الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

جمعية افنان تعقد ورشة عمل بعنوان "غياب البرامج الثقافية في الفضائيات"

نشر بتاريخ: 01/04/2009 ( آخر تحديث: 01/04/2009 الساعة: 22:43 )
غزة -معا- عقدت جمعية أفنان للثقافة وتنمية المجتمع، اليوم، ورشة عمل بعنوان " غياب البرامج الثقافية في الفضائيات ، وتأثر الشباب بالفكر الهابط " بمخيم النصيرات وسط القطاع .

وشارك في الورشة خمس وعشرين شابا وشابة من جامعة القدس المفتوحة وسط القطاع ، حيث دارت أجواء نقاش جادة وحادة كانت تهدف للوصول إلى صيغة تفاهم نهائية ومقترحات لزيادة البرامج الثقافية في الفضائيات وبخاصة تلك التي يتابعها ويهتم بها الشباب الفلسطيني .

وقدم المشاركون أوراق عمل مختلفة جميعها اتفقت في المضمون واختلفت في تحميل المسؤولية لصنّاع القرار بالفضائيات من جهة وللمجتمع بكافة أطيافه وشرائحه من جهةٍ أخرى .

وقال الشاب بلال أحمد أن الفضائيات باتت تهتم الآن بالغزو الفكري الهابط من خلال بثها للأغاني الهابطة ، بينما رأى الشاب محمد العصار أن كل إنسان يعرف كيف يدير أموره الشخصية ويعي كيف يفرّق بين البرامج الثقافية الإيجابية والانحلال الفكري من خلال متابعته للبرامج الهابطة ، في حين اتفقت الشابة علا حمدان مع رأي الاثنين، وقالت يجب أن تبثّ الفضائيات برامج ثقافية فكرية هادفة ، وعلى الشاب والشابة أن يهتموا بها ويتابعوها .

وقدم رئيس جمعية أفنان عمر فارس أبو شاويش ورقة عمل بعنوان "جعجعة فضائية بلا طحين ثقافي"، قدمها بالنيابة عنه الشاب أسامة بلور بسبب تعرضه لوعكة صحيّة حالت دون حضوره ، حيث جاء في ورقة العمل "من منّا لا يعود مساءً إلى منزله وقد غزت رأسه جيوش الفوضى والعبث وصمّت أذنيه ضجة المدينة وإيقاع الأيام الصاخب المتسارع اللاهث خلف اللاشيء ، نبيت كل يوم منهكين من السعي وراء احتياجاتنا اليومية الاستهلاكية علّنا نظفر بها ولكنها دائماً تخلفنا وراءها مذهولين من سرعة تكاثرها ومهزومين أمام قسوة الحياة وجفافها، باحثين عن ملاذ لروحنا ووجداننا نستقي منه الغذاء الحي، ونهيم وراء جرعة ثقافية تنشط خلايا فكرنا وتبقيها على قيد الإبداع ".

وجاء أيضاً " لا يتوه أحدنا عن المصدر الأزلي والأصلي للدواء المنشود ألا وهو الكتاب ، لكن ماذا نصنع أمام الوقت المتآكل والتعب المتضاعف اللذين كانا من أهم أسباب انفضاض القراء عنه وتركه حبيباً نادراً لعدد متناقص من عشاقه ومريديه ".

واستطرد رئيس جمعية أفنان " لذا لا يبقى أمامنا إلا أن نخرّ جالسين أمام شاشاتنا ومستسلمين للغزو الفضائي القسري نعزّي رغباتنا ونصبّر عقولنا بأننا لابد أن نجد ضالّتنا في هذا الكم الهائل والمتفجر من العدد اللامتناهي للقنوات والمحطات العربية ، وإذ بنا أمام جعجعة فضائية بلا طحين ثقافي ".

وخرج المشاركون بصيغة نهائية لورشة العمل ، حيث جاء في ختامها " الرحلة البحثية بين هذه المحطات بمساعدة جهاز التحكم عن بعد تنتهي دون الوقوع على ما يروى من البرامج الثقافية وتمر في طريقها بمجموعة من الملاحظات نوجزها بما يلي:

أولاً: عدد البرامج الثقافية في القناة الواحدة قد يكون «صفراً» أو في أحسن الأحوال وإذا ما حسبنا البرامج والتقارير وفقرات من البرامج الصباحية ونقل الفعاليات وكل ما يتعلق بالثقافة ككل واحد فإن هذا المجموع لا يعادل ربع ما للرياضة من حصة في معظم المحطات، حيث الأخبار الرياضية جزءٌ أساسي من كل نشرة، وحيث البرامج اليومية أو الأسبوعية التي تقف عند أهم الأحداث، وأيضاً تنال المسابقات والمباريات نصيبها الوافي من التغطية وتُستدرك غالباً ببرامج خاصة للتحليل والتدقيق ، فضلاً عن وجود قنوات متخصصة فقط وفقط في هذا المجال ما يحيلنا إلى الملاحظة الثانية.

ثانياً: قنوات فضائية تنشطر وتتناسل لتكون شبكات أخطبوطية كثيرة، ويترافق ذلك مع ظهور يومي لمحطات جديدة تغزو بأسمائها وتردداتها قوائم شاشاتنا وتأخذ معظم هذه الاستطالات والإفرازات الفضائية في أرقى الأشكال وأفضلها خط القنوات الرياضية المتخصصة أو السياحية أو التعليمية أما أسوؤها- وللأسف أكثرها- فهي قنوات التسويق والدعاية وقنوات الأغاني وأشباه الأغاني القائمة على رسائل الدردشة والإهداءات فضلاً عن بروز قنوات دينية لا مجال هنا لتفنيدها وفصل الجيد منها عن الرديء في زحمة فضائية خانقة ، دون أن نعثر في كوم الشعير هذا على دبوس ثقافي يستفز سُبات عقولنا، ويسهم في إزالة صدأ المادة عن أرواحنا الطامحة أبداً إلى غذاء من معنى.

ثالثاً: كثيراً ما يتم الخلط بين البرامج الثقافية والاجتماعية، فتحسب بعض المحطات برامجها الاجتماعية في رصيدها الثقافي معتبرة نفسها قد تصدت لمهامها وأكملت خطتها البرامجية ، لكن البرامج الاجتماعية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تندرج ضمن الحقل الثقافي وإن قدمت شيئاً من أخبار النشاطات الثقافية أو أدلت ببعض نصائح التوعية أو ناقشت مشاكل وظواهر مجتمعية، وحتى إن استضافت أعلاماً ثقافية ضمن سياق معالجتها لقضية ما، أو خصصت بعض حلقاتها لتغطية حدث ثقافي معين ثم عادت بانتهائه لتسير على سكتها الاجتماعية أو المنوعة التي ومهما غاصت وتعمقت وجددّت ولوّنت إلا أنها لا تفي بشروط البرامج الثقافية، وفي الوقت نفسه لا ينتقص اختلافها وبعدها عن القالب الثقافي من ضرورتها وتحقيق بعضها لنجاح وشعبية وأهمية واضحة ، ملاحظات كثيرة نقطفها أثناء جولتنا البحثية في فضاء القنوات العربية عن برامج ثقافية حقيقية تصب كلها في سلة الندرة والضعف والغياب .

وأشار المشاركون لعدد من البرامج التي وصفوها بالإيجابية مطالبين بضرورة تطويرها وتدقيق مسارها الثقافي ، حيث جاء في ختام ورقة العمل " إننا وفي هذه الجولة لا بد لنا من توقف سريع على برامج سجّلت حضوراً وتأثيراً ونجاحاً نوردها على سبيل التقدير لها والتذكير بها وتشجيع استمرارها والحث على نمذجتها ، منها على سبيل المثال برنامج «روافد» على قناة العربية وهو برنامج ثقافي حواري في قالب شعري ولاسيما أن معده ومقدمه أحمد علي الزين شاعر وإعلامي وروائي يعكس مواهبه على قالب برنامجه ، كما يميز البرنامج أيضاً استضافته دوماً لقامات ثقافية تقف على قمم النجاح والشهرة في مجالاتهم الإبداعية.

وانتهت الورشة بكلمة ختامية من الشابة مها زقوت حيث قالت " الحديث عن قلة البرامج الثقافية واستذكار البارز منها فقط لا يعني فقدان الأمل بانبلاج صبح ثقافي جديد يشرق على ساعات مللنا وأوقات فراغنا رغم ما تتطلبه هذه البرامج من جهود كبيرة في التحضير والإعداد، وما تشترطه في تمتع مقدمها بالمميز من الصفات والملكات والخبرات وما تواجهه من عقبات وإرباكات في جلب الضيوف ومراعاة شخصياتهم وأمزجتهم، ولكن الأمل دائماً يحدونا بوجود فسحة ممكنة وسط هذا الركام والانهيار المحيط بنا من كل صوب ".