خلال ورشة:الدعوة إلى احياء البعد الانساني في الخطاب الديني والمجتمعي
نشر بتاريخ: 13/04/2009 ( آخر تحديث: 13/04/2009 الساعة: 22:01 )
رام الله -معا- أوصى المشاركون في ورشة العمل التي نظمها مركز حقوق الانسان والديمقراطية "شمس"، حول مفهوم التسامح أو العفو، والتي تحدث فيها غسان السعدي استاذ الفلسفة في كلية دار المعليمن، برام الله، وذلك في اطار التعاون والتنسيق بين المركز والممثلية الدنماركية لدى السلطة الوطنية الفلسطينية، بحضور حشد من الشباب من كلا الجنسين، بضرورة العمل على إحياء البعد الإنساني المغيب عن مجمل الخطابات المجتمعية، معتبرين أن الإيمان بأن الاختلاف حقيقة إنسانية وكونية يجب القبول بها.
كما طالب المشاركون، في الورشة بضرورة العمل على تنقية المناهج والبيئة التعليمية من الإرث التعصبي والتمييزي، وكذلك تدريس المفاهيم الدينية، "كالجهاد والأمر بالمعروف والتشبه بالكفار"، وغير ذلك وفق منظور إنساني تسامحي، والعمل على معالجة التشريعات الوطنية بتخليصها من سوءة التمييز ضد المرأة في مسألة نقل جنسيتها لزوجها وأولادها والتمييز ضد الأقليات الدينية.
وشدد المشاركون كذلك على ضرورة التركيز على القواسم الثقافية والدينية المشتركة طبقاً لقاعدة "نتعاون فيما اتفقنا ونعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا، والإقلاع عن عادة "لوم الآخر" وتفعيل ثقافة "نقد الذات" وثقافة "الاعتذار"، وتعزيز قيم المواطنة بجعلها رابطا أعلى فوق كل الروابط.
وطالبوا بضرورة إبعاد دعاة الكراهية عن منابر الخطابة والتوجيه والتعليم، وتفكيك ثقافة البطل الزعيم، فهي أيضاً تقتل ثقافة الحوار، والعمل على إشاعة تربية الفرح والبهجة ومحبة الناس والحياة في نفوس أولادنا، بالانفتاح على الثقافات والفنون والموسيقى
واعتبر السعدي:" أنه ولتحقيق التسامح في المجتمع، علينا أن نبدأ بأنفسنا ونفتح باب التسامح والحوار مع محيطنا القريب عبر الحوار المباشر والمفتوح من أجل التواصل مع الآخر البعيد من خلال كل الوسائل المتاحة لنا، كما انه علينا أن نتحاور معا لإيجاد قواسم مشتركة ولنتبادل الأفكار والآراء والمفاهيم، وكذلك بناء المواقف التي تتطابق مع المشاعر الإنسانية وإشاعة ثقافة التسامح بين المتخاصمين، والعمل على تفعيل دور الحوار والتسامح ليصبح مطلبا وحاجة وطنية ينبغي التمسك بها كعامل مساند لعملية الاصطلاح.
ولفت إلى وجود بعض المتطلبات التي تسهم بنجاح الحوار، كأن يعلو فوق كل تعصبات أو أية أفكار مسبقة على الآخر، والاستعداد لممارسة التسامح مع الآخر وقبول الآراء المضادة بشرط التجنب الصارم لان يتدهور ذلك التسامح إلى علاقات مهينة بين متسامح يعتقد انه الأعلى والأفضل وآخر تفرض عليه المكانة الأدنى ويشار إليه بأصابع الاتهام والريبة.
وقال "يجب أن تكون العدالة وموازينها الصارمة هي الحكم الذي يحتكم إليه النقاش للوصول إلى نتائج يقبلها الجميع."، مطالبا بمراجعة قيمنا ومفاهيمنا للتأكد من صحتها وشرعيتها.
ولفت إلى أن الإسلام دين التسامح ينبذ العنف والكراهية، ويدعو إلى التعاون والسلام والتعامل بالبر مع المخالفين لنا في الدين، والبشرية في نظر الإسلام أسرة إنسانية واحدة.
وحول مصادر قيم الحوار وعلاقتها بالتسامح، أكد السعدي أنها تنبع من عقلية وأسلوب تفكير ذاتي، وتظهر في سلوكيات الفرد أو المجموعة ذات الخصائص الحضارية المشتركة، ويبدأ ترسيخها منذ الطفولة أي منذ فترة تكون الشخصية الفردية ثم الشخصية الجماعية، ويكتسب التعليم والتربية الأهمية الأكبر في زرع قيم التسامح والانفتاح واحترام الآخر.
وذكر بأن الحوار لا يمكن أن يكتب له النجاح إلا إذا ساد التسامح بين المتحاورين، لافتا إلى أن المجتمع الذي لا تقوم ثقافته على التسامح مع المخالفين والمخطئين لا يمكن أن يفلح، معتبرا في ذات الوقت أن التسامح لا يعنى انتهازية التعايش، بل هو بنية نفسية واجتماعية وسياسية وثقافية إنسانية منطلقها الفرد وهدفها مصلحة المجموعة المحلية أو الإنسانية عامة والقدرة على إقامة الحوار وبناء علاقة تتواصل مع الآخر موهبة فردية وقيمة إنسانية .
وقال:" إن ثقافتنا العربية والإسلامية لا يوجد فيها عوائق تمنع التفاعل بروح التسامح بمفهومه الحديث الذي يؤكد على ضرورة الاعتراف بالآخر والتعايش معه على أساس أن للناس حقوقا إنسانية متساوية حيث هم بشر ليس إلا، وهو ما يعنى أن العلاقة الإنسانية بين أفراد البشر هي علاقة موجودات حرة يتنازل كل منها عن قدر من حريته في سبيل قيام مجتمع يحقق الخير للجميع".
واعتبر أن أول أساس تشترك به الأديان هو التوحيد وعبادة الله الواحد الأحد، ومن ثم أركان الدين كالصوم والصلاة والتطهير من الذنوب والصدقة، يرافقها الالتزام بالوصايا والتعاليم وفي مقدمتها المحبة والسلام والتآخي والمغفرة والتسامح واحترام إنسانية الفرد وحريته وكرامته.