الخميس: 26/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

على الجماهير ان تسهم في وضع حد لحالة الانفلات/ بقلم رشيد شاهين

نشر بتاريخ: 08/01/2006 ( آخر تحديث: 08/01/2006 الساعة: 21:40 )
معا - مما لا شك فيه ان الإعلان عن تشكيل قائمة موحدة لحركة فتح, من اجل خوض معركة الإنتخابات التشريعية الفلسطينية, المزمع اجراؤها في الخامس والعشرين من كانون الثاني المقبل, اثلج صدور الكثيرين , كما أثار حفيظة اخرين ممن راهنوا على الإنقسام" الظاهر" الذي ارتسم في الأفق خلال الفترة القريبة الماضية, والذي كان ناتجا عن التنافس الشديد في صفوف الحركة, هذا التنافس الذي كان يبدو فيه تغليب للمصلحة الشخصية والخاصة على المصلحة الحزبية والوطنية والعامة احيانا, وهو ما تجلى في الإعلان عن اكثر من قائمة جميعها تتنافس في الانتخابات, الا انها في واقع الأمر كانت تتنافس فيما بينها, على نفس الجمهور وعلى الأصوات نفسها وهذا ما كان سيؤدي الى نتائج كارثية فيما لو استمر الوضع على ما كان عليه, وكان من الممكن ان يعصف بالحركة كما سيحرمها من اي فوز او تميز.

الإعلان عن قائمة موحدة للحركة, وضع حدا لكثيرمن القلق الذي اعترى من كانوا دوما حريصين ليس فقط على وحدة فتح, بل وعلى وحدة الصف الفلسطيني برمته, حيث ان الإنقسام في حركة فتح, لا بد وان تكون له آثاره التي لا نبالغ لو قلنا انها مدمرة على مجمل الوضع الفلسطيني, الذي هو اصلا لا يحتمل المزيد من التشظي والنكسات, وبغض النظرعن نقاط التلاقي او الإختلاف مع ما يمكن ان تطرحه فتح, الا انه ثبت عبر هذا التاريخ الطويل والمسيرة الشائكة انها الحركة الرائدة التي قادت الشعب الفلسطيني وهي التي ما زالت في طليعة القوى الفلسطينية, وهذا لا يعني الإنتقاص من الدورالذي قامت به الفصائل والقوى الفلسطينية المختلفة.

حالة الفوضى التي سادت وترافقت مع الإنتخابات الداخلية في حركة فتح والتي يفضل البعض ان يطلق عليها " البرايمريز" و ما شاهده العالم من احداث يندى لها الجبين, وما تلا ذلك من تدهور في الأوضاع الأمنية في كافة محافظات الوطن, والذي تمثل كما رأى الجميع في اعتداءات على مقار الانتخابات واغلاقها بالقوة المسلحة والغاشمة, واطلاق العيارات النارية, واشاعة الرعب والبلبلة في صفوف الناس العزل, اضافة الى السيطرة على الكثير من المباني والمؤسسات التابعة للسلطة وغير السلطة في اكثر من منطقة, هذه الحالة من الفلتان والفوضى كادت ان تعصف بالوطن ولا يعلم احد في اي اتجاه كان يمكن ان تقود والى اي قاع ستصل به.

الخيرون من ابناء الحركة وغيرهم استطاعوا ان يضعوا حدا للتردي في العديد من الحالات, الا ان هذه الطريقة من العلاج والتدخلات و"تبويس اللحى" لا يمكن ان تبقى السمة السائدة في معالجة حالة التردي هذه وهذا الفلتان والبلطجة "الثورية" اذ لا بد من وقفة جادة وحازمة تقفها جميع الفصائل والأحزاب والمؤسسات والشخصيات الوطنية والاسلامية لوضع حد لا يمكن معه الرجوع الى هذه الحالة من الانفلات, كما ان على جماهير الشعب الفلسطيني ان تخرج الى الشارع للاعلان عن غضبها ورفضها لهذا التردي الذي ما زالت السلطة الفلسطينية عاجزة عن ايقافه ولا بد من ايجاد حالة من التكاتف والاسناد والالتفاف حول السلطة للقضاء على ظاهرة الغوغاء والمظاهر المسلحة والبلطجة " الثورية" التي كان اخرها اختطاف الناشطة البريطانية بالقرب من معبر رفح.

مطالبة الجماهير بالخروج الى الشارع ليس من قبيل الترف, وانما ياتي على ارضية ان من يدفع الثمن لهذا الفلتان هو المواطن الفلسطيني, وعليه فان هذه الجماهير مطالبة اكثر من اي وقت مضى, الى الوقوف صفا واحدا للمساهمة الفاعلة في وضع حد لذلك, ان الفشل الذي اثبتته ليس السلطة فقط وانما كافة الفصائل والأحزاب بدون استثناء " حيث كانت هذه في كثير من الاحيان جزءا من حالة الانفلات" , يستدعي من تلك الجماهير ان تقوم بحركة واسعة بعيدا عن التنظيمات وعدم الانقياد الى البيانات و"الفذلكات" الكلامية والمزايدات الاعلامية, لأن حالة العجز التي وصلت اليها السلطة والفصائل انما تبعث على الغثيان وتؤشر احيانا الى ان هناك من استمرأ الحالة, ان لم نقل انه ربما يحرض عليها ويشارك بها, لتحقيق مآرب شخصية او اجندات فئوية, من اجل اظهار حالة العجز التي تعاني منها السلطة, هذه الحالة التي يعلم الجميع اسبابها ومن يقف وراء تلك الأسباب ويحاول تعميقها وترسيخها من اجل الدفع بالسلطة الى الرضوخ الكامل لكل الأملاءات والشروط....

اما حركة فتح التي تعتبر الحزب الحاكم والفصيل القائد, فهي لم تعد ملكا لأعضائها وعناصرها ومناصريها, بل هي حركة الجماهير وهي حركة كل الشعب الفلسطيني وعليه فهي مطالبة باسناد الجماهير التي ترفض حالة الفلتان لا ان تكون جزءا منه, وهي ممنوعة ان تكون احد اسباب هذه الحالة او ممارسيها, ولم يعد مقبولا من فتح او الفتحاويين ان يقولوا يا وحدنا, وان لا حق لأحد ان يتدخل في شؤوننا, لأن ما يحدث في صفوف فتح انما سينعكس مباشرة على الحالة الفلسطينية بعامة, وعليه فان على فتح ان ترتقي الى المسؤوليات الملقاة على عاتقها, وان تمارس حالة من ضبط النفس الداخلي, ليكون دورها اكثر تأثيرا واكثر فاعلية عندما تقف في خندق الجماهير التي ندعو للخروج الى الشارع, ولم يعد مقبولا من فتح او السلطة ان تغض الطرف عن الخارجين على القانون ولا السكوت عن البلطجة, بل لا بد من ان يقدم كل هؤلاء الذين يمارسون الانفلات والبلطجة الى القضاء لان التاريخ سوف لن يتساهل مع من يتساهل.