كيف نفهم تهنئة ابو مازن لنتانياهو ؟
نشر بتاريخ: 13/04/2009 ( آخر تحديث: 14/04/2009 الساعة: 08:22 )
رام الله - تقرير معا - شعرنا كصحافيين بالمفاجأة والارتباك حين وصلنا خبر اتصال الرئيس ابو مازن بنتانياهو ّ ولربما كان ذلك لاننا كصحافيين فلسطينيين كنا نستعد لشن حملة لعزل نتانياهو وحكومته المتطرفة، او ربما لاننا قرأنا مطلع الاسبوع المنصرم شروط الرئيس الثلاثة قبل لقائه نتانياهو فجهزنا انفسنا لخطاب سياسي اكثر شدة.
ولم يكن خافيا اننا ارتبكنا في التعامل مع الخبر - على الاقل البعض منا - وحين توجهنا بالسؤال الى احد الكتاب المقربين من الرئيس بالسؤال ، قال ان الاتصال كان تقليديا للمباركة بعيد الفصح وان اسرائيل تعمّدت اعطاءه اكبر من حجمه.
عمر حلمي الغول مستشار رئيس الوزراء سلام فياض كتب اليوم في صحيفة الحياة الجديدة يقول ان مبادر ة الرئيس محمود عباس، بتقديم التهنئة لرئيس حكومة اسرائيل، بنيامين نتنياهو لمناسبة تشكيله حكومته، وايضا لمناسبة عيد الفصح اليهودي لم تتجاوز حدود الواجب الشكلي، الذي أملته العلاقات بين الطرفين الفلسطيني الاسرائيلي، والحديث الذي دار بين الرجلين لم يتجاوز حدود المجاملة، التي يفرضها واقع الحال السياسي.
وأضاف " غير ان بعض الأوساط الاعلامية والسياسية حاولت ان تضفي صبغة مختلفة تتجاوز حدود التهنئة، فحملوا الاتصال أكثر مما يحتمل، وذهبوا الى حد الحديث عن الاتفاق على لقاء بين القياديين ".
ويقرأ الغول توجهات القيادة الفلسطينية، بأنه لم يتم أي اتفاق على أي لقاء، لأن القيادة الفلسطينية والرئيس عباس أعلنا أكثر من مرة وعلى الملأ انهما على استعداد للجلوس على طاولة المفاوضات في حال أعلنت حكومة نتنياهو استعدادها وقبولها بخيار حل الدولتين القابلتين للحياة، وخاصة الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 بما في ذلك القدس الشرقية، عاصمة الدولة الفلسطينية، وهذا ما أكدت عليه خارطة الطريق ومقررات مؤتمر أنابوليس ومبادرة السلام العربية.
ولكن اذا ما بقيت حكومة نتنياهو - ليبرمان - باراك تتحدث عن الحل الاقتصادي، وتلعب لعبة التسويف والمماطلة لكسب الوقت وتثبيت الوقائع على الارض، وتغيير الواقع الديمغرافي، الذي يعني ضرب مرتكزات خيار حل الدولتين، فان القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس ابو مازن، لن تقبل بذلك، ولن تجلس مع رئيس الحكومة الاسرائيلية وسترمي الكرة في الملعب العربي والدولي وخاصة أطراف اللجنة الرباعية الدولية، وتحديدا الادارة الاميركية، الراعي الأساسي لعملية التسوية السياسية، وصاحبة صيغة خارطة الطريق، كما ان الولايات المتحدة، هي ذاتها التي رعت مؤتمر أنابوليس ودعت اليه اكثر من سبعين دولة، كما انها تبنت مبادرة السلام العربية، وبالتالي فان مسؤولياتها تحتم عليها استخدام أوراق الضغط المتوفرة بيدها لارغام الحكومة الاسرائيلية للقبول باستحقاقات عملية التسوية السياسية، والا فان المنطقة ستذهب نحو المجهول، وهذا بالضرورة سينجم عنه خيارات لا تحمد عقباها لشعوب المنطقة والسلم العالمي برمته.
ولا نعرف مدى قدرة الغول في اقناع المثقفين العرب حين يقول : كما ان الحاجة تستدعي أعلى درجات التنسيق مع الأطراف العربية المختلفة، التي أكدت في القمة العربية الأخيرة على التمسك بمبادرة السلام العربية، وهذا ما أكد عليه ايضا اجتماع عمان، الذي حضره ستة وزراء خارجية عرب اضافة للأمين العام للجامعة العربية.ويضيف : لكن على العرب وضع رزنامة للتحرك السياسي المستمر في الفترة القادمة وعلى كل الصعد والمستويات مع إقران ذلك باستخدام أوراق القوة العربية لفرض الرؤية العربية، ولحث الأطراف الدولية وخاصة ادارة أوباما والحكومة الاسرائيلية على الالتزام باستحقاقات التسوية السياسية.
وعقّب المحلل السياسي هاني المصري حول اتصال الرئيس محمود عباس بـ بنيامين نتنياهو ان الاتصال غير مناسب الان خاصة ان الحكومة الاسرائيلية الجديدة تشجع مخططات المستوطنين بشكل أكبر من اي فترة.
ودعا المصري لـ"معا" الى عزل الحكومة الاسرائيلية الجديدة واظهار حقيقتها والتصدي لمخططاتها، مؤكدا انها حكومة "ضد السلام".
اذاً، تفسير الامر من وجهة نظر الصحافة الفلسطينية المعتدلة - ان جاز التعبير - ان تهنئة الرئيس ابو مازن لا تتجاوز حدود المجاملة الشكلية، واقتصرت عند حدود ما ذكر آنفا، والموقف الفلسطيني الرسمي من المفاوضات مع الجانب الاسرائيلي ما زال على حاله، ولم يتغير، ولكنه قابل للحراك والتقدم في حال اعادة الحكومة الاسرائيلية النظر بسياساتها الاقصوية والعدمية والعنصرية، عندئذ، ستفتح أبواب المفاوضات السياسية .. فهل أدرك المغالون في فهم التهنئة حدود اتصال الرئيس الفلسطيني مع رئيس الحكومة الاسرائيلية؟.