الأحد: 06/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

السفر الأخير لسفير العاب القوى((يوسف حمادنه ))بقلم - رائد البلعاوي

نشر بتاريخ: 28/03/2009 ( آخر تحديث: 28/03/2009 الساعة: 17:37 )
اريحا - معا - بكت أشجار النخيل في مدينة القمر التي كانت تراقب ذلك المدرب المثابر حين كان يرافق لاعبيه إثناء التدريبات في شوارع وجبال أريحا ,و بكت فلسطين كلها عندما سمعت بخبر وفاته . فكل من سمع الخبر في البداية لم يصدق الخبر لصعوبة وقعه على النفس البشرية الضعيفة , لقد اتصل بي قبل سفره بيوم في المساء من عند صديقه الرياضي المعروف جبرا بانو واخبرني بأنه سيحضر الذهب من بطولة العالم في الأردن لسباق الضاحية ،وكانت معنوياته عالية جدا ولم أرى من قبل هذا الإصرار والتحدي منة على تحقيق النتائج حيث كثف في أيامه الأخيرة قبل سفره الأخير من تدريبات المنتخب وخصوصا بعد عودته من المشاركة مع المنتخب من البحرين قبل أيام .
عدت بالذاكرة بالماضي للعام 1997 عندما التقيته لأول مرة فعندما بدأنا تبادل الحديث شعرت للوهلة الأولى أنني اعرف هذا الشخص منذ زمن بعيد وقتها دعاني لزيارة لمقر شباب اتحاد الشباب الفلسطيني الذي كان يدرب فيه , فذهبت في احد الأيام إلى المركز وبدأت بمراقبة تدريبات فرقة وشعرت حينها أنني أمام مدرب من طراز نادر ومتميز وفريد ولم التق لا خلال دراستي الجامعية في الجامعة الأردنية أو في الملاعب بشخص يتبع أسلوب علمي مبني على مبادئ التدريب مثلة ، وكان يقوم بعمل الفحوصات للاعبين واختبارات بدنية متميزة ورائعة ,وعلمت وقتها أنني أمام مدرسة من العاب القوى الحديثة المتميزة والمتجددة والتي لا تعرف الكلل أو الملل , وبعدها دعاني لمساعدته في التدريب حيث كنت اعمل معلما للتربية الرياضية في مدرسة فصايل الأساسية المختلطة في محافظة أريحا . فبدأت العمل معه وإثناء مرافقته كان المرحوم يوسف مخلص ومثابر ويقضي ساعات طويلة في التدريب ويدرب بشكل يومي ويعامل اللاعبين واللاعبات كأنهم أبناءه وكان يملك قلوب لاعبيه بشكل سريع , واذكر في إحدى زياراتي له في بيته التقيت عند المرحوم بطل العاب القوى علاء الدين الاسطة وكان يوسف يساعده في حل واجباته ومساعدتة في حل الواجبات و الامتحانات المدرسية , حيث لم يتوانى في يوم من الأيام على مساعدة اللاعبين بل رحمه الله كان يدفع الإقساط المدرسية عن بعض اللاعبين .
انتقل يوسف إلى هيئة تنشيط السياحة وأسس مركز اللياقة البدنية عام 1998م وأسس من خلالة فريقا لألعاب القوى , سافرت معه إلى العراق عام 1998م وأقمنا معسكر تدريبي في ملعب الجاذرية في بغداد ومن يرافق يوسف يشعر بالسعادة ولا يمل أبدا فهو صاحب دعابة , حدثني نادر المصري قبل الذهاب إلى اولمبياد بكين بأنه في سفراته السابقة مع الفرق والمنتخبات ، كان يشعر بالملل أثناء تواجده في الفنادق وكان يتسلى طوال الوقت باستخدام الجوال والاتصال مع أقاربه وأصدقائه في غزة، ولكنه حين رافق المرحوم لم يشعر بالملل أبدا ولم يستخدم الجوال كثيرا .
وكان رحمه الله من الأوائل في تأسيس نادي بلدنا الرياضي , وفي عام 2002م شكلنا مدرسة أم الألعاب في نادي بلدنا والتي كانت متميزة جدا وخرجت وصنعت العديد من الإبطال أمثال مأمون بالو, مأمون بالي , عبد الناصر عواجنة .
كانت مشيته مميزة وكان يعرفه كل تجار وأطفال مدينة أريحا من مشيته السريعة والمميزة وكان دائما يحمل الحقيبة بيدة والتي كانت عبارة عن مكتب متنقل ، فهو لا يعرف التعب عندما ينهي عمله في كموظف في محافظة أريحا ، كان يذهب للبيت لنصف ساعة ثم يعود للنادي مباشرة ولا يرجع إلى بيته إلا في المساء , كان يدرب يوميا وقلت له يوما يا يوسف ارحم نفسك لا يوجد من يدرب يوميا ويقول أنا اعشق اللعبة وسأكرس كل وقتي لخدمة اللاعبين هذه الرياضة حيث كان يردد دائما مقولة ( من جد وجد ) .
أسس اللجنة المساندة لألعاب القوى في محافظة أريحا التي تحوي نواة المنتخب الفلسطيني للعبة والتي كلفت أمينا لسرها ، حيث وضع آليات العمل للجنة على أسس واقعية وهي أول لجنة على مستوى الوطن , كان سباقا في كل شيء تتسابق الأندية للاستفادة من خبراته وعلمه , من يجلس معه يعلم بأنه أمام شخص غير عادي ومتميز في علمه وأسلوب نقاشه , كان يتمتع بثقة عالية لم أراها عند سواه وكنت أعجب من أين يستمد هذه الثقة بالنفس .صنع العديد من الأبطال أمثال غزالة فلسطين غدير غروف , ساندرا سمير, ضحى إدريس , رنين الغوج ولا ننسى مأمون بالو , مأمون بالي . علاء الدين الاسطة , عبد الناصر عواجنة.
فقد كان سفيرا لفلسطين في عدة بلدان عربية وعالمية للعبة العاب القوى ورافق المنتخب الفلسطيني في معظم البعثات الخارجية إلى سوريا ومصر وتونس والإمارات وقطر والبحرين ولبنان وأخيرا السفر الأخير إلى الأردن للمشاركة في بطولة العالم , والى غرب آسيا إلى اندونيسيا وماليزيا, إلى أوروبا إلى موسكو و فرنسا وأخيرا لا ننسى ظهوره التاريخي في اولمبياد بكين عام 2008م على رأس الوفد الفلسطيني مع اللاعب نادر المصري والعداءة غدير غروف .
خسرت فلسطين رجلا عظيما في الرياضة وهو عنوان العاب القوى في الوطن في كل المناسبات والبطولات الوطنية والعربية والعالمية ، ويبقى لنا في زوجتة سفيتلانا مدربة منتخب فلسطين للجمباز وبناته كاتيا وكارينا بطلات فلسطين في لعبة الجمباز ودلوعته الصغيرة ناديا .
رحل صديق العمر وترك فراغا كبيرا في حياتي سابقي أعاني منه طيلة حياتي رحمك الله يا يوسف .

**أمين سر اللجنة المساندة للاتحاد الفلسطيني لألعاب القوى في محافظة أريحا