يوم دراسي في غزة بعنوان "اضطرابات ما بعد الصدمة عند الأطفال"
نشر بتاريخ: 30/03/2009 ( آخر تحديث: 30/03/2009 الساعة: 11:25 )
غـزة- معا- نظمت وحدة البحث العلمي بالكلية الجامعية للعلوم التطبيقية يوما دراسيا بعنوان "اضطرابات ما بعد الصدمة عند الأطفال" التشخيص والعلاج ويبحث في واقع الأطفال بعد صدمة الحرب على قطاع غزة وكيفية علاجها وتجاوزها .
وحضر اليوم الدراسي الدكتور خضر الجمالي نائب العميد للشؤون الأكاديمية، والدكتور هشام غراب رئيس وحدة البحث العلمي، الدكتور فضل أبو هين المحاضر في الجامعة الإسلامية ورئيس المركز المجتمعي لإدارة الأزمات، والدكتور عبد العزيز ثابت استشاري الطب النفسي وعدد من الأخصائيين النفسيين والأكاديميين بالإضافة إلى العشرات من الطلبة.
في بداية اللقاء رحب الدكتور خضر الجمالي النائب الأكاديمي بالحضور لاهتمامهم بهذه القضية الشائكة والمهمة، منوهاً إلى أهمية طرح هذه الموضوعات التي تنعكس على الاطفال إما سلبا أو إيجاباً، مضيفا أنه يجب الاعتناء بصحتهم النفسية والجسدية ومساعدتهم على تفريغ الرواسب النفسية لديهم حتى لا تؤثر على سلوكهم الحالي وفي المستقبل لأنهم رواد الغد وبناة المستقبل.
من جهته دعا الدكتور هشام غراب رئيس وحدة البحث العلمي خلال كلمته الباحثين والمختصين في مجال الأطفال لتكثيف الأبحاث والدراسات خاصة على الأطفال في مجال الصدمات النفسية وكيفية معالجتها نظراً لما تعرض له شعبنا من سياسة الاحتلال، مضيفا ان الفترة السابقة كانت صعبة على كل الفئات في المجتمع الفلسطيني ويجب العمل بجدية على طرق مساعدة كل فئات المجتمع على تجاوز المحنة وخصوصا الأطفال لما لهم من خصوصية في هذا الإطار.
من ناحيته أكد الأستاذ سامي عبد الفتاح سلهب أخصائي صحة نفسية ومجتمعية بالكلية الجامعية للعلوم التطبيقية أنه على مر سنوات طويلة تعرض الشعب الفلسطيني إلى العديد من الصدمات النفسية والقهر والتهجير والاضطهاد من قبل الاحتلال الإسرائيلي، فكان القتل والإبعاد والسجن ومصادرة الأراضي وهدم البيوت والاجتياح المتواصلة وما لهذا العدوان من آثار خطرة تحتاج إلى العلاج.
وذكر الأستاذ سلهب أن اضطراب ما بعد الصدمة يحدث أثناء تعرض الإنسان لحدث صادم غير عادي إما بتعرض مباشر أو غير مباشر أو مشاهدة الحدث الصادم عبر وسائل الإعلام.
من جهة ثانية تحدث الدكتور عبد العزيز ثابت استشاري الطب النفسي عن مدى تأثير الحرب على غزة على تطور الحزن وكرب ما بعد الصدمة لدى الأطفال مؤكدا أن الأطفال تعرضوا خلال انتفاضة الأقصى إلي خبرات صادمة شديدة وإلى تطور ردود الفعل لكرب ما بعد الصدمة لصالح الأطفال الأكبر سنا.
واستعرض الدكتور ثابت النتائج التي تم التوصل إليها في دراسة تم إجراؤها على عينة من المجتمع الفلسطيني والتي أظهرت أنه توجد علاقة معنوية طردية بين شدة الصدمة النفسية وتطور ردود الفعل لكرب ما بعد الصدمة و الحزن، مؤكدا على وجود علاقة ارتباط بين نوع الخبرات الصادمة التي تتضمن المشاهدة والسمع الخبرة الصادمة الخاصة بالمشاهدة تتمثل في مشاهدة صور الجرحى و الأشلاء والشهداء في التلفزيون أو رؤية بيت هو يهدم ويدمر من القصف أو الجرافات، مضيفا ان الخبرات الصادمة الخاصة بالسمع كصوت القصف المدفعي وصوت الطائرات الحربية عند اختراقها لحاجز الصوت وما لهذا من أثر في تطور كرب ما بعد الصدمة و الحزن.
اما الأستاذ سفيان مطر أخصائي الصحة النفسية فقد تحدث عن المشكلات السلوكية وعلاقتها باضطراب مع بعد الصدمة، مشيرا أن الصدمة يمكن ان تحدث بعد مرور الفرد بالخبرة الصادمة أو مرور شخص قريب له بها، مؤكدا أن استجابات الأفراد للخبرة الصادمة تختلف من شخص لآخر فالبعض يستجيب لها في الحال، بينما قد يؤخر الآخرون رد الفعل لأشهر أو لسنوات بعض الأفراد يدوم التأثير بها لفترة من الوقت بعضهم يتخلص من آثار الصدمة مباشرة.
وتحدث مطر عن عوامل الصدمة النفسية والتي منها مشاهدة أعمال العنف، التعرض للإيذاء الجسدي، التعرض للاعتقال ، التعرض للإصابة بالعيارات النارية، مضيفا أن الصدمة تظهر أعراضها في سلوك الأطفال كاضطرابات في النوم، الانطواء والانعزال، اضطرابات في الفهم والتركيز، صعوبات في التنفس وضعف العضلات حالات الارتجاف وغير ذلك.
وعن طرق العلاج أشار مطر أن التحدث المستمر مع الطفل والإجابة عن تساؤلاته دون تردد أو مواربة، التعامل مع مشاعر الطفل بجدية، الإصغاء إليه، تقبل غضبه و انفعاله الشديد و المكبوت، إضافة إلى استرجاع الذكريات الجميلة وتشجع الطفل على الكلام عن تجاربه المؤلمة هي من أنجع الحلول لعلاج الصدمة لدى الطفل.
من جهته أشار الدكتور محمد وفائي الحلو أستاذ علم النفس بالجامعة الإسلامية متحدثا عن استخدام بعض المهارات السيكولوجية في مواجهة الأزمات كطريقة علاج تعتمد على التفاعل بين العقل والجسد ، وعلى الطرق القوية التي تتأثر بها العوامل الانفعالية والعاطفية والعقلية والاجتماعية والروحية وبالتالي تتأثر بها صحة الإنسان، مضيفا ان من هذه الطرق الرسومات والتحفيز الذاتي، التخيل والتأمل، وكذلك تقليل مستوى الضغط النفسي.
أما الدكتور هشام غراب رئيس وحدة البحث العلمي بالكلية فقد أشار في حديثه عن دور الأسرة والمدرسة في تجاوز الصدمة النفسية لدى الأطفال أن للأسرة دور في مساعدة الطفل الذي تعرض للصدمة النفسية عبر العمل على توفير الأمن النفسي للطفل واحتضانه باستمرار، وكذلك إتاحة الفرصة للطفل للتعبير عن أفكاره ومشاعره وما ينوي فعله في المستقبل لفتح آفاق الطموح لديه وتجنيب الطفل متابعة الأحداث والمشاهد العنيفة حتى لا تزيد من الصدمة لديه وتوفير الألعاب التي تجعلها يفرغ طاقته بها، مضيفا أنه لا يجب الضغط على الطفل للحديث عن كل التفاصيل المتعلقة بالحدث الذي تعرض له.
وفي ختام كلمته أوصى الدكتور غراب بضرورة تقديم خدمة التوجيه والإرشاد لكافة الأسر الفلسطينية عبر وسائل الإعلام المختلفة المرئية، والمسموعة والمقروءة لزيادة الوعي بكيفية مواجهة الأزمات والطوارئ وكيفية التعامل مع الطفل أثنائها، مشيرا إلى أهمية عقد دورات تدريبية للآباء والأمهات والمعلمين حول كيفية التعامل مع الأطفال وقت الأزمات.
من جهته أشار الدكتور عبد الفتاح عبد الغني الهمص أستاذ الصحة النفسية المساعد بالجامعة الإسلامية في كلمته أن اضطراب ما بعد الصدمة هو حالة من الضغط النفسي تتجاوز قدرة الفرد على التحمل والعودة إلى حالة التوازن الدائم بعدها ولكي نتجنّب اضطراب ما بعد الصدمة علينا الثقة بالنفس والوعي بالمشاعر والتعبير عنها مما يساعد كثيراً في الحد من الآثار الناجمة عن الصدمة إضافة إلى الوعي بالآثار الناجمة عن العنف يمكن أن يساعد في تجنب التعرض للصدمات، ولعل تقديم الدعم مباشرة لمصاب يمكن أن يقلل كثيراً من الاضطرابات إن لم يكن القضاء عليها نهائياً، وربما يساعد القيام بتمرين عضلي مباشرة بعد الحادث في الحد من إفرازات هرمون الأدرينالين.
من جهتها دعت الأستاذة أمل نجم المحاضرة بقسم العلوم الإنسانية بالكلية الجامعية للعلوم التطبيقية إلى الاهتمام برياض الأطفال كونها مؤسسات التنشئة الاجتماعية ذات الأهمية في بناء شخصية الفرد وكيانه الاجتماعي، مضيفة أن الروضة تساعد الطفل في التوافق مع البيئة وتهيئ له القيام بنشاطات تتوافق مع مرحلة نموه مؤكدةً أن هذه المرحلة تتحرك فيها مجموعة من الدوافع ذات الطبيعة النفسية والاجتماعية كدافع حب الاستطلاع والاستكشاف للتعرف على الأشياء من حوله والدافع للتعلم يخلق لديه نهما لتعلم خبرات جديدة.
واستعرضت نجم دراسات تفيد أن الحرب علي غزة خلّفت خبرات صادمة لدي الأطفال نتيجة سماع الأصوات الناجمة عن القصف وغالبية الأطفال لم يشعروا بالأمان داخل بيوتهم وأصبحوا غير قادرين على حماية أنفسهم خلال الحرب، مؤكدة في ختام كلمتها على ضرورة تنظيم دورات للدعم النفسي للطفل والأسرة معا، والعمل على إيجاد مساحات مرافقة للرياض كمنتزهات خاصة بالأطفال مستقبلا.
وفي ختام اليوم الدراسي أكد المشاركون على ضرورة الاهتمام ببرامج الصحة النفسية المجتمعية كجزء هام من الرعاية الصحية الأولية وذلك من خلال إنشاء مراكز صحة نفسية مجتمعية خاصة بالأطفال، إضافة إلى ضرورة العمل للحد من انتشار الأمراض النفسية بشكل عام والاضطرابات الناتجة عن الصدمة النفسية بشكل خاص في المجتمع الفلسطيني.