"امان":"على بياض"..أنشروا المعلومات.تتوقف الشائعات حول فساد السلطة
نشر بتاريخ: 23/04/2009 ( آخر تحديث: 23/04/2009 الساعة: 18:56 )
رام الله - كتب منتصر حمدان- " بدكم تخففوا من حدة انطباعات عامة المواطنين تجاه الفساد في مؤسسات القطاع العام، أفسحوا المجال لنشر المعلومات الحقيقية وأسماء المتورطين في ارتكاب هذا النوع من الجرائم"!.
هذه كانت احد أهم الخلاصات التي خرج بها مؤتمر أمان السنوي الخامس الذي نظمه الائتلاف من اجل النزاهة والمساءلة – الفرع الوطني لمنظمة الشفافية الدولية، أمس، في كل من رام الله وغزة بعد الاستعانة بنظام الربط التلفزيوني الالكتروني، بمشاركة شخصيات سياسية رسمية ونواب في المجلس التشريعي من أغلبية الكتل البرلمانية واكاديمين وممثلين عن جهات دولية مانحة.
ويسجل للقائمين على تنظيم هذا المؤتمر السنوي الذي أقيم تحت عنوان" نحو نظام مساءلة فعالة في القطاع العام"، بأنهم نجحوا في جمع كل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني الرسمي والأهلي والحزبي في قاعة واحدة للحديث عن قضايا الفساد وسبل مواجهتها، الذين رغم تباين مواقفهم السياسية إلا أنهم يجمعون علانية على أهمية تعزيز الشفافية والنزاهة والمساءلة فيما يخص القطاع العام ومؤسسات المجتمع المدني على حد السواء.
وكشف هذا الإجماع بشكل جلي على ملامسة مؤسسة "أمان" لقضية تعتبر من ابرز القضايا التي تهم تطوير واقع النظام السياسي الفلسطيني برمته سواء على صعيد عمل المؤسسات الرسمية أو الأهلية أو القطاع الخاص أو حتى الأحزاب السياسية، انطلاقا من قاعدة ضرورة وضع الضوابط والمعايير والأسس المرتبطة باستخدام المال العام والحد من مخاطر انتشار وتفشي ظاهرة الفساد بأنواعها المختلفة في مؤسسات القطاع العام، سيما أن مؤسسة أمان ترى بان تطبيق المساءلة والمحاسبة تمثل احد أهم الوسائل والأدوات في تعزيز الشفافية والنزاهة في عمل تلك المؤسسات وبالتالي تقود إلى استعادة مؤسسات القطاع العام لثقة الجمهور.
"الفساد جرم لا يسقط بالتقادم"
هذا كان من ابرز الشعارات حرص الائتلاف على طباعتها على اللافتة الرئيسية التي جلس تحتها غالبية المتحدثين الرئيسين في المؤتمر، في حين خصصت كراسي يلفها الغطاء الأبيض للجمهور العريض الذي شارك حتى اللحظة الأخيرة من فعاليات المؤتمر، ما أعطي انطباعا عاما بان هذا المؤتمر يعقد بعنوان غير معلن تحت اسم" على بياض" في إشارة واضحة إلى درجة الشفافية والنزاهة التي يمارسها الائتلاف من اجل النزاهة والمساءلة، في طرف قضايا وأنواع الفساد من جانب ومواجهة أية محاولات للتشكيك بالنوايا والتي ظهرت بعضها من خلال المداخلات للتعقيب على تقرير الفساد النسوي لعام 2008، حيث لجأ احد المتحدثين في مداخلته للطلب من مؤسسة أمان التي تتحدث عن الفساد إلى مقارنة رواتب موظفيها مع رواتب موظفي الوزارات الرسمية، الأمر الذي دفع المديرة التنفيذية لمؤسسة "أمان" بالرد" نحن جميع ملفاتنا مفتوحة وموازناتنا معلنة على موقعنا الالكتروني.
وحاز موضوع المساءلة والمحاسبة وضرورة عدم إفلات المتورطين من الفساد واسترداد المال العام التي جرى سرقتها على حيز كبير من المداخلات، في إشارة واضحة إلى اهتمام الجمهور بضرورة عدم التوقف عند قضايا الفساد ومعاقبة المتورطين به، بل أهمية أن تمتد مواجهة الفساد إلى إجراءات واضحة قادرة على استرجاع ما تم سرقته من المال العام حتى لو كان المتورط متوفيا، وانعكس ذلك بصورة جلية عندما سأل احد المشاركين في مداخلته قائلا" شخص تورط بالفساد وتوفي فلماذا لا يتم استرجاع ما سرقه من مال عام للخزينة"؟!.
المؤتمر نجح في جذب اهتمام المواطنين والمسؤولين
منذ الساعات الأولى لبدء فعاليات المؤتمر لوحظ حجم الاهتمام الشعبي والرسمي والأهلي بحضور المؤتمر كونه يتناول قضايا تلامس واقع أغلبية الجمهور " الفساد"، وحرص طاقم مؤسسة امان بكامله إفراده ومسؤوليه على التواجد منذ ساعات الصباح في فندق "البيست ايسترن" للتحضير للمؤتمر السنوي، واستقبال المشاركين فيه، في حين اصطدم المشاركون بمجموعة من اللافتات التي نصبت في أروقة الطريق المؤيدة للقاعة الرئيسية وطبع عليها شعارات امان الجديدة" من رأى منكم فاسدا فليبلغ عنه"، وأخرى تشجع المواطنين على التجرؤ بإعلاء صوتهم ضد الفساد ومظاهره، وسط تداول بعض النكت الخفيفة ازاء مواجهة الفساد خاصة وان احد الأشخاص الذي كان من بين المشاركين تسلح بـ" هراوة" صغير الجحم، كان يتنقل بين المشاركين وهو يرتدي بدلة رسمية ويضع نظارة سوداء على عيناه، وسط دهشة الحضور، وبعد أن سألناه عن سبب تواجده في المؤتمر " قال انا جاءت لأشارك في المؤتمر "، فعندنا عليها سؤال أخر هل تعرف عنوان المؤتمر فقال" اكيد اعرفه فهذا مؤتمر مخصص لمحاربة الرذيلة والأعمال المخلة بالآداب؟!"، وبعد تبادل أطراف الحديث معه تبين لنا انه يعاني من مرض انفصال ذهني حيث اطلعنا على تقرير طبي يوصف حالته الطبية، وبدء بسرد قصته لنا ومعاناته الإنسانية خارج الوطن وداخله.
وقال احد المشاركين في المؤتمر ممازحا، يمكن استخدام هذه الهراوة في ملاحقة أي فاسد يصل لقاعة المؤتمر "، في حين رد ذلك المواطن قائلا: هذه الهراوة استخدمها فقط للدفاع عن النفس".
تقرير الفساد يثير جدلا عاصفا
وما كادت جلسة الافتتاح الرسمية تنتهي بعد الكلمات الرئيسية الرسمية لفعاليات المؤتمر التي شاركت فيها رئيس مجلس إدارة ائتلاف امان، والمديرة التنفيذية غادة الزغير، وكلمة شركاء الائتلاف المحليين والممولين، حتى بدأ بعرض نتائج تقرير الفساد من قبل مفوض عام الائتلاف ، د.عزمي الشعيبي، والمعدة الرئيسية للتقرير، عبير مصلح،والتي اشتمل على محتويات رئيسية مثل وحدة المفاهيم لمكافحة الفساد، والبيئة المحيطة واثرها السلبي ، وواقع الفساد في فلسطين خلال عام 2008، والإشكال الاكثر انتشارا للفساد في فلسطين عام 2008 والمتمثلة بالواسطة والمحاباة والمحسوبية بسبب الانتماء السياسي او القرابة او الصداقة ، نهب المال العام، الرشوة وغسيل الامور، إضافة الى محور مخصص للحديث عن عناصر اضعاف منظومة مكافحة الفساد عام 2008 والتي كان من أبرزها، استمرار دور الاحتلال في إضعاف سيادة القانون، وتردد الإرادة السياسية في مكافحة الفساد بين الحسم والتراجع، وشلل المجلس التشريعي واثره على إضعاف الحلقة المركزية لمساءلة الحكومة، وغيرها من القضايا المرتبطة بهذا المحور.
ورغم تركيز التقرير على الحديث عن جملة الإصلاحات التي شهدها عام 2008 في مجالات ادارة المال العام وتوحيد الإيرادات في حساب الخزينة العامة واعلان الموازنة المالية للسلطة الفلسطينية عبر موقع وزارة المالية وغيرها من الخطوات، الا ان التقرير اشار بوضوح الى ان مظاهر الواسطة والمحسوبية وهدر المال العام واستغلال المنصب بقيت واضحة الاثر في العديد من القطاعات اضافة الى استمرار حالة الضعف في البناء المؤسسي ذات العلاقة بمكافحة الفساد، وضعف دور النيابة العامة في احراز تقديم ملموس في التحقيق في ملفات الفساد وتحويلها للقضاء.
واستند معدو التقرير الى استطلاع لاراء الشارع الفلسطيني حول مستوى الفساد خلال العام 2008، والذي اظهرت نتائجه بان الشارع لا يزال يعتقد ان هذه التحسينات غير كافية او غير ملموسة بدرجة كبيرة ، حيث اشارت النتائج الى 55.8% من المبحوثين يرون ان مستوى الفساد ازداد خلال عام 2008 ، في حين أن 19.0% يرون ان هناك انخفاض حالة الفساد في حين يرى 20% بان لم يحصل تغيير على مستوى الفساد خلال العام ذاته.
وفتح نتائج الاستطلاع شهيه الكثير من المتحدثين الذي حرصوا في بداية مداخلاتهم على الإشادة بالتقرير ونتائجه، لكنهم رأوا وجوب التفريق ما بين الانطباعات العامة لدى الجمهور بوجود الفساد وبين وجوده الحقيقي، رافضين المبالغة في الحديث عن وجود الفساد في مؤسسات السلطة الوطنية، الأمر الذي دفع د.عزمي الشعيبي للخروج عن صمته أكثر من مرة للتأكيد على أن مؤسسة أمان كانت من أولى المؤسسات التي قالت بان الانطباع بوجود الفساد اكبر بكثير مما هو قائم ، الا انه أكد على وجوب احترام رأي الشارع ورأيه واستنباط الوسائل الإصلاحية التي تستعيد ثقته بمؤسسات السلطة بدلا من التشكيك في مواقفه.
وقال " أراء الناس وانطباعاتها مهمة جدا ولا يجوز إغفالها بل على السلطة الوطنية بكافة مكوناتها والأحزاب السياسية اخذ هذه الانطباعات في حساباتها السياسية، لان هذا هو شعبنا في النهاية".
الاشكال الاكثر انتشارا للفساد
وحسب ما جاء في التقرير الذي شاركت الشعيبي في عرض نتائج، عبير مصلح، فان اشكال ومظاهر تركزت في عدة محاور ابرزها الواسطة والمحسوبية والمحاباة بسبب الانتماء السياسي او القرابة او الصداقة، واشار التقرير الى ان العديد من التعيينات تمت بعد نشوء السلطة الفلسطينية عام 1994 بشكل غير مهني دون الالتزام بالاجراءات الادارية التي تأخذ بالاعتبار التخصص والخبرة العلمية ، وان اجراءات التعين ارتبطت بعوامل ابرزها الخلفية السياسية للافراد والعلاقات الشخصية مع القيادات السياسية وعوامل القرابة والعشائرية وتجاهلت طبيعة القوة البشرية اللازمة وعددها من ناحية وعدد الشواغر المرتبة بالاهداف من الناحية الاخرى، الامر الذي ادى الى تضخم الكادر البشري العام في القطاع العام دون ان ترافقه انتاجية تتناسب مع هذا العدد من الموظفين ، ما ادى الى اهدار للمال العام وتعريض ميزانية السلطة الوطنية الى اعباء مالية وادارية سيما ان الاف الموظفين ممن تم تعيينهم بالواسطة والمحسوبية لا يعملون في اطار الوظائف التي عينوا على اساسها.
ومن بين الاسباب التي ادت الى تفشي ظاهرة الواسطة والمحسوبية في مسألة التعيينات في القطاع الحكومي كان ضعف الجهات الرقابية، الامر الذي استفز رئيس ديوان الرقابة محمود ابو الرب، الذي شكك في مصداقية النسب الواردة في الاستطلاع من جانب ، واكد في الجانب الاخر الالتزام بالقانون في موضوع التعيينات خلال عام 2008 وقال" اجزم بان التعيينات وبنسبة 98% تمت وفق القانون والنظام، واستثنى بذلك التعيينات التي تمت عن طريق الوزراء وفقا لصلاحياتهم الممنوحة لهم.
واكد على اهمية التفريق ما بين المعاملات والتعيينات وقال " ان الجمع بينهما نهج خاطئ"، مشددا في الوقت ذاته على ان الحديث عن الفساد يتطلب اثباتها بالوثائق والمستندات والا تتحول الى مجرد اتهامات غير واقعية وتبقي المجتمع رهينة للاشاعة.
وفي نفس الاتجاه شن اكثر من متحدث يمثلون مؤسسات رسمية وحتى امنية هجوما لاذعا لما جاء في التقرير، الامر الذي دفع الشعيبي مجددا الى لعب دور الماسترو في ادارة جلسات النقاش والتدخل والتعليق على تلك المداخلات وقال "مشكلتنا ليست مع المسؤولين الكبار والوزراء ولكن المشكلة تكون في اغلب الاحيان مع صغار الموظفين الذين يتصرفون من منطق انهم متهمون رغم ان الوزراء والمسؤولين في مؤسسات القطاع العام يتعاونون بالكامل معنا في المعلومات والوثائق الرسمية.
واكد ان المشكلة الرئيسية تكمن في عدم وجود شفافية في عرض المعلومات للجمهور مشيرا الى ان رئيس ديوان الموظفين يقر بتعرضه لضغوطات من قبل جهات ومراكز قوى حول موضوع التعيينات.
في جانب اخر اكد الشعيبي ان وجود 3000 طلب وظيفة معروضة للبت الامني من قبل الاجهزة الامنية يولد ضغوط كبيرة على الموظفين في الجهات الأمنية التي تنظر في هذه الطلبات وان احتقان هذه الملفات في الاجهزة الامنية يفتح المجال الواسع للواسطة والمحسوبية في معالجتها.
نهب وهدر المال العام
جاءت المركبات الحكومية كاحد ابرز الامثلة على هدر المال العام، حيث اشار التقرير الى ان معظم التخصيصات التي تمت للمركبات الحكومية جاءت كامتياز لذوي المناصب العليا في السلطة وليس وفقا لحاجة العمل ، حيث اصبح التعامل مع هذه المركبات كملكية خاصة من قبل مستخدميها ، وجرى استخدامها في كثير من الاحيان ليس من قبل من خصصت له فحسب وانما من قبل افراد عائلته ، كما ان عددا كبيرا من السيارات منحت لموظفين لا تنطبق عليهم معايير التخصيص المطلوبة ، كما لم يتم التخصيص وفق حاجة العمل وانما نتيجة وجودهم في مواقع معينة او نتيجة لقربهم من صانع القرار في المؤسسة.
ولا يختلف الامر كثيرا في استخدام سيارات تحمل لوحة حكومية للعاملين في الاجهزة الامنية حيث لم يتم تخصيص السيارات وفق معايير واضحة محددة ، او وفق حاجة العمل او وفق رتبة معينة ،فهناك تفاوت بين جهاز واخر في هذا المجال ، بل حتى داخل الجهاز الواحد في تخصيص السيارات لبعض الرتب والضباط وحرمان اخرين منها ، اضافة الى اختلاط معايير استخدام هذه السيارات وعدم وضوح ان كانت للاستخدام العام او الشخصي، ومن المفارقات في هذا المجال ان بعض المسؤولين صرفت لهم اكثر من سيارة بحكم شغلهم اكثر من موقع كعضو المجلس التشريعي الذي يشغل منصب وزير في الوقت نفسه.
ومن الامثلة على هدر المال العام فيما يتعلق بصرف كابونات البنزين، حيث اكد التقرير انه رغم اجراءات وزارة المواصلات التي حاولت حصر السيارات الحكومية واجبارها على استخدام اللوحة الحمراء الا ان الظاهرة مازالت قائمة ، حيث لا يتم فرز استخدام الوقود في اغلب الوزارات والمؤسسات العامة لاتمام مهام العمل عن ما يستخدم منها بشكل شخصي، كما ان منح امتيازات كوبونات الوقود للفئات الوظيفية المختلفة باعتبارها مبلغا مقطوعا يصرف شهريا مع الراتب تعتبر مخالفة لقانون الخدمة المدنية الذي نص على مجموعة من الحقوق المالية منها الراتب والعلاوات لم يتضمنها بدل الوقود اضافة الى الاستمرار في احتساب بدل المواصلات من البيت الى مكان العمل وبالعكس دون وجه حق، حيث يجري تغيير مكان السكن في الهوية لاغراض الحصول على بدل المواصلات، وفي الوقت ذاته يستمر صرف كوبونات الوقود للاستخدام الشخصي للمدراء العامين وغيرهم بشكل يخالف القانون.
اما بخصوص قضية استغلال النفوذ لتخصيص اراضي الدولة لافراد او شركات دون وجه حق يبقى ابرز اشكال اهدار المال العام في الحالة الفلسطينية، حيث انه رغم بعض الجهود التي بذلها الرئيس محمود عباس لاستعادة بعض هذه الأراضي ممن استولوا عليها بالتحايل ، إلا ان عام 2008 شهد انتشار لهذه الظاهرة في غزة ، حيث تم تخصيص ما تبقى من أراضي الدولة وخاصة المستردة من المستوطنات إلى إطراف وأشخاص لأسباب سياسية، وان قرار المجلس التشريعي السابق عام 2005 والقاضي بوقف تخصيص أراضي الدولة ومراجعة جميع القرارات بهذا الشأن غير مفعل رغم تحقيق بعض النجاحات في محافظة رام الله والبيرة.
الرشوة في الطريق إلينا
وحذر الشعيبي من مخاطر تصاعد ظاهرة الرشوة وانتشارها فى القطاع الخاص ومخاطر انتقالها الى القطاع العام، مؤكدا ان الرشوة لم تكن موجودة في وقت سابق الا انها بدأت تتسلل الى مؤسساتنا ، مشيرا الى الكشف عن وجود رشاوي في وزارة المواصلات ودائرة الاراضي .
واكد الشعيبي ان المجتمع الفلسطيني لا يعاني من تفشي ظاهرة الرشاوي مشددا على اهمية وضع الضوابط لمنع انتشارها في المجتمع خاصة وان المؤشرات تؤكد وجودها بنسب ضئيلة مقارنة مع اشكال الفساد الاخرى المنتشرة في المجتمع.
وحسب تقرير الفساد فان القطاع الخاص يعد من اكثر القطاعات الذي يعاني من تفشي الرشوة ومن خلاله تنتقل الى القطاع العام وبالتحديد في مجال العطاءات الحكومية والمناقصات العامة، في حين ان المبحوثين في الاستطلاع الذي اجراه امان، فان 19.0% يرون ان الرشوة تاتي في المرتبة الثانية بعد الواسطة والمحسوبية.
غسيل الأموال
واشار التقرير الى انه رغم من الصعوبة في تحديد حجم المشكلة غسيل الاموال واضرارها لحداثة التجربة في مناطق السلطة الفلسطينية، الا انه يمكن الاستناد الى عدد من المعطيات حول هذه الظاهرة التي تتأثر بوجودها في اسرائيل وتكاد تنحصر في الاتجار مع تجار اسرائيليين (ومستوطنين ايضا من مستوطنات في الضفة الغربية)، بالبضائع الفاسدة والسلاح وتهريب سلع للسوق الفلسطيني كالاجهزة الالكترونية ، كما تتم احيانا تهريب اموال فاسدة من دول خارجية عبر البنوك لافراد او مؤسسات او شركات تنشأ لهذا الغرض.
واشار الى ان قانون مكافحة غسيل الأموال وانشاء اللجنة الوطنية ساهم في محاصرة هذه الظاهرة رغم من استمرار الحاجة الى تفعيل القانون المذكور من خلال الأنظمة واللوائح التنفيذية الضرورية إضافة الى التدريب الضروري للأطراف ذات العلاقة ، ورفع درجة وعي المواطنين حول خطورة هذه الظاهرة وأشكالها.
عناصر إضعاف منظومة مكافحة الفساد
ووفقا للتقرير فان ابرز هذه العناصر تكمن في استمرار دور الاحتلال في إضعاف سيادة القانون ، وتردد الإرادة السياسية لمكافحة الفساد، وشلل المجلس التشريعي، وضعف قدرة ديوان الرقابة المالية والإدارية رغم محاولاته لتعزيز دوره، وتقييد دور استقلال القضاء الامر الذي يساهم في انتشار الفساد، وضعف قدرات جهاز النيابة العامة في متابعة قضايا الفساد.
اجماع على اتخاذ قرارات حاسمة
واجمع المتحدثون في اطار مداخلاتهم على ما جاء في التقرير على اهمية اتخاذ قرارات حاسمة لتعزيز الشفافية والمساءلة في القطاع العام، معتبرين ان مجرد صدور هذا التقرير يمثل محاولة مهمة يمكن البناء عليها وتطويرها، اضافة الى اهمية الابتعاد على محاولات جلد الذات خاصة وان استمرار الاحتلال يمثل احد العناصر التي تعذي انتشار الفساد.
وخلص المشاركون في ختام هذه الجلسة الى دعم التوصيات الداعية على توفير ارادة سياسية لدى القيادة الفلسطينية ووضع برنامج متكامل لمكافحة الفساد، واجراء مراجعة للتشريعات ذات العلاقة بالفساد، وانشاء هيئة الكسب غير المشروع ، وتشكيل هيئة وطنية مستقلة لمكافحة الفساد، وتفعيل وتاهيل مرفق القضاء والنيابة العامة، وترويج مفاهيم النزاهة والشفافية والمساءلة وتعزيزها في الادارة العامة، وتعزيز دور الإعلام في عملية مكافحة الفساد، وتعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني في ممارسة الرقابة.