عشية رأس السنة وعيد الأضحى: فقر مكتوم وتجارة قد تبور في اسواق يغيب عنها تزاحم الاقدام
نشر بتاريخ: 31/12/2005 ( آخر تحديث: 31/12/2005 الساعة: 18:16 )
طوباس - معا - عبد الستار شريدة- ثمة فقر في المجتمع الفلسطيني لا يشعر به إلا أصحاب المهن والمحال التجارية ذات العلاقة باحتياجات المواطنين الأساسية والضرورية.
روايات أصحاب محال الألبسة والمواد التموينية ومعامل الحلويات في مدينة طوباس حول هذا الواقع تكاد تكون كذبة صاغها ملل هؤلاء التجار من الركود المميت في السوق عشية راس السنة الميلادية وأعياد الميلاد وعيد الأضحى.
" لم نعد نجاري سوء الأحوال المادية لدى المواطنين بسبب قلة الدخل" يقول صاحب أحد محال الألبسة الجاهزة في مدينة طوباس، ويضيف" كذلك لم يعد بمقدورنا تحمل أعباء الدين المتراكم على الموظفين الذين هم أساس حركة السوق".
هذا التعثر في حركة السوق كما يقول التجار "سببه أزمة السيولة لدى المواطنين الناجمة عن ارتفاع نسبة البطالة، خاصة في أوساط العاملين من المنطقة داخل إسرائيل"
فمع تعذر وصول حوالي 6000 عامل إلى أماكن عملهم حسب إحصائية مديرية عمل طوباس حرمت المنطقة مما قدره 360 ألف شيكل دخل يومي على افتراض أن متوسط دخل العامل اليومي مقابل ثمان ساعات عمل يوميا هو ستون شيكلا، وقد ترتب على هذه الأوضاع ارتفاع ملموس في مستوى خط الفقر وشلل يكاد أن يكون شاملا لأسواق المدينة.
ورغم أن مدينة طوباس شهدت - حتى وقت قريب - توسعا تجاريا نشطا واعتبرت دفيئة إنتاج لعشرات تجار المدن الفلسطينية الهاربين من ضجيج الاجتياحات الإسرائيلية، وأصبحت بفعل حواجز الاحتلال المقامة على مداخل المدن المحيطة بها مركزا حساسا للنشاط التجاري المعتمد على تزاحم الأقدام الوافدة من قرى جنين ونابلس وأريحا، إلا أن هذا الامتياز الوقتي لم يشفع لتجار المدينة في ظل الإفلاس غير المعهود لدى المواطنين من جهة، والمبالغة في ارتفاع الأسعار من قبل التجار كما يقول المواطنين مقارنة بأسعار أسواق المدن الأخرى.
المواطنون يدعون بأن التجار الوافدين بمصالحهم التجارية من خارجها إلى المدينة أدركوا أن حركة السوق في طوباس مرهونة بالوضع السياسي والحواجز التي حالت دون وصول مواطني قرى بعض المحافظات إلى أسواق مدنهم وقدموا إلى المنطقة للتسوق، غير أن التجار تعاملوا مع كل مستهلك منهم - كما يقولون - على أنه " زبون طيّار" وبذلك لم يؤسسوا لحركة تجارية بعيدة الأمد كذلك لم يعملوا على ضمان عودة الزبائن نتيجة المغالاة بارتفاع الأسعار.
يقول أحد المواطنين " أن الأسعار السياحية التي سنها التجار القادمون من خارج المنطقة على جميع السلع، جعلت مستهلكي المنطقة والمناطق المجاورة يفرون إلى أسواق المدن الأخرى رغم صعوبة التنقل بسبب الحواجز" ويضيف " إن محدودية الدخل للكثير من المواطنين جعلت منهم يفضلون التوجه إلى أسواق نابلس وجنين بالتحديد، وذلك في سبيل توفير ما يضمن شراء مستلزمات أخرى كان من الممكن عدم شرائها في حال تسوقوا من طوباس لارتفاع الأسعار فيها".
ورغم اقتراب موعد حلول عيد الأضحى المبارك، إلا أن المتجول في شوارع المدينة هذه الأيام يلاحظ أن الحركة النشطة مقتصرة فقط في الشارع الموصل إلى مجمع مركبات وحافلات المدن المجاورة، وكأن المواطنين يأملون بتوجههم إلى أسواق هذه المدن أن يراعي تجار المدينة سوء الأحوال المادية لدى المواطنين وعزوفهم عن التسوق من محال المنطقة، خاصة أن تجار المدينة كما قال أحدهم لم يأخذوا حذرهم في عيد الفطر المنصرم الذي كان بمثابة درس مدفوع الأجر للتجار نتيجة خسائر البضائع المتراكمة في مخازن الاحتياط.
هذا ومن المتوقع أن تستمر أزمة حركة السوق في مدينة طوباس نتيجة التباين في تحليل أسبابها ومبرراتها بين طرفي المعادلة، إذ يدعي التجار أن مردها أزمة السيولة لدى المواطنين بينما يدعي المواطنون أن سببها أزمة ضمير لدى التجار، مما ينعكس سلبا على جميع القطاعات ويضر بمستقبل المدينة الناشئة تجاريا واقتصاديا وعمرانيا.