اهلا بضيف فلسطين: احمد الفهد.. السياسي بزي الرياضي الطافح بالعطاء
نشر بتاريخ: 22/03/2009 ( آخر تحديث: 23/03/2009 الساعة: 15:09 )
بيت لحم- معا- كتب ابراهيم ملحم- لم اتردد للحظة، عندما طلب مني الصديق عطا الله نجار ، رئيس تحرير مجلة "فلسطين الرياضي" ، كتابة مقال بمناسبة الزيارة التي يقوم بها الشيخ احمد الفهد الصباح ، رئيس اللجنة الاولومبية الكويتية للاراضي الفلسطينية ، لحضور انطلاق احتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية، امس، والتي تزامنت مع صدور العدد الثالث للمجلة الانيقة ، ذلك انها مناسبة اعادتني الى بواكير عملي الصحفي ، عندما كنت شاهدا على حقبة جميلة من حقب العمل الصحفي ،رغم صعوبتها ، ابان عملي محررا للصفحة الرياضية في جريدة الشعب المقدسية ، قبل ان انتقل كاتبا لافتتاحيتها اليومية ، بعد ان غادرت مضطرا مضمار الرياضة ، لتغطية الفراغ الذي الذي احدثه ابعاد صديقي، واستاذي الاعلامي اكرم هنية ، الذي كان يرأس تحرير الجريدة حتى تاريخ ابعاده عام " 86" ، وهو السياسي المسكون بالرياضي، حيث طالما افرد لي مساحات واسعة في صفحات الجريدة لتغطية الانشطة الرياضية ، وظل وفيا للرياضة حتى الان برئاسته "لجريدة الايام " التي اسسها عقب عودته للوطن، وكان لي شرف تاسيس صفحتها الرياضية واطلاق ملحقها الرياضي البهيج .
في بواكير ذلك العمل الجميل، لفت انتباهي وانتباه العديد من زملائي الصحفيين الرياضيين ،ذلك الشيخ الفدائي فهد الاحمد الصباح، الذي سطع نجمه في ثمانينيات القرن الماضي، كواحد من اكثر الرموز الرياضية العربية اشعاعا في المحافل الدولية ، اشعاع كانت فلسطين حاضرة في ثناياه بكثافة ..حضور ظل الشيخ الفدائي وفيا له حتى قضى طيب الله ثراه شهيدا ، وهو يذود برجولة ،وفروسية ، وجسارة ، عن وطنه عندما ضلت البندقية طريقها ذات صيف في مرحلة من اكثر المراحل العربية سوادا، مازالت الامة تدفع اكلافها دما ودمعا وتشظيا، وفرقة وانقساما طولا وعرضا .
من هنا فان زيارة شبل الاسد للوطن الذي طالما نافح عنه والده فدائيا في صفوف الثورة في في لبنان، وقائدا رياضيا يحمل راية فلسطين ورؤيتها في المحافل العربية والدولية تكتسب اهمية استثنائية، ذلك ان ما يتمتع به الابن من حضور لايقل عن حضور والده الشهيد ،فزيارته تحمل جملة من المعاني والدلالات ليس اقلها انها تاتي تعبيرا عن عمق العلاقة التي تربط الشعبين الشقيقين رغم ما شاب تلك العلاقة من غيوم في تسعينيات القرن الماضي .
ولعل زيارة الفهد للاراضي الفلسطينية ،وهو القادم الى الرياضة من رحاب الامن والسياسة، تدشن مرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين الشقيقين ليس فقط على المستوى الرياضي، بل على كافة الصعد ،ذلك ان الرياضة كانت ولا زالت همزة الوصل التي لا تقطع ودا ،وجسر التواصل ،ومبعث الامل ومعقد الرجاء لبلوغ الاهداف والطموحات، وتجاوز الخلافات وكسر الاستعصاءات، ورسم افاق رحبة للعلاقات بين الامم والشعوب ،ذلك ان " دبلوماسية الكرة " تبقى الاكثر قدرة على تذليل العقبات ،وتذويب الخلافات، واحداث الاختراقات، سيما بين اخوة واشقاء ما يجمعهم اكثر بكثير مما يفرقهم .
ففي ملاعب الرياضة كما في حلبات السياسة، حر ، وقر ..، كر، وفر ، دموع، وشموع ..امال ، والام .. وفي الرياضة كما في السياسة صفقات، وتسويات هزائم وانتصارات ، نجاحات واخفاقات،عقوبات وامتيازات .. وفي الرياضة كما في السياسة اهداف في الدقيقة تسعين،و انفراجات اوانفجارات في ربع الساعة الاخيرة ... وفي الرياضة كما السياسة هجوم ودفاع ،مقدمة ومؤخر، ميمنة وميسرة ...في الرياضة كما في السياسة الهزيمة يتيمة والفوز له مئة اب ....في الرياضة كما السياسة لاعبون يخوضون غمار المباريات، واخرون على المدرجات وخطوط التماس ...في الرياضة كما في السياسة جماهير تصفق ونجوم تخبوا واخرى تحلق... في الرياضة كما في السياسة لف ودوران ،مراوغة ومحاورة ،متابعة ملاحقة للخصم حتى عتمة الليل .
بكل هذا المزيج البهيج من الرياضة والسياسة ،تشكلت شخصية الشاب الذي فتح عينيه على الحياة تحت اثقال مسؤوليات جسام الت اليه وفاء لوالده الذي حملها على منكبيه العريضتين، طيلة سنين عطائه حتى سطع نجمه ولفت اليه الانتباه من الكثيرين في الساحة السياسية الكويتية .
لقد كانت الكويت ولا زالت واحة للديموقراطية " الديموقراطية سكر زيادة " كما يعبر عنها واقع الحال في السجال الدائر بين الحكومة والنواب هذه الايام .
زيارة الاحمد لفلسطين وهي تطوي في احدى دلالاتها العميقة، صفحة من سوء الفهم في العلاقات الفلسطينية الكويتيه، فانها تفتح اخرى من الثقة يملاء بياضها الحضور الوارف لضيف فلسطين سواء في بلده او في المحافل العربية والدولية .
فالكويت كانت ولا تزال وطنا للجميع، وقبلة لفرسان الادب والثقافة والرياضة ، وموئلا لرواد وعلماء مفكري الامة ،وكانت مجلة العربي حاضنة لكل هذا التميز والابداع الثقافي والفكري ، وعنوانا بارزا لتلك البيئة التي اشاعت في الوطن العربي حالة من النهضة الفكرية والثقافية والاعلامية والرياضية.. حالة ما كان لها ان تنهض بكل تجلياتها وتجاذباتها لولا السقوف المرتفعة من الحرية ، المحمولة على اسس ثابتة وقواعد صلبة .
بزيارة احمد الفهد تعمر قلوبنا رياضيين وسياسيين ومواطنين بهجة تطل خلسة من نزف الجراح ووجع المعاناة، ونحن نرقب نهوضا رياضيا يملأ الملاعب نشاطا وحركة وبعثا جديدا من تحت ركام المعاناة .
ولا شك ان هذه الزيارة ستضيف الى سجل انجاز برسم الاعجاز ، حققه رئيس اتحاد الكرة رئيس اللجنة الاولمبية الفلسطينية ، اللواء جبريل الرجوب خلال زمن قصير من توليه رئاسة الاتحاد، اعاد خلالها بعث الحياة بالرياضة الفلسطينية ،بانطلاق الدوري، واستقبال رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم وافتتاح ستاد فيصل الحسيني لكرة القدم ، واشاعة اجواء من الحراك الرياضي في جميع الساحات والميادين .
فاهلا بضيف فلسطين .........." نحن الضيوف وانت رب المنزل ".