الخميس: 26/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

ساندوا قرار المقاطعة / بقلم :طارق صبح /ستانشر - النرويج

نشر بتاريخ: 01/01/2006 ( آخر تحديث: 01/01/2006 الساعة: 21:33 )

بعدما قررت مقاطعة "سور تروندلاج" في وسط النرويج مقاطعة اسرائيل ، بدأت تنصب موجات من ردود الفعل الصاخبة وأكثرها رافضة لذلك القرار.

كما و بدأ معظم اولئك الذين كتبوا ردودهم عبر الصحف المحلية بسرد تاريخي لمعاناة اليهود في اوروبا .. وكأن المقاطعة للبضائع الاسرائيلية ما هي إلا جزء من المعاناة ومعاداة واضحة للسامية بل وتواصل تاريخي "للمحرقة".

ومما لاشك فيه- طبعا - ان الكثير من الصحف النرويجية قد اعطت لهذا الموضوع اهمية وعملت على إبرازه، لا حبا في الفلسطينيين واظهار المقاطعة لإسرائيل كرد فعل على جرائم الاحتلال، بل لجعل القرار محط نقاش ولفتح الباب لكل انصار اسرائيل في النرويج للإدلاء بدلوهم في هذا السياق.. و رغبة في ثني المبادرين وصانعي القرار عنه. هذه الموجة العارمة من ردود الفعل لم تجر هنا فقط في النرويج، بل ان صداها قد قرع جدران خزانات العالم.

و أرسلت الرسائل من غير مكان لسفارات النرويج احتجاجا و رفضا، وذلك حسبما ذكر احد اعضاء البرلمان النرويجي الذي يناصر اسرائيل جهارا نهاراً.

جمعية مناصري ناجي "المحرقة" في مدينة تروندهايم النرويجية أقامت الدنيا ولم تقعدها، مقالات يومية في شتى الصحف النرويجية وخاصة في مقاطعة "سور تروندلاج". رئيس الجمعية ديفيد صولنهايم - يهودي الأصل- يكتب يوميا في صحيفة "ادرسه افيسا"، بل ان تلك الصحيفة قد فتحت باب النقاش على مصراعيه وخصصت صفحة كاملة بشكل شبه يومي لمناقشة القرار.

الغريب في الأمر ان الجهات التي دعمت قرار المقاطعة لم تتفوه بكلمة واحدة ولم نسمع اي رد فعل او دفاع عن القرار. انا لا انتقص من شأن هؤلاء، على العكس تماما، فعلوا ما لم تستطع دولنا العربية قاطبة فعله.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه في هذه السياق: اليس جديرا بمن يقترح اقتراحا ويحصل عليه وينفذه ان يدافع عن اقتراحه وقراراته. أم ان ضخامة موجة ردود الفعل وعنف الطوفان قد اربك حالهم و قلص فرص الرد على اولئك الذين يخلطون بين ما فعله هتلر وقرار المقاطعة؟

أياً يكن من أمر، لا أظن ان هذا القرار - المقاطعة - سيعيش طويلاً، و كأن القدر لا يسمح ابدأ للشعب الفلسطيني ان ينعم بالخير والطمأنينة حتى في ابسط الأمور وأقلها. لا أظن ذلك، بينما نحن نيام وليس بوسعنا كتابة حتى ابسط الردود والمشاركة في تلك المساحات المفتوحة للرد.

لقد قمت بكتابة بعض الردود في بعض الصحف النرويجية ردا على اولئك الذين لم يرق لهم قرار المقاطعة، طننت ان الباب سيفتح لبعض الأخوة الفلسطينيين والعرب للحذو و مواجهة هذا الطوفان من انصار اسرائيل في النرويج.

حينما يتعلق الأمر بنظام صدام حسين ترى الأقلام العربية وخاصة أقلام الزملاء العراقيين منهمرة الحبر و تزين صفحات الصحف المحلية و على مستوى النرويج، أما وأن الموضوع يتعلق بفلسطين وقضيتها فلا يجرؤ اي قلم عربي على التقدم وإرسال موضوع او مقالة أو حتى رداً على تلك المقالات التي تزيف ليس التاريخ فحسب بل الجغرافيا أيضاً.

لقد فرحنا وسررنا جدا بهذا القرار وشعرنا أخيرا ان هنالك من يكترث بحالنا في هذه الظروف الحالكة التي وضعتنا في تيه وجعلت اصدقاء لنا بل و إخوة في الدم والهم يتخلوا عنا ويتبرأوا منا وكأننا اصبحنا هماً على قلوبهم و كوابيس تؤرق مضاجعهم ليل نهار.

ولكن يبدو ان هذه الفرحة لن تتم طالما وقفنا وقفة المتفرج و أخذنا مكاننا العتيد على الهامش و ألقينا بهمنا كله على مناصرينا، أملين منهم ان يأخذوا كامل الدور و يواجهوا الطوفان لوحدهم حتى ينطبق عليهم المثل ملكيين اكثر من الملك و خليفيين اكثر من الخليفة.