الانتخابات هل هي واقع أم طموح؟ بقلم : د. جهاد جميل حمد
نشر بتاريخ: 04/01/2006 ( آخر تحديث: 04/01/2006 الساعة: 12:32 )
معا - كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن مفهوم الديمقراطية والانتخابات ومواضيعها المختلفة ، لدرجة أن اصبح الجميع يجد في نفسه القدرة على إعطائها مفاهيم و مصطلحات جديدة ، ربما اقتربت من زاوية أو من أخرى من المفهوم العام. و في هذا المقال أود أن أطرح عدة تساؤلات تتعلق بموضوع الديمقراطية ، هل هي المشروع الجديد الذي نبحث عنه وبالتالي يجب علينا كفلسطينيين تبنيه أو تطبيقه؟ هل هي الحل الوحيد لمشاكلنا الداخلية ، المحلية و العربية والدولية؟ كيف يمكن مواجهة التحدي الخارجي الذي نجح في تذييل المجتمع العربي عموما والفلسطيني خصوصا ويسعى جهده للإبقاء على هذا الوضع دون تغيير؟ ما هو السبيل إلى دخول العصر الحديث ، وكيف يمكن إحداث التغيرات البنيوية الضرورية في المجتمع العربي عموما والفلسطيني خاصة حتى نتمكن من الخروج من حالة التخلف والتردي والتبعية وعدم تحقيق الاستقلال؟ كيف يمكن محو الجهل والفقر وإحلال نسيج اجتماعي جديد مكان التفسخ الاجتماعي السياسي الاقتصادي؟ وما هو النظام الاجتماعي السياسي الاقتصادي الأمثل لتحقيق مثل هذه الغايات؟ هل الديمقراطية كل ما يسعى و يبحث عنه المواطن العربي والفلسطيني تحديدا؟ ما هي قدرات الديمقراطية ، وماذا يمكن أن تحقق لنا كفلسطينيين؟ هل هي مفهوم غريب و دخيل علينا ، أم مفهوم موجود منذ القدم عندنا ، وكيف يجب علينا التعامل معه؟...
لقد التقت الإجابات التي أعطيت من قبل المفكرين العرب وغير العرب في عصر النهضة وابتداءً من منتصف القرن التاسع عشر على أن هناك حاجة لإعادة نظر جذرية في النظام الاجتماعي السياسي القائم على السلطوية والقرار الفردي ، والعلاقات الخاصة والشخصية والعائلية والتعصبية ، والفوضوية ، والتسيب الإداري والاقتصادي والتبعية العمياء ، والبعد عن حكم وسيادة القانون ... وغيره. والتقت إجابات المفكرين في النصف الثاني من القرن العشرين على أن هناك حاجة حيوية لتغيير بنيوي في النظام الاجتماعي السياسي الذي يقهر الفرد ويقمع الفكر والإنسان وينتهك المحرمات ويأسر العقل ويبقي التبعية ويكرس الجهل.
لقد تعددت الإجابات حول سبل الخروج من حالة التخلف والفوضى على كل المستويات في العالم العربي عامة والفلسطيني خاصة وحول المقومات التي ينبغي توفرها للخروج من ذلك ، غير أنه- ومنذ فترات طويلة من القرن الحالي- ظهر اهتمام متزايد في العالم العربي في مسألة الديمقراطية كأحد المداخل الرئيسية لتناول الأسئلة الحيوية المطروحة أمام المجتمع العربي والفلسطيني بالخصوص خلال القرنين الماضيين .
وفي نفس الوقت أصبح معلوماً عند العديد من المفكرين والخبراء السياسيين وعلماء الاجتماع السياسي أن موضوع الديمقراطية وجد اهتماماً عالياً متسارعاً كحالة طبيعة لإفرازات اجتماعية سياسية اقتصادية للوضع الدولي وطبيعة الواقع المعاش في معظم دول العالم وخاصة في ضوء التحولات التاريخية التي حصلت في الاتحاد السوفييتي وأوروبا الشرقية ، وأحداث 11 سبتمبر وتأثيرات سياسة القطب الواحد الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية. وحقيقة فقد شهدت العشرون عاماً الماضية ،وابتداءً من نهاية السبعينات وبداية الثمانينات، وبشكل خاص وجلي منذ منتصف الثمانينات وحتى الآن ، تعاظما كبيرا وانتشاراً واسعاً في الكتابة والبحث والنقاش والحديث عن الديمقراطية في أرجاء مختلفة من العالم بما في ذلك المجتمع العربي والفلسطيني خاصة.
الديمقراطية والمشاركة السياسية:
الديمقراطية والانتخابات
وكما تم مناقشته في الفقرات السابقة بأن الديمقراطية تعني حكم الشعب ، فعلى ذلك فإن أحد الطرق التي من المحتمل أن يتمكن بها الشعب من ممارسة الحكم فيه هي الانتخابات ، وهذا لأن الديمقراطية هي أيضاً طريقة يعبر من خلالها الشعب عن آرائه وطموحاته وبالتالي معرفة إرادة الأفراد داخل هذا المجتمع أو ذاك ومن ثم فهي تعتبر طريقة يتم من خلالها معرفة مستقبل الأفراد من خلال المشاركة إن كانت مباشرة أو غير المباشرة في الاختيار والانتخاب و تقرير المصير. إن الانتخابات هي مرحلة من المراحل المتطورة في المجتمعات الحديثة لاختيار ممثل الشعب الذي في الغالب سيعمل على تحقيق طموحات وتطلعات المجموع الأكبر من جماهير المواطنين ، وهي مرحلة تحتاج إلى وجود الحد الأدنى من الاستقرار والفاعلية للمجتمع المدني لكي تكون حقيقية وطبيعية وايضاً عدم وجود تدخلات خارجية او احتلال او استعمار فلا يمكن ان تكون انتخابات حرة ونزيه اذا بقي الاحتلال والاستعمار! . إن ذلك يتم من خلال خطوات عديدة منها عملية الاقتراع والتصويت ، حيث تعتبر هذه الخطوة من المراحل الأولى في عملية الانتخابات.
1. عملية الاقتراع والتصويت:
من أجل عملية الاختيار يعطي الناخب صوته في هذه المرحلة من مراحل الانتخابات لمن يعتقد أنهم الأفضل من بين المرشحين لتحقيق طموحاته ويدلي عما يريده من الجهة التي يتم من خلال الاقتراع اختيار أعضاء لها ويكون لهذه الجهة أشكال متعددة إما برلمان حكومي ، مجلس وزاري أو مجلس تشريعي ، أو بلدية أو نقابة ، الخ . وفي بعض الأحيان كشكل من أشكال الانتخابات قد يدلي الناخب في عملية الاقتراع والتصويت من أجل اختيار أحد الأشخاص لمنصب ما كرئيس للدولة أو رئيس لمجلس الوزراء أو رئيس للبرلمان او عضو في البرلمان مثلاً.
قد يكون المرشحون في عملية الانتخابات ، على شكل مجموعات تشكل أحزاب أو تجمع حزبين أو مستقلين أو خليط من أكثر من طرف وجهة ، وفي أغلب الحالات قد يكون الإنسان المرشح للمنصب حزبي أو مستقل. غالباً يقوم الناخبون في الدول التي رسخت فيها قواعد الديمقراطية ، باختيار المرشحين وفقاً لمزاياهم المهنية وكفاءاتهم العلمية واخلاقهم وقدراتهم القيادية وغيره من المزايا الاخرى، وليس لاعتبارات أخرى خاصة مثل الانتماء العرقي أو الديني أو الطائفي أو العشائري أو ما شابه كما حصل في التجارب للمجتمعات الفقيرة ذوات الدخل المتدني والتي يسيطر عليها النظام العائلي الطائفي مثل بعض المجتمعات في الوطن العربي .
2. من يستطيع المشاركة في الاقتراع والتصويت؟:
من المعروف أن المشاركة في التصويت هو للإنسان البالغ العاقل في الدولة (أي الفئة البالغة) ولكن بعض الدول تضع شروطاً معينة لمن يشارك في عملية التصويت كأن يكون ذكر ، أو مسجلاً في سجل الناخبين ، فعلى سبيل المثال في قانون الانتخاب الفلسطيني مثلاً يحق لكل فلسطيني وفلسطينية إن يشارك في هذه العملية وأن يكون مقيماً في الضفة أو القطاع بما في ذلك منطقة القدس للمشاركة في عملية التصويت. والمواطن الفلسطيني في القانون هو من ولد في فلسطين في عهد الانتداب البريطاني أو اكتسب جنسية فلسطينية وفق القوانين السائدة في ذلك الوقت ، أو إذا كان من سبقه تنطبق عليهم الأحكام التي ذكرت بغض النظر عن مكان الولادة ، إذا كانت زوجته فلسطينية أو العكس ، وأن لا يكون قد اكتسب جنسية إسرائيلية من قبل.
3. من يستطيع أن يرشح نفسه في عملية الانتخابات؟:
عموما فان كل مواطن تكون مستوفيه لديه الشروط والمعايير التي يضعها النظام القائم ووفق عملية التصويت يحق له أن يرشح نفسه في عملية الانتخابات ، بحيث يكون من واجبه خدمة مصلحة المجتمع لا خدمة مصلحته الخاصة أو أن تكون بيده السلطة والقوة .
وفي هذا السياق وللحرص بأن تكون الانتخابات وسيلة ديمقراطية دائماً فإن على كل مرشح السعي وبشكل جاد لخدمة مصالح شعبه ومجتمعه بالطرق النزيهة والممارسات الشريفة. ولذلك يجب أن يكون عملية محاسبة من قبل الناخبين للمرشح. ففي المجتمعات الديمقراطية التي تسود فيها العدالة الاجتماعية لا يبقى المرشح كما هو ، بل يتم إجراء انتخابات دورية لاعطاء وفتح الفرص لأفراد آخرين ، ولكي يكون هناك وعي وإدراك لدى الناخبين بأن من لا يقوم بواجبه على أفضل وجه سيتم عدم انتخاب له في المرات القادمة وهذا بالطبع كله مرتبط بمستوى ومقدار تطور مجتمعاتهم المدنية ودور المواطنة الصالحة فيها. وهنا دائما يبرز السؤال أين هذا من النموذج الفلسطيني ؟ وهل حقيقةً يوجد نموذج فلسطيني للانتخابات؟ وهل وصل نموذج الإنسان الفلسطيني إلى مرحلة من الانسجام والوعي السياسي والنفسي والاجتماعي للعملية الانتخابية؟ هل نموذج المجتمع الفلسطيني مؤهل ومتطور مدنياً الى حد انه عنده القدره في ممارسة الانتخابات وفق المعايير التي تم طرحها مسبقاً؟
ببساطة وعلمية ، إنني أرى بان الأمر قد يكون من الناحية النظرية موجود على الأوراق وفي الوثائق المكتوبة ، إلا انه في الممارسة يحتاج إلى العديد من الخطوات و سنوات العمل والتجربة من أجل تحقيقه بالشكل والطريقة الطبيعية المتعارف عليها. فلا يمكن الحديث عن نظام سياسي فلسطيني في ظل وجود مجتمع فلسطيني غير مؤهل ومتطور مدنياً للقيام بذلك. لايمكن الحديث عن نظام انتخابات برلمانية في ظل وجود هذا الكم الهائل من المشكلات المجتمعية ووجود سيادة سلطة العشيرة والعائلة القائم على البلطجة و القوة التي لاتحترم لا نظام ولا اعراف لا قانون. لايمكن الحديث عن نظام انتخابات برلمانية في ظل وجود حالة من الانفلات الامني والمجتمعي وضعف لسيادة القانون ، في ظل وجود مجتمع باكمله بحاجة الى صياغة جديدة واعادة اعتبار لمفهوم المجتمع والمواطنة ، اعادة اعتبار لمفهوم العمل المدني وفصله تماماً عن العمل غير المدني - العسكري ، في ظل وجود بطالة عالية و تدني في الاجور ، في ظل وجود تسيب فب المؤسسة الرسمية وغير الرسمية ، في ظل وجود تردي واضح في مستوى التعليم والتعليم العالي...
وعودة إلى موضوع الانتخابات ، فإن الانتخابات الدورية بدورها أيضاً تعمل على ترسيخ مبدأ مشاركة المواطن المستمرة في صنع القرار ، فلنأخذ على سبيل المثال المجتمع الفلسطيني ، فان قانون الانتخابات الفلسطيني يحتوي على نوعين من المرشحين إما أن يكونوا مرشحين لعضوية المجلس التشريعي ، وإما لمنصب رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية التنفيذية. أما بالنسبة لعضوية المجلس فيشترط بمن يرشح نفسه ذكراً كان أم أنثى أن يكون قد أتم الثلاثين من عمره أو أكثر ، وأن يكون كما ذكر سابقاً ، قد استوفى شروط التصويت وأن يكون كذلك مسجلاً في جدول الناخبين ، وان يكون ضمن الدائرة المقيم فيها ، وإذا كان مستقل يتقدم مع طلب الترشيح بقائمة تحوي تأييد على ما لا يقل من 500 شخص من الناخبين في الدائرة التي يقيم فيها.
أما بخصوص منصب رئيس السلطة الوطنية فيجب أن لا يقل عن 35 سنة وتتوفر فيه أيضاً شروط التصويت ، ومن الممكن أن يكون منتمياً لحزب أو أن يكون مستقلاً. وإذا كان هذا المرشح مستقل فعليه أن يتقدم مع طلب الترشيح بقائمة تحوي تأييد خطي على ما لا يقل عن 5000 ناخب وأن يدفع مبلغ معين (ما يقارب ال 3000 دولار) تعاد له في حال فوزه ، أما المترشح لمنصب المجلس التشريعي فانه يجب أن يدفع مبلغ يقارب ال (1000 دولار) تعاد له أيضاً إذا فاز.
أما في الدول التي تمارس الديمقراطية ويحكمها مبادئ وقوانين العدالة الاجتماعية وسلطة سيادة القانون والمواطنة الفاعلة فيتم تشكيل أحزاب تتنافس في الانتخابات وهذا من أجل اكتساب تأييد المواطنين فيها ، وعلى كل من يتقدم من الناخبين أن يتعرف على المبادئ والبرامج لهذه الدول وهذا من أجل أن يكون اختياره سليم ومبني على المعرفة والعقل وحرية القرار والاختيار.
. النظم الانتخابية :
إن معظم الأنظمة الانتخابية تنقسم إلى قسمين : نظام الأكثرية ونظام التمثيل النسبي.
أولاً: نظام الأكثرية
إن هذا النظام يقوم على أساس التصويت لأفراد مستقلين أو مرشحين من قبل أحزاب سياسية ، والمرشح الذي يحصل على أكثر الأصوات يفوز في الانتخابات ، وغالبا يكون نظام الأكثرية في دوائر انتخابية متعددة ، ويتم تخصيص عدد من المقاعد بحيث تتلاءم مع الناخبين. إن هذا الشكل من أنظمة الانتخابات غالباً يستخدم في الدول ذات الكثافة السكانية العالية والتي يسيطر عليها بعض المفاهيم الخاصة بها وبثقافة مجتمعاتها ، ومن الأمثلة على ذلك في الولايات المتحدة الأمريكية والهند بريطانيا.
ثانياً: نظام التمثيل النسبي
إن هذا النظام يتم من خلال عمل لوائح انتخابية بحيث يكتب فيها أسماء المرشحين وتكون هنا وظيفة الناخب بأن يختار أو يصوت لإحدى اللوائح المتنافسة ، بحيث أن عدد المقاعد التي يحصل عليها الحزب تقررها نسبة الأصوات التي يحصل عليها الحزب. وعلى سبيل المثال (فاز حزب بنسبة 30% من الأصوات يحصل عندها على 30% من مقاعد المجلس) وتكون هنا البلاد كلها دائرة انتخابية واحدة. ومن الأمثلة على هذا الشكل الانتخابي ما يحدث في الانتخابات الإسرائيلية.
. عملية التسجيل للانتخابات:
إن التسجيل للانتخابات هي عملية ضرورية يجب القيام بها قبل إجراء الانتخابات وتتم هذه العملية عن طريق تسجيل جميع الأسماء التي يحق لها الانتخاب بحيث يتم تحديد لكل ناخب مكان التصويت الذي سيذهب إليه وقت الانتخاب ، وبعد أن يتم تسجيل الأسماء يتم نشرها في مراكز التصويت على جدول الناخبين بحيث يكون هناك فرصة لكل من يحق له الانتخاب أن يطلع عليها ويتأكد من وجود اسمه ، ومن فوائد عملية التسجيل أنها تضمن لكل ناخب حقه ، وأن لا يتم تكرار الأسماء مرة أخرى في وقت لاحق وكذلك تمنع الناخب من أن يقوم بالتصويت أكثر من مرة وقت الانتخابات. وفي هذا الصدد يجب أن يكون هناك نظام رقابة شديد في عملية التسجيل والتدقيق في المسجلين كي لا تحدث عمليات التزوير وإضافة الأسماء لصالح جهات معينة تعمل على الاستفادة من ذلك. وهنا أود أن أشير على انه في بعض الانتخابات التي حصلت في العالم قد حدثت عمليات تزوير وتغيير أسماء المسجلين للانتخابات ، وهذا إما من خلال المال أو بقوة السلاح واستخدام النفوذ السياسي والإداري أو القضائي لأنظمة مازالت لم تصل لمرحلة الوعي الانتخابي وتعيش حالة من الفوضى على كل الأصعدة. إن ما يحدث في الأراضي الفلسطينية كمثال على ذلك يعتبر مؤشر كبير لمستقبل التسجيل والتصويت للانتخابات الفلسطينية ، هذا إذا حصلت حقيقةً في موعدها المحدد لها.
. الحملات الانتخابية:
هذه الحملات يتم القيام بها قبل الانتخاب ، حيث تقوم الأحزاب السياسية بعرض مواقفهم السياسية ويدافعون عنها حتى يقنعون الناخبين بها ، بحيث تأخذ هذه الحملات أشكالاً متعددة ، كالإذاعة والتلفزيون ، الإعلانات والصحف ، عقد اجتماعات جماهيرية ومناظرات سياسية بحيث يكون لكل ناخب فرصة ليتعرف على وجهات نظر مختلفة وبالتالي المساعدة في اتخاذ القرار الصحيح عند عملية التصويت .
وإذا جرى في هذه الحملات عملية تهديد لأي ناخب أو مرشح تصبح غير نزيهة وغير حرة ، وكذلك إن لم يتم إعطاء فرص متساوية لجميع الناخبين ليعبروا عن آرائهم. ويجب أن يكون لوسائل الإعلام دور مهم في هذا المجال بحيث لا يكون موقفها تمييزي بل يجب أن يساعد في عرض الفرص المتساوية.
. التصويت للمرشحين:
عندما تتوفر المواصفات الجيدة في المرشحين يقوم الناخبون باختيارهم وذلك لأنه من المفترض أن يكون هؤلاء المرشحون أكفاء أمناء ، ومبادئهم وبرامجهم السياسية توافق مبادئ حزب معين. إن هذا الاختيار عادةً يكون في المجتمعات الديمقراطية المتقدمة التي مرت بمراحل طبيعية في تطور العملية الديمقراطية ومارستها وقيـﳲمتها ومازالت تمارسها بشكل وطريقة أفضل ، بينما في المجتمعات الأقل تقدماً يتم الاختيار على أساس العشيرة أو العائلة أو جهة معينة دون الاهتمام للكفاءة والأمانة والمبادئ السياسية.
. الانتخابات الدورية:
يتم إجراء الانتخابات كل أربع أو خمس أو ست سنوات ، حيث يتم تحديد المواعيد من قبل الدستور ،ففي بعض البلدان يتم تحديدها من خلال البرلمان أو المجلس التشريعي عند الحاجة ، وأحياناً يقوم الرئيس بتحديد الانتخابات قبل موعدها عند الحاجة لها أيضاً ، ومن متطلبات الديمقراطية أن يتم عقد الانتخابات الدورية لاعطاء الفرص لأحزاب المعارضة ليصلوا إلى الحكم إذا صوت لها الناخبون .
. الانتخابات النزيهة:
إذا لم تكن الانتخابات حرة ونزيهة فإن عملية الانتخاب تفقد وظيفتها في إعطاء فرصة كاملة ومتساوية للمواطنين لتحديد شكل وأعضاء السلطة السياسية ، ولكي تكون الانتخابات نزيهة يجب أن يكون هناك سرية في الاقتراع وأن لا تتدخل السلطة الحاكمة في الدعاية الانتخابية ،ووجود فرصة للطعن في سجلات الناخبين أوأي قرار صادر عن لجنة الانتخاب ، وإعطاء فرص للترشيح بعد الإعلان عن وقت الانتخابات..
الديمقراطية والتعددية السياسية:
إن هناك اتجاهات فكرية ودينية وفلسفية وغيرها في مجتمعات حديثة وذلك بسبب التنوع العقائدي والعرقي وتنوع المصالح داخل هذه المجتمعات ويتم التعبير عن هذه الاتجاهات خاصة عند وجود الديمقراطية عن طريق التعددية السياسية والحزبية ، ومن أجل تطبيق هذه التعددية لابد من وجود دولة حديثة تسودها حرية المواطنين وهي حرية في الاعتقاد وفي التعبير عن النفس والآراء وبالتالي تحقيق ما يسمى بمبدأ تداول السلطة وهو مبدأ يشجع على ضرورة مشاركة كافة الأفراد والأحزاب المختلفة في فرصة الوصول إلى الحكم في حالة الحصول على الأغلبية بصورة سلمية وديمقراطية عن طريق الانتخابات الحرة والعامة .
أولاً : التعددية واللامركزية
إن التعددية تمنع تمركز الحكم والسلطة بيد فئة معينة أو فئة واحدة وإنما تركز على ضرورة فسح المجال أمام الجميع للمشاركة الواسعة في الحياة السياسية بغض النظر أو دون أخذ اعتبارات للميول والتوجهات ، وبالتالي إيجاد البيئة السياسية التي تفسح لكافة القوى فرصة التعبير عن مواقفها المختلفة وأهدافها وتحقيق برامجها بوسائل مباشرة ، وبشكل عام يكون هدف التعددية أنها تفسح المجال لتطور المجتمع بشكل واضح سلمي بعيداً عن العنف والأعمال السرية المنافسة للديمقراطية وفسح المجال أمام القوى السياسية لتصل إلى الحكم وأن يكون لديها وسائل تقنع بها المجتمع بأن هدفها تحقيق المصالح له.
ثانياً : التعددية والأحزاب السياسية
يعتبر وجود الأحزاب في المجتمعات دليل على سلامة توجه المجتمع نحو التطور والتحول إلى دولة عصرية يسود فيها القانون ، حيث أن التعددية السياسية والأحزاب شرطان لقيام دولة مدنية ، ومن أركان الديمقراطية أيضاً في أي مجتمع مدني مبدأ فصل السلطات الثلاث ( التشريعية والقضائية والتنفيذية ) ووجود النقابات والجمعيات والمنظمات غير الحكومية ، فالمجتمع الذي تتوفر فيه هذه الأركان هو مجتمع حيوي متحرر من تسلط السلطة وقادر أن يؤثر عليها .
إن قانون الأحزاب الفلسطيني ضمن لكل فلسطيني الحق في انتمائه لأي حزب وأن يؤلف الأحزاب السياسية ، كما منح هذا القانون مقررات الأحزاب السياسية ومراسلاتها واتصالاتها وحصانتها ، فالحياة الحزبية المتحررة والتعددية السياسية هما وسائل تضمن الصراع بين فئات المجتمع في مراحل تنافس إيجابي وذلك لإضعاف العلاقات ذات الطابع العشائري وتشجيع العلاقات الاجتماعية التي تحقق مصالح المجموع .
كما أن وجود الأحزاب ضروري لكي يتم انتقال السلطة وتداولها بصورة صحيحة وسليمة ، والحزب لا يعني مجموعة أشخاص يعتنقون نفس الآراء بل الحزب مجموعة منظمة تهدف للوصول إلى السلطة وخدمة أهداف معينة لتعبر عن توازن القوى بين مصالح طبقية وعرقية واجتماعية .
ثالثاً : التعددية وحقوق المواطن
إن التعددية في أي مجتمع تضمن حقوق الأفراد وتحميها ، وأنها وسيلة لتحقيق مجتمع متسامح ، يحترم حقوق الإنسان والرأي الآخر.
فالتعددية والحزبية تجعل من الضروري الدخول في حوارات بين الأحزاب التي يكون لها توجهات تعكس مصالح فئات المجتمع ، وكذلك فإن توفر التعددية ينمي دور المجتمع المدني ويسهم في انتشار مؤسسات متعددة مثل النقابات ، منظمات حقوق الإنسان ، وتوفير الحماية للنشاطات الخاصة بالمجتمع .
رابعاً : التعددية والمعارضة السياسية
إن للمعارضة السياسية أشكالاً متعددة ، حيث أنها تؤثر سياسياً على العمل داخل البرلمان وكذلك عدم الميل للانخراط في الحياة السياسية، وكل شكل من هذه الأشكال حسب طبيعة الموقع والدور الذي يلعبه ، فتأثير المعارضة داخل البرلمان تختلف عن خارجه وهذه المعارضة يتحدد دورها من خلال مدى الدعم الذي تحصل عليه من الشارع وكذلك قدرتها على جبر الحكومة لمواقف أكثر من الحلول الوسطية بين الحكومة والمعارضة أي القدرة على التحول من أقلية إلى أكثرية .
والمعارضة التي لا تخوض العملية الانتخابية تستخدمها وسيلة احتجاج دارجة في العالم تدل وتعبر عن عدم الموافقة على شروط الانتخابات ، مثلاً بسبب اعتقال بعض المرشحين أو بعض الأشخاص الذين كان بإمكانهم أن يشكلوا خطراً على نجاح أشخاص آخرين في الانتخابات وهناك نوع من المعارضة يخوض العملية الانتخابية بشكل جدي ، ونوع آخر يتمثل في تشكيل أحزاب صغيرة ومثل هذه الأحزاب له أهمية في أنها تمثل شرائح صغيرة من المجتمع ، ولأن هذه الشرائح ذات نوعية ثقافية أو عرقية وذات مصالح مختلفة .
ومهما كان نوع هذه الشرائح ( اجتماعية ، أو أقلية عرقية أو طبقية ) فإن السلطة عندما لا تولي اهتماماً بهذه النخب أو الشرائح تتعرض للأخطار المتعددة أو تعرض بلادها لانقسامات وتيارات فكرية تضعف الحياة السياسية.
الديمقراطية ونظرة الإسلام
تلتقي الديمقراطية مع النظام الإسلامي في عدة جوانب ، وقد شرع الإسلام لتلك الجوانب عدداً من الأحكام الكفيلة بضبطها وصبغها بالصبغة الإسلامية الحنيفة ، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الديمقراطية هي مذهب ذو منشأ غربي لا يمتّ للإسلام بصلة ، ولكن قدرة ديننا العظيم على هضم ما يتيسر له من الأحكام والأنظمة الأخرى كان كفيلاً بأن يطوع الديمقراطية بكل ملحقاتها وتبعاتها لكي يثبت للعالم بأسره أن النظام الإسلامي هو نظام استيعاب بكل ما تشكله هذه الكلمة من معانٍ لكل جديد وقديم وإلباسه بالتالي الحلة الإسلامية الطاهرة التي ترفع من قدره وتجعله موافقاً لشرع الله عز وجل.
إن النظام الإسلامي بكل تشريعاته لم يعارض نظام الانتخابات الذي يجري بصورة نزيهة من أجل اختيار الأكفاء لتولي السلطة في بلد معين وأيّد التداول السلمي للسلطة إذا كان فيها الخير لمجموع الأمة ، وأيّد الإسلام كذلك الحريات عموماً كحرية التملك وحرية العمل وحرية التعليم وحرية الدين ، ولو جئنا لحرية الدين فنحن نعلم أن لا إكراه في الدين وأن الإنسان حر في اختيار دينه والاعتقاد به وممارسة الطقوس الخاصة بدينه .
ومع كل هذا التسامح الذي أظهره الإسلام لبعض مظاهر الديمقراطية فهناك اختلافاً رئيسياً وجدلاً قائماً منذ ظهور الديمقراطية وهو من ناحية " التشريع " فالنظام الديمقراطي ينص أن الشعب بأكثريته هم أساس التشريع وهم أساس الحاكمية ، وهذا في النظام الإسلامي يعد كفراً وخروجاً عن الجوهر المتين للإسلام القائم على أن التشريع والحاكمية فيه هي لله عز وجل بنزاهته وترفعه عن كل ما قد يأتي به البشر من أحكام وتشريعات قد تؤدي إلى تحريفات خطيرة في الحلال والحرام ، فيحرمون الحلال ويحللون الحرام ويفعلون ما بدا لهم وبما يوافق آراءهم ومصالحهم التي غالباً ما تكون آنية مليئة بالمصالح والنزوات الشخصية .
الديمقراطية والمجتمع المدني:
عند الحديث في هذا الموضوع بالذات ينبغي الإجابة على عدة أسئلة تتعلق بمفهوم المجتمع المدني ، ما المقصود به ؟ ما مكوناته ؟ ما مدى انطباق هذا المفهوم على المجتمع الفلسطيني ؟وما العلاقة بين المجتمع المدني الفلسطيني والسلطة ؟ وما العلاقة بين المجتمع المدني الفلسطيني والديمقراطية ؟
إن عبارة المجتمع المدني شائعة منذ بداية السبعينات أيام صراع حركة العمال البولنديين مع السلطة في بولندا . حيث تم تسخير هذه العبارات كأداة أخرى في الحرب البادرة من قبل وسائل الإعلام الغربية وكان المقصود بالمجتمع المدني أنها القوى المناهضة للحكومات القائمة في أوروبا الشرقية ، والدليل على أن هذه العبارة كانت فعلاً مسخرة في مضمون الحرب البادرة أنها اختفت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وتفكك الكتلة الاشتراكية .
بينما لو حاولنا مناقشة هذه العبارة على مستوى العالم العربي حول التحول نحو الديمقراطية نجد لها عدة استخدامات عند الأشخاص المفكرين مثلاً :
. عند أستاذ علم الاجتماع المصري "سعد الدين إبراهيم " : يقول إن المجتمع المدني عبارة عن تنظيمات غير مورثة كالعائلة والعشيرة والحمولة ، بل هي تنظيمات ينضم إليها الفرد بإرادته.
. أستاذ علم الاجتماع السياسي السوري "برهان غليون " أن المجتمع المدني خليط من التنظيمات الأهلية والثقافة والعادات والتقاليد والتكوينات العشائرية والطائفية والأخلاق كلها تندرج تحت مفهوم المجتمع المدني ولا داعي هنا للتميز والتفريق في المعنى .
. المفكر المغربي " محمد عابد الجابري " : يقول أن المجتمع المدني عبارة عن علاقات منتظمة بين أفراد المجتمع على أساس الديمقراطية أي انه المجتمع الذي يعتمد حكم الأغلبية مع احترام حقوق المواطن السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها .
. برأي الخاص " ان المجتمع المدني هو دولة الظل للمؤسسات الفاعلة في المجتمع التي تقوم على اساس سيادة النظام والقانون والمواطنة الصالحة والابداع على كل المستويات لصالح المواطن والجماعة والمجتمع الانسانية"
إذن الاختلاف في المفهوم يتوقف على طبيعة المكونات والعناصر الداخلة في تركيب المجتمع المدني، ولكن الهدف الأساسي يبقى في كل ذلك هو كيفية الوصول إلى المجتمع الديمقراطي ، فتنظيمات المجتمع المدني هي تنظيمات ومؤسسات لها مصلحة في وجود نظام ديمقراطي وبالتالي الازدهار في إطار مجتمعي .
أما بالنسبة لعلاقة المجتمع المدني بالمجتمع الفلسطيني ومدى انطباقه عليه مع الأخذ بعين الاعتبار ماضي وحاضر ومستقبل هذا المجتمع ، فتحول المجتمع الفلسطيني إلى نظام ديمقراطي تحفظ فيه حقوق الإنسان ويتم فيه أيضاً ضمان الحريات المدنية ويسود فيه القانون لن يأتي بسهولة إلا نتيجة لصراع بين المجتمع المدني والدولة وبين المجتمع المدني والمجتمع السياسي ، والصراع والنضال هنا ليس المقصود به العنف إلى درجة الحروب لأن للنضال وسائل وأشكال أخرى متعددة مثل تحقيق مؤسسات تعبر عن صوت كل فرد او جماعة او مجتمع محلي ، ايضاً مثل الكتابة والصحافة والشعر والأدب والبيانات التي يتم توزيعها رغم أن السلطة في العالم العربي تخشى هذه الوسائل وتخشى الأحزاب والمظاهرات والعنف أيضاً.
فالمجتمع المدني في مضمون المجتمع الفلسطيني يعني تنظيمات ، نقابات ، أحزاب ، وسائل إعلام ، هيئات ، مؤسسات ، جمعيات تعمل في مجموعها من أجل تحقيق مصلحة فعلية للتحول إلى ما يسمى بالتحول الديمقراطي في المجتمع. فتنظيمات المجتمع المدني ليست كلها ذات أهمية في تحقيق هدف التحول الديمقراطي ، فالتنظيمات المجتمعية المهمة والتي تعتبر العمود الفقري للمجتمع والتي تمتد للجماهير هي الأحزاب والتنظيمات واللجان التي تمنحها القوة لمواجهة السلطة والنضال من أجل إرساء أسس الديمقراطية . ولو نظرنا للمجتمع الفلسطيني فإننا سنجد بأنه هناك ولكنه مجتمع ترابطاته الفكرية والسياسية متنوعة المصادر والتوجهات بشكل يدعو إلى الديمقراطية كضرورة للتطبيق من حيث الشكل والمضمون، الا انه مازالت تسيطر عليه جملة من التعقيدات منها عدم استمراريته وتواصله الجغرافي وعدم وجود اقتصاد مستقر ، وعدم وجود سلطة واحدة على كل مناطق الوطن وفي نفس الوقت سيطرة مفاهيم العشائرية والمناطقية والعصبوية على معظم قطاعاته المجتمعية ، وهذا مما يستدعي الى وقفة حول مفهوم المجتمع الفلسطيني. حيث أنه في الماضي كان التعامل الديمقراطي يقتصر على القبول بالتعددية السياسية والفكرية ولم يكن هناك ديمقراطية بمعناها الصحيح سوى ديمقراطية الفضائل . وهذا مما أراه مهما في ترسيخ مبدأ الانتخابات الديمقراطية ، الحرة ، و النزيهة في الحياة السياسية الفلسطينية كأمر ضروري لترسيخ مبادئ أخرى وهو ضرورة وجود محاسبة ومساءلة في الحياة السياسية ، لأن الانتخابات وحدها لا يمكنها أن تفي بالغرض ولكن التخلي عنها أيضاً يعطي الحياة السياسية الفلسطينية صفة التبعية والتخلف.
الديمقراطية في المفهوم الفلسطيني:
في الحقيقة إن الموضوع الفلسطيني وعلاقته بالديمقراطية هو أيضا يخضع للبحث والمناقشة والتحليل ، فهو ليس بمعزل عما يدور في العالم الغربي والعربي. بل بالعكس فان موضوع الديمقراطية يعتبر من القضايا الملحة والهامة في المجتمع الفلسطيني واصبح اليوم من اكثر المواضيع تداولا وقد يكون بنفس قدر الموضوع الوطني التحرري ، وعملية النضال الوطني الفلسطيني من أجل الاستقلال والدولة .
وتأكيدا على أهمية الديمقراطية في المجتمع الفلسطيني فإنني أرى بان العديد من المفكرين من وجد في الديمقراطية أحد الجوانب الرئيسية في المشروع الوطني الفلسطيني وعملية التحرير والبعض الآخر من وجد بان موضوع الديمقراطية يجب أن يؤجل إلى بعد عملية التحرير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. ومن خلال ذلك فإنني كباحث في علم الاجتماع السياسي أرى بأنه هناك استثناء عربي معاصر يستحق الوقوف عنده ، وهو المجتمع الفلسطيني ، فهذا المجتمع نسيجه الفكري والسياسي متنوع المصادر والتوجهات بشكل يدعو إلى الديمقراطية كضرورة للتطبيق وفق معايير خاصة بهذا النموذج ولكن مجددا دون حرق للمراحل . حيث أنه في الماضي كان التعامل الديمقراطي مقتصراً على القبول بالتعددية السياسية والفكرية ولم يكن هناك ديمقراطية بمعناها الصحيح سوى ديمقراطية الفضائل . فعلى سبيل المثال كمبدأ من مبادئ الديمقراطية هو الانتخابات- وبناء عليه فان ترسيخ مبدأ الانتخابات (الانتخابات الحقيقية غير المزيفة والبعيدة عن التبعية و شراء الذمم) في الحياة السياسية الفلسطينية أمر ضروري لترسيخ مبادئ أخرى منها على سبيل الحصر: ضرورة وجود محاسبة ومساءلة في الحياة السياسية ، حيث أن الانتخابات وحدها لا يمكنها أن تفي بالغرض ولكن التخلي عنها أيضاً يعطي الحياة السياسية الفلسطينية صفة التخلف . و بناء عليه فإنني سأتطرق للديمقراطية في المفهوم الفلسطيني ومدى أهميتها للواقع الفلسطيني وعلى كل المستويات.
إن الديمقراطية ليست بالوصفة الجاهزة ، و ليست بالدواء المستورد نتناوله كلما وقعنا في أزمة و أحسسنا بالوجع في أدمغتنا ، إنها ذات معنى و مضمون أبعد من ذلك ، إن لها العديد من الصور و الأشكال التي قد تتعامل مع هذا الظرف أو الحالة ، ولا تتعامل مع غيرها من الظروف و الحالات ، فهي ذات صور و أشكال متعددة و مختلفة ، تختلف من وقت ومكان لآخر...
و أهميتها تكمن في قدرتها على تحقيق عدة نواح منها:
1- تقدير حاجات الجماهير و التوجه نحوها... و هنا فان الشعب الفلسطيني بحاجة ماسة إلى معرفة حاجاته المرحلية, وإشراك الجماهير في صنع القرار... و هذا بالتالي يحتاج إلى الوصول للجماهير و معرفة ماهية أوضاعهم ومتطلباتهم. إن النزول للجماهير و الاستماع لهم و معرفة ما يريدونه و إشراكهم في القرار ليس بالأمر الصعب و أيضا ليس بالأمر السهل ، فهو يحتاج إلى عملية علمية تعتمد على إيجاد جسور من الثقة ما بين القيادة و الجماهير ، و العمل سويا من اجل إشراكهم في القرار الذي يهدف إلى خدمة الجميع قيادة و جماهير .
2- وضع البرامج السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و التعليمية و التربوية من خلال واقع الشعب و ظروف حياته...هذا مع وجود المشاركة الشعبية في ذلك... إنني هنا اركز واهتم بوضع البرامج التعليمية وأهميتها في خلق جيل جديد قائم على أساس العلم والبحث ومعرفة تعقيداته والواقع الخاص به ، وبالتالي وضع البرامج الملائمة معه . إن وضع البرامج السياسية والاقتصادية يجب أن تكون ليست بالمستوردة أو المنقولة بل خالصة من واقع الشعب الفلسطيني وظروفه الخاصة به مع معرفة ما هو محيط به من ظروف عربية ودولية كي تكون قادرة على التحقيق و الوصول للأهداف ، و ليست فقط برامج توضع على الرفوف أو تخزن في أجهزة الحاسوب أو ترمى في سلات المهملات.
3- عملية المحاسبة الهادفة و الواعية بين هؤلاء الممثلين في حالة الانحراف و التقصير... و هذا يتطلب منا العمل سويا لمعرفة التقصير و تحديده ، و العمل على إصلاحه ، و في حال عدم إصلاحه ، يجب المحاسبة القائمة على أسس علمية بناءة بعيدا عن الذاتية و المحسوبية و المحاباة و حب الذات... و غيره من الأمراض الاجتماعية التي تعشش في نفسيات العديد منا . إن هذه المحاسبة تحتاج إلى عملية تربوية بالأساس في خلق الإنسان المناسب في المكان المناسب ، و الاقتناع العلمي بذلك ، و العمل الدؤوب الواعي التطويري في رفد مؤسساتنا بالكفاءات المستحقة البعيدة عن ذاتية القرار في ذلك.
من خلال ما تقدم فان الديمقراطية هي بمثابة آلية عمل و نظام اجتماعي جماعي يحتاج إلى أدوات من اجل تطبيقها ، أدوات تواكب المرحلة التي نعيشها ، و هذا يحتاج لنقاش عملي و جدي ، فهي ليست ضربا من الترف الفكري ، و هي ليست حقلا للمزايدات في الأسواق السياسية و النقابية و المؤسساتية ، فهي عملية متكاملة تركز على وسائل الاتصال بالناس و عرض البرامج المختلفة أمامهم حتى يستطيعوا الاختيار و الحكم.
إن الديمقراطية لا تكمن في إيجاد العوامل و القواسم المشتركة العليا بين آراء الجماهير و حسب ، بل الذهاب إلى ابعد من ذلك ، فهي تعني أيضا كشف و توضيح و تسليم الجماهير ما حجب عنها من معرفة و تقصي طبيعة الأوضاع التي نعيشها من جوانبها المختلفة ، و من ثم البحث عن وسائل حل للأزمات التي نعيشها و العمل على تطبيقها عمليا . إذ أن الديمقراطية لا تحاكي الماضي أو الحاضر بيد أنها تنطلق من هذا الحاضر بماضيه لترسم المستقبل المتجه نحو البناء الذاتي ، و إذا كانت هذه مهمة الديمقراطية فإنها فقط تضع برامج اقرب ما تكون نظرية لأنها لم تخضع للتجربة ، و استكشاف إيجابيات و سلبيات البرامج و إيجاد حافز لتطوير البرامج و تعديلها و حتى إلغائها وفق محاسبة و مراقبة قيادية و جماهيرية دقيقة مستجيبة لمتطلبات الواقع و ظروف الحياة و العوامل الذاتية الجديدة و الموضوعية أيضا...
إذن ، من خلال ما تقدم فما هو النموذج الفلسطيني الخاص به حاليا ، و هل هناك نموذجا للديمقراطية الفلسطينية من اجل البناء و التطوير و التقدم؟
الكثيرون رفضوا هذه الصفة بشكل مطلق ، بينما راح البعض يدافع عنها ، و هناك من وصلت به الأمور إلى الأحاديث عن عوارض و عوامل خاصة نعيشها في هذه اللحظة لكنها لا تكون ملائمة و ملازمة لنا طوال حياتنا ، حيث أن هذا الفهم "الهوس الديمقراطي" لا يمتد إلى الماضي البعيد ، فهي ستحاكي حدثا سياسيا سيكون في الغالب عابرا ، و هناك من وضع يده على بعض الإشكاليات و عالجها بشكلها المجرد ،ومنهم من رأى ان الديمقراطية بشكلها العام تكون في تحقيق الديمقراطية داخل الأطر السياسية نفسها ، و هنالك من خلط بين ديمقراطية هي وليدة إطار سياسي معين و بين الديمقراطية بمفهومها البناء الاشمل و الأوسع ، و ثمة آراء أخرى عبثية تجري من خلالها الديمقراطية الفردية و الحرية و الشخصية و ترك المجتمع هكذا ، و حرية التخريب و اللعب على ديمقراطية الكلمة ليعيد تشكيل نفسه و غيره من الآراء التي ستظل معششة في عقول و نفوس البعض.
ليس بالصحيح القول بان إطار منظمة التحرير الفلسطينية (م-ت-ف) ممثل الشعب الفلسطيني و ما ترتب عن اتفاقيتها السلمية مع إسرائيل (اتفاقية أوسلو) من تشكيل للسلطة الوطنية الفلسطينية يفتقران إلى الديمقراطية السياسية بالمعنى الكامل ، وانه ليس صحيحا بأنهما يمتلكانها بشكل صحيح وسليم ، وفي الوقت نفسه ، ليس من الصحيح القول بان الأطراف ذاتها هي الُمشكِلة ، لأنها تفتقر هي الأخرى إلى الديمقراطية علما بأنه مازالت توجد القيادة المركزية وعقدتها التي تشكل إحدى سمات هذه الأطر إن كان في الداخل أو الخارج ، على الصعيد السياسي أو على الصعيد الاقتصادي واحتكار القرار الإداري والسيطرة اللامتناهية على المال و القرار القانوني القضائي ، التشريعي ، التنفيذي والمؤسساتي الحكومي الرسمي وغير الحكومي الرسمي.
إذ أن المنظمة و السلطة الفلسطينية بحد ذاتها من خلال ما يدور فيهما والأطراف المكونة لهما تتكون من هيئات مسؤولة ومؤسسات متعددة (تعددية المؤسسة وان كانت ذات لون وصبغة واحدة) وفي حال النظر إلى طريقة عملها فإننا نجد بأنه يتم مناقشة القضايا المختلفة والأوضاع المعاشة بصورة شبه ديمقراطية (ديمقراطية مركزية متحكم ومسيطر عليها) ، وغالبا ما يتم تشكيل الهيئات العليا بالانتخاب (أو كما أسميها انتخابات المبايعة) ، وكذلك هناك عملية النقاش الحر (المتمركز والمتمحور في قوى معينة ذات مصالح معينة) على مستوى قاعدة مؤسساتها مع الاختلاف في المستويات وخضوع الأقلية لقرارات الأغلبية "إلى حد ما" والمستويات الدنيا للعليا "إلى حد ما" فإذا كان الأمر كذلك فأين هي مواطن الضعف والخلل إذاً ؟ وما العمل لتصحيح الطريق والمسار لهذه المؤسسات الهامة للشعب الفلسطيني؟
إنني أرى بأن هناك جملة من القضايا التي قد تكون عوامل العلة والخلل وهي:
1. عملية استنساخ نماذج لا تلائم مجتمعنا على الصعيدين التنظيمي والأيدلوجي.
2. تأثير وانعكاس النموذج والاجتماعي (العلاقات الخاصة والشخصية والعائلية -القبلية-) على النموذج السياسي.
3. الإدعاء بأنهم جماهيريون وإلقاء اللوم والتهم والعلة على الجماهير.
4. الادعاء حول المعرفة الشمولية لكل ما يحيط بنا من ظروف ومشاكل ووضع الحلول لها.
5. الخلط ما بين الأدوات والطرق الجماهيرية في تحقيق البرامج مع الأدوات والطرق غير الجماهيرية.
6. الربط الخاطئ ما بين العمل النقابي وتعقيداته الخاصة والظروف المحيطة به مع العمل والنشاط السياسي وتعقيداته الخاصة به.
في ظل هذه المؤشرات والدلالات التي أمامنا فانه يبقى السؤال التالي: ما العمل ؟
ما العمل ؟
من الصعب الحديث عن إجابات دقيقة حول هذا السؤال ، ولكنه من الأفضل وضع اليد على الأمراض ومكامن الخلل ، وهذا ما حاولت فيما سبق الحديث عنه ، وفي الوقت نفسه أود أن أضع بعض المؤشرات التي تساعد على الخروج من هذا المأزق ، وخصوصا إذا ما كان هدف الشعب الفلسطيني ، وفي كل الأحوال هو ترسيخ الهوية الفلسطينية وقضيتها العادلة ، والمحافظة عليها وعلى خصوصيتها وتجسيد هذه الهوية وقضيتها بشكلها الكامل من خلال الاستمرار في النضال حتى إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية ، وبالتالي عملية البناء لهذه الدولة والتي أحد ركائزها إيجاد البرامج الديمقراطية السليمة لتمكين عملية استمرارها ومقدرتها على مواجهة الصعاب الملقاة عليها.
ومن خلال ذلك فانه يجب علينا المحافظة على هذه القضية وهويتها النضالية حتى في أمس الظروف وأصعبها وعدم التخلي عن جوهرها النضالي التحرري ، وعليه فان تفاصيل عملية البناء والذي يجب أن يكون ديمقراطيا كالتالي:
أولا: الصعيد السياسي:
يجب على الأطر السياسية الخوض في نقاشات واسعة ، وبمضمون وشكل واضح وصريح حول المبرر الموضوعي لوجود كل هذه الحركات.....الخ ، ويتم بعدها وضع البرامج السياسية والآليات اللازمة لتحقيق هذه البرامج آخذين بعين الاعتبار ثلاث قضايا رئيسية وهي:
1. عملية البحث والدراسة بشكل واضح لقضية الديمقراطية بحيث يجب أن تعتبر الوسيلة الجماهيرية للاختيار والتأطر والعمل والتنظيم الواعي والهادف نحو الاتجاه والبرنامج العلمي والعملي السليم والفاعلية الحقيقية لذلك ، من أجل عملية بناء سليمة للشعب والدولة .
2. الدين والمسألة القومية هما محوران هامان وأصيلان وأساسيان في المجتمع الفلسطيني بسبب تاريخه وظروفه وبالتالي لا يمكن القفز عنهما أو محاولة وضع الحجاب عما يحدث من حولنا في ذلك ، وبالتالي يجب عملية دراسة وتدقيق للبرامج السابقة ووضع البرامج التي تتلاءم مع هذين المحورين الأساسيين في مسيرة وحياة الشعب الفلسطيني .
3. دراسة مسألة العلنية والسرية بشكل موضوعي وجدي في عملية النضال ومسيرة العمل والبناء الفلسطيني وهذا لفهم العمل بشكل انضج والتأسيس السليم للعمل البنائي الديمقراطي القائم على معرفة ظروف الواقع الفلسطيني والظروف العامة المحيطة به عربيا ودوليا.
4. عدم الانتظار حتى حدوث التغيير من الخارج، بل البدء والانطلاق في عملية الإصلاح والتغيير بالشكل الديمقراطي دون الرجوع للوراء و الغوص في الجزئيات وبالتالي تضيع الفرص تلو الفرص ومن ثم الوصول لمرحلة بأن يتم فيها فرض موضوع التغيير و الديمقراطية من الخارج.
ثانيا: الصعيد العملي والتخصصي:
يجب علينا في حال عملنا أن نفصل السياسي الخالص عن التخصصات والدفع والعمل لتوحيد ولملمة المؤسسات تحت تخصصاتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتربوية ...... الخ . وبالتالي يجب إيجاد المؤسسات والبرامج المتخصصة ومراكز البحث العلمي في كل المجالات من أجل إيجاد وخلق المجتمع المدني الفلسطيني المشارك في عملية بناء قائمة على أسس ديمقراطية ملائمة لهذا الواقع الخاص ودراسة كل ما يحيط به من ظروف مختلفة وصعبة.
إن عملية البناء الفلسطيني وموضوع مفهوم الديمقراطية لا يتم تخصيصه بواسطة شخص ما أو جماعة ما ، بل هي حصيلة عمل مشترك واعي علمي مدروس ، قائم على الفهم الخاص والكل ، قائم على أسس علمية تعمل على تصحيح ومحاسبة كل البرامج القديمة ، ووضع البرامج الواقعية السليمة الهادفة والتي جهدها ودورها فقط تحقيق عملية البناء والدولة الديمقراطية الفلسطينية المستقلة.
سيرة علميّة مختصرة
(Curriculum Vitae)
الدكتور جهاد جميل حمد يحمل شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع (تخصص علم اجتماع سياسي) من جامعة النوتردام في الولايات المتحدة الأمريكية منذ العام 2001م وشهادة الماجستير في علم الاجتماع منذ عام 1997 وأيضا شهادة الماجستير في دراسات السلام وحل النزاعات الدولية منذ عام 1995من جامعة النوتردام بولاية انديانا في الولايات المتحدة الأمريكية، وشهادة البكالوريوس في الخدمة الاجتماعية وعلم النفس منذ عام 1994 من جامعة بيت لحم - فلسطين. وقد كان يعمل في الولايات المتحدة الأمريكية محاضرا في كلية Ivy Tech State College - Indiana State وقد قام بتدريس العديد من مساقات علم النفس وعلم الاجتماع والخدمة الاجتماعيّة في العديد من الجامعات الفلسطينيّة في الأراضي المحتلة أيضا، ومن أهم تلك المساقات: مقدمة في علم الاجتماع، علم النفس الاجتماعيّ، الديموقراطيّة والمجتمع المدنيّ، طرق البحث العلميّ في العلوم الاجتماعيّة (الجامعة العربية الأمريكية)؛ طرق الخدمة الاجتماعية، المشكلات الاجتماعيّة, التأهيل المهني والاجتماعي للمعاقين وغيرها (جامعة القدس المفتوحة), وانتدب من الجامعة العربية الأمريكية بجنين للعمل في جامعة الأقصى بسبب ظروف الإغلاق و الحصار للمناطق الفلسطينية وقام بتدريس مساقات كل من مدخل إلى الخدمة الاجتماعية, والانثروبولوجيا الاجتماعية. انتدب من جامعة الازهر - غزة ليؤسس ويصبح مستشار الرئيس للشؤون الاكاديمية في جامعة فلسطين الدولية بين فتر 1-4-2005 حتى 1-1-2005 , والانثروبولوجيا الاجتماعية.
يعمل حالياً ومثبت في جامعة الأزهر بغزة محاضرا برتبة أستاذ مساعد في كلية الآداب والعلوم الإنسانية - قسم علم الاجتماع ويدرس المساقات التالية (النظرية الاجتماعية، مبادئ التوجيه والإرشاد، علم الاجتماع المعرفة، تنظيم المجتمع وعلم النفس الاجتماعي).
يعمل ايضا حالياً في معهد الدراسات التنموية المشترك مع العديد من الجامعات الدولية والعربية والمحلية للتدريس في مساقات تستخدم طريقة التعليم الالكتروني Online learning منها Gender and Social Change in Palestine.
يعمل ايضاً حالياً في جامعة القدس ابو ديس - قسم الدراسات العليا - الدراسات الامريكية للتدريس في مساقات منها الثقافة الامريكية والديمقراطية الامريكية.
المصادر والمراجع
1. المدنيات/ الديمقراطية والمواطنة وحقوق الإنسان في فلسطين، مجموعة مؤلفين، الطبعة الثانية 1999. مركز الدراسات والبحوث الفلسطينية/ نابلس.
2. سلسة دراسات وأبحاث/ حول الخيار الديمقراطي. جورج جقمان، عزمي بشارة وآخرون. الطبعة الأولى. تشرين أول 1993. مواطن، المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية، رام الله.
3. سلسلة مداخلات وأوراق نقدية/ الديمقراطية الفلسطينية. موسى البديري ، جميل هلال، جورج جقمان، عزمي بشارة. الطبعة الأولى . نيسان 1995.
4. حول الخيار الديمقراطي/ دراسات نقدية. مجموعة من المؤلفين. الطبعة الأولى. تشرين أول. مواطن. المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية/ رام الله.
5. حقيقة الديمقراطية. محمد شاكر الشريف. قدّم له فضيلة الشيخ عبد المحسن العبيكان. التوزيع في المملكة العربية السعودية- الرياض . توزيع مؤسسة الجريسي. دار الوطن للنشر.
6. صدى الجامعة/تصدر عن دائرة العلاقات العامة في الجامعة العربية الأمريكية- جنين. العدد التجريبي الأول 9-11-2002 مقالة بعنوان" مفهوم الديمقراطية الفلسطينية" بقلم د. جهاد حمد/ أستاذ علم الاجتماع وحقوق الإنسان.
7. بناء الدولة والتحول للديمقراطية - الحالة الفلسطينية - جهاد حمد . رسالة الدكتوراه سيتم ترجمتها ونشرها قريبا . جامعة النوتردام. الولايات المتحدة الأمريكية. باللغة الإنجليزية. نوفمبر 2000.
د.جهاد حمد - أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة الأزهر- غزة