الرئيس : لامفاوضات بدون وقف تام للاستيطان..نتطلع لحكومة توافق وطني
نشر بتاريخ: 21/03/2009 ( آخر تحديث: 22/03/2009 الساعة: 11:03 )
بيت لحم- معا - الا نستحق الاستقلال؟ الا نستحق دولة عليها علم ؟, اننا سوف نناضل وسنبقى من اجل الحصول عليها وانهاء عذابات شعبنا المشرد".
بهذه الكلمات استهل الرئيس محمود عباس كلمة بمناسبة انطلاق فعاليات القدس عاصمة الثقافبة العربية 2009 جدد فيها مواقف القيادة الفلسطينية من عملية السلام والمفاوضات وربط نجاحها بوقف الاستيطان , اضافة الى التاكيد على ضرورة توحيد شطري الوطن من خلال مصالحة وطنية جادة.
ودعا الرئيس في كلمته الى الدفاع عن القدس ومكانتها عاصمة لدولة فلسطين وعنوانا للعدل الذي تحتاجه الارض وشعبها في ظل سياسة اسرائيل القائمة على السلب والنهب وهدم البيوت وتهجير اصحابها لا سيما في سلوان احدى مدن القدس .
واضاف الرئيس " القدس هي العنوان والاول والاخر لاي تسوية قادمة".
وقال "لن يكون هناك اي فرصة لمفاوضات جادة من دون وقف التوسع الاستيطاني وان المنطقة سوف تغرق في الدوامة التي زرعت انعدام الثقة بين الجانبين ".
وطالب الرئيس ابو مازن الحكومة الاسرائيلية القادمة بان تؤكد جديتها في السير على طريق السلام وقبول حل الدولتين وكل الاتفاقيات التي تدعو لزوال الاحتلال واقامة دولتنا".
وعرج الرئيس ابو مازن على موضوع الحوار الفلسطيني الذي ترعاه مصر , واكد على ضرورة القبول بحكومة وفاق وطني غير فصائلية تلتزم بالتزامات منظمة التحرير .
وقال ": ان الحوار الذي ترعاه مصر لا يمكن ان نقبل باية عقبات تعترضه ومان التوصل لحل حقيقي ينهي الانقسام ويحقق اهدافنا وصولا الى اجراء انتخابات خلال الاشهر المقبلة لطي صفحة الخلاف".
وكانت فعاليات القدس عصمة الثقافة العربية انطلقت صباح اليوم في مدن القدس،والناصرة ،وبيت لحم ، وسط اجراءات اسرائيلية مشددة ضد المحتفلين لا سيما في القدس والناصرة.
وقال الرئيس في كلمته" ان اسرائيل منعت احتفالات القدس في القدس والناصرة وحماس منعتها في غزة"
وفيما يلي نص كلمة الرئيس:
بسم الله الرحمن الرحيم
'الحمد الله وسلامٌ على عباده الذين اصطفى'
سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله '
صدق الله العظيم
أصحـاب المعـالي والسمو والسعادة والفضيلة والنيافة
أيها الإخوة والأصدقاءضيوفنـا الكرام
نلتقي اليوم في العيد الحقيقي للثقافة العربية والإنسانية، عندما نحتفل تحت ظِل عاصمتنا ورمزنا وقلب شعبنا النابض، قُدسنا الشريف أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين مسرى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومهد سيدنا المسيح عليه السلام، هذه المدينة المباركة المقدسة التي ظلت صامدة على مدى العصور والأزمنة، تصنع التاريخ وتحميه من بطش كل أنواع الغزاة والطامعين، وترفع راية التسامح والمحبة والإخاء، وتصمد في وجه جميع الأعاصير والمِحن، وتُعلي كلمة الله عزّ وجل لكل الشعوب، ولكل قلبٍ مؤمنٍ يتطلع نحو رحمة السماء ويرفض ظلم الإنسان لأخيه الإنسان.
نلتقي اليوم في رحاب بيت لحم، توأم القدس وبوابتها، وعنوان الإخلاص الأبدي لرسالة الأنبياء والرُسل، الذين رفعوا على مدى الدهور راية القيم الإنسانية السامية، وقاوموا كل اضطهاد مهما كان لونه أو طبيعته، فباسم القدس الشريف، مهد النبوات وملتقى الرسل، نُعلن اليوم أننا سنظل مخلصين لتلك الرسالة الخالدة نَحملها جيلاً بعد جيل، وباسم بيت لحم والخليل وغزة ورام الله ونابلس وجنين وخان يونس ورفح وكل مدينة وقرية في وطننا الواحد الموحد، نقول للقدس أنتِ مِفتاحُ السلام للبشر، وأنتِ أمل كل الفلسطينيين والعرب، أنتِ دُرة التاج وأنتِ عنوان العدل والسلام الذي تحتاجه هذه الأرض المقدسة والمعذبة، هذا العدل الذي لن يعود إلاّ بقيام دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وهذا السلام الذي لن يسود إلا إذا زالت من حياتنا وذاكرتنا آلام ومعاناة اللجوء والتشرد لملايين اللاجئين من شعبنا.
إننا نعتز اليوم لأن كل عواصم العرب، بل وكل عواصم العالم بأسره، تحتفل بالقدس وبجميع ما ترمز إليه من انفتاح إنساني وتعددية ثقافية، وترفض سلب القدس طابعها هذا عبر التهويد القسري لأحيائها وشوارعها التي يشهد عليها التاريخ بأنها تنبذ كل تعصب وانغلاق، أو فرض لون ثقافي وديني واحد عليها، على النقيض من خيارها على مدى العصور.
ولذا نقول اليوم باسم عالم يحترم التعددية والانفتاح، وتآخي الثقافات وتجاورها مع بعضها البعض، نقول إن سياسة التمييز والقهر وسلب الأرض وهدم الأحياء والبيوت، سياسة تزوير الماضي وتدمير الحاضر وسرقة المستقبل، يجب أن تتوقف كلها، إذا كان السلام يمتلك فرصة حقيقة على هذه الأرض.
وأتوجه اليوم كذلك إلى أمتنا وأشقائنا، والى كل من يعمل من أجل أن تتخلص هذه الأرض من عذابها، أتوجه إليكم لأقول لكم كحريصين على الدفاع عن السلام، دافعوا عن القدس وعن طابعها ومكانتها عاصمة لفلسطين وللتآخي والترابط الإنساني. وما دمنا نطمح جميعاً إلى العبور نحو عالم يخلو من المآسي والحروب، فالقدس هي البداية وهي العنوان، وهي الأول والآخر.
إننا نعتزُ اليوم بهذا الحضور الكريم من أشقائنا الوزراء العرب، وبهذا الحشد الكريم من ممثلي الدول الشقيقة والصديقة، ومن رجال الدين الأجلاء، وأبناء هذا الوطن الغالي الذين تجمعّوا اليوم حتى يؤكدوا أن القدس ليست وحدها ولن تكون، وأن رجالها ونساءها الصامدين كجزء حي من هذا الشعب العظيم هم في مقدمة اهتمامنا ولهم كل دعمنا ومساندتنا، حتى يزول الاحتلال عن كل شبر من أرض الوطن ويرحل الاستيطان إلى الأبد، وتنتهي عهود التمييز والتطهير العرقي والحصار وجدران العزل العنصري التي صارت تطوّق عاصمتنا ووطننا، وتمثل حاجزاً أمام السلام والعدل.
وأود في هذا اليوم الذي يتميز كذلك بأنه عيد لأرفع أنواع الحب وأخلصها، عيد الأم، الذي يحمل معه أيضاً ذكرى يوم نضالي خالد هو يوم الكرامة الباسل الذي وقف فيه الجيش الأردني الشقيق البطل يدافع عن القضية الفلسطينية، وأود أن أؤكد أن شعب فلسطين بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية ممثلِه الشرعي والوحيد، لن يتخلى عن وعد العالم له، ولن يتنازل عن عهد العرب الذي أكدوا عليه من خلال مبادرة السلام العربية، بأن يواصل كفاحه حتى يقيم السلام العادل، سلامَ الشجعان، الذي أجمعنا عليه في كل محفل دولي، سلاماً يستند إلى حل الدولتين، بقيام دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف على حدود الرابع من حزيران عام 1967.
ولا بد لي من الإشارة كذلك، إلى أن على أية حكومة جديدة في إسرائيل أن تؤكد من جديد جديتها في السير على طريق السلام، من خلال قبول صريح لحل الدولتين ولخطة خارطة الطريق، ولجميع الالتزامات التي توصلنا إليها في الماضي، وقرارات الشرعية الدولية التي حددت كلها وبوضوح أُسس حل هذا الصراع، كما أؤكد أنه بدون وقف الاستيطان وقفاً تاماً في القدس وفي جميع أرجاء أرضنا المحتلة، فلن تكون هناك فرصة لبدء مفاوضات جادة ومثمرة، بل إننا في تلك الحالة سوف نغرق أكثر فأكثر في الدوامة التي زرعت انعدام الثقة واليأس والإحباط، ومهدت الطريق أمام العنف والحقد والكراهية.
إن من يريد مفاوضات نزيهةً، وعلاقات يسودها حسنُ الجوار والسلامُ الدائمُ ليس فقط مع فلسطين بل مع عالم عربي وإسلامي واسع، سوف يجدنا مستعدين ويدنا ممدودة، ولكن بعيداً عن التوسع والاستيطان وهدم البيوت وتشريد أصحابها وعن العدوان وغطرسة القوة التي شهدنا آخر وأبشع نموذج لها من خلال العدوان الأخير على شعبنا في قطاع غزة.
ولا بد ان نتذكر اليوم سلوان أحد أحياء القدس المهددة بالتدمير والاجتياح والتهويد، لكننا سنبقى على أرضنا صامدين، ولن نسمح أبدا للإسرائيليين أن يخرجونا من بيوتنا.
لقد شكل ذلك العدوان محطة مفصلية ونوعية، صار علينا بموجبها أن نسأل العالم كله، إلى متى يستمر مسلسل المذابح والدمار والخراب؟ أولا يستحق شعبنا المعذب مستقبلاً من التحرر والاستقلال والبناء السلمي والازدهار والتقدم مثل بقية الشعوب؟ السنا كبقية الشعوب، ألا نستحق الاستقلال، ألا نستحق دولة مستقلة عليها علم، بلا نستحق ونستحق وسنحصل عليها يوما ما.
إن الآلاف من الضحايا في غزة الجريحة هم شهود على مدى الظلم الفادح والاضطهاد الدموي والاستهانة بحياة البشر البسطاء والعزل الذي تعرضنا ولا زلنا نتعرض له.
إننا سنواصل العمل بلا هوادة من أجل رفع الحصار عن شعبنا في الضفة الغربية وقطاع غزة، حتى تُفتح بوابات الأمل الإنساني الحقيقي وينتهي إغلاق المعابر، وتُزال مئات الحواجز، وتسقط جدران العزل العنصري. وسوف نعمل بكل ما أوتينا من طاقة حتى تتحقق هدنة فعالة تحمي شعبنا من تجدد العدوان، وتحول دون إراقة دم طفل جديد أو إبادة عائلة أخرى أو تدمير قرى وبلدات بأكملها كما حصل في الحرب العدوانية ضد غزة الباسلة .
وهنا فإنه لا بد لي أن أتوجه بالتقدير والشكر إلى الحشد العالمي الذي اجتمع في مؤتمر شرم الشيخ، والذي عبر عن استعداد العالم كله للبدء في عملية إعادة إعمار قطاع غزة، وأكد ثقته المطلقة بسلطتنا وبحكومتنا التي كرست قواعد الكفاءة والنزاهة والشفافية، عندما قدمت إلى العالم خطة عملية وواقعية لإعادة الإعمار تم تبنيها من مؤتمر شرم الشيخ بالإجماع.
إنني في هذه المناسبة أُعبر عن خالص التقدير لحكومتنا الفلسطينية برئاسة الدكتور سلام فياض، لأنها تمكنت وفي أصعب الظروف بعد الانقلاب، الذي حصل قبل حوالي عامين، أن ترسي قواعد راسخة للبناء والإصلاح والتقدم في جميع المجالات الاقتصادية والإدارية والأمنية والاجتماعية والثقافية، وسوف نواصل العمل على ذات الطريق ووفق ذات الرؤية والأهداف والتوجيهات.
السيدات والسادة
أُشير هنا إلى أن الثقافة لعبت دوراً جوهرياً وأساسياً في مسيرة النضال الوطني الفلسطيني، وكان شُعراؤها وكُتابها ومثقفوها، طلائعيين ومُبشرين بالثورة وكانوا جزءاً أصيلاً من نسيجها. ونحن إذ نفتخر ونعتز بهذا الدور، نحرص على دعم النشاطات الثقافية ونفتخر بما تحقق ويتحقق من نهضةٍ ثقافيةٍ في مجالات عديدة في بلادنا.
وأخيراً أؤكد من جديد أن طريق الحوار والمصالحة الوطنية الذي ترعاه الشقيقة مصر لا يمكن إغلاقه أو تعطيله، وأن التوصل إلى حل حقيقي للانقسام الداخلي هو في مقدمة أهدافنا، وصولاً إلى إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية حرة وديمقراطية ونزيهة خلال الأشهر القادمة، نطوي بموجبها صفحة الانقسام والصراع الداخلي غير المسؤول وسفك الدم الفلسطيني بأيد فلسطينية. ولابد كذلك من التوصل إلى اتفاق نتمكن بموجبه من إقامة حكومة توافق وطني غير فصائلية تلتزم بالتزامات منظمة التحرير الفلسطينية التي تمثل مرجعيةِ السلطة والحكومة وكلِّ مؤسساتنا، وممثل شعبنا الشرعي والوحيد، هذه المنظمة التي ظلت على الدوام الميدان الرحب الذي يحتوي كل تيارات شعبنا وجميع ألوان الطيف السياسي الفلسطيني بدون تمييز، ومن هنا نشجب ونرفض ولا نقبل ولن نقبل كل الدعوات التي ظهرت تدعو إلى إقامة بديل عن منظمة التحرير الفلسطينية، ولن نقبل بها أبدا.
أيها الإخوة والأصدقاء
باسم القدس عاصمة فلسطين بمسيحييها ومسلميها، وباسم فلسطين وقدسها الشريف، رمز التلاحم العربي، والوفاء الإنساني لرسالات السماء إلى البشر، نؤكد اليوم لكم أن عهد فلسطين وشعبها باقٍ، فنحن صامدون على هذه الأرض، أرض وطننا، وسنحميها بالعزم والبناء والتصميم.
نحن صامدون لأن قدر هذا الشعب العظيم أن يبقى متمسكاً بأرض بلاده يحميها ويذود عنها حتى يأتي يوم الحرية والاستقلال، مُؤمناً بأن على 'هذه الأرض ما يستحق الحياة' كما قال شاعرنا الكبير محمود درويش.
أربعون عاماً مرت والقدس عصية على الاضطهاد، بل هي توحد ولا تفرق وها هي اليوم تقول للعالم ولكل العواصم، إن رسالتي هي السلام، السلام العادل والمشرف والدائم، ولن نتخلى أبداً عن هذه الرسالة.