اسرى محررون يجتمعون مع جنود رافضين للخدمة بايرلندا
نشر بتاريخ: 25/04/2009 ( آخر تحديث: 28/04/2009 الساعة: 13:32 )
طولكرم - تقرير معا - إجتمعت الأسيرة المحررة راوية الشيخ موسى " 26 عاماً " من سكان مخيم طولكرم شمال الضفة الغربية، بالمجندة الإسرائيلية "روني شيلبن 27 عاماً " والتي تقطن تل أبيب، في غرفة واحدة، في مكان بعيد عن فلسطين وإسرائيل لا يتكلم أهله اللغتين العربية ولا العبرية، إلا انهم وقعوا في تجربة مماثلة كتلك التي يمر بها اهل فلسطين مع محتليهم الإسرائيليين.
تلك الليلة كانت عادية جداً بالنسبة لراوية، هذه الفتاة التي قضت في سجون الإحتلال أربع سنوات، وعرفت محتلها وسجانيها عن قرب، حتى باتت غير مكترثة لممارساتهم التي إعتادت عليها، وفي المقابل، كانت تلك الليلة جديدة من نوعها بالنسبة للمجندة التي لم تعش هذه اللحظة من قبل، ولم تجتمع مع فلسطينية في غرفة واحدة والتي من المفترض ان تسمى بالنسبة لها "إرهابية".
كان المكان في إيرلندا، وتحديداً في ساحل دونيغال الشمالي، حيث إلتقى 15 فلسطينيا جميعهم أسرى وأسيرات محررون، بعدد مماثل من قدامى الجنود الإسرائيليين بقيادة الميجر خين ألون من تل ابيب، بعضهم شبّان "رافضين" للخدمة في الجيش الإسرائيلي، إجتمعوا تحت مظلة "منظمة مقاتلون من أجل السلام" الفلسطينية - الإسرائيلية، والتي أسسها مجموعة من "المقاتلين" الفلسطينيين، وجنود " رافضين " للخدمة في الجيش الإسرائيلي.
وقال الأسير المحرر نور الدين شحادة، نائب رئيس مجلس إدارة المنظمة، ومنسقها في محافظة طولكرم، ان اللقاء المشترك جاء من أجل العمل على إنهاء الإحتلال الإسرائيلي للفلسطينيين بالطريقة "اللاعنفية" وبنظرية "لن يكون سلام .... ما دام الإحتلال موجود"، مشدداً "هذا يشمل إزالة المستوطنات، وهدم الجدار، وان تكون القدس هي العاصمة لدولة فلسطين بعد إقامتها، وإزالة الحواجز، وعودة اللاجئين "بإختصار" تحقيق كافة الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني".
وأضاف شحادة "نحن لا نسعى للسلام في الوقت الحالي، وإنما لإنهاء الإحتلال أولاً "، موضحاً انه وعقب انهاء المظاهر السابقة، ندخل في مفاوضات مع إسرائيل.
هذا، وضم اللقاء مجموعة من الأسرى الإيرلنديين كانوا في السجون البريطانية، تحدثوا عن تجاربهم أبان الحرب بين إيرلندا وبريطانيا، عندما تم أسرهم، كما ضم اللقاء مارتن ماكغينيس الوزير الاول لشمال إيرلندا والقائد السابق للجيش الجمهوري الإيرلندي الإقليمي، وبيلي هتشينسون الذي حكم عليه بالسجن مدى الحياة بتهمة القتل وعضوية قوة متطوعي أولستر قبل ان يساعد في التفاوض للتوصل الى اتفاق الجمعة العظيمة، لغرض الإفادة من خبرتهما في التفاوض لوضع نهاية لصراع ضل نهاية الطريق الى السلام.
واضاف نور شحادة " انا كفلسطيني أعزز معسكر أصدقاء لي داخل مجتمع عدوي" هذا نصر وجزء من خلخلة الجبهة الداخلية"، وعندما اكون مع إسرائيلي يتحدث عن معاناة شعبي، فهذا بحد ذاته يحدث تأثيرا في العالم الغربي، مضيفاً " كل منا يخدم وطنه بالوسائل التي يراها مناسبة"، مشيراً الى ان البداية كانت مع (6) جنود إسرائيليين رافضين للخدمة، واليوم لدينا (2500) جندي.
وتحدث شحادة عن المسامحة قائلاً : " أنا شخصياً وعلى الرغم انني أصبت يوماً ما من قبل جندي إسرائيلي، إلا انني سأسامح هذا الجندي، وعلى إستعداد أن التقي به وسأصافحه أيضاً"، مضيفاً " الراحل أبو عمار صافح رابين صاحب سياسة تكسير العظام، وانا قدوتي أبو عمار".
وعن الدعم الذي يتلقاه شحادة والمنظمة التي ينتمي اليها قال : " نحن مدعومين بشكل كامل من قبل القيادة الفلسطينية، وبشكل خاص الرئيس محمود عباس، ومنظمتنا حاصلة على ترخيص من قبل وزارة الداخلية الفلسطينية"، مضيفاً " نحن مجموعة إمتلكنا الشجاعة أمام شعبنا حتى نتحرر من الخوف بداخلنا، وحتى ننهي الصراع والدم، ونصل لحل مع ضمان كافة حقوق شعبنا، ونلتزم بخط منظمة التحرير الفلسطينية ".
وختم شحادة " نحن نحترم المقاتلين الفلسطينيين، ونضعهم على رؤوسنا، وفي المقابل يجب عليهم إحترامنا، فنحن نقاوم مثلما هم يقاومون ".
سيما عنبص، أسيرة فلسطينية محررة، أمضت في سجون الإحتلال عامان ونصف، وهي أرملة الشهيد إبراهيم النعنيش القيادي في كتائب الاقصى، والذي أغتيل على يد قوة إسرائيلية خاصة داخل أزقة مخيم طولكرم يوم 28-10-2003، وشقيقة الشهيد مصطفى عنبص الناشط في كتائب الأقصى، والذي أغتيل بعدة صواريخ كانت تستهدف رائد الكرمي يوم 6-1-2001، بالإضافة الى ان شقيقها عبدالله عنبص أسير يقضي حكم بالسجن لمدة " 13 " عاماً بتهمة الإنتماء لكتائب الأقصى، وهي من بين الأسيرات المحررات المشاركات في اللقاء وعضو في مجلس إدارة المنظمة، قالت " انا أحارب بهذه الطريقة، عندما أستقطب جندي إسرائيلي كان في السابق يقتل أبناء شعبي وهو اليوم يدعمني فهذا شئ عظيم ".
واضافت " لن أسامح بدم زوجي وأخي، ولكنني أحاول ان أمنع اي جندي القيام بمزيد من القتل"، مؤكدة انها نجحت في تحقيق ذلك، وانها وبهذه الطريقة تحارب إسرائيل أكثر من محاربتها بالعمليات وإطلاق النار، مشيرة انها تعمل حالياً على إنضمام عدد آخر من زميلاتها الأسيرات المحررات الرافضات للفكرة، مؤكدة انها نجحت تقريباً في ذلك، وانها أقنعتهن.
وتحدثت سيما عن بداية المشوار، حيث إجتمعت ولأول مرة مع الإسرائيليين عند حاجز ترابي مقام على مدخل شوفه جنوب شرق طولكرم، موضحة انه وخلال الإجتماع حاولوا سوية فتح الحاجز، إلا ان جيش الإحتلال تدخل وبقوة، وأصاب عدد من الإسرائيليين زملائها.
واوضحت سيما، ان بداية اللقاء في إيرلندا صحبه كثير من المشاحنات وإختلاف وجهات النظر، حتى ان بعض المشاركين الإسرائيليين إعترضوا في البداية على إرتداء المشاركين الفلسطينيين " الكوفية" الفلسطينية، إلا ان ذلك لم يستمر طويلاً.
وعرض خلال اللقاءات التي إستمرت عدة أيام، بعض النشاطات المسرحية التي توضح معاناة الشعب الفلسطيني، حيث قام أحد المشاركين الإسرائيليين بتمثيل دور جندي إسرائيلي طبيب، يعمل على أحد الحواجز العسكرية في الصفة الغربية، لم يسمح لمريض فلسطيني العبور من خلال الحاجز للعلاج، وتناسى دوره الإنساني كطبيب، وتسبب بموت الفلسطيني.
كما عرضت مسرحية أخرى عن الأسرى وكيفية معاملتهم داخل أقبية التحقيق وفي الغرف، بالإضافة الى مسرحية تحدثت عن التمييز العنصري، وقصة فتاة يهودية وقعت في حب شاب فلسطيني من " 48 " منعها اهلها الزواج منه بالقوة.
يشار هنا، ان المشاركين من محافظة طولكرم هم : " نور شحادة، محمد عماره، شاهر حجازي، شادي أبو حرب، إياد عماره، جمال حدايده " الجوجو "، محمد عنبص، عبد الحكيم عماره، معتصم صباريني، سيما عنبص، شفاء القدسي، راويه الشيخ، لينا حدايده " وجميعهم أسرى محررين، بعضهم كانوا مقاتلين.
وجاء اللقاء بتمويل من الخارجية الإيرلندية، والإستضافة من مركز السلام الإيرلندي.