الخميس: 26/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

المنافسة غير العادلة ودورها في انهيار الاقتصاد الوطني

نشر بتاريخ: 15/05/2005 ( آخر تحديث: 15/05/2005 الساعة: 14:05 )
المنافسة غير العادلة ودورها في انهيار صناعة الأحذية الفلسطينية

نابلس 15/5/2005
ازدهرت صناعة الأحذية في العقود الثلاث الماضية واصبحت قطاعاً اقتصادياً هاماً يوفر العمالة والدخل لآلاف الأسر الفلسطينية والعمل لأكثر من 20 ألف عامل في فلسطين .
وارتفع عدد المصانع والمشاغل الحرفية التي تدير هذا القطاع الحيوي الى اكثر من 500 مصنع ومشغل وتركزت هذه الصناعة في محافظتي نابلس والخليل في الضفة الغربية .
وكانت الأسواق الاستهلاكية مفتوحة للانتاج الفلسطيني حيث كان السوق الاسرائيلي يستهلك 50% من الصادرات و30% للأسواق الخارجية والباقي في السوق المحلية .
الا ان هذا الوضع تغير وتراجع الانتاج نتيجة الى جملة من العوامل والمؤثرات الخارجية والداخلية بدأت في اعقاب تحرير التجارة والاسواق واتفاقية باريس الاقتصادية الموقعة بين السلطة الوطنية الفلسطينية واسرائيل اضافة الى ما تشهده الاراضي الفلسطينية من عدوان اسرائيلي احتلالي متواصل منذ اربع سنوات حيث تقطعت أوصال الوطن وتم تقييد الحركة التجارية وشل الاقتصاد .
وعلاوة على ذلك اصبحت المنافسة غير العادلة وسياسة الاغراق بالبضائع القادمة من جنوب آسيا وشرقها التي تنافس بأسعارها الرخيصة وليس بجودتها الانتاج الفلسطيني الذي يرزح تحت وطأة الحصار والاغلاق ، عاملاً مركزياً في تراجع هذه الصناعة بنسبة لا تقل عن 70% .
وفي نابلس ازدهرت هذه الصناعة التي بدأت يدوية في الأصل وتطورت خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي و دخلت المكننة وعصرنة الانتاج الى هذا القطاع . وفي اوائل السبعينيات انطلقت هذه الصناعة الى مدارج الرقي وقفزت قفزات سريعة حيث حدثت نقلة نوعية وأفقية نتيجة لتوفر اليد العاملة الماهرة والرخيصة في الضفة الغربية وتوفركميات كبيرة من الجلود الطبيعية في اسرائيل .
يعود الحاج برهان ملحيس صاحب مصنع ملحيس للأحذية في نابلس الى الماضي ويقول انه في العام 1971 تم ادخال نعل البوليتان الذي كان حديثاً في العالم الى الصناعة مما ساهم في تطور الصناعة المحلية التي اصبحت تصدر الى الولايات المتحدة والامارات العربية ودول أخرى عديدة وتغطي حاجة السوقين الفلسطيني والاسرائيلي . لكن الامور تغيرت واثرت بدورها على انتاج المصنع .
وكان مصنع ملحيس للاحذية الواقع غرب المدينة والذي اقيم على احدث طراز وكان الأكبر من نوعه في فلسطين والاردن ويعمل فيه حوالي 500 عامل وبلغ انتاجه ما بين 20 الى 25 مليون زوج أحذية في العام من خلال 30 خط انتاج ، تعرض في اوائل العقد المنصرم الى خسارة كبيرة وعملية احباط شديدة وبدأ التراجع في الانتاج والتسويق وانعدام السيولة نتيجة للمنافسة الصينية غير العادلة . ويشير الحاج برهان ملحيس الى ان العولمة " الاستعمار الجديد كما يطلق عليه " قد افقد الصناعة توازنها . لقد تم اغراق السوق بالطوفان الصيني واصبحت الابواب مفتوحة على مصراعيها بغض النظر عن كل المعطيات الاقتصادية حيث اصبح السوق حراً بلا ضوابط او قيود وبدأ المصنع الذي بلغت كلفة اقامته 14 مليون دولار يعاني خسائر متراكمة ولم يتبق في المصنع اكثر من 70 عاملاً وحارساً .
ورغم اهمية هذا القطاع ودوره في زيادة الدخل والموارد الوطنية وتشغيل العمال ، الا ان سيطرة اسرائيل على المعابر وتحكمها في السوق خلق اختلالاً جوهرياً في هذه الصناعة وحد من قدرة السلطة الوطنية الفلسطينية على وضع ضوابط لتنظيم هذا السوق الحيوي . ومن الجدير ذكره ان المصانع الأخرى في المدينة لم تتمكن من مواصلة الانتاج واغلقت ابوابها وسرحت عمالها وموظفيها .