة السموني عن القلق الشديد تجاه القضايا التي ترفع من أجل المطالبة بتعويضات مالية في ظل غياب التحقيقات الجنائية بالتزامن مع تلك القضايا.
يقول المركز الفلسطيني: "إن أسوأ ما يمكن أن تتمخض عنه تلك القضايا هو التوصل إلى تسوية مالية بين المحامي وبين المتهم دون إلزام المتهم بالمسؤولية الجنائية. وفي مثل هذه الحالة فقد يخسر الضحايا حقهم المستقبلي في محاكمة المتورطين في انتهاكات القانون الدولي أو في جرائم الحرب".
ويتابع البيان الصادر عن المركز بأنه "في أسوأ الأحوال فقد ينتهي الأمر بالاكتفاء بتسوية مالية ولا يتم محاكمة المسئولين، أو تحميل القادة العسكريين الإسرائيليين المسؤولية عن جرائم الحرب التي ارتكبوها. كما أن ذلك يقلل من شأن الخسائر البشرية في الجانب الفلسطيني التي يدفعها المواطنون الفلسطينيين من دماء أبنائهم".
بدوره أنكر مختار عائلة السموني صبحي السموني أن العائلة قد عينت المحامي فقرا لينوب عنها، مؤكداً أن العائلة لا تنوي رفع قضية تعويض مالي. وأضاف أن أحد أفراد العائلة كان قد اتصل بالمحامي فقرا وأرسل له صورا للضحايا من أفراد العائلة، مؤكدا أن ذلك "بهدف توضيح ما حل بالعائلة على يد الجيش الإسرائيلي".
أما المحامي فقرا فقد نفى رواية المختار وكذلك رواية المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان. وقال إن رجلا يدعى صلاح السموني قد أرسل له صورا للضحايا من أفراد العائلة وطلب منه أن يرفع قضية نيابة عن العائلة. وادعى أنه قد دفع رسوم المحكمة من ماله الخاص. وأوضح أن القضية رفعت نيابة عن 74 شخصا من بينهم 29 سقطوا شهداء، و45 أصيبوا بجراح. وتساءل مستغربا: "كيف لي أن أتوجه إلى المحكمة دون أن أطلع على كل التفاصيل؟".
وحسب رواية المحامي فقرا، فإن العائلة اتصلت به قبل أن يرفع القضية بأسبوع واحد. وتعقيبا على هذا الادعاء، قال المحامي إبراهيم الصوراني من المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إنه من المستحيل إعداد قضية بهذا التعقيد في مثل هذه المدة القصيرة، وأن جهود المركز في محاولة إعداد عدة قضايا نيابة عن العائلة قد تستغرق عدة أشهر علما أن طواقم من خبراء القانون ستعمل على إعدادها.
ومما يلقي بمزيد من ظلال الشك على رواية المحامي فقرا، أنه اشتهر باستغلال الضحايا من البسطاء في المجتمع الإسرائيلي وخصوصا العمال من المهاجرين الأجانب. تقول حانا زوهار مديرة مؤسسة "كاف لعوفيد" في تل أبيب والتي تعنى بحقوق العمال إنها علمت بأكثر من 30 شكوى تقدم بها عمالا قالوا إنهم تعرضوا للاحتيال من قبل المحامي فقرا.
أما عنات كدرون المحامية في "كاف هعوفيد" فأوضحت أنه في عشرات الحالات وعد المحامي هؤلاء العمال بأنه يستطيع أن يحصل لهم على تصاريح للإقامة في إسرائيل مدة خمس سنوات إضافية بعد المدة القانونية التي يسمح بها القانون الإسرائيلي. المحامي الذي يتخذ له مكتبا داخل محطة الباصات المركزية في تل أبيب يوهم العمال الأجانب وخصوصا الصينيين، والتايلانديين، والأتراك أنه سيرتب لهم إجراءات قانونية تسمح لهم بالبقاء داخل إسرائيل سنوات أطول.
وكررت المحامية كدرون أن المحامي يتقاضى من هؤلاء العمال مبالغا تتراوح بين 3000 إلى 4000 دولار وكل ما يقوم به هو أن يوقف قرار الترحيل الصادر بحقهم بضعة أيام في أحسن الأحوال. وهكذا يتواصل مسلسل الاحتيال. وتضيف كدرون التي تترافع نيابة عن بعض هؤلاء العمال حاليا أن المحامي فقرا يأتيهم بقرار المحكمة القاضي بتوقيف الترحيل مؤقتا والمكتوب باللغة العبرية مدعيا أمامهم أنه وثيقة يستطيعون بموجبها البقاء في إسرائيل مدة طويلة. وفي حالات أخرى، حسبما تقول كدرون، يقوم المحامي بقطع الصفحة الأولى من العريضة التي يقدمها للمحكمة، ويقدمها للزبائن على أنها قرار محكمة.
وكانت النتيجة أن بعض زبائن فقرا من العمال قد اعتقلوا بتهمة البقاء في البلاد بصورة غير قانونية، وآخرون دفعوا آلاف الدولارات عبثا، على ذمة المحامية زوهر التي أكدت أن عدد الشكاوى المقدمة ضد المحامي فقرا والأدلة الواضحة التي ترفق بها تعزز نظرية النصب والاحتيال المتعمد.
وتضيف كلتا المحاميتان زوهر، وكدرون أن الشرطة الإسرائيلية فتحت تحقيقا في موضوع فقرا، إلاّ أن القضية أغلقت لأسباب غير معلومة. كما أن نقابة المحامين الإسرائيليين فتحت تحقيقا في الموضوع لا يزال قائما.
ولدى سؤاله عن تلك الاتهامات، أكد فقرا أن الشرطة استدعته مرتين للتحقيق لكنه قال إن إغلاق ملف القضية دليل واضح على أنه لم يقترف خطأ. وردا على السؤال إن كان قد سبق له أن احتال على عمال من المهاجرين، أجاب فقرا: "بالطبع لا".