الأربعاء: 18/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

"فلستيا" تدعم اليوم المفتوح لأطفال مخيم العزة بالتعاون مع "شارك"

نشر بتاريخ: 24/04/2009 ( آخر تحديث: 24/04/2009 الساعة: 23:37 )
غزة- رام الله -معا- بيديه الصغيرتين الباحثتين عن الأمل، رسم الطفل أنس محمد السلطان ذو الثماني سنوات، بيتاً جميلاً يعبقُ بالسلام والأمان، وبعينيه المتطلّعة إلى المستقبل رأى أخوته يلعبون وينعمون بدفء الأسرة والأصدقاء. ودون أن يسمح للألم والحسرة بإعاقته عن الحلم، انطلق يرسم جدارية الأمل بالمستقبل هو والأصدقاء في مخيم العزّة في حيّ السلاطين ليمحوا لوحة النكبة الجديدة التي رسمتها آلة الحرب الإسرائيلية.

وشارك أنس وحوالي 250 طفلة وطفل آخرين في المخيّم، في يوم الأنشطة المفتوح تحت شعار "لنرسمَ حلمنا" والذي خُصّص يوم الخميس الماضي لأطفال مخيّم العزة ومنطقة السلاطين، بمبادرة ودعم مؤسسة فلستيا- الذراع التنموي لمجموعة الاتصالات الفلسطينية وبشراكة مع منتدى شارك الشبابي، ويأتي اليوم المفتوح ضمن سلسلة أنشطة وفعاليات في إطار مشروع "توثيق معاناة وأحلام أطفال غزة" والذي أطلقته مؤسسة فلستيا في محاولة للتخفيف من آثار الحرب النفسية على أطفال غزة وبهدف تحفيزهم على التطلّع إلى مستقبل أفضل والسعي وراء تحقيق أحلامهم.

وقال أنس الذي لجأ وأسرته إلى المخيّم الذي يحوي 100 خيمة؛ بعد أن فقدوا بيتهم الدافئ في العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة؛ "لقد رسمت وعبرت عن نفسي وعما يجول في خاطري على هذه الورقة البيضاء، ورسمت وردة لأن الورود جميلة ولأن بيتي الجميل الذي قصفه الاحتلال كان محاطاً بحديقة من الورود الرائعة، ولكن عوضنا بالله فحالنا كحال باقي الناس في منطقتنا". وعلى الرغم من هول المأساة إلا أن أنس لم يتوقف عن حلمه بأن يصبح مهندساً ليعمر ويبني بيوتاً جديدة لأهالي غزة الذين دُمّرت منازلهم حسب قوله.

أما الطفلة ملك صلاح السلطان ذات الست سنوات فقد رسمت بيتاً ورجلاً مصاباً في قدمه حيث لم تتمكن من نسيان الأحداث المؤلمة التي شاهدتها بأم عينيها، وقالت "هذا الرجل هو عمي فقد رأيته مصاباً أمامي لكني لم أستطع مساعدته"، وأردفت "لكني رسمت الشمس أيضاً مثل الشمس التي كانت تشرق يومياً على منزلنا"، وببراءة تحلم ملك أن تصبح "مختصّة في علم الأطفال لتدربهم على الرياضة والرسم وكل شيء".

ويقول الطفل عمر محمود زايد البالغ سبع سنوات والذي لم ينسَ هو الآخر ما شاهده خلال العدوان؛ "لقد رسمت بيتاً دلالة على بيتنا المقصوف بالإضافة إلى أشخاص حاملين رايات بيض يسلمون أنفسهم لجنود الاحتلال"، ويضيف عمر "صرت أخاف من أي شيء ولكني أحاول أن أنسى هذه الأشياء". ويحلم عمر بأن يصبح صحفياً ليغطي الأخبار والحقائق ومعاناة أهل غزة الذين يرزحون تحت نير الاحتلال.

واشتمل اليوم المفتوح الذي تواصل لأكثر من ثلاث ساعات في أرجاء المخيم، على أداء الأناشيد المشتركة، والمسابقات الرياضية والثقافية، والحكواتي، وأشكال مختلفة من الألعاب الجماعية، إضافة إلى الرسم الحرّ والجدارية التي بلغ طولها ما يقارب 70 متراً.

بدوره أكد د. عبد المالك الجابر رئيس مجلس إدارة فلستيا، ونائب رئيس مجلس إدارة مجموعة الاتصالات الفلسطينية أن "فلستيا ماضية في مشروعها نحو تخفيف معاناة أطفال غزة، كما أننا في مجموعة الاتصالات الفلسطينية نؤكد التزامنا تجاه أهلنا وأطفالنا في غزة وذلك من عبر فلستيا وعبر مختلف أشكال الدعم الذي تقدمه المجموعة، وما نسعى إلى تحقيقه هو أن نقف وقفة رجل واحد ونساند غزة ليتمكن أهلها من تجاوز آثار الدمار التي مسّت كافة معالم الحياة في القطاع، وسنواصل هذه الجهود مع شركائنا حتى نحيي الأمل من جديد ونعيد بناء غزة".

وأضاف الجابر "إن أطفال فلسطين هم نواة مستقبلها، فإذا ما تمت رعايتهم واحتضانهم وتزويدهم بمختلف وسائل وعوامل التقدم المعرفي والتكنولوجي، وصقل قدراتهم الذهنية والبدنية، فإننا سنشهد جيلاً بنّاء محباً للإبداع، وقادراً على بناء مستقبل الأجيال القادمة. وإنه وعقب المأساة والنكبة الحاصلة في غزة، بات واجباً علينا وعلى كل مواطن ومؤسسة وشركة فلسطينية أن نعمل معاً بشراكة حقيقية علّنا نداوي جراح غزة، وأن نساعد أطفالنا ليسترجعوا أحلامهم بمستقبل أجمل".

ونوّه الجابر إلى أن مجموعة الاتصالات تسعى إلى دعم ورعاية مشاريع مختلفة في غزة موجهة بشكل رئيسي للأطفال عبر مؤسسة فلستيا، حيث سيتم الإعلان عنها في وقت لاحق، مشيراً إلى أنّ المجموعة بادرت منذ شنّ الاحتلال الإسرائيلي حربه على غزة؛ إلى دعم المواطنين في القطاع عبر مبادرات مختلفة شملت مشتركي الخط الثابت والخليوي.

وأكد مهيب شعث مدير منتدى شارك الشبابي في غزة أن أنشطة الورشة المفتوحة، التي تأتي كأول خطوة عملية بعد توقيع اتفاقية التعاون ما بين شارك وفلستيا، هدفت إلى تعزيز مبدأ العمل ضمن الفريق عبر الألعاب الجماعية، والترفيه عن الأطفال للتخفيف من حدة التوتر الإنفعالي لديهم الناجم عن المشاهدات القاسية التي عايشوها خلال العدوان الأخير. وأضاف "يأتي توقيت هذه الأنشطة الآن قبيل بدء الامتحانات حيث أن الأطفال لاسيما أطفال المخيم بحاجة ماسة إلى التفريغ ليكونوا مستعدين نفسياً وذهنياً للإقبال على الامتحانات والدراسة، والإقبال على الحياة".

وأردف شعث أنّ مثل هذه الأنشطة كفيلة بمساعدة الأطفال وتحفيزهم للعمل على تحقيق أحلامهم متحدين المعاناة النفسية والجسدية، موضحاً أن الأطفال سريعو التأقلم ويتجاوبون مع أي تدخل علاجي ونفسي، ومثل هذه الأنشطة تدفعهم ليكونوا إيجابيين ويتجاوزون الأزمة، ومما رأيته اليوم فأنا أكيد بأن هذا المشروع سيحقق أهدافه، فهذه الورش تمنح فرصة الرسم للتفريغ والتعبير للأطفال، ويعدّ الرسم أفضل وسيلة للتعبير لاسيما لدى أولئك الأطفال غير القادرين على التعبير لأسباب نفسية، وما جرى اليوم أن الأطفال تمكنوا فعلاً من استخدام الرسم كأداة للتعبير ولإعادة إحياء أحلامهم.

وأوضحت سماح أبو عون حمد المدير العام لمؤسسة فلستيا أنّ المؤسسة تفخر بعقد شراكات مع مؤسسات فلسطينية مثل منتدى شارك ودولية كذلك بما يعزز الجهود ويحقق أهداف مشروع توثيق أحلام ومعاناة أطفال غزة، والذي يشتمل إلى جانب عقد فعاليات وأنشطة مفتوحة للأطفال؛ على إصدار كتاب باللغتين العربية والإنجليزية يروي 100 قصة وحلم من أطفال غزة بهدف توثيق حقيقة ما جرى على لسان الأطفال إلى جانب إبراز أحلامهم وطموحاتهم. وإنتاج فيلم يعكس أحلام أطفال غزة ويروي مشاهداتهم ومعاناتهم خلال العدوان، وتنوي فلستيا عرضه على محطات فضائية وفي مهرجانات دولية. إلى جانب نشر عشرة أفلام قصيرة تروي أحلام ومعاناة الأطفال وتعرض على الصفحة الإلكترونية للمؤسسة.

وأكدت أبو عون حمد أن فلستيا باشرت في مرحلة إجراء مقابلات ميدانية مع الأطفال في مختلف محافظات غزة لتضمينها في الكتاب، كما شرعت بالإعداد للفيلم الذي سيجري تصويره في غزة. كما أوضحت أن هذا المشروع سيساهم في توفير قاعدة بيانات عن الأطفال الذين تعرضوا للمعاناة بأشكالها المختلفة في غزة، بما يمكن مؤسسة فلستيا من دعم هؤلاء الأطفال في مشاريع قادمة ممولة من قبل مجموعة الاتصالات، إضافة إلى التواصل مع المانحين والمؤسسات الدولية من أجل تعريفهم بمعاناة أطفال غزة والعمل على تبنيهم ودعم احتياجاتهم.

يُذكر أن مؤسسة فلستيا للتنمية هي مؤسسة مستقلة غير ربحية أسستها مجموعة الاتصالات الفلسطينية في العام 2008 تحت اسم مؤسسة مجموعة الاتصالات للتنمية المجتمعية كذراع تنفيذي للمشاريع التنموية الممولة من قبل مجموعة الاتصالات. وهي المؤسسة الأولى من نوعها في المنطقة من حيث تمويلها الذاتي ودعمها من قبل المجموعة. وقد تم منحها اسم فلستيا مطلع العام الحالي رمزاً لاسم فلسطين التاريخي.